أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - أنا شاعر..إذن أنا موجود














المزيد.....

أنا شاعر..إذن أنا موجود


ثائر العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 2500 - 2008 / 12 / 19 - 04:41
المحور: الادب والفن
    


قد يكون للمسبحة معنى عند العراقي لا يفهمه غيره، ففي الفولكلور العراقي تعد المسبحة عنصرا من العناصر التي تكتمل بها الأناقة فضلا عن استخدامها أداة للتأمل، إذ يضعها الرجل بين البنصر والوسطى ويشرع بزحلقة خرزها بين إصبعيه في دورة لا متناهية. بينما يسرح في أفكاره على إيقاع ذلك الخرز متذكرا أو متفكرا.
و ربما تكون فكرة الدورة اللا متناهية للمسبحة المفتاح السحري لفهم مجموعة السماوي هذه، ولكي تتضح الفكرة عليّ أن أذكرك بنركيب المسبحة، فهي عدد محدد من الخرز المتشابه، عدا خرزة واحدة تكون كبيرة وتتخذ شكلا مخروطيا تقريبا وربما شكل مئذنة، تسمى في اللهجة العراقية (الشاهود) وتنتظم في خيط واحد لتشكل دائرة مغلقة، ولننظر الآن في هذا النص من مسبحة السماوي:

كلّ يذهب في حال سبيله
النهر نحو البحر –
السنابل نحو التنور –
العصفور نحو العش –
االآفك نحو اللعنة –
القلم نحو الورقة –
الصلوات نحو الله –
الوطن نحو الصيارفة –
وقلبي نحوك.

هذا النص الذي جاء تحت رقم (8) في المجموعة، يمثل الصورة النوذجية للمسبحة ببنائه وشكله، فبإمكاننا ملاحظة تعمد الشاعر وضع علامة (-) عند نهاية كل سطر، بحيث لو أعدنا كتابة النص على شكل سطر واحد ستكون هذه العلامة بمثابة الخيط الذي تنتظم فيه الخرزات، وبما أن السطر الأول فقط ينتهي بعلامة (:) والسطر الأخير ينتهي بنقطة، فلو أعدنا كتابة النص على شكل دائرة ستكون نقطة التقاء السطرين الأول والأخير في مقابلة (شاهود) المسبحة.
من المهم هنا أن نلاحظ أن الأسطر كلها عدا الأول تتركب من التركيب اللغوي ذاته:
س نحو ص
وهذا يعكس تشابه الخرز في المسبحة أما السطر الأول فهو رأسها أو (شاهودها).
ومن المهم أيضا أن نلاحظ أن الأشياء تتحرك باتجاه القراءة نفسه:
س تتحرك > نحو ص
غير أن السطر الأول يجمل الحركة كلها بحيث يمكن وضعه نهاية النص أيضا:

كلّ يذهب في حال سبيله

......... –
وقلبي نحوك.
كلّ يذهب في حال سبيله

وهكذا تكتمل صورة حركة الخرز اللا متناهية في المسبحة.
وفي الفولكلور العراقي تتكون المسبحة إما من (33) أو (99) خرزة، عدا خرزة (الشاهود). غير أن ذات الخرز التسع والتسعين ترتبط عادة بمفاهيم صوفية فضلا عن كونها جزء من أناقة المظهر. وهذه هي المسبحة التي اختار السماوي نسج مجموعته على منوالها، فالمجموعة تتكون من تسع وتسعين قطعة، تسبقها صفحة كتبت عليها البسملة حسب، فهي أول ما ينطق به عند التسبيح. ويمكن أن نلاحظ اختيار الشاعر وضع أرقام لقطعه بدلا من العنوانات إمعانا في خلق الشبه بينها كما الخرز.

تعتمد نصوص (مسبحة من خرز الكلمات) أساسا فنيا واحدا في بنائها، وهو خلق طريقة للعد كما هو حال التسبيح، ومن تلك الطرق عدّ الأشياء كما في النص (5):

أكلّ هذه السنين العجاف –
الهجير –
الحرائق –
معسكرات اللجوء –
المنافي -
وقلبي لما يزل
أعمق خضرة
من كل بساتين الدنيا؟

الهجير والحرائق معسكرات اللجوء والمنافي مثال للعد في نصوص المجموعة، ويمكننا ملاحظة حرص الشاعر على وضع علامة (-) عند أواخر المعدودات، فهي رمز خيط المسبحة. وقد يبنى نظام العد على مثال الأحجية الشعبية:

السفينة غرقت؟
لا ذنب للميناء –
إنه ذنبها!
لا ذنب لها –
إنه ذنب المجاديف!
لا ذنب للمجاديف –
إنه ذنب الرأس!
.......

هكذا يستمر النص (17) بتقنية لعد الأشياء عبر بنية تشبه بنية الأحجية الشعبية.
ويتم العدّ أحيانا بتكرار الصيغة النحوية كما في النص (19)

لن يكون بعيدا
اليوم الذي يتآلف فيه:
الخبز مع الجياع –
العشب مع الصحارى –
والحدائق مع العشاق –
.........
من المهم أن نلاحظ حرص الشاعر على وضع علامة (-) بعد كل جملة من جمل المعدودات للتذكير بصورة المسبحة، كما يمكن ملاحظة استخدام النقطتين (:) قبلها للتنبيه إلى عملية العدّ التالية.
هكذا يقدم السماوي مجموعة شعرية بنيت نصوصها بطريقة تكاملية بحيث يكون كل نص جزءا عضويّا من بنية المجموعة في الوقت نفسه الذي يبدو فيه أنه بنية مستقلة.



#ثائر_العذاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقفة مع التراث (1) / البلاغة في الصناعتين
- الرسم بالكلمات
- هكذا كنا... فكيف أصبحنا....
- الفن والتاريخ / حول مسلسل الباشا
- الموت والحياة في شعر محمود درويش
- تقديم لمجموعة القمر المنشور القصصية
- بلند الحيدري وأزمة الإنسان المعاصر
- القافية.. حقيقتها ووظيفتها - القسم الأول
- شعراء الكيس
- قطار محمود درويش الساقط من الخريطة منذ ستين عاما
- مقتل سحر وموهبة ميسون أسدي
- الواقعية الشعرية في النص المفتوح – إشارات أولية / أشرعة الهر ...
- مناحة نبيل ياسين على بلاد الرافدين
- الفضاء الفاعل في نصوص خالدة خليل
- علم الأدب
- في البلاغة الرقمية
- البطولة في الوعي العربي /حول مسلسل (باب الحارة)
- من أجل توضيح التباس القصد في عصر المعرفة الرقمية
- عصر المعرفة الرقمية
- سوق النساء أو ص.ب 26


المزيد.....




- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - أنا شاعر..إذن أنا موجود