أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض الأسدي - أوباما: سراب العرب الأخير















المزيد.....

أوباما: سراب العرب الأخير


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 2467 - 2008 / 11 / 16 - 10:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما رفضت روزا باركس المرأة الأميركية السوداء لأول مرة 1913- 2005 ترك مقعدها في باص عام لرجل ابيض, لم تكن تعرف أنها قد سجلت نقطة البداية لنهاية النظام العنصري في الولايات المتحدة فقد كان ذلك النظام ضاربا جذوره في المجتمع والمؤسسة السياسية الأميركيتين على نحو يصعب تخيل اقتلاعه في وقت قصير. من هنا فقد جاءت رؤية مارتن لوثر كنغ القس والداعية الأسود للحقوق المدنية حلميه دائما. فلم تكن روزا قادرة وقتئذ على تصور أن يكون ثمة رئيس اسود للولايات المتحدة, لكنها بالتأكيد كانت قد دقت أول مسمار في نعش العنصرية البغيض منذ رسو أول سفينة may flower في منتصف القرن السادس عشر على الشواطئ الأميركية وهي تحمل العبيد الذين تحتاجهم مزارع القطن في العالم الجديد.
لا احد يمكنه في هذا الوقت أن ينسى تضحيات وعذابات السود في وطن الديمقراطية على يد (الكوكلاس كلان) تلك الجماعات العنصرية التي كانت تحرق العبيد على مدى عقود من السنين بلا رحمة لأنهم من العرق الأسود فقط. كما أن الحرب الأهلية الأميركية بين الشمال (اليانكي) الصناعي والجنوب الزراعي هي وجه أخر لحرية العبيد في الولايات المتحدة. ولم تستطع المسيحية بكل إعلاناتها عن الإخوة الإنسانية والسلام أن تحول دون قيام تلك الجرائم الشنيعة وكل ما استطاعت أن تقوم به: بناء كنائس للسود وكنائس للبيض. هكذا هو العالم الذي بني على العنت والقسوة في أميركا.
وكان القس جيسي جاكسون السياسي الأسود قد رشح نفسه للرئاسة من قبل, لكنه لم يحظ بالتأييد الكافي من البيض ومركّبهم الصناعي العسكري. وحاول ذلك القس العنيد من خلال المثل الدينية المسيحية تارة والتقرب من السود تارة أخرى, أن ينتقد من حيث أراد انتقاده وأن يذكر بالجرائم ضد السود ؛ لكن هذا الأمر لم يكن كافيا لإقناع البيض في أن يكون جاكسون رئيسا للولايات المتحدة. قال المرشح السابق للرئاسة الأميركية: " إن أوباما ليس أسود بشكل كاف عندما يتحدث عن قضايا السود" وعندما أطلق هذه الجملة كان يقصد الانتقاص من تأثير ترشيح أوباما للرئاسة الأمريكية على وضع السود في الولايات المتحدة، لكنه في الحقيقة لا يعرف أن هذا الرجل قد جاز المرحلة، وبدأ بناء مستقبل مشرق للسود؛ ولذلك فقد ذرف ما يكفي من الدموع بعد إعلان انتصار الرئيس اوباما, بعد أن ركزت الكاميرات على دموعه وكتم شهقاته المتواصلة.
جاء أوباما متجاوزاً مرحلة مارتن لوثر كنج واليجا محمد ومالكوم إكس وغيرهم من الزعماء السود المسلمين الذين شكل لون البشرة بالنسبة لهم نقطة ارتكاز بدؤوا منها كفاحهم ونضالهم العنيد لتطهير الوجدان الأمريكي من شائبة العنصرية والتمييز العرقي. ومن يتتبع خطب ومناظرات أوباما في حملته الانتخابية يدرك جيداً أن عدم حديثه عن اضطهاد السود في أميركا هو في الحقيقة انتصارا لهم وليس خذلانا لهم؛ فتجاهله للمشكلة السوداء في أميركا يعني أنه تجاوز المرحلة الداعية للمساواة, على اعتبار أن المساواة قد تحققت فعلاً. وها قد تحقق الحلم أخيرا وجاء إلى البيت الأبيض رئيس أسود على الأغلبية البيضاء الأنجلوساكسونية البروتستانتية ( WASP) ؛ فما الذي يمكن أن يحدث على أرض الواقع من تغييرات فعلية بعد أن كان شعار اوباما طوال حملته الانتخابية: التغيير change؟
كانت حملة الرئيس المنتخب باراك أوباما تسير على خطى حلم مارتن لوثر كنغ داعية الحقوق المدنية الذي اغتيل عام 1964 من متطرف أبيض. وكان حلم الأخير بوصول رئيس أسود إلى البيت الأبيض هو الصوت الذي راود لوثر كنغ قبيل اغتياله أيضا, ولذلك فقد استغلت الحملة الدعائية للرئيس اوباما – وهي من أكثر الحملات الدعائية كلفة في تاريخ الانتخابات الأميركية على الإطلاق- هذه الناحية على نطاق غير مباشر. وبرغم إن اوباما لم يستخدم مسألة اللون في حملته الانتخابية ولا أصله الأفريقي (الكيني) على نطاق واسع, إلا أن تغيير موقف راعي كنيسته حيث يخضع راعي الكنيسة التي ينتمي إليها المرشح الديمقراطي الرئاسي باراك أوباما إلى المزيد من التدقيق والمراقبة منذ إعلان السيناتور عن ولاية إيلينوي باراك اوباما والرئيس المنتخب حاليا عن رغبته في توضيح موقفه ولذلك فقد شدد اوباما: إن كنيسته ليست مثيرة للجدل، وما هي بمتطرفة لصالح السود وهو قد رفع التطرف الأسود من قاموسه كما يتوجب على جميع البيض فعل ذلك: تلك هي أسرار مفتاح فوز اوباما بالرئاسة على نطاق كبير. وهكذا يكون نزع كل أشكال التطرف من السلوك والفكر وسيلة وحيدة ومثلى للحلول السياسية دائما, ودرسا لمن يريد أن يتقدم في عالم السياسة المعاصرة في كل أنحاء العالم.
تعلم اوباما كيفية الخروج من المآزق من خلال دراسته في جامعة هارفارد, القلعة الحصينة شبه المتخصصة في تخريج عظماء الولايات المتحدة السياسيين. ومن هنا فقد كان أول شيء عالجه اوباما هو التطرف في كنيسته, فذكرت شبكة (آي بي سي) التلفزيونية: إن راعي كنيسة " Trinity united church of America" التي ينتمي إليها أوباما سابقا, يقول: إن على أوباما أن يعود إلى مثل كنيسته.. أي إلى المبادئ التي تربى عليها, حيث أكد القس (جيريمياه رايت) راعي الكنيسة التي ينتمي إليها اوباما، والذي كان يرى: إن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001 برغم أنه لم يوضح كيفية تحمل هذه المسؤولية إلا من خلال التقصير والتقصير وحده في العناية بمشكلات العالم. وفي الأصل إن معظم السياسيين السود يرتبطون بهذا المقدار أو ذاك بالقس المتطرف (دزموند توتو) الذي يكيل ما يكفي من التهجم على الولايات المتحدة أيضا منذ زمن طويل حتى وصفها بأنها لعنة من الله حلت على العالم كما هو وصفها رايت أيضا!
أما العرب وإعلامهم على اختلاف مموليه فقد كان شغله هو أصل اوباما المسلم! وجدته الكينية وما يمكن أن يستعيد من ذكريات دين جد اوباما المسلم, وأنهم لا يريدون تناسي جذوره الإسلامية بمقدار كبير حينما كان أبوه حسين اوباما مسلما ثم تزوج سيدة بيضاء لينجب هذا الولد (الخلاسي) باراك (أي المبارك) باللغة السواحيلية واوبامات بالفارسية: أي انه معنا! وربما كان (البعض) من العرب المشتغلين في حقول الإعلام والسياسة يمني نفسه أن يعود باراك إلى دينه من اجل تسجيل (نصر) نهائي أخر على المؤسسة الأميركية واللوبي اليهودي (إيباك) فيها. إنها أمنيات ساذجة ومستحيلة التحقيق على أية حال؛ لكنه العقل العربي المحمل بالأعباء الخرافية دائما.
وبات من الواضح لدى عموم المراقبين والمحللين السياسيين في العالم على اختلاف توجهاتهم الفكرية ومشاربهم السياسية, إن العالم في ظل رئيس أميركي أسود من أصل أفريقي أو مهاجر، يقف على حافة جديدة من هاوية جديدة. واعتبر الزعيم الليبي معمر القذافي من كييف أن فوز باراك اوباما في الانتخابات الرئاسية الأميركية يشكل "انتصارا للعبيد السود السابقين على البيض"، مبديا ً خشيته على سلامة الرئيس المنتخب: هذه الخشية التي تذكر بحادثة اغتيال الرئيس جون كندي 1960- 1963 وما رافقها من غموض لما تستجلى دوافعه إلى يومنا. يفكر باوباما الأفريكاني أكثر من اوباما الأميركي: يا لها من بدعة يستريح بها العقل العربي من عناء بناء موقف إزاء ما يجري في العالم. لم يعد الرئيس اوباما أفريقيا ولا أسود وهو الآن ابن بار للمؤسسة الصناعية العسكرية الكبرى للولايات المتحدة التي لم تتضرر على نحو كبير بواقع الأزمة المالية الحادة والكساد الذي ينتظر اوباما في ولايته الحالية.
ولعل الكاتب توماس فريدمان المهتم بشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي خاصة قد أشار إلى ذلك من طرف خفي في مقالاته الأخيرة بعد الفوز الكبير الذي حققه أوباما على جون ماكين ذلك العجوز الغر الذي لم يفلح في خطف كرسي الرئاسة في البيت الأبيض لأربع جولات. جون مكين الذي لم يحظ بعطف العالمين العربي والإسلامي بسبب مواقف الحزب الجمهوري وأخطائه الكبرى في الحرب على أفغانستان والعراق، وعدم تقديمه لأية خطوة عملية في كل الصراع العربي الإسرائيلي المزمن الذي يعد التناقض الرئيس في المنطقة والعقدة التي تتحذلق حولها معظم عقد الشرق الأوسط الأخرى صغرت أم كبرت. وظهر الأمر واضحا في ازدراء الكاتب فريدمان لأوضاع المملكة العربية السعودية التي ربما يكون قد راهنت بهذا المقدار أو ذاك على أوباما باعتباره حصان تغيير محتمل في القضايا الشرق أوسطيه الساخنة في العراق وفلسطين وأفغانستان وباكستان وزيرستان. وهكذا فقد جاء انتخاب أوباما من ولايات كانت تعد معقلا للجمهوريين كأوكلاهوما وفرجينيا خسارة كبرى لتاريخ (الفيل) الأميركي ذي الخطوات القوية الهادرة، كما أنها في الوقت نفسه وجهت ضربة مباشرة لعائلة بوش المعنية بالصناعة النفطية وذات العلاقات الوطيدة مع السعودية.
ومن الغريب أن يعد كثير من الإعلاميين والسياسيين والباحثين العرب والمسلمين وغيرهم فوز أوباما بأنه (نصر) حققه ذلك (النفر الحالم) بتغيير (ما) في السياسة الأميركية عموما. لكن أخبار ترشيح منافسة باراك أوباما لمنصب الرئيس في الحزب الديمقراطي السيدة هيلاري كلينتون قد عكس طبيعة (التشدد) المراد له في هذه السياسة المؤسسة غالبا على النقاط الإستراتيجية العشر للولايات المتحدة(*)وتعكس تعليقات نانسي بيلوسي الملاحظات التي أدلت بها إلى محطة «بوسطن» التلفزيونية جانبا من تلك الأزمة حين قالت: إنه من «المستحيل» الوصول إلى بطاقة مشتركة بين كلينتون و أوباما, وهو دليل مناسب أخر على مدى التخبط في الرؤية للديمقراطيين الفائزين في هذه الانتخابات. كما جاء تنصيب جوزيف بايدن واحدة مضافة من الضربات المخيبة للآمال العربية لما عرف عن الأخير من أراء متطرفة تتعلق بالحلول البرغماتية لعموم المشكلات التي يعاني منها العراق ومنطقة الشرق الأوسط. وما مشروعه – سيء الصيت – بتقسيم العراق إلى ثلاثة أقسام كانتونية - كردي شيعي سني- إلا أنموذجا حيا على ذلك. وبرغم أن الشعب العراقي بكل فئاته وطوائفه وكتله السياسية قد وقف موقفا معارضا وغاضبا من المشروع إلا أن بايدن احتج بالدستور العراقي نفسه لتوضيح موقفه, وهكذا يبقى حلم العرب باوباما إلى جانبهم محض سراب خادع.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(*) نقاط إستراتيجية للولايات المتحدة من وضع الدعاية الأميركية ومؤسساتها الإعلامية تتلخص في سلسلة من المحرمات لا يجوز تخطيها.








#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صقور (بيت أفيلح) الأخرانيين
- يوجد لدينا مختبر جديد لإبن الجزري؟!
- عرب عاربة وآمال خائبة وكباب بالساطور!
- ادعوكم للتوقف عن الكتابة!
- الزورخانيون .. وكلّ (24) يوما
- العراقيون رواية بوليسية طويلة
- الماركسية في عالم متغير
- تعالوا إلى زها محمد حديد
- تعددت السفن والطوفان واحد
- حديث إبن الرافدين: حساب عرب سياسي
- البحث عن قبعة نابليون
- المسيري: ثلمة في جدار قديم
- نادورام كوتشي
- وهم العالمية: بيس نفر
- حزن ما بعد المليون
- عمود طاجا / عمود تيراقا
- إلى كراج النهضة
- سبخة العرب
- العشرة المبشرون..!
- لماذا ننشر كتبنا هنا؟


المزيد.....




- سارة نتنياهو تتهم الجيش بمحاولة تنظيم انقلاب عسكري ضد زوجها ...
- كوريا الجنوبية.. ارتفاع عدد القتلى إلى 23 شخصا في أحد أسوأ ح ...
- .بالفيديو.. مراسم تسليم مفتاح الكعبة المشرفة للشيخ عبدالوهاب ...
- نجم عالمي شهير يصفع يد معجب يحاول لمس ذراعه (فيديو)
- غالانت لأوستين: إيران أكبر خطر على العالم مستقبلا
- الأسباب المحتملة للشعور بالتعب معظم الوقت
- روسيا تحوّل صاروخ -توبول – إم- الاستراتيجي إلى صاروخ فضائي م ...
- سياسي بريطاني يحمّل رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون مسؤولية ...
- جوليان أسانج يقر بذنبه والمحكمة تأمره بتدمير المعلومات على م ...
- أسانج يقر بالذنب أمام محكمة أميركية تمهيدا لإطلاق سراحه


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض الأسدي - أوباما: سراب العرب الأخير