أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي عبد العال - -حلمٌ غريب لسيدة الوهم الجميل-














المزيد.....

-حلمٌ غريب لسيدة الوهم الجميل-


علي عبد العال

الحوار المتمدن-العدد: 2487 - 2008 / 12 / 6 - 03:54
المحور: الادب والفن
    



"حلمٌ غريب لسيدة الوهم الجميل"
رواية السورية أروى كاسو:
عندما يتحول الواقع إلى أوهام خطرة
علي عبد العال
رواية "حلمٌ غريب لسيدة الوهم الجميل" للروائية السورية المقيمة في أمريكا أروى كاسو والصادرة عن دار "التكوين" بدمشق هذا العام 2008 تخوض في مضمار خاص جدا من النوازع البشرية التي تبلغ من التشابك والتعقيد بحيث تصبح مهمة رصدها، ومن ثم الكتابة عنها في عمل أدبي، وبالأخص روائي، من المهمات العسيرة. أروى كاسو خاضت في بحر غامض من بحار النفس البشرية العميقة، وقادت قارب شخصياتها المتدهورة نفسيا والضائعة جغرافيا نحو بر الأمان. ليس الأمان بمعنى السلامة، وإنما بمعنى الوصول إلى النهاية المحتومة، نهاية الأحداث التراجيدية المعقولة وأن كانت غير معقولة.

امرأة تحب الوهم المجهول

تحكي الرواية قصة امرأة من الشرق ترتبط بزوج من بلدها يعيش في أمريكا منذ الطفولة. هذا الرجل أحرز نجاحا باهرا في أمريكا وصار من كبار رجال الأعمال وشخصية هامة في المجتمع الأمريكي. رجل ثلاثيني مهندس بارز في واحدة من كبريات الشركات الأمريكية، لامع وجريء ووسيم. يأتي في زيارة لبلده الأصل، وهنا لم يتم تحديد البلد بالاسم، لكن القارئ يستشف أنه يقع في منطقة الشرق الأوسط وعلى ضفاف البحر الأبيض المتوسط، فيمكن أن يكون لبنان أو سوريا أو تركيا أو فلسطين. هذا التخطيط الجيد في عدم البوح بالمكان والجغرافيا منح العمل الروائي نكهة إنسانية عالمية انطوت على الصدق كون العمل والأحداث إنما تحمي أشخاصا حقيقيين بالوقت الذي حولتهم ببراعة إلى أشخاص شبه وهميين. هذه المعادلة نجحت بصياغتها وصقلها الروائية أروى كاسو لدرجة يصبح القارئ متيقنا أنه يقرأ ويشاهد أشخاصا واقعيين وهم بالقدر نفسه أشخاص من صنع الخيال. هذا التداخل الجميل الذي يحدثه مستوى القص والروي بنجاح يجعل القارئ مجبرا على الاستمرار بكشف معالم النص عن طريق مواصلة القراءة بتأن وشغف، فضلا عن الاستمتاع بملاحقة الأحداث الجارية لمعرفة النهاية والمصير المرسوم لهذه الثلة من الشخوص التي تكتظ بها الرواية. المصير الشخصي يقود هذا الرجل اللامع للتعرف على فتاة جذابة من أسرة أرستقراطية خبا نجمها بعض الشيء لكن أفراد الأسرة بقوا متشبثين بقيمهم وعزة أنفسهم.
نشعر بمقدار التزمت الاجتماعي الصارم الذي يحكم هذه المنظومة الاجتماعية المتميزة والنافذة في المجتمع. وكذلك يمكننا من خلال الروي والأحداث التي تجري في الرواية متابعة انحسار نفوذ تلك الأسرة التي تنتمي إليها الفتاة بطلة الرواية "إيفان" وتدهور وضعها المادي والاجتماعي حتى يصبح مشروع الاقتران بشاب مغترب ثري، فضلا عن كونه ينتمي هو الآخر إلى أسرة عريقة سابقة الأمجاد من نفس المنطقة، تعيد لهم الأمجاد الآفلة، إن لم تكن تحفظ كرامتهم بطريقة حقيقية على أقل تقدير.
يتم الزواج بين إيفان والمهندس الناجح "فريد"، وتنتقل إيفان للعيش مع زوجها في أمريكا. وفي الوقت الذي تقود حركة المجتمع الحيوية والصاخبة والسريعة الإيقاع الفتاة إيفان إلى وديان أخرى ومناطق أخرى من المجتمع. فهذه الفتاة أصبحت "يسارية" في بلدها بمعنى من المعاني. إذ رافقت أثناء دراستها الجامعية أصدقاءً يساريين. وعلى الرغم من الفوارق الاجتماعية التي تبعدها عن هذا العالم الملغوم بالأخطار، كونها فتاة منحدرة من أسرة برجوازية، نجدها تخوض في خضّم الشلل اليسارية ولو بالشكل السري البعيد عن معرفة عائلتها، وعبر صديقتها المقرية "هيلين"، نجدها تدخل في عالم آخر؛ عالم ثوري واقعي بسيط وجميل يقوم على الأحلام أكثر مما يقوم على أسس الواقع المرير. شباب يريدون تحرير العالم من الاضطهاد عن طريق الثورة. هنا تتعرف "إيفان" الشخصية الرئيسية في الرواية على شخصية الثائر الشهير "تشي غيفارا". وتنطبع في مخيلتها صورة هذا الثائر الجميل.
هذه الصورة الشهيرة لتشي غيفارا سوف تستقر في روح ووجدان الفتاة إيفان كأيقونة مقدسة ولا تغادرها في الواقع اليومي الجديد الذي تعيشه في أمريكا كزوجة شابة جديدة؛ بعد حين، وفي أمريكا، ترى رجلا يشبه الثائر الكبير تشي غيفارا. وهو معلم رزين يعمل في مدرسة أهلية راقية تلتحق فيها طفلة إيفان الصغيرة. ثم تقع بحالة هي مزيج من الواقع والفنتازيا بحب هذا الرجل الذي تتخيله الثائر تشي غيفارا بلحمه ودمه، حتى أخذت بالشك بأن تشي غيفارا لم يلقى مصرعه المأساوي قبل أكثر من ثلاثين عاما. هذا الغيفارا الجديد هو رجل أمريكي من أصل إيطالي أسمه جولياني.
تتشعب الرواية في متاهات واقعية إلى حيث المتاهة الكبرى، الوله بهذا الكائن الذي يرمز إلى المقدس في روحها، ومتاهة الخوف من خيانتها لمشاعر الحب التي تفيض في روح زوجها الكريم والأصيل، لتبدأ رحلة العذاب والتخبط في هذا الموج المتلاطم من المشاعر الغامضة. هنا تبزغ في الرواية شخصية مرافقة تحاول سد الثغرات في حياة صديقتها المقربة. هي "ليلى" الأقرب إلى إيفان من باقي الناس. ليلى التي هي "هيلين" الجديدة، تلعب دورا محوريا في الرواية، وأحيانا تكون هي الراوي بحكم الصداقة والقرب من الأحداث.
أروى كاسو تصوغ الأحداث والشخصيات وكأننا نعرفها، ثم تقودنا للتفاعل معها بما تستحقه من الصدق والتسامح. "الوهم الجميل" بحب شخصية شهيرة وثورية وما يترتب عليه من ألم، عند لحظة الاكتشاف الواقعية، أن هذا الواقع "محض خيال". خيال كاد أن يعصف باركان أسرة مستقرة ويلقيها في أتون نار الجحيم النفسي.
عالم الرواية يتنقل بين مناطق روحية وجغرافية تكشف لنا الكثير من المفاهيم والمعالم الجديدة. من أمريكا إلى أوروبا، إلى الشرق الأوسط، إلى كوبا، عوالم مربوطة بخيوط تنسجها امرأة تقتفي الأحداث بطريقة تشبه عملية "الإنقاذ" إنقاذ ما يمكن إنقاذه من حطام الناس والشخصيات المتهالكة، تلك التي تقع على شفير الهاوية.
أروى كاسو كشفت في روايتها "حلمٌ غريب لسيدة الوهم الجميل" عن عالم روحي وواقعي مغّيب في الأدب العربي المعاصر. إنها رواية جديرة بالقراءة وجديرة بالاحتفاء.



#علي_عبد_العال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الرحمن القصاب في ذكرى رحيله الثامنة... وطني عراقي بالأصل ...


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي عبد العال - -حلمٌ غريب لسيدة الوهم الجميل-