|
إستثمار نَزْعة العمل الطوعي الجماعي
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2519 - 2009 / 1 / 7 - 04:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تنظيم مراسم عاشوراء ، بما تتضمنهُ من طقوس ومسيرات يشارك فيها مئات بل آلاف المشتركين وخصوصاً من الشباب بين 12 – 20 سنة ، وطبول وزناجيل وتمثيل وخُطَب وشعارات ولافتات وأعلام وتوفير الطعام والماء لمئات الألوف من البشر ووسائط النقل ومراقبة وحماية . كُل ذلك يتطلب جهداً إستثنائياً ومُثابرة وإمتحاناً وتدريباً على تحمل الألم والصعاب ، وكذلك القدرة على التنسيق والتعود على العمل الجماعي التطوعي . إستذكاراً لمأثرة " الحسين بن علي بن ابي طالب " عليهِ السلام ، ووفاءاً لذكرى إستشهاده المأساوي في واقعة " الطف " قرب الكوفة . لا أحد ينكر ، ما لإحياء هذه الذكرى ، من جوانب إيجابية ، تزرع بذور التضحية في النفوس ، التضحية من اجل هدف نبيل . والإستعداد للموت والإستشهاد وعدم تحمل الإستسلام للعدو ولا قبول الذلة . ان المشاركة الفعالة في هذه المناسبة ، لمعظم المشاركين تعني التكفير عن الذنوب وغسل الانفس من الأدران . حتى انهُ ونتيجة لتراكم إحياء هذه الذكرى سنوياً ، منذ مئات السنين ، فقد تحولت الطقوس والمراسم المُرتبطة بها ، الى شيء اشبه بالشرع واقرب الى القداسة ! حقاً ان الشعوب تصنع " مقدساتها " صنعاً . ................ من المُفيد جداً ، إستثمار صِفة الإستعداد الفطري ، لهذه الجماهير العريضة ، إستعدادها " للعمل الطوعي " و " العمل الجماعي " ، وتوجيه هذه النَزعة ، نحو النشاط المدني والحياة الواقعية . فعلى سبيل المثال لا الحصر ، فأن معظم الناس الذين يشتركون في هذه المناسبة ، يأتون من مُدن ومحلات وأزقة ، تتراكم فيها الاوساخ والنفايات قرب البيوت التي يسكنون فيها . ومن المعلوم ان اي دولة في العالم ، لا تستطيع دوائرها الخدمية ، ان تقوم بعملها بصورة جيدة ، إذا لم يكن أفراد المجتمع " متعاونين " ومساندين ومتفهمين . أكاد اجزم بأنهُ لو طُلِبَ من الكثير من هؤلاء الناس ، الإشتراك في عملٍ جماعي وطوعي ، لمدة ساعتين في الاسبوع ، من اجل تنظيف أزقتهم وأمامَ ابوابهم وشبابيكهم ، لأمتنعوا عن القيام بذلك ! وتّهَربوا بمختلف الأعذار والاسباب الواهيه ، قائلين : " آني ياهو مالتي ؟! " او " آني شَعْلَيه ! " . ان ( حَصِر ) النشاط الطوعي الجماعي ، في نطاق " الديني " او " المُقدس " ، إبتغاءاً لِرضا السماء ، او كسباً لشفاعة المرجعيات ، او تماشياً مع الموجة السائدة في المجتمع ، من ناحية . والركون الى " الفردية " والانانية ، والعزوف عن التضامن والتكافل الإجتماعي ، في كل الامور الحياتية اليومية ، من ناحية اخرى ، مَظْهَرٌ للتخلف السياسي والثقافي ، واحد الاسباب الرئيسية لِتَسّيد احزاب الاسلام السياسي الطائفية ، على الساحة العراقية . حبذا لو " تَسامَتْ " منظمات المجتمع المدني ، على المكاسب المالية ، وكّفَتْ عن القيام ب " ورشات عمل " عن اساليب الادارة الجديدة بعد الحداثوية ، الغير مُجدية الان ، وتَوجهتْ مقابل ذلك ، الى ورش عملٍ حقيقية هدفها تنمية بشرية صادقة ، تُعّلِم الشباب على إستعادة قِيَم النزاهة والإستقامة ، التي إفتقدها المجتمع العراقي منذ عقود . وتَعويد الناس وتشجيعهم على العمل الجماعي والطوعي الهادف الى فائدة المجموع . حبذا لو تنازلت المرجعيات الدينيية قليلاً عن " علياءها " المقدس ، ونَزلَتْ الى مستوى الناس العاديين وهمومهم اليومية ، و ( أفْتَتْ ) بوجوب القيام بصورة دورية بعملٍ طوعي وجماعي لصالح المجتمع ، و ( رَدَعَتْ ) مَنْ يرمي النفايات من نوافذ السيارات ويوسخ الشارع ، و ( هّدَدَتْ ) مَنْ يعتدي على المنشآت العامة والخدمات . فلا بأس بإرضاء الاولياء ، ولكن من المهم ايضاً الإلتفات الى مشاكل البشر العاديين !
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ميزانية 2009 ، تحتَ رحمة سعر برميل النفط
-
شعب غزة .. بين همجية إسرائيل والسلطات المغامرة والفاسدة
-
لِيِكُنْ عيد رأس السنة الإيزيدية ، عطلة رسمية في الاقليم
-
محمود المشهداني ..نهاية مسيرة رَجُل.. بداية مرحلة جديدة
-
إنتخابات مجلس محافظة نينوى .. إضاءة
-
تكافؤ الفرص في إنتخابات مجالس المحافظات
-
علي الدّباغ ومواعيد عرقوب !
-
حذاء خروتشوف وقندرة منتظر الزيدي !
-
في ذكرى تأسيسهِ الثلاثين .. تحية الى pkk
-
عودة العشائرية
-
بين الإصلاح السياسي والإتفاقية
-
كاريكاتير ديمقراطي
-
ثمانية اسباب مُحتملة ، لإغتيال باراك اوباما
-
إنتخابات مجالس المحافظات .. مؤشرات اولية
-
الآغا والاسطة محمد
-
مجالس إسناد كركوك .. جحوش موديل 2008 !
-
بعد فوز - الحمار - على - الفيل - ..دروس وعِبَر
-
مليارات العراق الفائضة .. وقروض صندوق النقد الدولي
-
غارة البو كمال ..توقيتٌ سيء لخطوةٍ متأخرة جداً
-
الإتفاقية الامنية ..بين الواقع والطموح
المزيد.....
-
-لم يكن من النوع الذي يجب أن أقلق بشأنه-.. تفاصيل جديدة عن م
...
-
نجيب ساويرس يمازح وزيرة التعليم الجديدة بالإمارات: -ممكن تمس
...
-
كسرت عادات وتقاليد مدينتها في مصر لترسم طريقها الخاص.. هبة ر
...
-
من هو جيه دي فانس الذي اختاره ترامب نائباً له في رحلة ترشحه
...
-
حرب غزة: قصف لا يهدأ على وسط القطاع وجنوبه وإصابة جنود ومستو
...
-
ألمانيا تحظر مجلة -كومباكت- اليمينية المتطرفة
-
مكتب نتنياهو ينفي تلقي إسرائيل رفضا من -حماس- بخصوص مواصلة ا
...
-
-حماس- تنفي وجود خطط لعقد اجتماع ثنائي مع -فتح- في بكين
-
-روسكومنادزور- تطالب Google برفع الحظر عن أكثر من 200 حساب ع
...
-
علاج واعد يوقف الشخير نهائيا
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|