|
الاتفاقية الامنية ... اختبار نهاية المطاف
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2453 - 2008 / 11 / 2 - 06:57
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
بات تحديد الموقف من الاتفاقية الامنية شبيهاً بامتحان التخرج بالنسبة للنخبة السياسية العراقية الحاكمة ، فهناك من يخشى الفشل ، واخر يحاول تجنب لوم مراجعه ، وغيرهما يقلق على مستقبله بفقدان ناخبيه ، واخر يترقب المواقف ويتبع مقولة – حشر مع الناس عيد – اي ليس لديه موقف واضح وانما ينتظر الفرصة المناسبة ليصطف مع الاكثرية ، ولكن يبقى الموقف الوطني متميزاً بتماسكه وتمسكه بالثوابت الوطني التي تحفظ السيادة وتنتزع البلد من براثن الاحتلال ولكن بروية واقتدار ، وما يدعونا الى التركيز على الفريق الحاكم هو كونه صاحب الحل والربط في شؤون البلاد والعباد ، فلا احد يستطيع القول بانهم غير مسؤولين عن عملية التغيير واسقاط النظام الدكتاتوري البغيض عن طريق الغزو الخارجي ، وليس من المنطق ان يتبرأ احد طرافه اليوم من مسؤولية التخلص من تبعات الاحتلال ، فهل طالعت هذه النخبة وتمعنت جيداً بملفات هذا الدرس الصعب قبل ان يصل الامر الى المرحلة الحرجة والتي لاتفصلها عادة عن مرحلة التحول الا شعرة واحدة ؟ . ويحتم الواقع السياسي المتردي اعادة فحص الحيثيات والتبعات لهذا المأزق ، وانطلاقاً منه نتوجه الى الذين توافقوا مع الولايات المتحدة الامريكية حول شكل ومضمون عملية التغيير في العراق ، ونسألهم عن السبب الذي قيد اتفاقاتهم بحدود اسقاط النظام السابق وحسب ، الم يكن بامكانهم الاتفاق حول الخطوات المستقبلية اللاحقة ؟ ، وفي مقدمها انتزاع السيادة الوطنية والتخلص من الاحتلال ، ام ان الغاية كانت لديهم تبرر الوسيلة وما يتبعها من تداعيات حتى وان كانت غير محسوبة العواقب ؟ ، ان ذلك يعكس عشواً سياسياً خطيرأً بما يشكله من فقدان للبوصلة واختلال التناسب الضروري بين الهدف والجهد الوطني المبذول في سبيله ، والذي يفترض ان ترتقي اليه القيادة السياسية ، واذا ما مرت تلك المرحلة التي غطى صوت جلبتها على امكانية الاصغاء للصوت الحريص اليقظ من المنزلقات الذي كان معارضاً لاسلوب الغزو في عملية التغيير ، فان اليوم ليس كالامس حيث كان العمل يتركزعلى عملية ازاحة النظام الدكتاتوري ، الا ان متطلبات اللحظة الراهنة تفرض توفر قدرات اكبر من ما تتطلبه عملية التغيير ، لكون الحفاظ على العملية السياسية ليس بالامر الهين في ظل التجاذبات والصراعات الدولية على ثروات العراق وفوق ارضه . ان حساب البيدر ليس كحساب الحقل كما تؤكده الوقائع ، فالتصور بان الامور تصبح في موقعها الآمن بمجرد استلام السلطة ، فذلك ليس غير وهم تفرزه عادة نشوة الانتصار ، التي تدفع دائماً الى اقناع الذات بالمقدرة والمنعة من المخاطر ، وما يعنيه في التحليل النهائي هو محاولة للطيران باجنحة عباس بن فرناس ، وبعبارة اكثر وضوحا ً ان الاتفاقية الامنية لم يكن بالامكان الاتفاق عليها قبل سقوط النظام كاجراء لاحق وخارطة طريق لانهاء الاحتلال ، حيث اعتبرت آنذاك من بعض الاوساط السياسية العراقي امراً سابقاً لاوانه ، ولكنها تبدو اليوم قد حان اوانها اذ طفح الكيل في بقاء العراق منتزع السيادة وفاقد الولاية على القوات الاجنبية ومن يتبعها وبحرية حركة غير مقيدة ، وكذلك انعدام الحماية لحدود البلاد المخترقة منذ اكثر من خمس سنوات ، ولم يتمكن العراق من الخروج من تحت خيمة الفصل السابع من قانون الامم المتحدة ، فضلاً عن احتمال تعرض الاموال العراقية في الخارج للنهب ، وكل ما تقدم يشكل حملاً ثقيلاً على مسيرة العراق الجديد ، ومن دون معالجة مخلفات الاحتلال وتداعياتها واعادة الامور الى نصابها الصحيح ، لابد من احالة الاتفاقية الى الشعب العراقي وعبر ممثليه من كافة القوى الوطنية ليقرروا شكلها ومضمونها او مصيرها النهائي ، ان ارادة وحقوق الشعب العراقي فوق ارادة الكيانات والكائنات ، وهو صاحب القول الفصل في مثل هذه المعضلة ، وقد اتسم الموقف العراقي الرسمي والشعبي بثبات اغلب اطرافه على تنقية نصوص المسودة من الشوائب والمثالب التي اذا ما تركت على صيغّها الحالية فلا يضمن عدم تحولها مستقبلاً الى ريح خماسينية صفراء تقتلع الاخضر واليابس . كان قرار التغيير عن طريق الحرب لم يحظ باتتفاق كافة القوى السياسية الوطنية العراقية في حينه ، فان التخلص من اثار ذلك اليوم هو مهمة وطنية كبرى لايختلف عليها مواطن عراقي واحد ، اذاً فلابد من مشاركة كافة بنات وابناء شعبنا العراقي في مناقشة مفردات الاتفاقية بشفافية مطلقة ، و ما يُحذر منه هو التعامل معها بسرية وبباطنية مرفوضة ، اذ انها ستؤدي الى حجب السند الشعبي للمفاوض العراقي ، وكذلك اضعاف الثقة بالحكومة ، والاكثر مرارة من ذلك هو لجوء البعض لتحديد موقفه وفقاً لرؤية غير عراقية منصوبة على اجندات منافية لمصالحنا الوطنية ، مما لا يزكي هذه المواقف بمنظار شعبنا ، لذا يتطلب الامر من الجهات المعنية ان ترفض الايحاءات الرخيصة التي تريد تجييرالموقف الوطني الرافض لاتفاقية غير صالحة لحسابها ، وبما ان تلك الايحاءات لم تتمكن من لي عنق الموقف الرسمي العراقي ، راحت تتحول الى دعوات وفتاوى من خارج الحدود ، لكن هي الاخرى عجزت عن تحقيق مبتغى اصحابها . لقد شكل موضوع الاتفاقة رجة سياسية في الوسط السياسي العراقي ، ووضع الجميع امام اختبار صعب ، وبخاصة الذين بايديهم القرار ، ومن المؤكد سيتم التقييم في نهاية المطاف ، فمن يجتاز هذا المعطف وهو محملاً بهموم شعبه سيكون قد ملأ مكانه في المسؤولية بأقتدار ، لاسيما ونحن على موعد مع الناخب العراقي الذي سيجد في ذلك عوناً في القدرة على الاختيار ، نتمنى ان تكون المنطلقات والتنافس على كسب ود الشعب العراقي وليس على غيره مهما كان ذلك الغير .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منطلقات مواقف الرفض والقبول للاتفاقية الامنية
-
التعامل مع اغتيال الشخصيات.. جريمة لاتغتفر وجريمة مشابهة فيه
...
-
تمخض الاحتلال فولد اتفاقية امنية
-
الاتفاقية الامنية يستلزمها جواز مرور ام سلامة ظهور ؟
-
وحدة الصف الوطني تحت رحمة المحاصصة
-
سلامات ياخدمات !!!
-
البرلمان العراقي ... سائر الخطى ام خائر القوى ؟
-
احتراس روسي من عربدة ناتوية فوق القوقاز
-
{ ارض متنازع عليها ,, } اكذوبة صدقها من اطلقها !!!
-
كامل شياع .. كنت قنديلا احمرا اطفأتك ريح سوداء
-
الامن في العراق بين استراتيج الحكومة وتاكتيك الارهابيين
-
قانون مأزوم وناخب مظلوم
-
اول غيث قانون الاقاليم نزاع حدودي عقيم !!
-
{{ الراصد }} اصلحوا الدستور تٌصلح الامور
-
{{ الراصد }} التصعيد في الازمة ... تدحرج الى الهاوية
-
{{ الراصد }} قانون انكبح متعثراً بعتبة البرلمان !!
-
{{ الراصد }} مضاربات في بورصة العملية السياسية
-
{{ الراصد }} الحزب الشيوعي العراقي وثورة 14 تموز المجيدة
-
{{ الراصد }} ثورة 14 تموز ... غرة في جبين تاريخ العراق السيا
...
-
{{ الراصد }} خريف الاحتلال في صيف العراق اللاهب
المزيد.....
-
بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط
...
-
بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا
...
-
مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا
...
-
كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف
...
-
ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن
...
-
معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان
...
-
المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان..
...
-
إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه
...
-
في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو
...
-
السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|