|
في بلاد الأمبراطور..الموسوعة الأمبراطورية(قصتان)
تحسين كرمياني
الحوار المتمدن-العدد: 2508 - 2008 / 12 / 27 - 09:29
المحور:
الادب والفن
(1) في تلك القرية التي هي نهاية المملكة،اكتشفت الناس أن النساء لم يعدن ينجبن الأطفال ،سرهن الاكتشاف المدهش،كونهن لم يلبسن السواد بعد تلك اللحظة،وليس هناك ما لديهن ليقدمنه إلى(الإمبراطور)كي يدفع بهم إلى محارق الموت.. أنتبه(الإمبراطور)لوجود نقص حاد في الذكور بعدما تم دعوة المواليد إلى الجيش.. الأحصائيون وضعوا أوراق خجولة أمام قداسته..صاح فيهم: ـ جدوا حلاً..قبل أن نغدو كلاب حراسة تحت رحمة أعداءنا..!! قام أطباء المملكة بفحص الرجال،اكتشفوا أن المواد التي استخدمت في الحروب قضت على فحولتهم إلى أبد الآبدين.. وجد أحد زبانيته فكرة وضعها على طبق من ذهب ودرس(الإمبراطور)الفكرة وجدها تحفظ ماء وجه مملكته..!! *** شاع خبر بين الناس أن(ولياً صالحاً)حل في المملكة،يجوب أسطح البيوت بحثاً طعام.. كل امرأة راحت تعد ما لديها وتضع طعامها في صحن على سطح منزلها في الليل كي تطلب من(الولي الصالح)أن يحافظ على سلامة زوجها من محرقة الموت.. وفي كل يوم تعيش النساء فرحة غامرة لأن(الولي الصالح)هبط على سطح بيتها وأخذ طعامها..ورحن يلثمن مكان الصحن بقبلات طويلة..!! *** شاع أيضاً أن كل امرأة تنام على سطح منزلها وتضع الطعام سيتناول(الولي الصالح) الطعام ويرش على جسد المرأة النائمة بذور السعادة وتحقيق الأماني..!! *** كل واحدة راحت تفرش ما لديها أجمل الأسرّة وترشها بالروائح المنعشة وتنام حالمة.. في الصباح كانت كل واحدة تشعر أن(الولي الصالح)زارها ورش عليها بذور السعادة ونفخ في جسدها الرغبات التي لا تنتهي..!! *** في قصر(الإمبراطور)كانت أوراق التقويم تنتزع يوماً بعد يوم،و(الإمبراطور)يبتسم ويقهقه،وكان قريبه صاحب الفكرة يواصل سرد الحكايات الشهرزادية له..!! *** مع سقوط الورقة رقم مائتان وستة وسبعون من تقويم المملكة،شاعت أخبار مروعة من كل أطراف المملكة،كل امرأة وضعت مسخاً(خنثيّاً)شبيهاً بـ(الإمبراطور).. وكل امرأة سراً دفنت(خنثيّها)وعادت لتكتم الحكاية وتدفنها في ثغور منسية.. سقطت المملكة بيد الأعداء وهرب(الإمبراطور)وحاشيته.. داخل جحر في مكان بعيد كان قريب(الإمبراطور)يحكي لقداسته: ـ كان الاختيار خاطئاً يا مولاي..!! أجابه الإمبراطور: ـ لو عدنا لمجدنا سنأخذ برأيك..!! ذلك القريب حكى القصة كاملة للقضاة بعدما تم إلقاء القبض عليه بعد شنق(الإمبراطور) ..قال لهم: ـ بعدما سمع مشورتي،راح كل ليلة يرسلنا لنجوب أسطح المنازل،نسرق الطعام..فقدنا رشدنا وواقعنا النساء الخاشعات..!! ***
(2)
(الموسوعة الإمبراطورية)
أفاق(الإمبراطور)ذات ليلة من نومه وراح يفكر،قبل أن يتذكر وصية والده(إمبراطور) الأباطرة..يوم قال له: ـ يجب أن تخلد زمنك بعمل عظيم..!! فسر عرّافه الوصيّة: ـ مولانا..قصد(كتاب)ينقل أخبار زمنك إلى من يأتي بعدك..!! نشر في المملكة رغبته وهيأ كنزاً لمن يخلده في كتاب..!! *** شاع أنّ باحثاً صاحب مشروع وطني كبير،راح يمرر حلمه بين رفاقه،وتم لصق أوراق مطبوعة ـ تحمل دعوته ـ على جدران المقاهي في طول المملكة وعرضها عبر أدباء القصر الإمبراطوري وكتّابه..!! تلقف الأدباء والكتّاب المنتشرين في طول المملكة وعرضها الخبر بفرحة غامرة،كل أديب،كل صاحب كتاب رغب أن يدرج أسمه وعنوان كتابه ضمن الموسوعة الإمبراطورية الكبرى للمبدعين،بدأت المغلفات الورقية تأتيه عبر البريدين الإمبراطوري واليدوي،وراح ينشغل السيد الباحث بفتح المغاليف والصناديق ويطالع عناوين الكتب التي راحت تحمل أجمل العبارات الإطرائية والإهدائية له..!! *** مضت الأيام وبدأت الألسن تبحث عن تفاصيل العمل الكبير الجاري للسيد الباحث القدير، مضت الأشهر..مضت السنوات.. البعض ممن تلقف الخبر بسعادة من يتلقى خبر ولادة زوجته العقيمة،راح يتابع بخياله كيفية خروج المشروع الموسوعي وورود أسمه ضمن القوائم حسب الحروف(الألف بائية)،البعض لعن أمه وأبيه لأنهما اختارا له أسماً يبدأ بحرف يقع ضمن الحروف الأخيرة من أحرف اللغة،مما يتيه أسمه في المراتب الأخيرة ويكون ضمن المطموسين، أو المهمشين.. شيئاً فشيئاً بدأ الفتور يكبر ويمحي عاصفة اللهفة في أذهان أدباء المملكة..!! *** شاع الخبر أن الموسوعة(الإمبراطورية)،ستحمل بين طياتها أسماء رؤساء العشائر والأفخاذ..!! بدأت الوفود تزحف وهي تحمل أشجار نظيفة جذورها تنبت في أرض طاهرة وأغصانها ترفرف في فضاءات لم تلوثها الولاءات والانتماءات السياسية للأقوام الغازية،وراح السيد الباحث يستلم أكوام أوراق وهدايا مزجاة،أغنام وديوكة ودجاج وبيض ولبن..ومحاصيل زراعية طازجة..!! *** مرت سنوات طويلة.. غرقت المملكة في مجاريف سياسية عرجاء،انتهت بكارثة لا تنتهي.. وخرجت المملكة معتلّة جريحة،تبحث عن عكّاز تتشبث به بقية أيامها..!! *** أنتبه أحد الأدباء ممن لم يتمكن من الهرب إلى خارج البلاد بعد أسرها من قبل قوّات زحفت تحت غايات شتى،أسماها(حرية التعبير والعيش)ذلك الأديب وجد ورقة متهرئة ملصقة على جدران المقهى،تلك الورقة هي كل ما تبقى من التركة القديمة التي ضاعت غب اجتياح بشري غاضب لنهب وتخريب ما يقع تحت العين واليد،قام وقرأ ما فيها،مرر الخبر إلى زملاءه،بدأت الألسن تتساءل وتستذكر ذلك المشروع(الإمبراطوري)الكبير.. *** قام وفد كبير بزيارة السيد الباحث،بعد تحريات كبيرة،وجدوه قابعاً في بيته،رؤساء الاتحادات الفرعية..رؤساء التجمعات الثقافية المنبثقة من الأحزاب..مدراء بيوت الفن..رؤساء الأفخاذ..رؤساء العشائر.. وجدوه على فراش الموت يحتضر..داعبه أحدهم: ـ هل أنهيت حلمنا أيها السيد..!! لم يتأخر في إجابته،رفع كفه وأشار بسبابته إلى الغرفة المقابلة،تدافعت الجموع نحو تلك الغرفة،كل أديب أراد أن يسترجع ما أهدى له من كتب،بعدما كنس الجوع مكتبات البيوت..!! *** رؤساء الأفخاذ والعشائر بحثوا عن أوراق أصولهم،بعدما بدلوها وفق الموجات المتعاقبة،وجدوا فرصة(الصحوة)التي غمرت المملكة،وأرادوا أن يسترجعوا أصولهم الأصيلة،كي يتواجدوا ضمن المحيط اللائق بهم،وجدوا في تلك الغرفة آلاف من زجاجات المشروبات الروحية،متراكمة بشكل عبثي،ظلّت العيون تترامق وتحاول البحث عن تفسير يروض انفعالاتهم العشائرية والطائفية والعرقية،عادوا إليه،وجدوه رافعاً سبابته كتمثال شاعر كبير،فاتحاً عينيه غارقاً في نومته الأبدية..!! *** أنتبه أديب ناقد أن الزجاجات كانت فيها أوراق سرعان ما تلقف الوفد الخبر وراحوا يخرجون تلك الأوراق.. أحد الشعراء الحداثيين،رطب الجو بلطافة أضحكت الحضور: ـ يبدو أن صاحبنا وزع أوراق الموسوعة داخل الزجاجات ليلقيها إلى النهر كي يسفرها خارج المملكة.. سرعان ما بدأت الأفواه تعلن عن كتابات: ـ هذه الزجاجة سعر الديوان الشعري(...........).. ـ هذه الزجاجة ثمن الرواية(...........).. ـ هذه ......!! ـ هذه ......!! ـ هذا ......!! ـ هذا ......!! وجد كل أديب ثمن كتابه،وراح فرحاً يحتضن الزجاجة لنقلها إلى متحف البيت.. أنشغل رؤساء العشائر والأفخاذ بحثاً عن مصير أشجار أصولهم المفقودة.. وجد أحدهم صندوقاً مطموراً بين الزجاجات،لحظة فتحه،وجد أكداس عملات ورقية،ووجد ورقة صغيرة..قرأها أديب: ـ وأنتم أيها السادة،لقد خدعتموني،وجدت أصولكم تخالف لسان التاريخ،فأعطوني مقابلها عملات ورقية مزيفة،وبعبارة شعبية شائعة ليست(سويسرية)..!! *** أمّا القضية المحورية أوردها شخص واحد فقط،قال الحقيقة بلا لف أو دوران،عبر مانشيت مررته فضائية تبحث عن الفضائح الاجتماعية: (عذراً أيها الأصدقاء،مؤلفاتكم،كانت الوسيلة الوحيدة الناجحة للحصول على مشروباتنا الروحية زمن الحصااااااااااااااااااااااااااااااااار..زمن الجوووووووووووووووووع..زمن الإمبرا(ث)وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور..)..!!
#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطبة حذاء..ية
-
في تلك القرية القصيّة..منظم الوقت(قصتان)
-
الكرسي..حكاية نادرة(قصتان)
-
الحذاء المنتظر
-
يقظة السيد علوان..(قصة)
-
لم يحسن التصرف..مأدبة الليل..(قصتان)
-
قصتان قصيرتان..
-
عين الشمس..تشابه الأسماء كان السبب(قصتان)
-
لكن الطائرات لم تجيء..(قصة)
-
لا أحد يريد ترك الدراما..(قصة قصيرة)
-
بعل الغجريّة..(أيها المروجيّون أستميحكم عذراً..
-
بعل الغجريّة..(رواية)11
-
بعل الغجريّة..(رواية)10
-
بعل الغجريّة..(رواية)9
-
بعل الغجريّة..رواية)8
-
بعل الغجريّة..(رواية)7
-
بعل الغجريّة(رواية)5
-
بعل الغجريّة..(رواية)6
-
بعل الغجريّة..(رواية)3
-
بعل الغجريّة..رواية/4
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|