عبدالوهاب حميد رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 2487 - 2008 / 12 / 6 - 11:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
.. المؤشر البارز الذي ظهر في أعقاب موافقة "البرلمان" العراقي على الإتفاقية الأمنية(27 نوفمبر 2008)،
أعطى انطباعاً زائفاً بأن للعراقيين كلمة بشأن مستقبل القوات الأمريكية في البلاد..
جاءت موافقة "البرلمان" بعد أسبوع من موافقة "الوزارة" على الإتفاقية. إن المؤشر الرئيس الذي رافق هذه الموافقة هو الانطباع الزائف بأن حكومة الاحتلال في بغداد- بوزارتها وبرلمانها- لديها القول الفصل بشأن مستقبل القوات الأمريكية المحتلة في العراق. وهذه المسرحية أظهرت مرة أخرى أسلوب التحايل المخادع الذي لعبته الولايات المتحدة القائل كذباً بأن العراق بلد ديمقراطي، يعمل بشكل مستقل ودون إملاءات من القادة الأمريكان في بغداد- السفير الأمريكي Ryan Crocker والجنرال Ray Odierno ، حيث أصدرا تصريحاً مشتركاً بعد تصويت "البرلمان" وصفا الموافقة بأنها خطوة "تؤطر لمشاركة قوية متكافئة بين الولايات المتحدة والعراق."
ليس هناك ما يمكن الاحتفاء به جراء فرض هذه الاتفاقية، لأنها المسرحية ذاتها التي مارستها إدارة بوش والإدارات الأمريكية السابقة لعقود طويلة تجاه بلدان عديدة. ذلك أن "الديمقراطية" المزعومة في العالم الثالث هي مجرد واجهة لتحقيق هدف نهائي محدد دائماً بضمان مصالح (مطامع) الولايات المتحدة وحلفائها.
وما يُثير الانتباه بشكل خاص في حالة العراق هو أن التقارير الصحفية وتحليلات وسائل الإعلام، بعامة، هربت من مناقشة الصفحات الثماني عشرة للإتفاقية وتعاملت معها وكأنها قطعة واحدة تضم عبارات غير قابلة للتأويلات ولا للتفسيرات المتباينة، بل وعوملت بطريقة وكأنها تُلزم الإدارة الأمريكية- الدولة المحتلة التي ضربت عرض الحائط بالقانون الدولي وعلى مدى ثماني سنوات،.
حكومة الولايات المتحدة- التي تصرفت، عموماً، لوحدها في شئون العراق، انتهكت معاهدات جنيف، بل وحتى انتهكت نظمها في مجال القتال والحرب- لماذا تحترم إتفاقية وقعت مع حكومة بلد خاضع لاحتلالها، حكومة تضم عناصر معوقة لا حول لهم ولا قوة تجاه من نصبهم- الإدارة الأمريكية- حتى تمنح العراق الاستقلال والسيادة!؟
مضت فترة أكثر من خمس سنوات منذ الاحتلال الأمريكي للعراق. خلق هذا الاحتلال كارثة مأساوية من تدمير وقتل وتشريد ونقص الخدمات العامة وفوضى وسحق المجتمع المدني بحيث قلبت حياة العراقيين إلى جحيم.. لا شيء تغير سوى الانحدار نحو الأسوأ.
الولايات المتحدة هاجمت العراق من أجل السيطرة على ثروته ذات القيمة الستراتيجية. حاولت إدارة بوش وحلفائها باستمرار إخفاء هذه الحقيقة، مستخدمة كافة وسائل التغطية المضللة والمزيفة والحركات المسرحية التي تشكل الإتفاقية إحدى صورها الواضحة.. لكن الحقيقة تبقى نفسها.. يجب على الولايات المتحدة أن تنسحب كلية من العراق ودون تأخير.. وفي غير ذلك ستستمر المقاومة الوطنية العراقية في مواجهة الاحتلال، وعلى نحو متصاعد، لغاية إجبار الدولة المحتلة على الانسحاب المُذل.
ممممممممممممممممممممممـ
* ترجمة بتصرف.
Iraq s “remarkable” security charade,( Source: AJP), Aljazeera.com, 04/12/2008.
#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟