أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حميد الحريزي - الراي العام















المزيد.....


الراي العام


حميد الحريزي
اديب

(Hameed Alhorazy)


الحوار المتمدن-العدد: 2507 - 2008 / 12 / 26 - 09:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يتردد على السنة الكثير من الناس وخصوصا السياسيين وأصحاب المصالح الاقتصادية وأصحاب الشركات الإنتاجية الكبرى وحتى على السنة بعض الناس العاديين مصطلح الرأي العام وأهمية الرأي العام وضرورة الأخذ بالرأي العام ومراعاة الرأي العام وتصنيع الرأي العام وكسب او تعبئة الرأي العام او إثارته او تغيير الرأي العام او مخالف للرأي العام سواء في الأمور السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية وحتى للترويج للسلع والبضائع والمنتجات.
فماهو الرأي العام: تاريخه وماهي أنواعه وماهي العوامل المؤثرة فيه وماهي الوسائل المؤثرة فيه وماهي مقوماته وهل هناك إمكانية لتكوين رأي عام في الوقت الحاضر أي في عصر العولمة الراهن؟؟؟
أسئلة كثيرة ومتشعبة نحاول إن نجيب عليها في ثنايا البحث.
مفهوم الرأي العام:-
_____________.
لكي نعرف ماهو الرأي العام علينا ن نعمل على تفكيكه إلى مكوناته الأساسية وهي الرأي والعام.
فماهو الرأي؟؟
هو حكم او وجهة نظر للإنسان الفرد او الجماعة كمنتج عقلي مبني على التجربة والملاحظة والخبرة والموروث الثقافي للفرد او الجماعة،وتتم عملية التعبير عنه بشكل ظاهر علني او مستتر وبطرق مختلفة ووسائل متعددة ، في الكلمة او الحركة او الصورة او النظرة المعبرة او الإشارة وحتى بالصمت والسكوت.
أما بالنسبة للعام فان الرأي الفردي للأشخاص ليس هو محط اهتمام دراستنا هنا وان كان ذا أهمية في تكوين وإنضاج وتكوين ماهو عام أي إن مفهوم الرأي العام معني برأي الجماعة التي توجد وتربط فيما بينهما بروابط الهدف المشترك والمصلحة المشتركة او المصير العام وهنا لكي تكون ذات رأي عام يجب إن تكون لها قضية مشتركة فليس كل جماعة هي معنية او مشكلة او هي منتجة للرأي العام فقد تكون تجمع او كتلة بشرية هلامية لا يربط بينها أي رابط ولا قصته مشتركة , ومن شروط هذه القضية المشتركة يجب إن تكون ستار جدل وخلاف واجتهاد وليس من الأمور المسلم بها كالأعراف والسلوكيات الاجتماعية السائدة , حيث ستكون هذه المسلمات او التقاليد والأعراف والبديهيات عوامل إسناد او إعاقة للقضية المطروحة على الرأي العام ، وقد عرفه نعمه ألعبادي(رأي الجماعة التي تربطها رابطة الاعتماد المتبادل حول قضية جدلية تخص مصلحة وربما مصير تلك الجماعة) (1)
فما هي خصائص الرأي العام :
من خصائص الرأي العام كونه رأي الجماعة وليس رأي الفرد او الجمهور الذي هو (اصطلاح يقصد به فئة او جماعة من الناس تتميز عن غيرها بخصائص او صفات خاصة وتجمع أفرادها صفات مشتركة او روابط معينة)(2), وان الرأي العام ظاهرة تاريخية أخذت صورتها الحالية وغيرها. تاريخي متدرج فمن ( رأي السواد , الإرادة العامة , الاتفاق العام , صوت الشعب , رأي الأحرار ... تبعا لمستوى تطور وثقافة وموروث المجتمع في فترة زمنية محدده من تطوره , فقد كانت هناك العديد من الكتابات والمقالات والدراسات في مجال الرأي العام من قبل مفكرين ينتمون إلى بلدان وقوميات مختلفة أمثال ( جان جاك رسو , جون ستوارت ميل , جيرمي تبتام وجورج كونويل وقد كان او استخدام لمصطلح الرأي العام في القرن الثامن عشر أثناء الثورة الفرنسية على لسان وزير المالية الفرنسي ( جاك نيكبير ) في عهد لويس السادس عشر )(3) ( وقد صدر أول كتاب متخصص في عادة الرأي العام في عام 1840 للكاتب كورنويل لديس تحت عنوان ( وجهة نظر حول تأثير السلطة في قضايا الرأي العام وفي عام 1846 صدر أهم كتاب وهو كتاب ( كارل فون جيرزدروف ) الذي يجمل عنوان ( فكرة وطبيعة الرأي العام )(4) ص 17 . ومن ميزاته انه ذو طبيعة تحتمل النظر والتفكير والاجتهاد والجدل كما انه متنوع وذو أشكال وطرق تعبر مختلفة , كأنه لا يتسم بالجمود والثبات بل متغير حسب متطلبات الحراك الاجتماعي وتبدلانه سواء في مجال السياسة او تغير المزاجات والأذواق في قبول او تجديد او رفض السلع والموديلات وتجديدها بما فيها الأزياء , والمدارس الفنية والفلسفة السائدة وما إليه .
ومن ميزاته أيضا إمكانية قياسه على الرغم من صعوبة اختباره كمادة ولكن كمضمون ولذلك قامت وأنشأت معاهد ومراكز توجيه وقياس وضبط وتصنيع الرأي العام وقد أسس أول مراكز الرأي العام في عام 1936 فر أمريكا باسم معهد ( جالوب ) أما في العالم العربي فقد بدا الاهتمام الفعلي بموضوع الرأي العام من خلال ( معهد البحوث الاجتماعية والجنائية ) في مصر في نهاية الستينات والسبعينيات من القرن العشرين(5) .
ولا يفوتنا إن نذكر العلاقة الوثيقة والمتزايدة دوما في عصرنا الراهن بين الرأي العام ووسائل الاتصال المختلفة التي لها دور بالغ الأهمية في تصنيع وتغيير وتوجيه الرأي العام ضمن إمكانيتها الكبيرة والمتطورة جدا في الوقت الحاضر كالفضائيات والانترنيت وغيرها .
ما هي العوامل والتواصل: تكوين الرأي العام :
1- طبيعة الكونفورميا الاجتماعية السائدة في مجتمع معين وطبيعة هذه الكونفورميا ( الأعراف والتقاليد والفنون والقيم والعقائد , والأفكار والخبرات ) , وهل من النوع الجامد او النوع المرن , وتبعا لذلك يمكن إن يكون عامل تكون او عرقلة لإنضاج رأي عام في القضايا المطروحة على الساحة . مما يتوجب إن تكون هذه الكونفورميا الاجتماعية ماثلة أمام من يطرح أية ( قضية ) للحصول على دعم او رفض الرأي العام لها , حيث يتناسب ردود الفعل تناسبا طرديا مع قرب او بعد القضية من القيم والعقائد والأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع .
2- وجود الشخصية القيادية القيادة الكاريزمية : إن للزعماء والقادة دور فاعلا في التفاف الجمهور حول قضية معينة وفي المجال المطلوب كالزعيم الفكري والروحي وزعيم الإداري والزعامات الرمزية ويتوقف ودور وتأثير هذا الزعيم او القائد بقدر ما يمتلكه من العبقرية والقدرة والكفاءة والخبرة والدراية في القضية التي يدعمها ويناضل من اجل كسب الرأي العام لصالحها . وترى كما لهذا العامل من اثر خصوصا في البلدان النامية والمتخلفة او حديثة العهد بالممارسات الديمقراطية , والذي قادت في أحيان كثيرة إلى عبادة الشخصية وتصنيع الديكتاتورية .

وسائل الاتصال والتواصل :
إن لوسائل الاتصال المضمر. وفاعل في التأثير على مزاج وقناعات الأفراد والجماعات فمن لا يقرأ يسمع ومن لا يرى يسمع وبالتأكيد هناك من يقرا ويسمع ويرى عن طريق الجرائد والمجلات والكتب والسينما والتلفزيون والقنوات الفضائية المتنوعة وعن طريق الانترنيت والموبايل .. الخ . وبذلك فان من يمتلك القدرة والإمكانية المادية في امتلاك هذه الوسائل والكفاءة الإدارية والفكرية في إدارة وتوجيه وتوظيف هذه الوسائل لخدمة قضية معينة او منتج أو سلعة معينة سيحقق بالتأكيد قدر كبير من النجاح وكسب الغالبية العظمى من الرأي العام .

طبيعة الحدث او القضية المطروحة على الرأي العام :
لاشك إن نوعية وطبيعة الحدث او الإشكالية او القضية المطروحة أمام الرأي العامة لابد إن يتميز بقدر من الأهمية وينال الاهتمام من المتلقي تختلف هذه الأهمية بقدر ما تشكل من أهمية للفرد والجماعة وحياتهم اليومية وحريتهم كالسكن والتعليم والصحة والغذاء , وهناك من القضايا الكبرى المتعلقة بمصير وحرية الأوطان والبلدان , وسن بعض القوانين التي تمس حياة الناس , او الانتخابات , او دستور للبلاد وما إليه وكل ما يتصل بشأن الجماعة . في حين تتوجه الإعلانات مثلا صوب الإفراد او بعض الفئات لترويج سلعة مثلا .

أنواع الرأي العام :
أهم الأسس والمعايير المعتمدة في تصنيف أنواع الرأي العام :
1- المعيار المكاني او الجغرافي / وهو الحيز المكاني المشمول بالقضية او الإشكالية المراد تعنيه الرأي العام بشأنها ويمكن تقسيم هذا المعيار إلى :
أ – الرأي العام المحلي / وهو ما يختص بحيز جغرافي محدد او بحيز وطني محدد .
ب – الرأي العام الإقليمي / وهنا يكون الحيز أوسع من الحيز الأول مثل الرأي العام الخليجي او الرأي العام العربي او على مستوى قارة كالرأي العام الأسيوي او الإفريقي .
ج – الرأي العام العالمي / وهنا يكون الرأي العام يشمل العالم بأسره.
الرأي العام من حيث الزمن:-.

يختلف الرأي العام من حيث زمنية ضمنه من لا يدوم أكثر من يوم واحد وهناك ما يستمر لعدة أيام او أسابيع او أشهر وهناك رأي عام شبه دائم وهو ما يمثل موقف إستراتيجي عام موتوجهاتها.اقف الوطنية والقومية او الطبقية العامة .

الرأي المعلن والرأي المضمر:-

وهنا تكون أمام نوعان من الرأي العام رأي عام صريح ومعلن وواضح وهناك رأي عام مضمر غامض مستتر وهذا الحال يعتمد على درجة الحرية والديمقراطية الممنوحة للفرد وللجماعة في التعبير عن آراءها وأفكارها وتوجهاتها .

الرأي العام حسب تأثيره وتأثيره في وسائل الاتصال :

فهناك رأي قائد مهيمن نابه يمتلك الحصانة الكبيرة والقدرة للتأثير في وسائل الاتصال المختلفة التي تعرض قضايا وإشكاليات عديدة , ويتميز هذا النوع بالقدرة على موازنة الجانب العقلي والجانب العاطفي في اتخاذ المواقف وغالبا ما يتميز القادة والزعماء بهذه القدرة .
وهناك نوع آخر هو النوع الواعي المثقف ذو الأفق الواسع المطلع وهذا النوع يعطي الأولوية للعقل على العاطفة في اتخاذ المواقف والآراء فهو يؤثر ويتأثر بوسائل الاتصال المختلفة وحسب ما يمليه عليه عقله وثقافته الخاصة (فالوعي اليقظ-مصدر القوة للوجود الإنساني- هو القوة الوحيدة التي يعول عليها،والتي يمكن أن تؤدي إلى تغيير البيئة المادية-المؤسساتية.فإذا ماتم إهدار فقدراته، فان المجتمع يعيش حالة من الترديوالرفض,هناك النوع التابع والمسير او التابع وهذا النوع إنما ينقاد وراء عاطفته دون عقله او ثقافته , وغالبا ما يكون هذا النوع هو الذي توجه إليه وسائل الاتصال عبر إثارة عواطفه وأحاسيسه الكامنة لجرة لموقف ورأي معين وخصوصا في حالة اتخاذ موقف سياسي او استفتاء وما إليه قد يجد المعارضة والرفض من قبل النوع الثاني المثقف والواعي .



أساليب توجيه الرأي العام:- .

يهتم اختصاصي الإعلام والاجتماع وعلم النفس والسياسة اهتماما كبيرا في معرفة وإجادة وابتداع الأساليب الفاعلة في توجيه الرأي العام لفرض دعم ومساندة قضية معينة او رفضها , ولا شك إن هذا الأمر يهم أيضا أصحاب المؤسسات الصناعية والإنتاجية للترويج لسلعها ومنتجاتها ومصالحها لذلك فهي تنفق أموال طائلة وجهود كبيرة للإعلان عن منتجاتها وسلعها وفضلياتها على غريها , عن برامجها وخططها وأهدافها في الحالة الأولى . ومن هذه الأساليب والوسائل :

أ‌- تكثيف وتكرار ما هو مطلوب إعطاء الرأي بشأنه سواء بالقبول والرفض , وعدم إقحام وحشر مطالب كثيرة ومتعددة تشتت الرأي , بالإضافة إلى ضرورة التكرار والملاحقة المستمرة في عرض نفس القضية لتغرس في وعي ولا وعي المتلقي وبالتالي تلقى على ما سواها . ومن أمثلة ذلك ما نراه من آلاف الصور او الشعارات المكررة وبنفس المضمون وهي تجاور بعضها بعضا وكذلك حال الإعلانات المتكررة بنفس الصورة والمظهر او الكلمة لترويج سلعة او منتج معين .
وكما يذكر وزير الدعاية الألماني ( غوبلز ) ( إن سر نجاح الدعاية لا يكمن في إذاعة بيانات تتناول آلاف الأشياء , بل يكمن في التركيز على بعض الأشياء في آلاف البيانات )(7) ص 30 .
إثارة مشاعر الناس وعواطفهم:-
وهذا الأسلوب غالبا مايكون خادعا وماكرا يعتمد على استغلال وإثارة المناطق الرخوة والسهلة الإثارة في عقل الإنسان المتلقي حتى وان كان يستخدم وعودا وقصصا كاذبة وملفقة او أحياء صور مندرسة ن الماضي والتركيز على صور مبهجة او محزنة مخزونة في لاوعي المتلقي ومن الصور والذكريات المحببة او الكريهة بالنسبة للفرد او أجمهور والمختزنة في العقل الجمعي للجمهور المراد مخاطبته. مع استخدام مختلف الأدوات والرموز لاستثارة العاطفة مثل الموسيقى والرايات وصور الرموز الشعبية.....الخ.
محاولة إثارة قضايا ثانوية:-
في حالة رجحان الكفة لصالح تكون رأي عام مساند او رافض لقضية معينة سائدة سيكون لها اثر كبير على اتخاذ قرار سياسي او اقتصادي او اجتماعي او عقد صلح او شن حرب ومااليه وقد يكون هذا الرأي غير مطابق لما يريده صاحب القرار-رئيس دولة او حزب او وزير او مالك مؤسسة-فسيلجأ هؤلاء وكل حسب موقعه وغايته وما يريده من رأي إلى إثارة قضية ثانوية تشغل الجمهور او الرأي عن القضية الرئيسة او القضية الأم. وقد برعت الأنظمة الديكتاتورية والشركات الاحتكارية في تصنيع هذه القضايا الثانوية لحرف الرأي العام وإبعاده عن اتخذ موقف وعرقلة او تخفيض درجة اهتمامه وتواصله مع قضاياه الأساسية.كافتعال حروب خارجية او داخلية او نشر الإشاعات او خلق أزمات غذائية او دوائية او سكنية تهم حياة الإنسان اليومية مما يبعده عن متابعة او اتخاذ او إنضاج رأي عام معين.
أسلوب عرض الحقائق:-
من انجح الأساليب وأكثرها تأثيرا في استمالة وكسب الرأي العام وتعبئته لصالح او ضد قضية معينة هو المصداقية الكبيرة المجربة في عرض الحقائق أمام الجمهور ليكون على بينة كاملة حينما يقدم على اتخاذ القرار والرأي الصائب في القضايا المطروحة أمامه والمطلوب اتخاذ قرار او إبداء رأي بشأنها.
وهناك أساليب متنوعة ومختلفة لاستطلاع الرأي العام تعتمدها مؤسسات خاصة واضعة ماتتوصل إليه من نتائج أمام أصحاب القرار والذي سيكون لهه اثر كبير في وضع الخطط والتدابير والأساليب المطلوبة والمضمونة النجاح للإقدام على اتخاذ قرار او إصدار قانون او إنتاج سلعة وضمان رضى او رفض الرأي العام.
ولاشك إن استطلاعات الرأي قد تكون وسيلة تضليل كبيرة حينما اعتمد على طريقة في عمل الاستطلاع والنماذج المختارة والمنتقاة والوسط المطلوب استطلاع راية والزمن والظرف وطريقة طرح القضية والإيحاءات المبطنة للإجابة والفئة العمرية المستطلع رأيها والجنس والقومية والديانة وما ليه من العوامل المؤثرة في نتيجة الاستطلاع بالإضافة إلى طريقة وكفاءة محلل نتائج الاستطلاع ومهارته وتوجهاته الفكرية والسياسية وموروثه الثقافي ومدى حياديته في لتعامل مع المعلومات الموضوعة أمامه.
هل يمكن خلق رأي عام موحد في العصر الراهن؟؟؟
إن طبيعة الجماعة المطلوب تعبئتها تعتمد في الحقيقة على عدة عوامل من أهمها:-
• طبيعة القضية االمطلوب تعبئتهاأي العام.
• طبيعة الجماعة المطلوب تعبئتها لتكوين رأي عام والطبيعة الاجتماعية لهذه الجماعة.
• مقدار حيز الحرية الممنوح للجماعة او المجتمع او الفرد في اتخاذ قرار.
• وسائل تصنيع وتخليق الرأي العام.
فمن المعلوم إن للإنسان والجماعات أولويات مختلفة في درجة اهتمامه في قضية من القضايا ،فالتاجر والرأسمالي يهتم بما يخدم مصالحه التجربة والصناعية وما يزيد من إرباحه، والعامل يهمه مقدار أجره، والمثقف يهمه مايتعلق بالثقافة.بمعنى أن هناك منظر طبقي وفئوي للقضايا المطروحة.حتى مايتعلق منها بالوطن او الإقليم او العالم.
ومن الأمور الهامة أيضا الموروث الثقافي والرأسمال الاجتماعي الكونفورميا الاجتماعية لمجتمع معين في درجة الاستجابة لعملية خلق رأي عام بخصوص قضية محددة،لها اثر كبير في درجة الاهتمام او عدمه من القضايا المطروحة.
كذلك فان لحيز الحرية الحقيقية الممنوحة للجماعات والأفراد في اتخاذ الرأي والقرار وممارسة النشاط .
ففي الدول الديمقراطية تتعدد أراء والاجتهادات والمصالح مما يصعب تصنيع رأي عام موحد في قضية معينة محددة نظرا لتضارب المصالح والمنافع والتوجهات.بالضد من الأنظمة الاستبدادية والشمولية ودورها الضاغط وامتلاكها لكل وسائل لإعلام وتصنيع الرأي.
وفي واقعنا الحالي حيث أصبح العالم ليس قرية صغيرة بل هو عبارة عن بيت واحد ذو غرف متعددة مفتوحة الأبواب على باحة الدار، نظرا لتضارب الآراء والمصالح في أية قضية حتى وان أخذت اهتمام عالمي كالحفاظ على البيئة او نزع أسلحة الدمار الشامل،او مكافحة الإمراض واسعة الانتشار كالايدز وأنفلونزا الطيور او مكافحة الفقر والجوع والبطالة والهجرة والتمييز العنصري والمخدرات...الخ.
حيث إن وسائل الإعلام والاتصال هي من يتلاعب في العقول وهي خالقة الرأي والقرار وليس الواقع الحقيقي المعاش ، حيث تتمكن هذه الوسائل من تصنيع وتخليق واقع وهمي بديل للواقع الحقيقي وبذلك يكون هو المؤثر على مصدر القرار الجماعي والفردي على المستوى الفردي والجماعي المحلي والوطني والإقليمي والعالمي،وبذلك فان من يمتلك وسائل الإعلام والدعاية الفاعلة يمتلك عقول الناس والرأي العام.
فبدلا من الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية مصنعة وموجهة الرأي العام فقد حلت الشركات الاحتكارية الكبرى عابرة القارات ومالكة القنوات والأقمار الصناعية والفضائية وقنوات التلفاز والراديو والتلفاز والجرائد والمجلات ووسائل الإعلان محل هذه السلطات الشمولية فأصبحت قوة قاهرة شمولية وتولتارية على مستوى العالم في ظل العولمة الرأسمالية المعاصرة( لآلاف عديدة من السنين،ظلت الندرة، وما يصاحبها من إكراه بدني، هي المنظم المعتمد في الأغلب الأعم للسلوك الإنساني)(8) والتقدم العلمي والتكنولوجي الهائل في وسائل التواصل والاتصال، مما أصبح من الصعوبة بمكان خلق رأي عام قوي وموحد لناصرة قضية عادلة او لمقاومة ظلم او تعسف بحق الشعوب والإفراد والجماعات في عالم اليوم على الرغم من اللبرالية السياسية والكم الهائل من منظمات المجتمع المدني التي غالبا ماتكون مسخرة من قبل قوى رأسمال وخدمة مصالحه، فعلى الرغم من الادعاء بالديمقراطية والحرية والعدالة الطافية على السطح وعلى شاشات التلفاز وأغلفة الجرائد والمجلات فإنها تستبطن ملايين ا من المظلومين والجياع والسجناء والمرضى والمضطهدين في كل إرجاء العالم وخصوصا عالم الجنوب.
ملاحظة:-
اعتمدت الدراسة:-
• نعمه ألعبادي-الرأي العام ودوره في العمل السياسي/ط1/2006 إصدار (المركز العراقي للبحوث والدراسات الإنسانية والإستراتيجية)
• هربرت.أ.شيللر- المتلاعبون في العقول-عالم المعرفة –الكويت-1986
• د.لبنان هاتف الشامي- العلاقات العامة(المبادئ والأسس العلمية-دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع-الطبعة العربية 2002.
المراجع:-
1-نعمه ألعبادي-الرأي العام ودوره في العمل السياسي ص(14) ط عام 200-المركز العراقي للبحوث والدراسات الإنسانية والإستراتيجية.
2- د.لبنان هاتف الشامي-ص117.
3- نعمه ألعبادي- الرأي العام ودوره في العمل السياسي(ص15).
4- نفس المصدر (ص17).
5- نفس المصدر (ص18).
6- هربرت.ا.شيللر (المتلاعبون بالعقول) ترجمة عبد السلام رضوان ص(63)-علم المعرفة الكويتية تشرين الأول 1986.
7- نعمه ألعبادي-الرأي العام ودوره في العمل السياسي(ص30).
8- هربرت.أ. ششيللر-(المتلاعبون بالعقول) ترجمة عبد السلام رضوان ص(190)





#حميد_الحريزي (هاشتاغ)       Hameed_Alhorazy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المال وتاثيره على النساء والرجال
- بمناسبة مرور(91) عاما على ثورة اكتوبر ((الاشتراكية)) الروسية
- ((صراع الديّكة))
- نذر سعيده
- متى نستورد الهواء؟؟؟
- (( العدس المفقود والدبس الموعود))
- ((في رمضان ضيعنا العدس))
- (عش السنونو) قصه
- الطبقة العاملة العراقية تختط طريق الخلاص من الفساد والمفسدين
- شكرا لقد وصلت هديتكم لابنائنا الطلبة!!!!!!
- ماي العروس-قصة قصيرة
- انتخابات مجالس ألمحافظات
- ((كفالة المكفول والكلام المعسول))
- إنذار غير مسموع!!!!
- (الصح)في، والصح (حافي)!!!،
- 14 تموز حدث هام في تاريخ الشعب العراقي
- الأول من تموزعيد ميلاد فقراء العراق
- الامل المضاع
- اليسار العراقي وانتخابات مجالس المحافظات القادمة
- قل نعم قبلت وانته حليفي!!!!


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حميد الحريزي - الراي العام