رواء الجصاني
الحوار المتمدن-العدد: 2486 - 2008 / 12 / 5 - 09:27
المحور:
الادب والفن
كما يؤرخ السياسيون والباحثون للوقائع والأحداث وفق مناهجهم وطرائقهم، يوثق الشعراء ابداعاً وقصائد عن ذات الوقائع وتلكم الأحداث، باستلهام حلوها ومرّها وبمخاطبةالأحاسيس، والوجدان والمشاعر... وعلى ذلك المنحى كان عطاء الجواهري العظيم يخبّ طوال ثلاثة عقود في براغ... ثم ليودع التاريخ نيرات تزداد بهاء كلما قُدم العهد بها... وهاكم نفحات لا أكثر، ولمحات لا أزيدَ، عن بعض ذلك التراث الانساني:
- تشيكياً: أبدع الشاعر لبراغ، المدينة التي "اطالت الشوط من عمره"، وظل حائراً هائماً بها وجميلاتها وطبيعتها: "أعلى الحسن ازدهاءً وقعت، أم عليها الحسن زهواً وقعا"، مؤرخاً لها، وعنها، في خمس عشرة قصيدة تفيض بالحب والوفاء.
- عراقياً: ناجى الجواهري من ضفاف "فلتافا"، "دجلة الخير" عام 1962... ووثق بالشعر مآسي شباط الدامية عام 1963، حين كان رئيساً للجنة الدفاع عن شعب العراق، ومقرها براغ... ومن ذات العاصمة – الحضارة، مجّد كل طريق سلام وتوجه اخاء، لتقدم وازدهار بلاده، متصدياً في آن للعسف والاضطهاد على مدى سنوات وسنوات...
- وعربياً: بقي الجواهري في براغ يتابع أحداث الأمة، ويشارك في أفراحها وأتراحها... ففيها أرّخ للحرب العربية – الاسرائيلية عام 1967... ومنها توجه إلى القاهرة مشاركاً في السنوية الأولى لرحيل زعيم مصر عام 1971... كما "سرت به الريح في مهر بلا رسن" من براغ الى اليمن عام 1981 وكذلك الحال إلى المغرب وتونس ولبنان وليبيا والجزائر والخليج حتى العام 1991، ملبياً دعوات زعامات سياسية، أو مشاركاً في مهرجانات ومؤتمرات ثقافية بارزة... ليستقر به المطاف ضيافة، ثم رحيلاً في الشام عام 1997...
- وعالمياً: صدح الجواهري في مهرجانات ومناسبات السلام والمحبة والتضامن العالمية في عواصم ومدن عديدة مثل موسكو وبرلين وصوفيا وميونيخ ووارسو وأثينا، منطلقاً إليها من براغ، على مدى ربع قرن... وليغنى خلالها كل بشر الدنيا، فقد أحب "الناس كلّ الناس... من أظلم كالفحم، ومن أشرق كالماس" على حد زعمه المثبت شعراً...
... وهكذا اذن نوشك أن نختم، وما اسطعنا إلا تأشير عناوينَ وحسب، لاستذكار ما حفلت به بعض فرائد الشاعر العظيم، ومحطات في مسيرته الطموح، وليبقى الزمن شاهداً على ما كتبه في براغ، من توثيق لوقائع صميمية متميزة... وليبقى رمزاً عربياً، ثقافياً على الأقل، في تاريخ ومسارات تبادل الحضارات، وتقاربها، والتي كان الجواهري ســباقاً إليها طيلة حياته الزاخرة بالتنوير، وعلى مدى قرن ٍ من الزمان...
ــــــــــــ
* مداخلة موجزة ألقيت في احتفاء مهيب نُظم أخيراً في براغ بمناسبة
الذكرى الخمسين لانطلاقة العلاقات الدبلوماسية العراقية - التشيكية.
#رواء_الجصاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟