أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد عوني - فيروز أيقونة الأمة














المزيد.....

فيروز أيقونة الأمة


وليد عوني

الحوار المتمدن-العدد: 2469 - 2008 / 11 / 18 - 08:22
المحور: الادب والفن
    


وليد عوني
الرجل الذي يمشي عند النحات ( جيوكومثي ) له كل قوته المندفعة إلى الأمام على الرغم من نحافة جسمه .. وتلك هي فيروز .. المرأة التي تمشي بكل قوة إلى الأمام .. نحو الجمهور لتصبح أمامه وتحني رأسها متبتلة كما لو كانت تؤدى صلاة .. يبدو وجهها فيها كوجوه جميع "العذراوات" اللواتي رسمهن "رافايل" .. إنها الموديل الحي الجامد الصامت الذي يغرى جموده وشموخه الهادئ أكبر فناني العالم لرسمها ونحتها.. تلك اللحظات التي يتوقف فيها عامل الزمن كساعة (سلفادور دالي ) التي تذوب على غصن شجرة أو تخيّم كظل غاط على (درج بعلبك) .
في لحظات يخيل إليك أنها تسبح في مساحات لوحات ورسومات جداريات ( مارك شاجال) حيث وجهها يتقمص بهدوء لوحة ( فافا )1955 حيث الحزن يخرج من العينين كالنور؛ وينطفئ على أقرب أفق.
( فيروز) لا تنظر إلى الجمهور؛ بل تبحث عن نقطة جامدة في الهواء ، عن نقطة ماء جامدة مع الزمن ، طائرة في شفافية الهواء .. ومن حين لآخر تغمض جفنيها وكأنها ستنام ، وتعود فتستيقظ على جملة تنتهي فجأة.
لو رآها( ليوناردو دافنشي ) بدون ابتسامة ( الجيوكانده ) .. فيروز لا تعرف كيف يكون الابتسام ، بل يخيل إلينا أن لها ابتسامة لا تتبدّى لأحد إلا حالة عدم رغبتها في الابتسام .. علي شفتيها قناعة ما ؛ تسكن فيها أسرار ابتسامات ( مريم العذراء) كما يراها ( بوتتشيللي ) أو ( كرافادجيو) . المرأة التي تمشي ولكنها تقف لكي تقف ؛ قبل أن ينقطع نفسها ؛ وتحني رأسها تحية خشوع . على كتفها فيصرخ ( بيكاسو) ليرى فيها المكعبات لوجوه نسائية للواتي أحبهن في والدته بدءا من( سوزانا بلوشي) حتى ( جاكلين روك ) و (سلفث دافيد) وغيرهن.
وتبقى هي .. هي فيروز.. لكي تقول لجميع فناني العالم .. أنا ( فيروز) ارسموني انحتوني .. صوروني.
عندما يرسم( دانتي ) : ( جابريل روسيتي) موديلاته يأخذ وجها واحدا وجسما واحدا ويجعلها في جميع مواضيعه ..لكنه لو رأى ( فيروز) لصعب عليه القيام بمثل ذلك ؛ لأن وجه فيروز هو الموضوع نفسه .
وجه فيروز كما لو كان منحوتا في الرخام والخشب ؛ في الحجر؛ في تراب الأرض .. في الكريستال وفي الثلج . ليس له ملمس ولكن له طعم الهواء .
منذ بدأت أرسم الوجوه ؛ كان وجه ( جبران ) هو أول وجه رسمته . وكان آخر ما رسمت من وجوه هو وجه ( فيروز) رسمته مئات المرات ثم توقفت عن رسم بورتريهات دون أن أعرف السبب ..
لقد أغناني وجهها عن رسم كل الوجوه ؛ ربما لأنه يحمل العديد من أنواع من الأحزان ، في وجهها صمت الرخام ، وخشوع الأيقونات وثورة الميثولوجيات اليونانية والرومانية ، في وجهها تختبئ شخصيتها . في وجهها تختبئ (فيدرا) أو (أنتيجون ) أو( زوجة ماكبث ).. وفي وجهها جلال ( كاميلوت ) وحيرة (هاملت).
وجهها .. يمكن أن يكون أسهل وجه للرسم ، ولكنه أصعب وجه يمكن أن تملكه لأنه وجه ( آلهة جمود الروح ) تلك التي تسكن في جسمها الواقف تماثيل ( مايكل أنجلو) و(أوجست رودان) .
حيث أنها في النهاية حين ترفع يدها تصبح وكأنها ( ايزادورا دانكن ) ترقص متحررة :
" فيها حزن مريم العذراء حين أنزلوا إبنها يسوع من على الصليب "
( فيروز) وحدها هي التي يمكنها أن تقول لك بملء فم الشرق كله ( أنا فيروز) .. وحدها التي يمكنها أن تقف وظهرها للجمهور؛ وكأن الثورات قالت لها : ( لا تنظري إلى الوراء لكي لا تتحولي إلى تمثال) ..
إنها تمثال صارخ ؛ ركع رخام ( كاريرا ) أمامها . ( فيروز) تلك هي التي تغوص في عمق وجهها المتقطع ؛ فلا تعرف أن ترسمها أو تنحتها .. هذه الخدود العميقة .. وهذا الذقن الطويل ..ٍ وهذى العيون العميقة التي رسمها " كوستاف كلمث " لا لتنظر إليك بل لتنظر حولك.
ما السبيل آلهة الفنون لرسمها ..( فيروز) ؟!! فلا لقلم جرأة يخط خطا ؛ ولا ذوبان للألوان . أما حياء بيض أوراق الفنون فلمسها حرم علي فرشاة رسام. إن لامستها ريشة الرسام ترسمها تزداد إشعاعا يزيد بياضها .
هي جوهر يكفي لتصويره .. خطا بريشة ربات الفنون السبع . فالجسم خطا واحدا متفرّدا ؛ والوجه نقطة تعبير عن هوية اسمها( فيروز ) .. فبقدر ما تكون ملامح وجهها قديمة كلاسية ؛ بقدر ما تكون أصالة التجريد و الإبهام عن (براك).
في بعلبك عندما ظهرت من بعد عشرين السنين غيابا بملابس بيضاء ناصعة صرخت جموع الناس : " يا عذراء"
فيا عجبا .. فلم في حضنها " يسوع !! "
رأيتها في اللامكان وفي كل الأماكن وفي الكنائس كلها رأيتها ؛ فيروز تطرد الزمن .. فكأنه مر بها ولم يمر. والعمر كالعشب ينسال علويا علي حوائط الزمن. فيروز كاهنة الهيكل ؛ فيروز كاهنة الأجيال ؛ فيروز لا تشيخ ؛ فيروز لا تعتق ؛ أيقونة الأصوات والأرواح يا فيروز؛ وربة البهاء علي أيقونات عالمنا.



#وليد_عوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد عوني - فيروز أيقونة الأمة