|
أنا أكتب إذن أنا أعيش
نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)
الحوار المتمدن-العدد: 2515 - 2009 / 1 / 3 - 08:38
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
لم تظهر الشمس طوال اليوم فى مدينة أطلانطا، رغم التنبؤ بإشراقها في عيد ميلاد المسيح، لم تكن أندرونيكا إلى جواري لأجادلها وتجادلني، رغم تعصبها للمسيحية.. تعشق أندرونيكا الجدل، خاصة معي، تعرف أندرونيكا أن الجامعة تدفع لي لأعلم الطلاب الجدل، فهي جامعة متقدمة فكرياً، تجذب الأساتذة من كل أنحاء العالم، من أجل إثارة الجدل، لا تحظى "إثارة الجدل" بسمعة سيئة كما هو الحال فى جامعات أخرى أمريكية أو عربية أو غيرهما.
كانت رئيسة الجامعة الدكتورة بيفيرلي تاتام قد استمعت إلى محاضرتى في 23 أبريل 2007، الساعة الرابعة مساء.. في السادسة مساء دعتني للعشاء في بيتها، أثناء العشاء قالت لي: كم أحب أن تكوني أستاذة هنا في هذه الجامعة، أيمكن أن تأتي إلى أطلانطا؟ أيمكن أن تعيشي هنا في الجنوب؟ ضحكت وقلت: أي جنوب هذا وأنا من أفريقيا من مصر؟
بعد دقائق قليلة، قبل أن تنهى الدكتورة تاتام عشاءها، غادرت غرفة الطعام، ثم عادت وفي يدها ورقة ناولتها لي وقالت: "هذا عقد لمدة عامين لتكوني أستاذة كرسي معنا هنا في الجامعة! اندهشت، واندهش معي ضيوفها حول مائدة العشاء، كيف تركت عشاءها وكيف أمكنها أن تكتب العقد على الكمبيوتر بهذه السرعة؟ ترددت لحظة قبل أن أقرأ العقد، لكن بعد أن قرأته أمسكت القلم ووقعت باسمي، ورفع الجميع كؤوسهم ليشربوا نخب الأستاذة الجديدة التي تدرس الإبداع والتمرد!
سافرت أندرونيكا إلى نيويورك لتحتفل بالكريسماس مع الأسرة العزيزة، رغم أنها لا تشعر بأي انتماء إلى هذه الأسرة التي يترأسها أبوها، يقول أبوها إن الكون لم يخلق في ستة أيام، إن الكتاب المقدس من تأليف البشر، إن المسيح لم يولد من الأم العذراء، ولم يخرج من قبره بعد أن مات أبوها مثل 65٪ من الشعب الأمريكي لا يذهب إلى الكنيسة، ولا يؤمن إلا بالعلم والعقل والبرهان، لكنه يشارك الأغلبية في الاحتفال بالكريسماس، رغبة في الاستمتاع بلقاء الأقارب والأصدقاء، والتهام الطعام اللذيذ مع النبيذ والخمر، وكل المحرمات الممنوعة في الحياة الدنيا المباحة في الجنة فقط.
تقول أندرونيكا باشمئناط إن أباها لا يؤمن بحياة بعد الموت، ويقول لها ولأخوتها إنه لا يملك إلا حياة واحدة فقط فوق الأرض!
أفقت على رنين التليفون، جاءني صوت ابنتي "منى" تقول: "كل سنة وإنتِ طيبة يا ماما"، صوتها يشبه صوت العصافير في الصباح، تصحو ابنتي مبكراً مع العصافير، تقود سيارتها الحمراء الصغيرة إلى النادي، ترتدي المايوه وتسبح ساعة كاملة أو ساعة ونصف الساعة، ثم تعود إلى البيت لتتناول القهوة والفطور، تجلس إلى مكتبها وتكتب مقالها الأسبوعي، أو قصة قصيرة أو قصيدة شعر، أو السيناريو الجديد الذي تعده للتليفزيون أو السينما.
"فتحت الإيميل يا ماما؟ افتحيه واسمعي الموسيقى في رسالتي".. فتحت الكمبيوتر واستمعت معها إلى قطعة موسيقية وأغنية بمناسبة السنة الجديدة 2009، غمرتني السعادة كأنما أجلس مع ابنتي في بيتها في القاهرة، أو كأنما هي تجلس معي في بيتي في أطلانطا.
انكمش حجم الكون، انتصر العلم الحديث على المكان والزمان، في أقل من غمضة عين يحدث الاتصال عبر البحار والمحيطات، الصوت والصورة والحركة وكل شىء، لم يبق إلا الجسد لينتقل أيضاً في لمح البصر، ربما يتحقق هذا أيضاً في المستقبل القريب، حين تصبح مركبات الفضاء ضمن وسائل المواصلات، سرعتها تحسب بحركة الضوء وليست بالدقيقة أو الساعة.
لم أعد أشعر بالبعد عن أي مكان وزمان وإن ابتعدت، لم أعد أشعر بالغربة أو الوحدة، فالشمس هي الشمس، والقمر هو القمر، وصوت العصافير هو صوت العصافير، وصوت ابنتي يأتينى رغم المسافات والبحار والمحيطات، وأهم من كل ذلك أن أكتب كتاباً جديداً، ذكريات حياتي وراء المحيط "أنا أكتب إذن أنا أعيش" أهو ديكارت الذي قال: "أنا أفكر إذن أنا موجود؟ لا يا سيدي لا يكفي أن تفكر لتعيش، لابد لأفكارك أن تخرج إلى الناس عن طريق الكتابة، وإلا فلماذا كتب الآلهة كتبهم وأرسلوها للناس مطبوعة على الورق؟
لولا كتاب الموتى ما عرفنا عن الإله أوزوريس، ولولا كتاب الأناشيد ما عرفنا شيئاً عن الإله إخناتون، ولولا كتاب التوراة ما عرف الناس إله موسى، ولولا كتاب الإنجيل ما عرفنا شيئاً عن إله المسيحية، ولولا كتاب القرآن ما عرف أحد عن إله الإسلام، لولا كتاب الجيتا ما عرف الهنود آلهتهم.
لأني أكتب فأنا لا أعرف الغربة أو الغرابة أو الكآبة أو الفجيعة أو الفضيحة أو غيرها مما يحزن البشر، ومن ماذا يحزن البشر أكثر من هذا؟ امرأة يموت زوجها لماذا تحزن أو امرأة يخونها زوجها مع نساء آخريات لماذا تكتئب؟ أو رجل يدخل السجن أو يرحل إلى المنفى؟ لماذا يشعر بالغربة أو الحزن؟ لماذا لا يبتهج بالتجربة الجديدة، بالحياة المختلفة دون زوج أو أسرة أو وطن؟
الكتابة تجعل الوطن هو كل العالم، تجعل الإنسانية هي الأسرة والوطن، الكتابة هي حياتي وراء الشمس، وأمام الشمس، هي حروفي بقلمي المطبوعة على الورق، تربطني بالناس وتربط الناس بي في كل البلاد بكل اللغات، لهذا أستقبل الصبح الجديد بحب جديد، بأفكار جديدة تنتظر القلم والورق، أحب رائحة أوراقي أكثر من أي عطر.
قال لي زوجي الثاني ذات يوم: أنت تكرهين الجنس! أنت تكرهين الرجال!، قلت له: غير صحيح أنا مثل البشر بكل غرائزهم، ولكني أحب الكتابة أكثر من الجنس والرجال، اندهش الزوج الذي لم يعرف لذة الكتابة وقال: يعني إيه تحبي أكوام الورق ده أكتر من زوجك؟
تصور الرجل أن العيب فيه أو في فحولته لكني شرحت له الأمر دون جدوى، لم يكن خياله قادراً على إدراك حقيقة: أن المرأة لها عقل يفكر، وأن التفكير وحده لا يكفي ليكون الإنسان إنساناً، بل لابد من التعبير، لابد من توصيل الأفكار للناس، وأضفت قائلة: إن ديكارت قال نصف الحقيقة فقط، لا يكفى أن تفكر لتعيش، وانفجر الزوج غاضباً ولعن أبو ديكارت وأبو الشخص المجنون الذي أباح التعليم للنساء!
بعد الطلاق أقسم الرجل ألا يقترب من امرأة تقرأ، فما بال أن تقرأ وتكتب، ثم زوّجته أمة لفتاة من العائلة لا تفك الخط.
ربما تكون هذه مشكلة الكاتبات في العالم أجمع، هنا في أطلانطا لم أتعرف على كاتبة أمريكية سوداء أو بيضاء، إلا وعرفت أنها لم تتزوج أبداً، أو تزوجت عدة مرات وطلقت زوجها بعد فترة، أو أن زوجها ذهب إلى الحرب ولم يعد، أو عاد دون أن تعود إليه، أو أن زوجها مات في حادث ما أو بإرادة إلهية، وأقسمت من بعده ألا تقرب الرجال، لا حباً في زوجها الميت بل كراهية في الأزواج الأحياء.
زميلتي شارلوت، أستاذة الأدب الإنجليزي، تخصصت في أدب فرجينيا وولف، تربطها بها علاقة إعجاب كبيرة، أشبه بالحب، تقول عنها تناسخ الأرواح، أقدمت شارلوت على الانتحار مثل فرجينيا وولف، وفي يوم جاءني زوجها يشكو، أنها لا تحبه وتريد الانفصال عنه، وسألته: هل تظن أنها تحب أحداً غيرك؟ فقال الرجل: يا ريت تحب رجلا آخر، إنها تكره كل الرجال، تكره الجنس كله!
صوته رن في أذني يشبه صوت زوجي السابق، رغم أنه يتكلم الإنجليزية، حاولت أن أشرح له الأمر دون جدوى، كان عاجزاً عن الفهم، كان يتصور مثل أغلب الرجال أن ليس في حياة النساء من شاغل إلا الرجل والسرير، قالت لي شارلوت فيما بعد: مشكلة الرجال واحدة منذ نشوء النظام الأبوي العبودي، يتمركز فكر الرجل في الفالاس، البينيس، إنه الفاليك كالتشر "يعنى الثقافة النابعة من الفالاس، العضو الذكورى الجنسي وليس العقل" يتصور الرجل أن المرأة لا تفكر إلا في الفالاس، تضحى بكل شىء من أجل الفالاس.. يعجز الرجل عن إدارك الحقيقة التاريخية: أن المرأة سبقت الرجل في التطور الإنساني.
شعرت بالجوع ورأيت الساعة تشير إلى السادسة والنصف مساء، تذكرت أنني لم آكل منذ الصباح، جلست إلى الكمبيوتر أكتب دون أن أشعر بمرور تسع ساعات، الصبح والظهر والمغرب، مرت وجبات الطعام الثلاث دون أن أتحرك من مكاني، دون أن يقرصني الجوع، إذا تغلبت الكتابة على غريزة الجوع أقوى الغرائز ألا تتغلب على غيرها الأقل إلحاحاً؟
ألهذا حرمت الكنيسة الكتابة على النساء كما قالت شارلوت؟ وقلت لها: أهي الكنيسة وحدها؟ قالت: الكنيسة بدأت وتبعها الآخرون وقلت: أهي الكتابة فقط التي تم تحريمها؟ وقالت شارلوت: حرمت الكنيسة الضحك على النساء، لأن الضحك يعني السعادة، وإن عرفت المرأة السعادة مدت يدها وأكلت من شجرة المعرفة، تذوقت اللذة المحرمة، وبدأت الكتابة، فالمعرفة تقود إلى الكتابة والكتابة تقود إلى المعرفة، أي أن بدل الخطيئة الواحدة خطيئتان.
أعددت لنفسي وجبة خفيفة: شوربة دجاج مع الأرز البني وجبن بني، لم أعد آكل الجبن الأبيض أو الأرز الأبيض، أشترى الفاكهة والخضروات واللحوم والخبز من المحل الأورجانيك، يعني العضوى، يعني الذي يبيع المنتجات الطبيعية العضوية من الحقل وليس المنتجات المصنعة المخلوطة بالكيماويات الضارة، أدفع الثمن مضاعفاً في المحال الأورجانيك لأكتشف بعد مرور الزمن أن الفرق ليس كبيراً بين ما يسمونه أورجانيك وبين غير الأورجانيك، وضحكت شارلوت وقالت: برافوا عليكي أنا اكتشفت الأمر أيضاً لكني لم أتصور أن جشع الرأسمالية وخداعها يصل إلى هذا الحد وإذا كان كبار رجال السياسة يكذبون كل يوم فما بال تجار السوبر ماركت؟
تعودت أن أفتح التليفزيون بينما أتناول الطعام، أتابع الأخبار في أمريكا والعالم، وأتناول وجبتي على مهل مستمتعة بالأكل الذي أعددته بنفسى، ومعه الشاى الإير جراى في الصباح، أو البيرة المثلجة مع الغداء في الصيف، أو كأس من النبيذ الأحمر المعتق مع العشاء في الشتاء، تعلمت كيف أستمتع بالطعام والشراب وكنت لا أعرف لذتهما حين كان الزحام من حولي.. إنها بعض النعم التي تغدقها الوحدة على الإنسان، أن يأكل على مهل يستشعر اللذة، أن يتأمل أخبار العالم بعين لا تتعجل الحكم على الأشياء، ألهذا ارتبط الإبداع بالوحدة والصمت والتأمل العميق غير المتاح في الزحام والضجيج؟
على شاشة التليفزيون، كانت مجموعة من الأطفال يجلسون على شكل الدائرة حول رجل له لحية بيضاء كبيرة يسمونه بابا نويل أوسانتا كلوس أو اسما آخر، وجهه سمين أبيض، عيناه ضيقتان تبربشان مليئتان بالمكر والخديعة والمراوغة، يرمقه الأطفال بقدسية تحجب القدسية عيونهم فلا يرون الكذب في عينيه في مثل عمرهم، لم أكن أرى الكذب في عيون الكبار المقدسين، وإن أحسسته بجسدي على شكل وجع في الصدر وجع غامض في المثلث الأعلى تحت الضلوع، يشبه الغثيان أو الرغبة في البكاء، كأنما دموع متراكمة منذ ولدت في صدرى، داخل الرئة أو في القلب أو في ثنايا المعدة كنت أبتلع الدموع قبل أن يراها أحد من الكبار، رغم الابتسامة على وجهي كنت أشعر بالحزن، دون أن أعرف السبب، أشعر بالخديعة دون أن أدركها بعقلي.
لقد تم تغييب عقلي منذ الطفولة الأولى، لأومن باللامعقول، بأن الشيطان يهمس في أذني بالليل، الملائكة تحوطني وأنا ساجدة فوق الأرض بين يدى الله، لم يكن هناك باب نويل أو سانتا كلوس، ولا هدايا ولا رقص أو غناء.
فوق الشاشة أرى الأطفال يرقصون ويغنون بنات وأولاد، تحظى البنت بهدايا مثل الولد ترقص وتحرك ذراعيها وساقيها في الهواء، منذ التاسعة من عمرى بعد أن أصابني الحيض تجمد جسدي مثل عقلى، أصبحت أمشي بساقين ملتصقتين خوفاً من عيون الرجال، وحماية لأعز ما أملك بين الفخذين، تصورت أن الله لم يخلق الرجال إلا لسبب واحد، أن يتلصصوا في البصبصة إلى أعز ما أملك، رغبة منهم في امتلاكه، ألهذا السبب كنت أضغط بكل قوتب على أعز ما أملك حتى لا يسرقه أحد، حتى وأنا غائبة فب النوم، تصورت أن عيون الرجال يمكن أن تنفذ من تحت عقب الباب.
تتوالى الصور فوق الشاشة، داخل الكنيسة يرتل الرجال والنساء من الكتاب المقدس، صبب صغير يرتدب ملابس القس يحمل مبخرة تتصاعد الأبخرة لتعمي العيون عما يحدث هناك..
دائماً أبخرة في المعابد التي يسمونها بيوت الله، يتخفى الله دائماً وراء عمود من الدخان. في عيني الصبي الصغير حزن عميق صامت عاجز عن التعبير، يرمقه القس العجوز ذو اللحية البيضاء الكثيفة بعيني الذئب، تتلصص العينان الغائرتان تبصبصان نحو الصبي تنتهزان الفرصة لاغتصاب أعز ما يملك لم أعرف في طفولتي أن الولد مثل البنت يملك أعز ما يملك، بين ساقيه حتى كبرت قليلاً وعرفت أن الرجال الكبار يمكن أن ينتهكوا عذرية الولد الصغير مثل البنت الصغيرة، لا تكف الصحف هنا عن كشف أسرار القسسيين في الكنائس، لا يتم الحجر على نشر الفضائح الجنسية بأنواعها المتعددة، المقدس والمدنس سواء بسواء، تربح أجهزة الإعلام من الفضائح أكثر من أي شىء في السوق الحرة.
بدأت الأخبار تتوالى في العالم وفي أمريكا، رجل تنكر في ملابس بابا نويل وأطلق النار على أسرة كاملة كانت تحتفل بالكريسماس، نساء في نيويورك يبعن بويضاتهن في السوق الحرة، البيضة ثمنها عشرة آلاف دولار، عاملة في مطعم فقدت عملها مع الأزمة الاقتصادية، أغلق المطعم أبوابه بسبب قلة الزبائن، لم يعد يذهب إلى المطاعم إلا الأثرياء، تضاعفت أعداد العاطلين والعاطلات لم تجد عاملة المطعم إلا أن تبيع بويضاتها في السوق، يأخذها تجار بنوك أطفال الأنابيب، يبيع الفقراء من الرجال سائلهم المنوي.
كل شىء قابل للبيع في السوق، من الدم إلى الكبد والقلب والكلية والحيوان المنوى، أيضاً يرتفع الثمن وينخفض حسب العرض والطلب، زادت أعداد الفقراء والعاطلين وزادت كميات الأعضاء البشرية والبويضات والحيوانات المنوية في البنوك والمعامل الطبية وانخفض ثمنها، رغم التزايد في ارتفاع كل الأسعار انخفض سعر الإنسان بكل أجزائه خاصة بويضات النساء، قد ينخفض سعر بويضات النساء في المستقبل القريب عن بيض الدجاج.
رأيت على الشاشة صور حرائق وأشلاء بشر تتطاير والأطفال تجرى هنا وهناك والنساء تولول، يقول المذيع الأمريكي إن إسرائيل ترد على اعتداءات حماس، تضرب إسرائيل.. مواقع حماس العسكرية في غزة، وحماس تضرب إسرائيل، يعني أنها الحرب اشتعلت بين حماس وإسرائيل، لكني لا أرى حربًا بين جيشين عسكريين، بل جيش عسكري واحد يضرب الناس في البيوت والشوارع، دبابات تسحق أطفالا ونساء، قنابل تسقط على البيوت فتشتعل النيران في كل مكان، لا أرى جيش حماس، أين قوة حماس العسكرية؟ أين صواريخها النارية؟ لا أرى إلا الأشلاء والدم المراق، امرأة تصرخ: آه يا ولدي.. آه يا كبدي ثم تنطلق في وجهها النيران.
قال المذيع: الرئيس بوش يتابع ما يحدث في غزة، والرئيس المنتخب أوباما يقول للصحافة: مادامت حماس قد اعتدت على إسرائيل فمن حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها!
أغلقت التليفزيون وفتحت الإنترنت، أبحث عن الأخبار في الصحف والإعلام غير الأمريكي، ألم تصل أخبار المعركة في غزة إلى بلادنا؟ المانشيتات تتكلم عن الأزمة الاقتصادية، عن تزايد الفقر والبطالة، عن زيارة أوباما خلال المائة يوم الأولى من حكمه لإحدى البلاد الإسلامية، تتبارى الحكومات العربية والإسلامية في جذب أوباما إلى عاصمتها، يتنافس أصحاب الأقلام في تجميل بلدهم في عين أوباما: تعالى إلى مكة المكرمة يا أوباما فهي أرض الإسلام المقدسة، يحج الملايين من المسلمين إليها كل عام، لا يا أوباما لا تذهب إلى بلد غير ديمقراطي يقهر النساء، تعال إلى القاهرة حيث الديمقراطية وتعدد الأحزاب وحيث الأزهر الشريف أقدم جامعة إسلامية، لا يا أوباما لا تذهب إلى أي بلد عربى، جميع الحكام العرب يتحكمون في شعوبهم بالحديد والنار، بالديكتاتورية الشرسة تحت اسم الديمقراطية، تعال إلى جاكرتا عاصمة أكبر دولة إسلامية تسودها الديمقراطية والتعددية والسوق الحرة وكل شىء تجده في جاكرتا حتى آثار تسونامى التاريخية.
تنشب المعركة بين حملة الأقلام فى البلاد الإسلامية والعربية، تسيل أنهر الحبر بدل الدم المراق في المعارك الحقيقية، تجف الحناجر في الفضائيات العربية، أصبحت زيارة أوباما شرفًا ما بعده شرف، يتحرر البلد من العبودية والفقر ما إن تطأه قدم أوباما، قدمه المقدسة بحذائه الجلدي الثمين ذي البوز المدبب في عين الحاسدين.
#نوال_السعداوي (هاشتاغ)
Nawal_El_Saadawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خلايا العقل المظلمة
-
الكتابة بين الذكورة والأنوثة وهوية النص .
-
الحرب والنساء
-
حجاب العقل.. أخطر
-
المرأة العربية تعيش من أجل الجنس فقط و المسيار أفضل من الزوا
...
-
د.نوال السعداوي: مصر لا تستحقني.. وأنا -قرفانة- من الجنس
-
النساء ضحايا الاستغلال الاجتماعي
-
المراوغة في فكر النخب المصرية السائدة
-
ما يستحيل أن نعرفه ما يستحيل البوح به ،
-
حروب ضد العقل يخوضها قتلة .. والضحايا نساء وأطفال
-
هل كانت سيمون دوبوفوار متحررة ؟!
-
من هن أقوى نساء العالم ؟
-
أنا أفكر، إذاً أنا لا أصلح رئيس دولة!
-
برنامج الدكتورة نوال السعداوي الانتخابى فى الترشيح لرئاسة ال
...
-
الحوار المبتور عن المرأة والدين والسياسة
-
الطيران فى الحلم
-
إجهاض الثورة
-
ورقة لم تقدم في مؤتمر المرآة والإبداع
-
الباحثة عن الحب - أوراقى حياتى : الجزء الثالث
-
من مفكرتى السرية عام 1947
المزيد.....
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|