|
شارع المتنبي..وصباح الخير حراس المقر
عزيز الملا
الحوار المتمدن-العدد: 2508 - 2008 / 12 / 27 - 00:55
المحور:
الادب والفن
في صبيحة يوم الجمعه 19/12/2008 كنت جالسا أتصفح الاسطر الاخيره من مقال الاستاذ حاكم كريم عطيه في الحوار المتمدن أحسست باصابع بارده لصغيرتي (سرى) وهي آخر العنقود كما يقال تضعها على رقبتي اذ كانت تطالع دروسها بالقرب مني فعندما التفت اليها ..قالت لي:بابا هل تحب رائحة الكتب مثلي ؟..أجبتها:نعم ياسراوي فانا احب رائحة الكتب ايضا عند ذلك ضربت (كلك)على كلمة (تصويت)..وتركت كل شيئ على حاله؛فتحفز ولدي (حازم)للجلوس امام الكمبيوتر ليأخذ وقته في تصفح مواقع الرياضه المولع كثيرا بها سيما انه اصبح لديه أوقات كافيه لانه قرر تأجيل سنته الجامعيه الاولى لعدم قناعته بالقسم الذي قبل فيه وهو علوم الجو!! ان صغيرتي حفزتني في ذلك الصباح للبحث عن كتب سيما ان شارع المتنبي قد افتتح رسميا من قبل رئيس الوزراء وامين بغداد فعليه بات من اللازم ارتياد هذا الشارع لنكسر حاجز الخوف ونتحدى أولئك الذين أغتالوه..فأرتديت كل مااملك من (بلوزات) واصبحت امشي مثقلا متحاشيا الاصابه بالانفلاونزا التي باتت تلاحقني كثيرا خصوصا بعد إصابتي بمرض السكري منذ عشرة سنين ..وان السكري هذا يحمل التسلسل الثامن في قائمة الامراض التي ورثتها من سلالة عائلتي وهو مكسب كبير بالمقارنه مع ما حصل عليه احد اصدقائي في الاسبوع المنصرم اذ ورث ثمانون مليون دينار حصته من املاك والده الذي توفي قبل ستة اشهر.. على اية حال ركبت في سيارة (الكيا) متوجها الى سوق هرج النهضه ففي تسعينيات القرن الماضي كنت أحصل على الكثير من الكتب باثمان رخيصه والتي كانت تباع مع السكراب(الخرده فروش) وفي احدى ايام تلك الفتره كان أحد الباعه يفرغ (كونيه) مليئه بالكتب التقدميه والماركسيه ومن ضمنها اعداد قديمه من مجلة الثقافه الجديده ؛فبينما كنت مشغولا باختيار مااحتاجه من تلك الكتب والمجلات ومعي اخرون تجمعوا للشراء فاذا بثلاثة رجال من الامن يمسكوا بهذا البائع الضعيف البنيه ويبرحوه بالضرب فاقتادوه لسيارتهم التي تبعد حوالي ثلثمائة متر واجبروه ان يعبأ كتبه ليحملها معهم ..اما نحن الذين كنا نروم الشراء فطلبوا منا الابتعاد من هذا المكان بعبارة(روحوا من هين أحسن الكم) وفعلا تفرق الجميع مفزوعين وانزويت انا في مكان اراقب مايحصل لذلك البائع وعندما وصلوا لسيارتهم شاهدتهم يتوقفوا عن ضربه بعدها اخلوا سبيله وعند وصوله الى مكانه جلس المسكين متالما من الضربات وبانت على وجهه الكدمات والاورام واخذ يجهش بالبكاء ..فتقدمت عليه ومعي قليلا من الماء وطلبت منه ان يغسل وجهه وسألته مفتعلا تجاهلي بالموضوع عن سبب ضربه فاجابني :انهم من الامن وارادوا مني ان ادلهم عن صاحب الكتب فقلت لهم بانني عثرت تحت الجسر وحملتهاهنا كي استفاد منها ..وعندما اقتنعوا بكلامي طلبوا مني (حق الغداء) فقلت لهم لم لم املك اي مبلغ وهي حقيقه ..فتركوني واخذوا الكتب التي قالوا عنها ممنوعه..على اية حال كان ذلك مشهدا مؤلما اتذكره دوما وخصوصا حينما اصل الى سوق هرج النهضه التي لم اجد اي كتاب فيها في ذلك الصباح البارد سوى مجلات اجنبيه تباع مع قاذورات الامريكان..بعد ذلك توجهت الى سوق هرج الميدان فهناك ايضا كنت احصل على كتب ثمينه وفعلا حصلت على كتابين وأكملت مسيري من خلال شارع الرشيد متمتعا بذكرياتي فمررت بمقهى ام كلثوم والزهاوي وومنطقة الحيدرخانه ثم دخلت شارع المتنبي وانا مسرور جدا اذ اراه بحله زاهيه جديده تليق به فشاهدت ارضيته الجميله والبنايات قد انجزت بهيئتها الحديثه سواء التراثيه او التاريخيه..لم ادقق اكثر بالمعالم العمرانيه واخذت مطرقا رأسي للاسفل للبحث عن الكتب وهي منتشره على الارضيات ..يالها من كتب كثيره كم احتاج من الوقت لكي اعثر على العناوين التي احتاجها..وان جلوسي بات صعبا؛فعند ثاني او ثالث بائع جلست امام كتبه وبالذات كانت نظرتي متركزه على كتابين من الحجم الكبير احدهمافوق الاخر فقررت ان اشمهما على طريقة صغيرتي (سرى) الا انني خجلت ان يراني البائع او احد الاصدقاء فيضنني جننت ..ان ذلك لايصدق ان ارى هاتين الكتابين يعودان لي منذ اواسط سبعينيات القرن الماضي ويحملان عنوان (الاقتصاد السياسي/ تاليف مجموعه من العلماء السوفيت) مجلد اول وثاني فوجدت نفس الكتابه التي تعودت ان اثبتها في الصقحه الاولى من كل كتبي (من كتب عزيز...14/6/1976)فسألت البائع عن ثمنها فكانت بثمانية آلاف دينار)لم يهمني ذلك فاخبرته بان هاتين المجلدين كانا من كتبي فراى اسمي واخبرته باني بعت مجموعه من كتبي في سنة 1994 مكرها لشراء الطحين والسكر ومواد اخرى تحتاجها عائلتي في حينها..عانقني هذا البائع النبيل وقرر ان يكونان هديه منه الاانني اصررت على دفع ثمنها وانا ممتنا منه كثيرا..فودعته وانا ارددماكان مكتوب في مقدمة المجلد الاول عن ظهر قلبي (بنيانان لكل مجتمع احداهما دعامه للاخر هما البناء التحتي والبناء الفوقي) وقد اطمئننت بان ذاكرتي لاتزال بخير.. بعد ذلك تجولت في الشارع الذي اكتسب حلة جميله فرايت كثير من الاصدقاء وشاهدت الدكتور كاظم المقدادي يتجول في الشارع وكانت كاميرات الفضائيات تصور الشارع الجميل ورواده وعند الثامنه مساءا من نفس اليوم كنت مع عائلتي نتابع قناة العراقيه فما كان من صغيرتي (سرى)ان تصيح (هذا بابا هذا بابا)فسروا جميعا للمره الثانيه مرة لعثوري على كتبي ومره لانهم شاهدوني وانا ارتاد شارع المتنبي من جديد فوعدتهم ان تكون زيارتنا المقبله جماعيه .. وعن نفس الموضوع تذكرت بانني في عام 1980 عندما كنا طلبه نطبق في المختبرات الكيمياويه لمعمل الورق في البصره اذ كان هناك اكوام كبيره من الكتب والمجلات التي تمنعها رقابة السلطه القمعيه آنذاك وترميها في المعمل لتحويلها الى عجينه لانتاج الكارتون والورق ..حينها كنا نقرا ونتصفح في استراحتنا فعثرت على قصيده للشاعر الكبير سعدي يوسف (صباح الخير حراس المقر) فاقتطعتها ووضعتها في جيبي..ثم احتفضت بالقصيده وكتبناها بعدة نسخ انا والشاعر الشهيدجواد الربيعي ووزعناها لاصدقائنا اما النسخه الاصليه فوضعتها في ديوان الشاعر(الاخضر بن يوسف..) وعند بيعي لمجموعه من كتبي في فترة التسعينيات كما اسلفت كان كتاب الاخضر بن يوسف مع قصيدة (صباح الخير..حراس المقر)من ضمن الكتب المباعه فحزنت حينها على القصيده الجميله المأخوذه بالرغم من الرقابه القمعيه ولو كانت موجوده لاهديتها لكم .. فمرحى لشارع المتنبي الجميل الذي اعاد لي كتابين ..ومرحى (لحراس المقر) ومرحى لصغيرتي (سرى) ومرحى لكم جميعا
#عزيز_الملا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلاما للشهيد البطل أسعد لعيبي
-
أعدموا صدام حسين..أعدموه مرة أخرى..!!
-
للحوار المتمدن..ولكتابه القبلات والثناء
-
آمال العوده لاحضان الوطن..ولكن !!
-
الارهاب وصانعوه وجهان لعملة واحده
-
الاديان ..تقارب ..أم تباعد ؟!!
المزيد.....
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|