|
جوهر الفلسفة اليسارية الحقيقية لا يتوافق مع الحرب و الارهاب
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2467 - 2008 / 11 / 16 - 10:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان اردنا تعريف اليسارية الحقيقية التي يمكن ان تنبثق على ارض الواقع و تكون لها ركائز علمية تضمن استمراريتها و ديمومتها استنادا على التفاعل الذاتي مع ضرورتها و تقدمها ،نقول انها مفهوم يتضمن افكار و مناهج و فبسفة علمية دقيقة تتبنى على اساس العمل و المصالح المشتركة و اتباع الالية التي تتناسب مع الواقع من اجل الاهداف النبيلة الكبرى في سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة و التقدم و تكافوؤ الفرص لجميع افراد المجتمع لكافة الاغراض في ارضية ملائمة و مجتازة او منهية لمراحل ماقبل اليسارية بشكل سلمي و طبيعي، و تزكى اليسارية الواقعية من تلقاء ذاتها بين جميع الافكار و الفلسفات الاخرى. لو القينا نظرة فاحصة على مضمون الفلسفة اليسارية تتوضح لدينا انها تعبٍر عن نفسها بشكل سلس و سهل عند اكتمال المراحل الاجتماعية بما تضمنها من الثقافة و السياسة و الاقتصاد و الايديولوجيا الخاصة بها ، و يمكن تطبيقها بسهولة بالغة ، الا ان المصالح الشخصية لحاملي الفكر اليساري ربما يكونوا غير ملمين بالتفاصيل و لا يسيرو عليها بما هو مطلوب استنادا على فهم الفكر و الفلسفة ذاتها او بسبب خطا في السياسة او التعبير او انحراف او احدار للخط الرئيسي العام للفكر و الفلسفة اليسارية الواقعية او المبالغة فيها ،سنرى اليسارية المشوهة شكلا و جوهرا . ان ما نقصده بالارضية هو اكتمال البنى التحتية و نضج فهم محتوى النظرية و الفكر من كافة الجوانب و اولاها هي ضمان المسيرة التقدمية و وصول المجتمع الى مرحلة التمدن و الحداثة بحيث يمكن الانتقال بيسر و سهولة الى المرحلة اليسارية ، فلا يمكن القيام بثورة اشتراكية او يسارية بيضاء في مضارب و خيم البدو.و يجب توضيح مواقف اليسار في الواقع الاجتماعي الشرقي من الدين والقومية و حق تقرير المصير للشعوب و النظرة الى الحياة و القوانين و السياسة العامة و الديموقراطية و الدكتاتورية و مفاهيم اخرى. بعد ان تتوضح الاراء و المواقف من الدين و الاحزمة الناسفة و الشوفينية القومية المقيتة و الدكتاتورية مهما كانت اشكالها و دمويتها ، بشكل واضح و واقعي و سهل بحيث تفهمها كافة مكونات الشعب كخطوة اولى لبناء الاعمدة الاساسية و توفير الارضية الملائمة لليساريةالواقعية ، و الاعتبار من الاخطاء السابقة التي اقترفت في الثورات والتطبيقات التاريخية السابقة للافكار و الفلسفات ، يمكن تحديد اطر و مساحة تطبيق اليسارية الواقعية. الاعتبار من التاريخ و الاستفادة منه يفرض علينا الاعتماد على الاعتدال من النظر الى الدين و تفصيلاته الى ان يتلاشى موجباته من تلقاء نفسه و يتفهم الجميع ما منبع و مصدر الاديان بكافة انواعها ، و يجب السير على خصوصية هذا الموضوع و ربطه باهتمامات الفرد و حريته و تكامله العقلي و الفكري الفلسفي، و من الاحسن عدم الخوض في التفاصيل في الارضية المشابهة للشرق ، لكونه يثير مشاعر العديد من الفئات و التي يصر عليها الافكار المثالية مستغلين العادات و التقاليد و الواقع المتخلف الكبير نسبيا لابعاد اكبر عدد ممكن من عوام الشعب عن الفلسفة اليسارية ، و عملية التطور و التقدم الاجتماعي كفيل باجتثاث الافكار و المعتقدات البالية و الشغوذة و المثاليات من جوهر الفكر البشري ، و العلمية و الدقة في العمل تفرض علينا عدم النظر الى اليسارية كانها مثاليه روحية مقابل الدين ، و يجب التوضيح على انها افكار و نظريات و فلسفات و حاملوها ليسوا بمعصومين و انما هم بشر و يمكن ان يخطئوا عند تطبيق هذه الافكار و النظريات و كما قال لينين؛ ان الروليتاريا لن تصبح قدسية بمجرد قيامها بالثورة و لن تكون معصومة من الاخطاء. اليسارية يجب ان تكون قائمة على اعمدة و ركائز تمنحها الاستمرارية و الديمومة و المقاومة و انتهاج طريقة واقعية سليمة و يج ان تتصف بالحماس والنجاح و عدم التلكوء في المسيرة الطويلة المستمرة . و على حاملي الفكر اليسارري تقييم الواقع المراد العمل عليه و ان يقيٌموا البنى التحتية و الفوقية على حد سواء و يحددوا المرحلة الثقافية الاقتصادية الاجتماعية التي يعيش فيها المجتمع المقصود ، و يجب التحسب للمرحلة الانتقالية الضرورية في الانتقال من مرحلة لاخرى و كما يقول ماركس؛ بين المجتمع الراسمالي و المجتمع الشيوعي تقع مرحلة تحول المجتمع الراسمالي تحولا ثوريا الى المجتمع الشيوعي ، و تناسبها مرحلة انتقالية سياسية. اي المرحلة الانتقالية السياسية هي المقصود الحصول عليها و نضوجها قبل التحول و من الاضمن ة الاحسن ان تكون مرحلة سلمية بعيدة عن الاستبداد و القمع. ام النظر الى القومية و حق تقرير المصير للشعوب ،فهو من المواضيع الحساسة التي من الواجب التعامل معها بفهم عميق و تحسب و قراءة متأنية لمستوى المجتمع و تفكيره و تقدمه و سلًم تقدمه في النظر الى الاخر بعيدا عن ديانته و قوميته و شكله ، و اليسارية كفلسفة تعطي حقا كاملا للشعوب في تقرير مصيرها بشكل سلمي و سلس على الرغم من اهمال هذا الجانب من قبل منظري و مفكري اليسارية،بحيث لم نشاهد تطبيق هذا الحق في عهد لينين باستثناء حالة واحدة التي اقرها بمحض ارادته هو اقرار تقرير مصير فنلندا في الاستقلال ، و لم نشاهد حالات اخرى في مسيرة اليسار التي كانت في اوج تقدمها و سيطرتها على جزء كبير من العالم، بل نعلن صراحة هنا بانه كان هناك كتم لانفاس شعوب اخرى طالبت بنفس الحقوق ابان حكم التحاد السوفيتي و ساوم القدة اليساريون في كثير من الاحيان سياسيا امام هذا المطلب لجهات اخرى من اجل عدم تحقيقه ، اي اليسارية الواقعية التي يمكن ان تدعمه الشعوب على الارض يمكن ان تنظر الى الفكر كهدف سامي و طبيعي على انه من المواضيع التي تقره الفلسفة اليسارية الحقيقية بعيدا عن السياسات و مثالبها . اما من الجانب الهام الذي يخص اليسارية نفسها و هو الديموقراطية و مضامينها وتطبيقاتها ،لابد ان تفسر و تحلل بشكل واسع و هو العمل واجب التطبيق لتحقيق الحرية و اهداف المجتمع و هو الضامن للسلام و الامان و طريقة لضمان العدالة الاجتماعية و احترام القانون بعيدا عن القمع و الاستبداد . مما سبق يستوضح لدينا بان اليسارية الواقعية الحقيقية من خلال نظرتها العلمية الى الدين و القومية و الديموقراطية و الدكتاتورية ، و اعتمادها على الركائز المدنية التقدمية المتوفرة على ارض الواقع ستجعلها ان تنمو و تزدهر في واقع سلمي ، و هي الفلسفة التي يمكن ان يتبعها المجتمع و يزكيها الواقعلكونها معتدلة و هي ضد الحرب و الارهاب دائما و ضامن لتطور المراحل الاجتماعية من الراسمالية الى اليسارية و من ثم تقدمها في ساحة متميزة بالتمدن و نضوج المرحلة الاجتماعية . و في المقابل ان الراسمالية و في كافة مراحلها مرتبطة بشكل وثيق بالحروب و مآسيها نظرا للآلية التي تسير عليها في سياساتها و بالاخص اقتصادها و ما تحتاجها من استثمارات عسكرية بحتة التي لا يمكن ان تسمى بالاستثمارارت البيضاء بل من الضروريات التي تدفع الاثرياء اصحاب الشركات الكبرى التي تستند عليها النظام الراسمالي العالمي و هي من اهم مرتكزاته ، و التي تحاول صرف منتوجاتها من اجل البح بعيدا عن اي مبدا يمت بصلة ولو صغيرة بالانسانية ، اي ان مسببات الحرب و الارهاب مرتبطة بشكل وثيق بالراسمالية و الفروقات الطبقية الكبرى و انتشار الفقر و استغلال الانسان ، و لذلك يجب ان نعلم جميعا ان جوهر اليسارية الحقيقية الواقعية انسانية حتى النخاع في الفكر و التطبيق، و النضال ضد الحروب و الارهاب مرتبط بشكل وثيق مع الكفاح و الصراع السلمي ضد الراسمالية التي نتجت الامبريالية و هي في مراحلها الاخيرة و ان طالت و التي تتمثل بالشركات الكبرى المحتكرة المستغلة لانسان عن طريق انتاج السلاح الاكثر و اللامساواة و انعدام العدالة الاجتماعية و اتساع الفروقات و المساحة بين الفقير والغثري.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احساس بالمسؤولية تضمن نسبة جيدة من السعادة المشتركة للشعب
-
هل مستقبل و نوع الدولة العراقية معلوم لدينا ؟!
-
الايحاء بمجيء شبح الموت للسلطة العراقية عند استفحال كل ازمة
-
ماذا تجني الدولة الليبية من زيارة القذافي لمنطقة قوقاز
-
ادعاء وجود لامركزية دكتاتورية تبرير لتجسيد و ترسيخ المركزية
...
-
هل اوباما غورباتشوف امريكا القادم ام ...........؟
-
الواقع الاجتماعي المتخلف سبب لتفشي مايسمى بجرائم الشرف
-
الصمت الخانق للمثقفين المرتبطين بالقوى المحافظة في العراق اي
...
-
ضمان حرية الفرد نتاج النظام السياسي و الثقافي المترسخ في الب
...
-
نبحث عن اي نظام سياسي في العراق؟
-
قانون الاحوال الشخصية و حقوق المراة في كوردستان العراق
-
ضعف القوى اليسارية في الشرق الاوسط
-
ما بين الثقافة و السياسة في العراق
-
تهجير المسيحيين في هذا الوقت لمصلحة من؟
-
كان الدكتاتور عادلا في ظلمه لكوردستان و الاهوار معا
-
حان الوقت المناسب لاستنهاض اليساريين في الشرق الاوسط (2)
-
حان الوقت المناسب لاستنهاض اليساريين في الشرق الاوسط
-
عدم انبثاق مجموعات الضغط لحد الان في العراق !!
-
اية ديموقراطية تحل الازمات في العراق؟
-
لو كنت امريكيا لمن كنت اصوت؟
المزيد.....
-
ما الطريقة الصحيحة لاستخدام الشوكة والسكين أثناء تناول الطعا
...
-
مصر.. القوات البحرية تنقذ 3 سائحين بريطانيين بعد فقدانهم خلا
...
-
لماذا تريد أوكرانيا ضرب العمق الروسي باستخدام صواريخ غربية ب
...
-
فون دير لايين تكشف عن أعضاء المفوضية الأوروبية الجديدة
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لقتلى قوات كييف في كورسك
-
المجر تكشف كيف تحمي مصر أوروبا
-
الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 3 عناصر في -حزب الله- (فيديو)
-
-حماس- تدين بأشد العبارات قصف إسرائيل لمربع سكني مكتظ شرق مخ
...
-
بفيديوهات جنسية.. ضجة في العراق وتحرك أمني إثر ابتزاز شبكات
...
-
روسيا.. إطلاق أقمار صناعية للأغراض العسكرية
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|