أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طارق حجي - قيم التقدم : المنبع والهوية














المزيد.....

قيم التقدم : المنبع والهوية


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 2462 - 2008 / 11 / 11 - 09:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن نظرةً فاحصةً للنماذج التي عرضتها في كتاب "قيم التقدم" لهي لهي كفيلةٌ بأن توضح أنه وإن إختلفت ملامح الحضارات الإنسانية (القديمة منها والحديثة) فإن القيم التي أشرت إليها تنتمي للإنسانية أو لمسيرةِ تمدنِ الإنسان على الأرض أكثر من إنتمائها لأية حضارةٍ معينةٍ. فالإنسانُ بجانبِ مسيرات الحضارات له مسيرة تقدم أعلى من تفاصيل الحضارات وهذه المسيرة هي التي شكّلت قيم التقدم وجعلتها أكبر من أن تكون "وليدة حضارة معينة". وبدون الإيمان بأن (الإنسانية) أعلى وأسمى من (أية حضارة) فإننا نكون من جهة مخطئين ومن جهة سائرين على دربِ التعصبِ والعرقيةِ. فمما لا شك فيه أن في كل حضارةٍ إنسانيةٍ تراكماتٍ جاءت من حضاراتٍ أخرى إما معاصرة أو سابقة. وإذا كان بغيرِ وسعِ أحدٍ أن ينفي ذلك "المحصول التراكمي" في مجالات مثل "الرياضيات" وعددٍ آخر من فروع العلوم التطبيقية فعلى أي أساس يمكن رصد هذا المحصول التراكمي على مستوى العقل الإنساني الذي هو مخزن القيم؟ فإذا كنا نسلم بأن في الرياضيات الحديثة أشياء جاءت لنا من اليونان القديمة … وإذا كنا نسلم بأن في الموسيقى الحديثة آثار من أرسطو … وإذا كنا نسلم بأن عائلةً قانونيةً بأكملها هي العائلة اللاتينية – الجيرمانية قد أقامت نظمها على أساس من مدونة جوستينيان الرومانية …وإذا كان عالمُ مصرياتٍ عظيم مثل جيمس هنري بريستيد يرى وجود صلة لا يمكن إنكارها بين أرقى النظم الأخلاقية المعاصرة ومصر القديمة التي سماها بفجر الضمير : فكيف يمكن ألاَّ يرى الإنسان أنه كما أن الثقافات أدنى من الحضارات فإن الحضارات أدني من الإنسانية ؟

ويمكن لدارس الحضارات القديمة والحديثة أن يرى أنها قامت على أُسسٍ من القيم المشار لبعضها في الفصل الثاني من هذا الكتاب وإن كان أيضاً بوسعه أن يرى أن هذه القيم كانت عندما تنتقل من حضارةٍ لأخرى تمر بمراحلٍ من التطوير والرقي تكون من جهةٍ بمثابة مساهمة تلك الحضارةِ في الإنسانية كما تكون أيضاً محطاتٍ رئيسية لتطوير تلك القيم لمداراتٍ أعلى وآفاقٍ أرحب. ولا يتناقض ذلك مع كون مساهمة بعض الحضارات في رقي بعض هذه القيم أكبر من غيرها: فلا شك أن مساهمة الحضارة الغربية في الإرتقاء بقيم العمل هي الأبرز والأوفر نصيباً لاسيما وأَن الثورة الصناعية وما أعقبها من مراحلِ رقي العمل والإنتاج كان هو المناخ الأمثل لتطور ورقي "قيم العمل" – ولكن ذلك لا ينفي أن قيم التقدم بوجه عام وقيم العمل (أو قيم التقدم الإداري بوجهٍ خاص) هي من جهة "إنسانية" ومن جهة أخرى قيمُ أتيح لها في ظل التطورات الكبيرة للحضارة الغربية أن تشهد من درجات الرقي ما قد يُظهرها وكأنها غربيةٌ رغم أنها إنسانيةٌ في المقامِ الأول .

وليس هناك ما يدل على أن هذه القيم "إنسانيةٌ" قبل أن تكون منتمية لحضارةٍ معينةٍ أكثر من كونها وخلال قرنٍ واحدٍ من الزمان هو القرن الأخير قد إنتقلت من مُناخاتٍ غربيةٍ بحتةٍ إلى مناخاتٍ غير غربيةٍ على الإطلاق (مثل اليابان وعشرات الدول في آسيا وأمريكا اللاتينية) وأستقرت وترسّخت ونمت وأعطت ثماراً هائلة لأنها ببساطةٍ شديدة "قيمٌ إنسانيةٌ" وإن كانت في مرحلةٍ معينةٍ قد أخذت دفعةً كبيرةً من الحضارةِ الغربيةِ .



#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهم قيم التقدّم
- ملاحظات جوهرية حول موضوع: قيم التقدّم
- لماذا أكتب ؟
- اختيار المفكر المصري طارق حجي للفوز جائزة -غرينزين- الدولية
- سجون العقل العربي المعاصر


المزيد.....




- اتهمت جيفري إبستين باستغلالها جنسيًا.. رواية فيرجينيا جوفري ...
- فيديو: انهيار ناطحة سحاب في بانكوك جراء الزلزال يثير تساؤلات ...
- إسرائيل تعلن توسيع نطاق عمليتها العسكرية في غزة مع إخلاء -وا ...
- عملية أمنية أوروبية تطيح بشبكة ضخمة لاستغلال الأطفال جنسيا و ...
- اتهام موظف رفيع في وزارة أمريكية بالقرصنة الإلكترونية
- مستشار ترامب: الرئيس قادر على إيجاد طريقة للترشح لولاية ثالث ...
- مشروبات الجمال والصحة
- -ما حدث في غرينلاند يمكن تكراره في إسرائيل- - هآرتس
- ترامب يستعد لـ -أم المعارك- التجارية: العالم على شفير هاوية؟ ...
- مناورات صينية بالذخيرة الحية حول تايوان تحاكي ضرب موانئ ومنش ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طارق حجي - قيم التقدم : المنبع والهوية