أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيّوسي - مع نصّ: مع إنّكَ غيرُ عاديّ للكاتبة: نوريّة العبيديّ














المزيد.....


مع نصّ: مع إنّكَ غيرُ عاديّ للكاتبة: نوريّة العبيديّ


زياد جيّوسي

الحوار المتمدن-العدد: 2465 - 2008 / 11 / 14 - 03:44
المحور: الادب والفن
    


في بداية الحديث عن النّصّ، علينا الإنتباه إلى العنوان: مع إنّكَ غيرُ عاديّ، فهنا نجد مخاطبة مباشرة لشخص مجهول، وكأنّها توجّه أصبعها وتشير إليه بضمير المخاطب أنت، وليس مهمًّا أن يكون معلومًا كيّْ نستطيع أن نحلّق مع النّصّ الّذي أبدعته الكاتبة نوريّة العبيديّ من العراق. وما يلفت النّظر في الجزء الأوّل من النّصّ، أنّ الكاتبة تخرج من سياق العنوان ومخاطبة الشّخص المجهول، إلى وصف آخر يفاجئ القارئ الّذي يتوقّع من خلال قراءة العنوان أن يبدأ النّصّ بالتّحدّث مع ذاك المجهول، فهي تصف طاحونة غريبة، طاحونة مجهولة أيضًا بضمير الغائب هي، رغم عدم وجود الضّمائر إلاّ كمستتر. وهذا ما سنلمسه في الجزء الثّالث من النّصّ؛ حيث يكون الضّمير أنا. والطّاحونة قد ترمز من خلالها إلى الحياة والأزمات الّتي تتلّون بألوان شتّى تتناثرُ منها المساحيقُ، فهذه الطّاحونة تطحنُ كلَّ شيءٍ،، ولا تتوقّف حتّى أنّها إن لم تجد ما تطحنه من البذور والقشور، والبذور رمز دائم للحياة وانبثاقها من قلب الموت، تتّجه الطّاحونة إلى الزّهور النّديّة، دلالة على الإستمراريّة بعمليّة السّحق والطّحن، ومن هنا وجدت أنّ الرّمزية تشير للحياة من خلال فهمي للنّصّ.

وما يؤيّد الفكرة لجوء الكاتبة إلى أسلوب التّأكيد من خلال الإنتقال من الفقرة الأولى إلى الفقرة الثّانية بكلمة ميّزتها بلون مختلف عن الكتابة وهي: وتدور، لتنتقل بنا للقسم الثّاني من النّصّ، حيث تسعى للهروب من هذه الطاحونة ألقيت نفسي.. هربًا منها، فتلجأ للّيل هربًا من النّهار. ولكن حتّى الليل بعناصره قمرٍ ونجمةٍ وسماءٍ وروحي- كلّ واحد منها تسحقه الطّاحونة.

وهنا تلجأ الكاتبة مرّة أخرى إلى الإنتقال إلى الجزء الثّالث- بعبارة تتميّز باللون والتّنسيق عمّا سبقها ويليها، فتقول: فبحثت بعيدًا.. لربّما. فالكاتبة بعد أن وضعتنا من خلال العنوان بصورة المخاطبة للمذكّر المجهول، ثمّ انتقلت لوصف الطّاحونة، ثمّ الهروب بلا جدوى من الطّاحونة، تعود بنا لمن خاطبته بالعنوان، فربما كان هو من يملك أن يكون ملجأً ، فهو من تبلغنا منذ البداية أُبلغُ أنَّه غيرُ عاديّ، فهو الأمل الّذي له أن يغيّر الأمور!!!.

الكاتبة تصرّ بنصّها أن تواصل المفاجأة، فبعد أن تنقّلت بنا من وصف الطّاحونة وهروبها منها، ووضعت القارئ بجوّ نفسيّ قلِق، ثمّ الوصول للملجأ غير العادي، حتى نشعر بأنّ النّهاية قد اقتربت من خلاله- ذلك غير العادي، تنقلنا بأسلوب الصّدمة المباشرة إلى القسم الجديد من النّصّ، فتضع كعادتها النّقلة المتميّزة باللون والتّنسيق فتقول فيها: يا لحسرتي.. نسيت. فتعود للطّاحونة من جديد بدون ذكرها بالاسم فتقول: أنّي أُحِطْتُ بخُبْرِها، وهي الّتي لها أن تترك حروف اسمي!!! في شفاهها نازفات، لتنقلنا إلى النتيجة من خلال كلمة تميزها كالعادة في الانتقال بين المقاطع لتقول: إذا.. ، فتخاطب الأمل الّذي اعتبرته غير عاديّ بقولها: عاديّ إن أنت لم تقدم.. ولم تعلن التّحدّي، فتحيله في لحظة إلى المواجهة والى أن يختار التّحدّي فيكون غير عاديّ، أو اللاتحدّي فيصبح عاديًّا، رغم التماس العذر له، وتصل بنا إلى الخاتمة بقولها: لن تتغيّر الأمور وستظلّ تدور، وأنا أدور.

وهكذا نجد أنّ الكاتبة تمكّنت من شدّ القارئ من خلال نصّ متميّز، لم تترك له فسحة من الوقت للهروب ورمي النّصّ جانبًا. فقد اعتمدت أسلوب المفاجأة بين أقسام النّصّ، ولم تترك المجال للحدس أن يصيب بما يمكن أن يكون متوقّعًا في كلّ قسم من أقسام نصّها، وتمكنت من خلال عمليّة الانتقال بين الأقسام بكلمات لوّنتها باللون الأحمر، من شدّ القارئ واجتذابه والانتقال بسرعة للغوص في القسم التّالي. وفي الوقت نفسه لم تلجأ إلى أسلوب التّتابع بسرد الحدث، فعملت على القيام بنقلات غير متوقّعة أعطت للنّصّ جمالاً خاصًّا ومتميّزًا، فكان كلّ قسم عبارة عن لوحة تشكِّل جزءًا من لوحة أكبر وأشمل. ولجأت إلى أسلوب متميّز من خلال استخدام الضّمائر المستترة، أنت، هي، أنا، لتعود لضمير المخاطب غير المستترأنت، وكأنّها كانت تشير بأصبعها إلى وجهه، بلّْ أخال الصّرامة تظهر في ملامح الوجه مع نظرة إشفاق أو سخرية مستترة، حتّى تصل بنا إلى النّتيجة غير المتوقَّعة بأنّ الطّاحونة ستظلّ تدور، بعد أن أصبح الأمل غير العاديّ.. مجرد عاديٍّ.



#زياد_جيّوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطياف متمردة 2 - أفق عينيك
- أفق عينيك


المزيد.....




- المفكر التونسي الطاهر لبيب: سيقول العرب يوما أُكلنا يوم أُكل ...
- بعد مسيرة حافلة وجدل كبير.. نجمة كورية شابة تفارق الحياة في ...
- ما الأفلام التي حصدت جوائز البافتا لهذا العام؟
- سفيرة الفلكلور السوداني.. وفاة المطربة آسيا مدني بالقاهرة
- إيهاب الؤاقد :شاعر يقتل الحظ والفوضى !
- الفنان وسام ضياء: الدراما عليها الابتعاد عن المال السياسي وع ...
- لون وذاكرة.. معرض تشكيلي لفناني ذي قار يشارك فيه نحو 60 فنان ...
- إطلاق الدورة الـ14 من جوائز فلسطين للكتاب
- وفاة المطربة آسية مدني مرسال الفلكلور السوداني
- ليلى علوي تخطف الأضواء بالرقص والغناء في حفل نانسي بالقاهرة ...


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيّوسي - مع نصّ: مع إنّكَ غيرُ عاديّ للكاتبة: نوريّة العبيديّ