|
ضباع التنمية وسماسرة الغفلة الطبقية
أحمد الخمسي
الحوار المتمدن-العدد: 2460 - 2008 / 11 / 9 - 10:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الملفات الشائكة حاليا في الشمال ملفات العقار. بحيث، طفت ظاهرة الاستيلاء على عشرات الآلاف من الأراضي، مع مد الإدارات المعنية بوثائق تمس باستقرار السكان في أماكن تواجدهم عشرات السنين. مع تنافس طاحين بين منعشين عقاريين محترفين لكيفيات "تتبيث" الملكية العقارية، لبدء مسلسل المضاربات. والكوارث بدأت تصيب المواطنين، مع الإفلاس الذي أصبح بعض الشركات الأجنبية. مصير سكان دوار اغنيوات أخطر، لأن الأمر يتعلق بإرادة اجتثاثهم من الأرض التي ولدوا فوقها، وليس فقط مجرد إفلاس وتداعيات إفلاس. تم التوصل بالملف من المعنيين بالتظلم في أمر العمليات الطبوغرافية التي نزل فريق تقني لإنجازها سنة 2005، فوق منطقة المدشر حيث يقيمون. هم حوالي 50 عائلة. اسم المدشر اغنيوات. تحت اليد لائحة توقيعات سكان مدشر اغنيوات. في الخريطة يوجد المدشر ضمن الجماعة القروية الملاليين. وجهها الموقعون إلى رئيس الجماعة. مع الإشارة إلى عدد أفراد الأسرة ورقم بطاقة التعريف الوطنية والتوقيع في الخانة الرابعة. ما السر في تسليم الملف إلى الصحافة بداية شهر نوفبر؟ جواب المعنيين تلخص في كون مسطرة التعرض على عملية التحفيظ تكاد تصل نهايتها من المرحلة الإدارية إلى المرحلة القضائية. وبالتالي، تحت عجلات قطار التنمية وضمن مرور التجهيزات الكبرى بالمنطقة، يمكن طحن العائلات المستقرة في دوار اغنيوات. مع الاستقواء بكل ما يدعم تنفيذ قرار المحكمة برفض تعرض السكان على التحفيظ: السلطة المحلية، القوات العمومية..... من في الميزان؟ وما هو الوزن العقاري موضوع الطمع؟ وما هي المصالح العليا؟ وما هي الأطماع الكبرى؟ لا يمكن للكتابة الصحفية أن تكون إدانة مسبقة ضد طرف من الأطراف. فكل طرف له حصة المواطنة ومكتسبات الانتماء للوطن ورصيد الخدمات المقدمة للمجتمع. على أرضية القيم الأصلية غير القابلة للتفويت ولا للتصرف. وتحت سقف دولة القانون والحق. وفق هذه القياسات تتم الإجابة عن الأسئلة المذكورة. في الميزان مواجهة بين مسير شركات، حسب التعريف الذي رضي به السيد أحمد السنوسي لنفسه ضمن العقد العرفي الذي وضعه وسيلة إثبات في ملف التحفيظ الذي ربطه بما اعتبره هو أرض اغنيوات بعمالة المضيق الفنيدق الجديدة (أحدثت سنة 2005)؛ وبين حوالي 50 أسرة من سكان المدشر المذكور. وقد بدأت حملة الاستيلاء على الأراضي منذ انطلاق البرامج التنموية الكبرى من مركزها المحوري: الميناء المتوسطي بالقصر الصغير. والدليل وقوف الملك نفسه في الصيف الماضي في وجه الاستعجال الغريب الذي اشتعلت نيرانه على الساحل. أما ثقل الوزن العقاري الذي يتكون منه موضوع الصراع فهو 134 هكتار. ما مفاده بالوحدات العقارية في سوق المضاربة: مليون متر مربع من الأرض و340 ألف متر مربع من الأرض، في منطقة أراد لها محمد بن الحسن بن محمد بن يوسف، أن تصبح قطبا اقتصاديا. وبسبب ذلك، عندما يتعلق الأمر ببسطاء المواطنين، واعتبارا للوزن الثقيل لهذه المصالحة التي اتجه نحوها الملك، فقد تمكن من خلق صورة التطابق بين المحبة الصادقة فيما بين الأسر الصغيرة وبين شخصه ومعه كل أبناء الحسن الثاني. وهي العواطف التي لا تستطيع المعتقلات ولا أشكال القوة أن تفرض إدخالها إلى قلوب الناس. فالمصداقية والتتبع الحثيث للمشاريع التنموية الكبرى هي أجندة الملك، لذلك أصبح الملك متحررا من كل عقدة أمنية مماثلة لدى رؤساء العالم الثالث. بفضل الصورة المغايرة التي أصبحت للمواطنين في أذهان مختلف الفئات. ما هي المصالح العليا للمغرب في الشمال؟ هي المصالح التي تنسج الثقة الاستراتيجية بين جميع المغاربة وتتقدم بهم نحو الإنتماء للعصر من حيث ارتفاعهم من صنف البلدان المتخلفة وفق أجندة الألفية الثالثة. أما التكالب الطبقي الشره فهو يخلط بين الليبرالية وبين التوحش، زيادة عن كونه يصب الماء في طاحونة اليأس ويفسد للود كل القضايا. إذ بقي بعض المغاربة من بقايا كبار أغنياء العهد السابق يخلطون بين المصالح الكبرى الفردية التي تضخمت لعوامل وظرفيات منتهية وبين المصالح العليا للدولة والمجتمع، والتي تمر عبر إعادة بناء الثقة. بواسطة عدم تكرار التفريط فيمن هم مهددون بالبقاء تحت عتبة الفقر. إن التخطيط لطرد 50 عائلة من دوار ينتمون له، بوثائق تختلط فيها أساليب التحايل على القانون مع وسائل الإثبات، لمن باب أولى سياسة مضادة لسياسة الملك التنموية في المغرب عموما وفي الشمال بالتخصيص. ومن المعروف والمتداول أن الدينامية التي يقودها الملك مرفوقة بمراجعات وأشكال من الوهن في المؤسسات السياسية. مما يجعل حادا وضع خطط التنمية موضع مضاربات أفراد في مواجهة مجموعات سكنية منتمية لمناطقها. نعم، من القرف الإحساس بإصرار مواطن، مقيم بشارع النصر بالرباط حيث باب الرواح الجميلة في قلب أجمل أحياء العصمة الإدارية، تمكن في ظرفية السبعينات من أن يجني ثمار قربه من الملك الراحل، ليصبح بعد الوزارة والسفارة، يملك أجمل المركبات السياحية في الساحل التطواني ضمن ما أصبح يعرف اليوم تمودة باي. فإذا كانت المبادرات التنموية الكبرى اليوم مجرد تضخيم لثروات السابقين مقابل اجتثات السكان المحليين من بيوتهم ومحلات ازدياد أبنائهم. في يوم من الأيام، على منصة ثقافية بتطوان، صحح لي الأستاذ عبد الكبير العلوي المدير الناشر لسلسلة الزمن الرائعة، كونه عبد الكبير العلوي الإسماعيلي وليس له توصيف آخر. واليوم نجد الوزير والسفير، ورئيس جمعية الاسماعيلية المكناسية الفيلالية، يضايق خمسين أسرة في مدشر اغنيوات. إن التسلح بترسانة البنيات الفوقية لكسب العقار قد يوفر للوزير السفير السابق مسعاه الشخصي الأناني. لكن اتخاذ هذا المسلك في ظل سياسة تنموية جديدة محط أمل الطبقات الفقيرة، لطمأنتهم على مستقبل أبنائهم، بل وطنهم، بحيث لأول مرة يحس سكان الشمال قدرة الدولة على خلق برنامج تنموي اقتصادي اجتماعي يحاصر الدور التخريبي لاقتصاد التهريب الناتج من وضعية الاحتلال في سبتة. تحطيم هذا الأمل باقتلاع الناس من محل سكناهم وشغلهم وما يجسد انتماءهم العضوي للوطن، ضربة في العمق للسياسة الشاملة للدولة في الشمال. فلو تأمل كل متخصص في تفاصيل النزاع، فسيجد في الأمر 25 نقطة. منها الوثائق المكونة لملف التحفيظ والذي يفتقد لأبسط العناصر الشكلية مثل غياب وسائل إثبات هوية أطراف العقد العرفي المعتمد لدى إدارة المحافظة. ومنها عدم التطابق بين الحدود المرسومة في سجل العدول وبين الحقيقة الطبوغرافية للأرض المسماة فوق الورق. ومنها كون الجرد الطبوغرافي المعتمد فوق أصلا لم يجر على الأرض. ومنها الصيغة المتبثة في شهادة المحافظة عن حقيقة التعرضات الإدارية، صيغة منحازة عندما تتبث في الفقرة (ب) "أنه لم يتقدم عليه لحد الآن (11/3/2008) أي تعرض أو طلب تقييد لحق عيني أو تحمل عقاري..." لتتناقض الصيغة نفسها مع نفسها عندما تكمل في نفس السطر ب"ما عدا:" لنفاجأ بستة تعرضات، خمسة تعرضات من جهات فردية وتعرض من مؤسسة عمومية. ضمنها خمسة تعرضات جزئية وتعرض كلي. وبالتالي يتضح من البداية التحيز المشوب بالتناقض وضعف التعليل بل حد تناقض الخلاصة مع الحيثيات الموجبة افتراضا لها. إن هذه الحالة من تخطيط فرد للإيقاع بمجموعة من السكان المحليين وبالقانون وبالإدارة وبالقضاء، لتقتضي التدبر بحكمة وتبصر لكي يتم استدراك الغاية المثلى للدولة من جعل الشمال قطبا اقتصاديا بدل تحويله إلى قطب للاستغلال الفردي الظالم.
#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول -الحكم الذاتي بالريف-
-
هل يكفي؟
-
امتحان -حظوة- المغرب لدى الاتحاد الأوربي
-
الشمال على طاولة العدالة
-
اللحظة الهزلية في مسرحية المشاركة السياسية
-
في الذاكرة المشتركة: لو يتحدث أسيدون باسمي
-
لأي نموذج تنتمي طبقتنا العليا؟
-
ثلاث مداخل لبناء الطبقة الوسطى
-
الطبقة الوسطى بين الحلم الأسفل والتطرف الأعلى
-
مرحلة بنكيران:ضد عالي الهمة أم ضد المجتمع؟
-
حول -تخليق الحياة الثقافية-
-
المتخيل الثقافي في المعيش السياحي
-
الجهوية والتيارات: إما للتغيير أو للتغرير
-
ما الأفضل: -مرود- في المعارضة أم قرود في الحكومة؟؟
-
صور زمن حزين
-
لماذا التزم عالي الهمة الصمت؟
-
اختطاف -الأنوار- في ابن كرير؟!
-
الكتابة جبل ثلج
-
حميمية الصلة بين النفسية والكتابة
-
عندما كان الشمال منصة لإطلاق صاروخ الكفاح الوطني
المزيد.....
-
تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س
...
-
كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م
...
-
أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
-
ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو
...
-
ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار
...
-
بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
-
-من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في
...
-
مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس-
...
-
حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال
...
-
فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|