أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمعة الحلفي - عن - أدب المنفى- وليس الخارج !














المزيد.....

عن - أدب المنفى- وليس الخارج !


جمعة الحلفي

الحوار المتمدن-العدد: 756 - 2004 / 2 / 26 - 10:46
المحور: الادب والفن
    


علاقة الكتابة بالمنفى علاقة جدلية تتيح للمبدع الحقيقي فرصة كتابة جديدة، فالمنفى يأخذ من الكاتب بعضاً من تماسه الحسي مع حياة شعبه ومن أجواء بيئته المحلية ومن مفردات حياته اليومية، لكنه يعطيه، في المقابل، هامش الحرية الذي يفتقده، وفرصة الإطلاع والتجريب ومستجدات المكان، مثلما يعطيه قارئاً جديداً بتكوينه المختلف ثقافياً واجتماعياً وذوقياً.
من هنا تتبدى جدلية علاقة الكاتب بالمنفى بوصفها فرصة كتابة جديدة يمكن للكاتب أن يوظفها في صالح كتابته إذا ما استطاع تمثل المتغيرات والمعطيات الروحية والثقافية وإعادة إنتاجها إبداعياً.  ولأن الأمر كذلك فإن تجليات المنفى في الكتابة الإبداعية، تختلف من كاتب إلى آخر، فالشعور بالغربة أو بالفقدان، وهو التعبير الأول لحياة المنفى، يمكن أن يجذر الكتابة ويعمّق إبعادها الروحية والنفسية، لدى كاتب يسكنه ذلك الشعور، أصلاً، بوصفه باعث ومحرض على التعبير والإبداع.  لكن هذا الشعور قد يتحول، لدى كاتب آخر، إلى مكوّن  لحالة فصام نفسية تحوّل الكتابة، تالياً، إلى عملية اجترار وإعادة إنتاج لخزين الذكريات والإشـارات الراكدة فـي دواخل النفس، الأمر الذي سيضع موهبة الكاتب على حافة النضوب، لأن الذاكرة يمكن ان تهترىء إذا ما انقطعت عن التواصل مع الجديد من تجليات ومعطيات الحاضر.  ولهذا هناك عدد من الكتاب العراقيين المهمين، أو الموهوبين، في أقل تقدير، توقفوا تماماً عن الكتابة في المنفى، والتوقف عن الكتابة هنا سيبدو، في صورة من صوره، تعبير عن توقف صلة الكاتب بوطنه وبيئته المحلية، وتجلياتها الروحية والثقافية، من جانب، مثلما هو تعبير عن عجز الكاتب عن استيعاب وهضم وإعادة إنتاج حاضر المنفى وتجلياته الخاصة، من جانب آخر.  والى عوامل وبواعث كثيرة أخرى، حياتية ونفسية، قد تلعب هنا وهناك في تعطيل وكبت حالة التعبير الإبداعي، إلا أن ثراء الموهبة وغنى التجربة الحياتية، وهما عدة عدد كبير من الكتاب والمبدعين العراقيين، كانا عاملاً جوهرياً في دوام واتقاد العملية الإبداعية وتطورها  في مختلف الظروف والأحوال.
وفي مثالنا (العراقي) حيث الثقافة، التي كانت سائدة في ظل النظام السابق، لم تفرز، أو تراكم شيئاً مهماً على صعيد الإبداع الأدبي، ولا تلك التي تحت السطح، في القاع أو في الزوايا الخلفية، كانت قادرة على الإنتاج الحر والمساهمة في رفد ذلك الكائن، الذي كان ينمو خارج نطاق المكان وسطوته، وبعيداً عن مخالب السلطة، لهذا فقد كان لأدب المنفى (وليس أدب الخارج كما يشاء البعض) دوراً حيوياً وضرورياً في إعادة تركيب المشهد الثقافي ـ الإبداعي العراقي ولملمة شظاياه فكرياً وأدبيا وفنياً، إنتاجاً ونشراً وعرضاً، وهو ما كرس، خلال العقدين الماضيين خاصة، تراكماً إبداعياً خلاقاً كان من شأنه إعادة الاعتبار لدور الثقافة العراقية ومكانتها المرموقة في الثقافة العربية والعالمية. ولو كان هناك من يعنيه الأمر، حفظاً وتوثيقاً، فرداً كان أم مؤسسة، لكان تحت أيدينا اليوم ما يوفر البرهان على القول الفصل في أن ما أنتج من إبداع شعري وقصصي وروائي وفني، في منفى الثقافة العراقية خلال هذين العقدين، إنما يوازي في قيمته الإبداعية وحجمه وتنوعه، ما يمكن ان ينتجه شعب مستقر وآمن، وليس جمهرة مثقفين ومبدعين يتناثرون المنافي والشتات.



#جمعة_الحلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يمكن إعادة بناء الثقافة؟
- علي كريم سعيد... هل كان عليك أن تنتظر؟
- أزمة -العقل- أم -الفعل- العربي؟
- عشائر المثقفين!
- أمة بلا ذاكرة ... مثقفون بلا ضمائر
- بانتظار... المثقف!
- ثقافة الخرافة والتنجيم .. العربية!
- ثقافة المحاكمة والتخوين
- رسالة الى مهدي خوشناو


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمعة الحلفي - عن - أدب المنفى- وليس الخارج !