حجة الغائب..المهرج الأمبراطور)قصتان

تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2510 - 2008 / 12 / 29 - 05:15
المحور: الادب والفن
    

(حجّة الغائب)

أستغرب السيد(الأمين العام)لهيئة الأمم المتحدة،من الوفود التي تذهب إلى أرض (الذهب)ولم تعد..
في اجتماع كبير تم التطرق لهذا الموضوع..
قال البعض:
ـ ربما انضموا إلى(البرلمان)،بعد دعوات إغرائية من لدن الأحزاب المتنازعة..
بعضهم قال:
ـ أرض كلها ذهب،أنها تغري وتجذب ليس بوسع المرء في هذا العصر أن يحافظ أمامها على هويته الوطنية..
البعض أتخذ جانب الحياد التام ولم يدلوا دلائهم..
في ذلك الاجتماع السرّي،قرر السيد(الأمين العام)أن يقوم بزيارة شخصية لمعرفة أسباب رفض الوفود الأممية من العودة من أرض(الذهب)بعد انتهاء مدد أعمالهم..
في صبيحة باردة،عرف ـ بعد فوات الأوان ـ السيد(الأمين العام)للأمم المتحدة سبب رفض وفوده العودة إلى مجلسهم الموقر..
كان جالساً على أرض رطبة،في غرفة خانقة،معصوب اليدين،فوق رأسه خمسة شبان ملثمين يتلون ورقة مبهمة،قبل أن يهبط سيفاً ساطعاً ويدق عنقه..
(تكفلت كاميرا بنقل رغبته إلى العالم)..!!
***
(6)
(المهرج الإمبراطور)

في بلاد ما..
(ليس مهماً الإعلان عن أسمها)..
كل البلدان تتشابه.كلها تملك أراضي خصبة..تملك سماء..تملك غيوم..تملك أنهر..تملك ناس يتساوون في العيش والأحلام والآلام ..
***
لكل بلاد راعي قطيع بلا حول ولا قدرة..!!
بعضهم..رؤساء..
بعضهم..ملوك..
بعضهم..مستشارون..
بعضهم..أباطرة..
***
في بلاد..(!!!!!!)..!!
أصاب(الإمبراطور)سأم شديد عجز أطباءه أيجاد دواء علته..
قال له عرّافه بعد جولة فلكية غربل فيها النجوم والأفلاك وعاد بتوصية:
ـ أيها السيد المطلق..تقول النجوم..ليعدنا سيدك المقدس..
راح(الإمبراطور)يعد النجوم..
عدّ نجوم السماء..
السماء الدنيا..
السماء العليا..
عدّ نجوم الليل..
عدّ نجوم الضحى..
عدّ نجوم الظهر..
لم يهدأ(الإمبراطور)..!!
***
خرج(الإمبراطور)من صمته:
ـ الرعية وراء علتي..!!
أجابه العرّاف:
ـ أيها السيد الكبير باسمه..عالي المقام في أرض الدنيا..الرعية رعيتك..
ـ أنهم ينبذوني..!!
وجم العرّاف..لم يعد ينطق..عرف أن كلمة واحدة منه ستكلفه النعيم كله..
وجد(الإمبراطور)فكرة بدت لائقة..!!
***
في اليوم التالي كان(الإمبراطور)متنكراً يمشي في الطرقات بهيئة شحّاذ..وجد الناس في انشغال كبير،تقرب منهم وهو يمارس دوراً بدائياً في طلب المال،عرف سر انشغال الرعية وفرحهم الكبير..!!
***
في ساحة عامة أحتشد الناس،في وسط الناس رأى تلك الخشبة التي وقف عليها ذات يوم وهو يستقبل أهازيج تتويجه(إمبراطوراً)على المملكة بعد موت والده..
بدأت الفعالية..وجد(مهرج)المملكة وهو يرتدي أسمال(ملك)،يصعد وسط التصفيق والهتافات إلى خشبة المسرح الشعبي للمملكة..تعجب(الإمبراطور)من هذا الفرح الذي هز أبدان الرعية وألقى بأجسادهم إلى السماء..
راح(المهرج الملك) يستقبل الناس..يعطيهم الهدايا..أمامه صندوق بيت المال،هو صندوق شبيه طبعاً،يدخل(المهرج الملك)يديه لينثر البهجة والفرح بين الناس..
عند الغروب رأى(الإمبراطور)المتنكر إن الرعية رفعوا(المهرج الملك)على أكتافهم وراحوا يجوبون به الشوارع وظلّ يمشي وراء الموكب الكبير..
راعه تطور الأمر..!!
وجد الناس تزحف نحو قصره..خشي أن تشهر السيوف وتراق الدماء أمام قصره..لكن السيوف انحنت قبل الرؤوس..ودخل(المهرج الملك)القصر على أكتاف الناس..
منع(الإمبراطور المتنكر)من دخول إلى قصره..
لم تنفعه الصياح..
في تلك اللحظة تذكر أنه نسى خاتم العرش في قصره..
قضى(الإمبراطور الشحّاذ)ليلته في العراء..
أستعاد كامل وعيه،وظلّ ينتظر نهاية المسرحية التي أسعدت الرعية..لكن الأمور بدأت ترعبه..!!
لقد مر الوقت عصيباً عليه،ظلّ متنكراً بثياب الشحّاذ،بحث عن عرّافه،بحث عن حلٍ يقنع الرعية أنه(إمبراطورهم)،كل من يسمعه..يقول له:
ـ صه..التمثيل لا يليق بك أيها الشحّاذ..!!
فكّر(الإمبراطور)ووجد الحل أخيراً،ذهب وأخرج من مخابئ أمواله الكثيرة كيساً مليئاً بالدنانير الذهبية،وراح يبحث عن شاعرٍ يعيد له صياغة المسرحية..
في تلك اللحظة وجدت زوجة(الإمبراطور)تبدلاً جوهرياً في تصرفات صاحب السيادة والمقام المقدس،بعدما نشرت في المملكة اختفاء(الإمبراطور)،قبل أن ترجعه الرعية محملاً على الأكتاف..!!
تقدمت من(المهرج الملك)ووضعت خاتم المملكة بين يديه،منذ تلك اللحظة صارت المملكة ترفل بنعيم لن يزول..!!
***
بينما كان(الإمبراطور المتنكر)يواصل جلب الناس إلى الساحة العامة عبر نثر الدنانير..
مضت الأيام وظلّ(الإمبراطور)في أسمال(ملك)جالساً على خشبة المسرح..مر قربه طفل صغير،ناده(الإمبراطور)..قال له:
ـ أين الناس..!!
أجابه الطفل:
ـ لقد أنتفت الحاجة إلى المسرح بعدما صلحت أحوال العباد أيها الشحّاذ..!!
***

#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات