|
ازالة الطابع الاسطوري الشرعي عن البنية الايديولوجية الراسمالية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2500 - 2008 / 12 / 19 - 10:05
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ان هالة شرعية الراسمالية العالمية و الليبرالية الملائمة للحياة البشري كنهاية للايديولوجيات اصبحت من الماضي و غير المقنع الان بعد الازمات المتلاحقة و عدم انقاذ نفسها من الوحل الذي وقعت فيها اخيرا الراسمالية كفكر و تطبيق . الشعوب الغربية استغفلوا كثيرا سوى من باب الاستعلاء و كانهم انتصروا على الافكار الاخرى في غفلة من الزمن او اصرارا على ان ماهم سائرون فيه هو الطريق العلمي الحقيقي الصحيح لمسيرة تقدم و تطور البشرية و يتاكدون على ان الليبرالية الراسمالية هي التي تحل ازماتها و تخرج من الدائرة المغلقة بوسائلها النابعة من جوهر مبادئها دون مساعدة من احد، غير مكترثين بصحة افكار و اعتقادات الاخرين و كانهم يعيشون في اوهام و سيعودون الى رشدهم ، هذا هو الغرور بعينه ، لا يعلمون ان الازمات و العوائق التي تجبرهم الى التوقف عن غيهم و النظر الى الوراء ايضا ، الى ان صفعتهم تسليطهم و نظرتهم الاحادية الجانب في عقر دارهم . بعد تفكك الاتحاد السوفيتي ، حاولت امريكا و من معها بشكل مكثف اغراء الاخرين و توجيههم بما تشاء هي دون الالمام بخصوصياتهم هم، و بكل الوسائل المطروحة المتوفرة لديها، كسبت العديد من الشعوب و صمدت اخرى دون ان تنحني و واصلت في تسيير امورها بكل استقلالية رغم تعرضها للضغوطات و المحاربات . يسال الكثيرون و من حاملي المعتقدات اليسارية الحقيقية ،هل بالامكان ارجاع بداية نهاية النظام الراسمالي الى ايلول هذا العام ، اثر الازمة الخطيرة و الكساد المفروض على اقتصاد الدول الراسمالية ، ام هذه تمنيات و تشفي لغليل اعداء الراسمالية المثاليون المصرون على نهاية الراسمالية على ايديها بنفسها . ان التشكيك بالنظام الراسمالي العالمي و بالتنظيرات الليبرالية لم يكن مخططا من قبل احد مسبقا بل لم ياتي بين ليلة و ضحاها ايضا وان كان غير متوقعا ، بعد استخدام مباديء و مذاهب اليسارية كادوات لتدعيم النظام الراسمالي دون خجل اثناء الازمة و من اجل تعبئة الشعوب و ان كان تكتيكا كما يعتقد البعض ، و لكن النزول من الاستعلاء و التحرر من التكبر و الاعتقاد باحقية و اصحية الفكرة و العقيدة و الايديولوجية الواحدة و من جانب واحد و هو الانجاز الحقيقي للعقليات اليسارية الواقعية المؤمنة بالمساواة و العمل من اجل العدالة الاجتماعية التي تفرض نفسها مهما طال الزمن . بعد اتساع الساحة للراسمالية و تفكك الاتحاد السوفيتي اتخذ الفكر و الاراء و النظريات الراسمالية الطابع الاسطوري و عوملت على انها الشرعية بذاتها و ان لم تكن في الجوهر هكذا حقا ، و مما نتج في المقابل الاستياء و التذمر من مجموعة كبيرة من النخبة العالمة و المثقفة التي تفكر بهدوء و تاني و تنظر الى مسيرة الحياة و الافكار بما تفيد الانسانية و كجانب الخير الذي لابد ان ياخذ مجراه و يتحقق. لم تكن تعلم العقلية و الايديولوجية الراسمالية ان الازمات الصغيرة التي مرت بها من قبل يجب ان توضع في سياق ازمة اكثر اتساعا الى ان جاءت الطاقة الكبرى و نسفت العديد من الركائز الاساسية لها و هزت الكيان و العقلية الراسمالية و صدمتها و تاكدت بعد حين انها ازمة شرعية النظام بمجمله و ليست مشكلة عارضة و تحل بين ليلة و ضحاها . فهذه الازمة ليست الا الفشل المتعدد الجوانب للايديولوجية و روح الراسمالية التي اعطيت شرعية اسطورية ، و هذه الازمة عرت ضعف البنية الجوهرية الحقيقية التي استندت عليها الراسمالية ، و كشفت العديد من الادعائات الخيالية على ان الرسمالية سارية متخطية لكل الصعاب في طريقها الى ان اصطدمت بالسد المنيع . فان كانت العقد و الازمات الاقتصادية لا يمكن تغطيتها و تنكشف بسرعة البرق الا ان المشاكل و الازمات الاجتماعية المتعددة الجوانب و النظام الراسمالي يتستر عليها فهي بدورها يمكنها ان تنزع الشرعية عنها ، و عند تعاظم الازمات فتلتقي في نقطة ارتكاز واحدة و تؤثر على المؤسسات العاملة و بدورها تؤثر على مجرى الحياة و هي تفرض اعادة النظر في العقلية والفكر و العمل ، اي يتطلب الانتقال الى مراحل اخرى كامر واقع دون ارادة احد . ان فسرنا الواقع الايديولوجي و الفلسفي لما فيه العالم اليوم بشكل محايد ، نشك في تحديد مضمون اية نظرية عامة اقتصادية او فكرية او اجتماعية و ما سيؤول اليه الوضع و من و ما هو الصح او الحقيقي بشكل قاطع ، لان الانسان لم يعد فقط مخلوقا اقتصاديا او اجتماعيا او روحيا منفصلا عن الاخر او عقلانيا بحتا كما تدعي الاكثرية ، و اية نظرية شان الاخرى لا يمكن الحكم الجازم عليها على انها الاصح و ان كانت هي المهيمنة او واقعية ، بل يمكن قراءة الانسان و المجتمع لجميع جوانبه على انه الكل المجمل و يتصرف وفق دوافع ذاتية خاصة و عامة تفرض نفسها عليه ، و يمكن الاعتماد على تفسير الاتجاهات العامة للتطور البشري في تحليل ما يمكن ان يكون الصحيح تطبيقه و بشكل مرض. و عند التمعن الى ما يدور الان في العالم استنادا الى ما سار عليه التاريخ لا يمكن التنبؤ بما هو الاتي بشكل جازم في المستقبل القريب ، ولكن الملاحظ و يجب ان نتاكد عليه ان التاريخ شاهد ازدهارا في بقع عديدة من دون حرية تذكر او فكر و ايديولوجية معينة ، و اليوم و في هذه الفترة الانتقالية لا يمكن تجميد التاريخ و تسيير الحياة وفق المستجدات و تستقر على ما هو الاصح مستقبلا و ستبان الايديولوجية و العقيدة الانسانية النابعة من رحم الحياة نفسها و لصالح الجميع .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نهاية ال(نهاية التاريخ)
-
معرفة النفس بعد التامل و التركيز في كينونة الحياة
-
تمازج اليات العولمة مع موروثات الفلسفات الشرقية
-
قدرة الحوار المتمدن في تحقيق الأهداف اليسارية و الطبقة الكاد
...
-
هل تنبثق قوى معارضة في اقليم كوردستان؟
-
نظام اقتصادي عالمي جديد هو الحل للازمة الانية
-
ألم يأت دور الشباب بعد تسمين شيوخ العشائر في العراق
-
حان الوقت لاعادة النظر في صفة التكبر لدى امريكا
-
الشفافية و طرد مفتشي مكافحة الفساد في حكومة المالكي
-
تحزٌم بعض المثقفين بحزام العفة المذهبية!!
-
هل الازمة المالية العالمية قوضت العولمة ام حاصرتها ؟
-
هل شخصت روسيا ما فكك الاتحاد السوفيتي لمعالجته او ازالته ؟
-
مهما طال الزمن سيتجه العالم نحوضمان العدالة الاجتماعية
-
هل تقرأ القوى السياسية العراقية استراتيجية امريكا و نظرتها ل
...
-
اليس حجب وسائل الاعلام التقدمية دليل على خوف و تخلف السلطات؟
-
ما هي اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة
...
-
ما اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة؟ (
...
-
اي عراق تريده امريكا و اية سياسة امريكية يريدها العراق
-
جوهر الفلسفة اليسارية الحقيقية لا يتوافق مع الحرب و الارهاب
-
احساس بالمسؤولية تضمن نسبة جيدة من السعادة المشتركة للشعب
المزيد.....
-
نيللي كريم تعيش هذه التجربة للمرة الأولى في الرياض
-
-غير محترم-.. ترامب يهاجم هاريس لغيابها عن عشاء تقليدي للحزب
...
-
أول تأكيد من مسؤول كبير في حماس على مقتل يحيى السنوار
-
مصر.. النيابة تتدخل لوقف حفل زفاف وتكشف تفاصيل عن -العروس-
-
من هي الضابطة آمنة في دبي؟ هذا ما يحمله مستقبل شرطة الإمارات
...
-
حزب الله يعلن إطلاق صواريخ على الجليل.. والجيش الإسرائيلي: ا
...
-
بعد مقتل السنوار.. وزير الدفاع الأمريكي يلفت لـ-فرصة استثنائ
...
-
هرتصوغ ونتنياهو: بعد اغتيال السنوار فتحت نافذة فرص كبيرة
-
الحوثي: الاعتداءات الأمريكية لن تثنينا
-
-نحتاج لمواجهة الحكومة لإعادة الرهائن-
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|