أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبتهال بليبل - ميتة تتظاهر بالحياة














المزيد.....


ميتة تتظاهر بالحياة


إبتهال بليبل

الحوار المتمدن-العدد: 2515 - 2009 / 1 / 3 - 04:47
المحور: الادب والفن
    


كثيراً ما أفكر بالرحيل بعيداً عن زوبعة الحياة وتلك الغيوم وأمطارها التي لا أجد فيها سوى أنها حين تهبط ليلاً ، ليجتاحني صمتٌ أخرسٌ ويبدأ كرسيي الذي أجلس عليه بالتقلص نحوي ، السجادة تلملم جسدها وتتمايل باتجاه قدماي ، الضوء يتوسط جدار غرفتي .. يخفت ويعلو ، وكأنه قد أستلم إشارة للبدء بذلك ، هناك مظاهرة ضدي أتفق عليها كل من يقبع معي في تلك المتسعة ، يحاولون التسلل إلى أعماقي ، وما عادت أعماقي ، ينسل منها شيء .. فالصمت يلفها ، يقلب فيها ذكريات الطفولة المبللة بسائل قابل للاشتعال ...
ومن هو ؟؟ ذاك الذي أستفز جنازة أيامي ، وهي تشيّع جثماني إلى مثواها الأخير ، فأنا لا أذكر صوته ولم أرى قدماه وهي تحملانه نحوي يوماً ... يجدني راكدة ، يمسك بأطراف أصابعه لذاك الإناء الذي يحتوني ليرفعه نحو وجهه يحاول أن يتفحصهُ يحركهُ ويميلهُ وأنا أتقلب فيه كالماء ، يقلب جزءاً منه ليسقط على تلك السجادة التي لملمت جسدها نحوي ذات ليلة ، قطرات من الإناء تسقط متناثرة بعضها يئن والآخر يهرول مسرعاً مبتهجاً ، لم يلاحظ ثمة قطرة ملتصقة بجدار الإناء ، يخنقها الصمت وتحشرجها الأوجاع ... يمد يده ويتفحص القطرات الساقطة على بنطا له . يصمت للحظة ، ويبعد بكفه أثرها ، ولم ينتبه لمشهد تلك القطرة الملتصقة على جدار الإناء ، كان مسرعاً ومنشغلاً ، فالزمن يصطحبه دائما معهُ .
وعندما رأيته يقترب من الإناء ويبتعد دون أن يلمح تلك القطرة المتصلبة ، أدركت أنه لن ينتبه إليها أبداً ، وسيظل يصاحب الزمن ولن يتوقف يوماً عند ذاك الإناء ...
يسير مسرعاً ، وعندما يكون بمحاذاتي يتعمد تجاهلني ، كي لا تسقط جزيئاتي في يده ، عند ملامستها ...
حتماً ، ستجف تلك القطرة اليوم ، فقد انتهت حياتها ، وساعاتها بدأت بالتنازل ، فهي تحملت الالتصاق على جدار إناءك ، والخروج من عالمها ، لكي تشعرك بالانتباه نحوها ، لكنك لم تنتبه إليها ولم تشعر بها ، كانت تتظاهر بالحياة وهي ميتة ، ليعود ذاك التشييع ويسحبها إلى تلك الجنازة حيث مثواها الأخير ...
وهكذا تنتهي حكاية بعض ليلة ، أشعرتني بوخزه في جهتي اليسرى ، ما لبثت أن صحبتني إلى متسع من الأحلام ، ووهبتني شجاعة لأهرب من جثماني وتشييعهُ وألوذ في البحث عنك ، لتخذلني بتلك الدروب المتعبة التي تنتعلها ، فأنا يا سيدي لا أقوى على السير دون أن تمسكني من ذراعي لأواصل السير في دروبك ...
واليوم سأرحل بعيداً حيث هناك الخلود الأبدي ، حيث الخلاص والسكينة ، وسأرتدي وشاحي كما أعدت أن ارتديه ...




#إبتهال_بليبل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة ضد التفرقة والفتنة سلاحُنا فيها الحب
- يا غزة يا قرينة وجعي الثالث ...
- لعبة الجروح
- دنياي
- سليلة الكهنة في الطقوس القديمة ... شجرة الميلاد .... وميض فر ...
- تحقيق /عالم المتسولين ....عندما تقسو القلوب وتتحجر المشاعروي ...
- التحرش بالفتيات سرطان اجتماعي وظاهرة خطيرة
- من على حدائق أبي نواس ملتقى كلواذى للثقافة والفنون خطوة رائد ...
- الحوار المتمدن شجاعة المواجهة والصدق مع الجميع ..
- تحقيق / ردود أفعال غاضبة .....على ( الموبايل ) من قبل إدارات ...
- نغمة ( المسكول ) !!! أحياناً تحدد ... ؟؟؟؟
- عندما يكون مرض الزوجة ... طريقاً لابغض الحلال عند الله
- تحقيق / لماذا يقبل شبابنا على تقاليع من هذا النوع/التاتو أخر ...
- أين مكرمة بطل عام 2008...لكمال الأجسام اللاعب ستار عطية
- في ذكرى وفاته يوم 17 تشرين الثاني عام 1949 /شاعر الأسى الروم ...
- الدولة المعنوية والعقلية
- نون النسوة
- لوحة الفنان الاسباني سلفادور دالي/ حرية الفكر وتخمة الأفكار ...
- الرؤيا الجدلية في لوحة الفنان التشكيلي حسين السلوان
- أنا كاتبة لا نجمة إعلان


المزيد.....




- سعاد بشناق عن موسيقى فيلم -يونان-.. رحلة بين عالمين
- الشارقة تكرم الفنان السوري القدير أسعد فضة (فيديو)
- العربية أم الصينية.. أيهما الأصعب بين لغات العالم؟ ولماذا؟
- سوريا.. رحلة البحث عن كنوز أثرية في باطن الأرض وبين جدران ال ...
- مسلسل -كساندرا-.. موسيقى تصويرية تحكي قصة مرعبة
- عرض عالمي لفيلم مصري استغرق إنتاجه 5 سنوات مستوحى من أحداث ح ...
- بينالي الفنون الإسلامية : أعمال فنية معاصرة تحاكي ثيمة -وما ...
- كنسوية.. فنانة أندونيسية تستبدل الرجال في الأساطير برؤوس نسا ...
- إعلاميون لـ-إيلاف-: قصة نجاح عالمي تكتب للمملكة في المنتدى ا ...
- رسمياً نتائج التمهيدي المهني في العراق اليوم 2025 (فرع تجاري ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبتهال بليبل - ميتة تتظاهر بالحياة