|
التنوع الفكري لدى العلامة الدكتور علي الوردي
ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)
الحوار المتمدن-العدد: 2451 - 2008 / 10 / 31 - 06:28
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إن هذه الدراسة التي أقدمها للقارئ الكريم عن الدكتور المرحوم علي الوردي تختلف عن دراساتي السابقة عن هذا العلامة والاختلاف هو أن دراساتي السابقة تكون مختصة بفكر معين حواه هذا الرجل أما بهذه الدراسة سأستقي من بستان معرفته مشارب مختلفة كل واحدة منها في اتجاه معين وبالتالي تبحث في فكر معين أقدم هذه الدراسة بمناسبة مرور الذكرى الرابعة عشرة لرحيله وستنقسم هذه الدراسة إلى عدة محاور: أولا : العلامة علي الوردي وصلته باللغة العربية: قد يتساءل سائل ويقول ما هي صلة عالم الاجتماع باللغة العربية ؟وللجواب نقول إن اللغة هي إحدى ظواهر علم الاجتماع إن لم تكن أهمها والوردي كان له باعا طويلا في مسالة اللغة لأنه تناول الشخصية المجتمعية وكأنه كان يناغي عالم الاجتماع الكبير ((سوسير)) الذي ادر كان الوقائع الاجتماعية يمكن إن تكون مادة للعلم وعلم سوسير ذلك فادر كان اللغة هي واقعة اجتماعية أيضا وبالإمكان الاتجاه إليها بالملاحظة والدرس فأعلن ثورته على الدرس اللغوي التقليدي الذي كان شائعا في القرن التاسع عشر في أوربا والذي كان سوسير نفسه احد أقطابه وهكذا كان لعلم الاجتماع دور كبير في مراقبة اللغة وكان الشهاب الذي أنار للغويين المحدثين طريقهم ويقول الدكتور نعمة العزاوي إن اهتمام الوردي باللغة العربية في بداية أعماله العلمية كان أثرا من آثار التآزر الذي كان قائما بين اللغويين وعلماء الاجتماع في أوربا كذلك يقول الدكتور نعمة العزاوي إن آراء الوردي اللغوية لم تجد لها صدى في المحيط الثقافي عامة والمحيط اللغوي خاصة ذلك لان الوردي العالم الاجتماعي قد أخمل الوردي اللغوي أما آرائه اللغوية فيمكن ان نلخصها بعضها بالشكل الأتي : 1- إن اللغة العربية هي لغة مجتمع يهتم بالشعر فهي بذلك تكون لغة ذات ألفاظ رنانة أكثر مما تهتم بالمعنى الدقيق . 2- إن اللغة العربية بكثرة مافيها من أنواع للجموع وكثرة المترادفات والمشترك اللفظي وهو يعني دلالة اللفظ الواحد كدلالة العين مثلا العين هي عضو البصر وعين الماء والجاسوس وغيرها من المعان وكثرة مافي اللغة من الأضداد يعتبر الوردي هذه المسالة إن اللغة العربية هي لغة مائعة وانعدام الدقة فيها. وهنا نعتبر الدكتور علي الوردي ليس دقيقا في هذه النقاط التي طرحت من قبله فاللغة العربية ليست لغة عاطفية كما عبر عنها الوردي بذلك لأنها تهتم بالشعر ولكن اللغة في كل العوالم الإنسانية هي الأداة المعبرة عن اهتمامات ناسها وشعبها العقلية والفلسفية والعاطفية ولشعرية وغيرها من الأمور وباعتبار الشعر احد اهتمامات العرب فقد عبرت عنه اللغة وبشكل دقيق انسجم ومتطلباته ولكن قد يكون اعتبار الوردي إن اللغة أصبحت رنانة لاهتمامها بالشعر لاستخدام الوزن والقافية ولكن الشعر في اللغة العربية اليوم اتخذ طابعا آخر بعيد عن الموسيقى والقوافي التي كان يقال بها فاليوم الشعر يعبر عنه عن طريق اللغة العربية بأدق المعاني الفلسفية والواقعية والعاطفية بعيدا عن الموسيقى التي كان يقال بها فاللغة واكبت الشعر عندما كان يقال بالموسيقى من وزن وقافية وواكبته عندما تخلى عن الوزن والقافية وما زالت إلى الآن تعبر عنه بما يريد الناس إن كان وزنا أو قافية أو كان معاني دون موسيقى شعرية.وللدكتور الوردي رأي في الشعر والقصة ففي معرض سؤال وجه للدكتور الوردي عن اهمية دور القصة في الحياة؟ وهنا كانت اجابة الدكتور الوردي بان القصة حلت محل الشعر في الادب الحضاري الحديث والظاهر ان القصة اكثر استجابة لمقتضيات الحضارة الحديثة من الشعر فالقاص لا يندفع مع العاطفة على نحو ما يفعل الشاعر بل هو يحاول ان يتغلغل في اعماق النفس والمجتمع من اجل وصف تلك الاعماق لا من اجل الاندفاع معها ((حوار مع الدكتور الوردي،حسين الحسيني،ص80،الأقلام،العدد8,1983 )) وهكذا فعلي الوردي في اغلب كتاباته يقلل من قيمة الشعر في الحضارة الحديثة ولكنه لا يلغيه ففي نفس اللقاء أعلاه يشدد على إن الحضارة الحديثة لم تلغ الشعر أو العاطفة إلغاء تاما ولكنها حجمت من دوره ولم تسمح له بان يطغى على حياة الناس . أما قوله بأنها لغة كثيرة المترادفات والجموع وبالتالي فهي لغة غير دقيقة فنرى كثرة المترادفات في اللغات الأخرى ولكن لم نرى احد أبنائها رماها بما رماها به الوردي كذلك فقد عد الوردي رحمه الله مسالة المرونة في صياغة الجملة العربية سببا من أسباب ميوعتها وعدم دقتها ولكن فات الوردي إن حرية المتكلم في صياغة الجملة دليل على توخيه الدقة ورغبته في أن يطابق التأليف المعنى المقصود فاللغات الأوربية تقدم هذه المرونة وتتبع في تأليف الجملة نظاما صلبا ونسقا جامدا إذ ينزل اللفظ من الجملة منزلا معينا لا سبيل إلى تغييره مهما تبدل المعنى أو تغير المقصود . ثانيا :الوردي وإعجاز القران/ وهنا يرى الوردي إن بلاغة القران كانت موضع خلاف ويرى إن عظمة القران لا تقاس بمقياس اللغة والأسلوب وإنما توزن بما فيه من ثورة اجتماعية كبرى وما عبر عنه بمثل عليا وقيم رفيعة((أسطورة الأدب الرفيع ص152)) ويقول الوردي إن القران لم ينزل ليعلم الناس الفن على حد تعبيره وهنا فالناحية اللفظية أو الفنية لا شان لها في إعجاز القران في نظر الوردي وهنا فان هذا الكلام يشابه ما ذهب إليه الدكتور زكي مبارك بقوله في كتابه النثر الفني من إن المعركة في مكة كانت تدور رحاها حول ما في القران من الدعوة إلى توحيد الله عز شانه وأفراده بالقدرة والجبروت ولكن هناك رد على هذا المفهوم من قبل عبد القاهر الجرجاني حيث يقول ((إن سبيل الكلام سبيل التصوير والصياغة وان سبيل المعنى الذي يعبر عنه هو سبيل الشيء الذي يقع التصوير والصوغ فيه كالفضة والذهب يصاغ منهما خاتم أو سوار فكما إن محالا إذا أنت أردت النظر في صوغ الخاتم وفي جودة العمل ورداءته أن تنظر إلى الفضة الحاملة لتلك الصورة أو الذهب الذي وقع فيه العمل وتلك الصيغة كذلك محال إذا أردت أن تعرف مكان الفضل والمزية في الكلام أن تنظر في مجرد معناه وكما لو فضلنا خاتم على خاتم بان تكون فضة هذا اجو داو فضته أنقى لم يكن ذلك تفضيلا له من حيث هو شعر وكلام ((دلائل الإعجاز،عبد القاهر الجرجاني،ص195))
وهنا يوجد تعلق لطيف للأستاذ الدكتور نعمة العزاوي على الدافع الذي دفع الوردي إلى تجريد لغة القران من الإعجاز بالا تكون هذه اللغة التي اشتملت على خصائص العربية ومثلت جميع ظواهرها دليلا على نبل هذه الخصائص وجمال تلك الظواهر وبذا يستطيع الوردي أن يجرد أنصار العربية من السلاح الذي يدافعون به عن جمال اللغة وروعة أسرارها وما سلاحهم هذا إلا أنها لغة القران. ثالثا/ من ايجابيات الفكر الوردي كما يحلو لي تسميته إن الدكتور علي الوردي كان يسعى لتوكيد وتبرير مسالة/إن الحقيقة هرمية الشكل وليست بالمسطحة فتدرك بجميع أبعادها دفعة واحدة منتصرا في ذلك للمفهوم النسبي رافضا الفكر الأرسطي مؤكدا إن الإطلاق في الأحكام والوثوق بالاجتهادات والتوصلات الشخصية لامكان له في عالم اليوم ولقد توفر للعلامة الوردي من خلال هذا المنظور النسبي على دراسة العديد من ظواهر حياتنا الروحية والاجتماعية فجاء بالجديد الذي لا يرضي الكثيرين ولعل تصريحه إبان هزيمة حزيران قوله :إن تعلقنا بالشعر قيمة جمالية –ذهنية مطلقة يعد واحدا من الأسباب التي قادت إلى الهزيمة –مجرد مثال واحد على اجتراءاته الصادحة لبنية عقلنا التي يحتل فيها الشعر موقعا أثيرا من حيث نحن امة اقرب إلى البداوة ونحن في هذا البحث سنتطرق إلى العديد من المحاور التي صدم بها الوردي أبناء جيله –وأنماط أفكارها ورؤيتها إلى الحضارة الحديثة فهل نستطيع استبدال الشعر بالقصة والرواية والمسرحية وهو يشير إلى تعلقنا بالظاهرة الصوتية كثيرا وباللغة أكثر ونعول عليها بدل الوقائع العينية وهنا ينزل نقمته على اللغة ويعتبر إننا أصبحنا مجرد ظاهرة صوتية نعول على الصياغة اللغوية لا الوقائع العينية وندير ظهرنا للوجود المادي احتفاء بالتراكيب الصائته ولكن اختلف معه بعض الشيء في هذا المجال فاللغة اليوم بالإمكان أن تكون عرابة الحقيقة بل إن صيرورة الإنسان وتطوره التاريخي يرتبط بها وهنا يقول بن عربي ((الحروف هي امة من الأمم )) وبالتالي فاللغة تقوم على نتاج المعنى تاريخيا وهنا استطيع سوق مثال لعلي شريعتي حول قضية الإمام الحسين التاريخية التي تجاوز علي شريعتي بها الشريعة والأفق الفلسفي وهو يقول واصفا إياه/ ترك الحسين الناس يطوفون حول بيت الرب وذهب هو ليطوف حول رب البيت وبذلك فلسف قضية الحسين وأخرجها من إشكاليات كثيرة تناولها المؤرخون والمحدثون وغيرها حيث اعتبروا ترك الحسين الحج هو أمر غير صحيح وبعضهم قال انه صحيح وغيرها من الأمور التي تناولها المؤرخون ،ولكن اللغة عند شريعتي حلت المشكلة وفتحت بابا آخر في المسالة مع الحج من جهة في أدبياته الفقهية ومسالة الثواب وتهويلا ته معها ،واحتكاره مع المكان الخاص به . ((رحيل عالم الاجتماع الكبير،د.علي الوردي ،صورة جيل في فكر رجل ’محمد مبارك، آفاق عربية, عدد 7-8،تموز،1995م,ص31)) وهنا يقول فجنشتن (إن حل اللغز والصلة الرمزية بين الكلمات والأشياء يتم بتحليل اللغة وصورها) رابعا: منظوره الفلسفي على صعيد دراسة الشخصية العراقية فقد حاول قراءتها في ضوء فرضيتين أساسيتين تقدم بهما عام 1951 وهما صراع البداوة والحضارة وفرضية ازدواج الشخصية ثم أضاف فرضية ثالثة الا وهي التناشز الاجتماعي وهو بنظرياته الثلاث درس المجتمع من خلال دراسة الشخصية وهنا الفت النظر إلى إن الدراسة الحديثة تبدأ بدراسة المجتمع ثم تفصل الشخصية وهي نظرية النقد الابستمولوجي التي تنطلق من المجتمع والتاريخ إلى الشخصية ولكن نستطيع القول إن الوردي بدراسته هذه استطاع أن يكون أكثر دقة في وصف الشخصية العراقية من خلال تأشير الكثير من الأمراض الاجتماعية فيها ومنها: قيم العصبية والغرور والثار والدخالة والتسيار وغسل العار وذلك بسبب زحف البداوة على المجتمع وهو بذلك استطاع إن يشخص السمات الثابتة التي يؤشرها في انقسام الفرد العراقي على نفسه على عالمين/ واحد للمثل والمبادئ والقيم الصحيحة وآخر لما درجتا عليه في البيت والشارع والسوق والبستان والورشة وهكذا من قيم الغلبة والشطارة للتعجل بالربح وهو ما يسميه علامتنا الفرهود.
وهو بالتالي يشخص التناشز بين قيم الحضارة الحديثة وما اعتدناه وتشربناه عبر عهود التخلف تعارض هذه القيم بقيم محلية وعشائرية متخلفة من قبيل العشيرة والجيرة والنخوة وغيرها من الأمور وهذا التناشز يعتبره علي الوردي إعاقة لحركة المجتمع ومنع من الانطلاق صوب حضارة العلم والصناعة والديمقراطية وحقوق الإنسان ولكن في الوقت الذي يرفض فيه الوردي قيم النخوة والجيرة والزاد والملح لا يركز في حيثيات كلامه على قيم مهمة إيجادها في المجتمع بالانطلاقة من الجانب الروحي الإنساني وعلى رأسها قيم التسامح والأخلاق المجتمعية وهذا ما ابتدأ به الغرب اليوم أصلا حيث استطاع أن يؤسس فيه عدد من العلماء معهد الأخلاقيات الكوكبية والذي يدعو فيه مجموعة من العلماء إلى أخلاق منطلقها أنساني روحي وليست ذات بعد مادي كما صور الوردي الحالة فقد طالب المجتمع بالبعد عن كثير من الأخلاقيات الشعبية دون أن يضع بديلا على غرار معهد الأخلاقيات الكوكبية الذي يدعو إلى ثقافة التسامح والأخلاق الحميدة والصدق والإيثار وغيرها ويطلق عليه / the institute of the global ethics ولكن قد يسال شخص فيقول: إن الوردي بمجرد إرادته الصادقة أراد أن يخلص المجتمع من أخلاقيات باتت تعيق تقدمه . ولكن فرضية التناشز يجعلها العلامة الوردي أساس ظاهرة الازدواج وبالتالي فالدكتور الوردي يجعل من الفرق بين ما نقول ونعمل هو التناشز وهو أساس الشخصية المزدوجة والتناشز الاجتماعي على وجه الدقة كمن أهم معالم مرحلة الانتقال التي تمر البلاد العربية بها في الوقت الحاضر وهو يظهر في مختلف نواحي الحياة ولكنه يظهر بقوة في نظر الدكتور الوردي بالنواحي الثلاث التي تتميز بها الحضارة عن البداوة وهي/ 1- المهنة. 2- السلطة. 3- المال.((الثقافة العربية،العدد13،تشرين الثاني،1974م،ص10)) فالوردي يقارن في قضية إن الأسواق في البلاد الغربية ترفع شعار ((الزبون على حق دائما)) في حين نحن نستخدم الشطارة في مهنتنا في سبيل غلبة الزبون على الرغم من صحة هذا المثل حول المهنة ولكن بدأت الأسواق في البلاد العربية تختلف كثيرا عما يقوله علامتنا لان ضروف رأس المال اليوم تختلف كثيرا من ناحية تعدد مصادر المبيعات فالزبون اليوم عندما يكتشف سوء بضاعة محل ما يتجه صوب محل آخر لكثرة الخيارات وهذا مما كان غير معمول به سابقا لعدم تنوع مصادر رأس المال فتنوع مصادر رأس المال يسمح وبشكل كبير إلى إنهاء إحدى نواحي ظاهرة التناشز الاجتماعي. أما في مجال السلطة فيقرر الوردي .... إن العلاقة بين الشعب والحكومة في البلاد المتقدمة حضاريا تقوم على أساس من الثقة المتبادلة فالحكومة خادمة الشعب كما إن الشعب خادم الحكومة وبغير هذا لا يمكن أن تنجح الحكومة في أعمالها ويقارن بين هذه الحالات الهامة في السلطة وبين ما يجري في البلاد العربية بشكل عام من انتهاك من قبل الحكومات لإفراد شعبها وهكذا لانرى تعاون مثالي بين الشعب والحكومة لدينا في العراق ثم إن الوردي يتعمق أكثر في المجتمع ليقول إن نسبة كبيرة من سكان الأرياف لا يزالون يجدون من العار عليهم أن يقدموا شكواهم إلى الحكومة عند حصول اعتداء عليهم فهم يعتبرون ذلك دليلا على الضعف وقلة الرجولة فيهم ولكن كان من المفروض على الدكتور الوردي ان يعمم هذه الظاهرة لكي تشمل سكان المدينة كذلك فلا اعرف كيف فات الدكتور الوردي ان هذه الظاهرة ليست مقتصرة على سكان الارياف بل سكان المدن كذلك،أما من ناحية تقدير المال فان الحضارة الحديثة يمكن تشبيهها بالآلة المعقدة ذات الأجزاء الدقيقة فهي تعمل بمبدأ وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، أي إن الحضارة الحديثة تنظر إلى معيار الكفاءة ومدى قدرة الشخص على أداء العمل عندما يناط به بغض النظر عن صلاته الاجتماعية أو أي اعتبار آخر أما القيم البدوية فتقدر الإنسان بمقدار ماله من قرابة أو جيرة أو ولاء أو فضل سابق أو صداقة أو ما شابه وهنا يكون التناقض حسب النظرية الوردية حيث إن مشكلة الكثيرين أنهم لا يدركون طبيعة التناقض الموجود بين هذين المبدأين التناقض الذي يقود إلى التناشز الاجتماعي فترى احدهم يدعو تارة إلى مبدأ المساواة في تطبيق القانون وإعطاء كل ذي حق حقه ويدعو تارة أخرى إلى المحاباة حسبما توحي به القيم البدوية الموروثة وهنا يضرب العلامة الوردي أروع الأمثلة في ذا المجال فيقول إن احدهم إذا كانت لديه حاجة في دوائر الحكومة مثلا أسرع إلى الوسطاء من أولي النفوذ يستنجد بهم وينخوهم على الطريقة البدوية إنما هو لا يكاد يلمح احد غيره قد غلبه في الوساطة وحصل على الشيء المطلوب قبله حتى نجده قد انقلب إلى شخص آخر وصار يدعو إلى مبدأ المساواة ووجوب إعطاء كل ذي حق حقه. وهكذا نرى الملاحظة القيمة على طبيعة ما نعيشه من تناقض يؤدي إلى تناشز واضح ومعروف في مجتمعنا أي تناشز القيم . خامسا/ كي لا ننسى فضل علي الوردي في النظرية النسبية في الدراسات الاجتماعية أي إن الوردي لم يعمم أفكاره بصورة مطلقة إلا ما ندر في دراسته الاجتماعية وعلي الوردي استطاع أن يستخلص النظرية النسبية في الدراسات الاجتماعية من ابن خلدون أولا والجاحظ كذلك وخلاصة نظرية الجاحظ في هذه النظرية إن الله لا يعاقب الكافرين على كفرهم إلا من كان منهم معاندا يعرف الحق وينحرف عنه لغرض من أغراض الدنيا أما الكافرين من العوام ممن يعيشون في المناطق المنعزلة من العالم فهم معذورون ولكن يعذبهم الله على كفرهم لان الله ليس بظلام للعبيد. وهكذا فالوردي يعطي مدلولات النظرية النسبية من حيث احترام العقيدة من قبل المجتمعات المتحضرة وهنا يسوق مثالا عن عائلة أمريكية فقيرة أنها كانت كثيرة الأطفال قد اضطرها الفقر إلى عرض اثنين من أطفالها للتبني فتبنت احدهما عائلة كاثوليكية والثاني عائلة يهودية وعندما كبر الطفلان التقيا وكانت دهشتهما كبيرة حيث اكتشفا انهما يعتنقان دينين مختلفين مع العلم ان ابويهما من البروتستانت فلو انهما بقيا مع أبويهما لكانا من البروتستانت وهذه هي النظرية النسبية في الدراسات الاجتماعية من حيث انه قد لا يكون الأبناء على دين الآباء ((الأقلام العدد 8 ,1983)) فلو إن الأبناء نشئوا في بيئة أخرى لاعتنقوا ديانة أخرى وهكذا... سادسا/ اتهام الدكتور علي الوردي بالتطفل على التاريخ/ حيث انه لم ينكر هذه التهمة ولكنه صرح بأنه يدرس التاريخ من حيث صلته بالمجتمع بل بعبارة أخرى انه لم يدرس التاريخ لذاته كما يفعل المؤرخون بل درسه لكي يفهم المجتمع به وهذا ما أشار إليه في مقدمة كتابه ((لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث )) حيث قال ما نصه((ان هذا الكتاب على اية حال يشبه ان يكون كتاب تاريخ بيد انه يختلف عن كتب التاريخ المعتادة بكونه لا يهتم بالأحداث الماضية لذاتها على منوال ما يفعل المؤرخون بل هو يهتم بالدرجة الأولى بما تنطوي عليه الأحداث من دلالة فكرية واجتماعية أما الاستقراء التاريخي فيأتي بأهميته بالدرجة الثانية)) ((د.علي الوردي ,لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث )) ومنهج الوردي واضح في كتابه انف الذكر حيث يتلخص في إن دراسة المجتمع ودراسة تاريخه أمران متلازمان فالنظر إلى أي ظاهرة اجتماعية في أي مجتمع يصعب على الإنسان التعمق بفهمها مالم تدرس جذورها في التاريخ وهكذا فعل علي الوردي في اللمحات وقد يتساءل سائل ويقول علي الوردي يقرا اللمحات الاجتماعية من خلال دراسة أي تاريخ قريب ام بعيد والجواب هو التاريخ القريب طبعا فهو قد عاب على باحث مصري اخذ شهادة دكتوراه عن اطروحة حاول لان يفسر فيها سلوك الشعب العراقي في عهده الحاضر بما كان عليه في صدر الإسلام ناسيا إن هناك قرونا عديدة مرت بين العهدين. سابعا/ انطلاقات علي الوردي في بحوثه الاجتماعية من خلال مدارس عديدة : حيث ينطلق من مقولة جدا مهمة يعبر فيها عن مدارسه الفكرية التي تتبعها حيث يقول: ((على الباحث الاجتماعي ان يكون مثل / لقلق الكنيسة/ فيأخذ من كل نظرية ما يلاءم مجتمعه بغض النظر عن مصدر تلك النظرية أو اتجاهها المذهبي فرب نظرية تصلح لفهم مجتمع معين بينما قد لا تصلح لفهم مجتمع آخر ))((آراء وتفسيرات حول المجتمع وطبيعة الإنسان ،حوار آفاق عربية،العدد9 ،مايس1984م،ص40 ))وهكذا يتكلم الوردي عن حضوره في عام 1966م المؤتمر الاجتماعي العالمي السادس الذي عقد في ايفيان في فرنسا وشاهد الجدال الذي جرى بين دعاة المدرسة الماركسية والمدرسة الغربية حيث ألقى احد دعاة المدرسة الماركسية خطبة طويلة فند فيها المدرسة الغربية واعتبرها باطلة من أساسها وهكذا قام احد دعاة المدرسة الغربية بالرد عليه وقد نظر علي الوردي إلى كلا المدرستين بعين الحياد حسب كلامه واستفاد من كليهما حيث يجب أن يكون مبدأ الانفتاح هو الأساس الذي يتعامل به مع علم الاجتماع والابتعاد عن التعصب لأي مدرسة من المدارس الفكرية . ولكن علي الوردي تعصب لنظريات معينة بالضد من نظريات أخرى ومنها اعتباره :ان أساس نظرية الباراسايكولوجي هو عبارة عن موجات كهرومغناطيسية مما جعله يضع أساس كتابه أسرار الشخصية الناجحة على أساس الموجات الكهرومغناطيسية كتفسير للظاهرة الباراسيكولوجية وبالنتيجة فقد اثبت العلم الحديث عدم صحة هذه النظرية من حيث أساس انبعاث الموجات كسبب لهذه الظاهرة وهذا ما اثبت من قبل بعض العلماء الروس عندما وضعوا فتاة داخل غرفة لها قابلية بارا سيكولوجية عن طريق التخاطر مع عشيقها وضعوها داخل غرفة تمنع دخول وخروج الموجات الكهرومغناطيسية ومع ذلك استطاعت الفتاة أن تتخاطر مع عشيقها وهذا يدحض اساس الموجات الكهرومغناطيسية كظاهرة تفسيرية للظواهر الباراسيكولوجية .
ثامنا/ راي الدكتور الودي بابن خلدون في النظرية الاجتماعية التابعه له/ يقول الوردي/ ابن خلدون بشر كسائر البشر وليس معصوما من الخطأ وهو قد جاء بنظريته اعتمادا على مطلعاته وتجاربه الشخصية وهذه المطالعات والتجارب لا بد ان تكون محدودة وناقصة ولهذا كانت نظريته مليئة بالأخطاء وعلي الوردي يكاد يتفق مع ابن خلدون كثيرا في الكثير من أوجه نظريته ولكنه يختلف مع ابن خلدون بمسالة مهمة عندما اعتبر انه وقع في خطا كبير عندما ظن ان صراع البداوة والحضارة موجود في كل المجتمعات البشرية وأشار الوردي الى ان هذا الخطأ ناتج من كون ابن خلدون في جولاته ومطالعاته لم يخرج من قوقعته الفكرية التي نشا وعاش فيها ولو انه عاش في هذا الزمن –كما يرى الوردي- واطلع على مافي العالم من مجتمعات وثقافات مختلفة يحاول إصلاح خطاه على وجه من الوجوه وبهذا يتضح من كلام الوردي إن صراع البداوة والحضارة موجود فقط في العالم العربي من الخليج حتى المحيط كما يرى وغير موجود في العوالم الأخرى طبعا إن وجوده في العالم العربي هو بسبب الامتداد الصحراوي الكبير وبالتالي يكمن هذا الصراع ولكن أنا اختلف مع علي الوردي وأضم صوتي إلى ابن خلدون واقو لان البداوة والحضارة كصراع وتعصب وعصبية موجود في اغلب مجتمعات العالم الم نر ظاهرة التمييز العرقي في أمريكا وظاهرة قتال القبائل في إفريقيا وظواهر الحروب بسبب إقصاء الآخر وبسبب العرق وبسبب الدين في أوربا في البوسنة والهرسك وفي كوسوفو وغيرها من بلاد العالم وبالتالي فان تركيز البداوة والحضارة كصراع في العالم العربي هذا قول ليس دقيقا بل ان قول ابن خلدون في وجود هكذا صراع في اغلب مجتمعات العالم هو القول الأقرب للصحة بل اذا أردنا الدقة نرى إن هذه الصراعات موجودة حتى على مستوى سياسيي وبرلمانيي العالم وهذا يتضح جليا في المعارك التي تحدث داخل برلمانات العالم في كوريا واليابان وتصل إلى درجة العراك بالأيدي من قبل البرلمانيين نتيجة اختلافاتهم ألا تعبر هذه الظواهر على درجة البداوة والعصبية عند هؤلاء القادة والمثقفين. من هنا الحلقة الرابعه
ونود أن نركز طبعا على إن ابن خلدون لم يكن هو مؤسس علم الاجتماع الحديث وهذا ما ذهب إليه الوردي أيضا على الرغم من انه وضع أسسا للعلم أهملت فيما بعد بسبب حالات الانحطاط التي صاحبت الحضارة العربية وعزى الوردي حالة الانحطاط هذه بسبب انشغال المفكرين في ذاك الوقت في مواضيع منسجمة مع الانحطاط الحضاري من طراز ألفية ابن مالك وكتابة الشروح عليها وبذا نسوا العلم العظيم الذي وضع أساسه ابن خلدون ((آفاق عربية –ص44, آراء وتفسيرات حول المجتمع وطبيعة الإنسان –مايس 1984م)) وهنا نختلف كثيرا مع علي الوردي رحمه الله فليس من الممكن عد ألفية ابن مالك أو ما شاكلها كصورة من صور الانحطاط الحضاري وذلك لان المفكرين الذين أقاموا عليها شروحا تهم وكتبهم هم من المختصين باللغة العربية وليس لنا إن نجبرهم على دراسة علم الاجتماع كما إننا لا نستطيع إجبار أهل علم الاجتماع بدراسة اللغة العربية فلعلم الاجتماع عالمه الخاص وعلماؤه المختصون والذين كان بإمكانهم القيام بدراسة العلوم الجديدة الخاصة به ولكن تقاعسهم وعدم دراستهم للعلم بشكل صحيح هو الذي ساهم في هذه المسالة وليس انشغالهم بألفية ابن مالك كما ذهب الدكتور الوردي وبالتالي فانه يدعو وبشكل جميل الى وضع علم اجتماع عربي يقوم على نفس الأساس الذي وضعه ابن خلدون ويعزيه إن بعض الباحثين الاجتماعيين يسيرون في بحوثهم على طريقة التقليد لإحدى المدرستين الرئيسيتين في علم الاجتماع الحديث أي الماركسية او الغربية وبالتالي فان نتائج بحوثهم لا تنسجم وطبيعة مجتمعاتنا العربية وبالنتيجة فان علي الوردي يساهم اسهامة مهمة في جعل المفكر يعيش واقعه ويحاول معالجته من الأزمات التي يعيشها المفكر نفسه لا أن يعيش في اليوتوبيا التي لا تجدي نفعا في عالم متأزم وبالنتيجة فهو يصيب على أصحاب المدرستين الماركسية والغربية فيما يقوموا به من طرق للمعالجة بطريقة الاستبيان والإحصاء من المدرسة الغربية والتي لا تنسجم مع مجتمعاتنا لعدم دقتها في نظر الوردي بسبب ان مجتمعنا غير متعود على شخصيات تسأله في امر ما ويهرب الناس من السائل ويسخروا منه في حين ان المدرسة الماركسية يحاول أصحابها إدخال المجتمعات التي يدرجون ظواهرها الاجتماعية بخمسة مراحل هي/ 1- المشاعية البدائية. 2- الرق 3- الإقطاع 4- الرأسمالية 5- الشيوعية وبالتالي يحاولوا اكتشاف المجتمع حسب هذه الظواهر ولم يشخص د. علي الوردي أي من النظامين كان جيدا للبشرية النظام الرأسمالي أم الشيوعي بل يعتبر ان كلا النظامين فيه مساوئ ومحاسن عديدة لأنه عايشهما فترة كبيرة من الزمن ويلفت النظر إلى أن على العرب أن يختاروا لحياتهم ما يلاءم مجتمعهم وشخصيتهم ولا يكونوا تجاه هذه الأنظمة كالعاشق الولهان وهذا هو مبدأ الاقتباس المشروط الذي عمل به جمال الدين الأفغاني من قبل حين نادى بان نأخذ من الغرب ما يناسب تطلعاتنا . وبالتالي فعلي الوردي يعتبر أن طبيعة البشر ناقصة لذلك هم غير قادرين على إنشاء نظام اجتماعي مثالي لهم ويعزيه علي الوردي إلى طبيعة الإنسان فالإنسان إما خيرا أو شريرا وهذا يفعله من عمل خير أو شرير حسب ما يوحي به شعوره بالأنا وهو شعور يبدأ منذ الطفولة كمرحلة ويغرز بها وبالتالي فان علم الشخصية كأحد فروع علم الاجتماع يقوم على أساس الشعور بالذات كمحور تدور حوله الشخصية وبالتالي هذا هو السبب في ان تكون طبيعة الإنسان ناقصة وغير قادرة على إيجاد نظام متكامل يحكمهما ولكن الدكتور الوردي يفرق هنا بين مصطلحين فيما يخص الذات أي الأنا وهو الأنانية والانوية حيث يعتبر الإنسانية حالة مرضية يصاب بها بعض الأشخاص أما الانوية وهي تعني بأكثر الناس فالفرد فيها كثيرا ما يساعد غيره لأنه يريد ارتفاع الأنا في نظر المجتمع أي انه كالطفل يقوم بالعمل الذي نمدحه عليه ويضرب مثالا على الفرد العشائري حيث يقاتل من اجل عشيرته وقد يبذل حياته أو ماله كي يمتدح بأشد المدح من قبل أفراد عشيرته وهكذا الفرد في البلاد المتقدمة عندما يكون مخترع أو مكتشف فانه يسعى وراء التقدير الاجتماعي ويصل الوردي إلى خلاصة في هذا المجال مفادها إن الإنسان انوي ومعنى ذلك انه حين يفعل الخير لا يفعله حبا بالخير لذاته بل لكي يرفع من شأن الأنا في نظر الغير ويشير إلى أن ما ورد في القران الكريم من آيات متعددة في وصف طبيعة الإنسان قريبة جدا مما جاء به علم الاجتماع. تاسعا/ علي الوردي وتحيز العقل البشري . يعتبر الدكتور الوردي إن العقل البشري متحيز بطبيعته وان هناك عوامل لاشعورية تؤثر في تفكير الإنسان ويذكر ثلاثة من هذه العوامل اللاشعورية/ 1- الإيحاء الاجتماعي. 2- المصلحة الخاصة. 3- العاطفة. ومن حيث العامل الأول وهنا ينفرد الوردي بمصطلح يكاد ان يكون الأول من نوعه في العلوم الاجتماعية يصنف من خلاله كيف إن الإنسان يخضع في حياته الاجتماعية لتنويم يشبه من بعض الوجوه التنويم المغناطيسي يسميه التنويم الاجتماعي وهو ان المجتمع يسلط على الإنسان منذ طفولته الباكرة عقائد وقيم واعتبارات اجتماعية ويضع تفكير الإنسان في قوالب لا شعورية ويجعل الإنسان الذي نشأ في بيئة معينة ينطبع تفكيره غالبا بما في تلك البيئة من عقائد دينية وميول وعادات وقيم اجتماعية ولكن يضع الوردي استثناءات ويقول ان بعض الناس يتمردون على بيئتهم وهناك آخرون ينتقدون عقائد بيئتهم ويحاولون إصلاحها. أما العامل اللاشعوري الثاني /فهو المصلحة الخاصة وهنا يفلسف الوردي من خلال هذا العامل كيف إن مصلحة الإنسان تتحكم به لتحقيق أهداف معينة ولكنه يتظاهر بأنه يسعى نحو الحق والحقيقة ويضرب الدكتور الوردي مثالا على الحسد فهو يضيف انم نشا الحسد طبيعي فما دام الإنسان يبحث عن مصلحته الخاصة فهو لا يحب ان يرى أحدا من أقرانه سبقه إلى هدف ما . أما العامل اللاشعوري الثالث /أي العاطفة فتجعل من الإنسان يركز على محاسن المحبوب ويغض النظر عن مساوئه وهو يفعل عكس ذلك تجاه المكروه وهو بذلك يتحيز حسب هذا العامل وهنا يسال الوردي إذا كان العقل البشري متحيزا فكيف استطاع أن يكون مبدعا ؟ فيجيب إن وصف العقل بأنه متحيز لا اعني انه ليس مبدع فالواقع إن العقل البشري متحيز ومبدع في آن واحد . وهنا قد يتساءل سائل ويقول :مادام إن العقل البشري متحيز دائما في نظر الدكتور الوردي فكيف يمكن التوصل إلى الموضوعية. في البحوث الاجتماعية والتاريخية ولكن الدكتور الوردي يجيب ويقول إننا حين نطلب من المؤرخ أو الباحث الاجتماعي ان يكون موضوعيا أي غير متحيز لا نقصد بذلك أن يكون مجردا من التحيز تجردا تاما فهذا مستحيل فعلا ولكن أن يكون تحيزه قليلا هذا فيما يخص الدراسات التاريخية وهنا أحيل القارئ إلى بحثي المنشور في صحيفة الزمان حول أسس التاريخ عند الدكتور نوري جعفر والذي اذكر فيه الموضوعية التي يجب أن تكون متوفرة لدى المؤرخ أو الباحث في الشؤون التاريخية لغرض أن يكون بحثه موضوعيا مهما وما فائدة المؤرخ إذا كان متحيزا سواء كان تحيزه قليل أو كثير .
عاشرا/ الدكتور الوردي وعلاقته بالمؤرخين العرب/
يعترف الدكتور الوردي بأنه معجب بالطبري والبلاذري والمسعودي وابن الأثير وبأنهم تجنبوا الكثير من المهاترات والمجادلات التعصبية المقيتة وهنا ينقل الدكتور الوردي كلام للدكتور صالح احمد العلي في وصف المؤرخين العرب بما نصه/ من حق العرب أن يفخروا بكثرة ما ألفوه من كتب مكتوبة باللغة العربية فأنهم في ذلك يفوقون كافة الأمم التي سبقتهم وعاصرتهم. ويعقب الدكتور الوردي على ذلك بأنه يتوافق مع الدكتور صالح على قوله هذا كل الموافقة وان المؤرخين العرب كانوا مفتوحي الذهن وهم يجعلون من يقرأهم مفتوح الذهن. وهنا اختلف مع الدكتور الوردي اختلافا كبيرا على رأيه هذا وللأسباب التالية. 1- إن هذه نظرة قومية بحتة للدكتور الوردي بنظرته للمؤرخين العرب وإعجابه بهم وموافقته لكلام الدكتور صالح العلي ومافيه من قومية كبيرة وواضحة . 2- صحيح إن العرب قد يكونوا قد فاقوا الأمم كثيرا في التأليف ولكن أي تاريخ ورثه وكتبه هؤلاء كمؤرخين والمهاترات الكبيرة والكثيرة بين مؤرخي السنة والشيعة وما جرى على إثرها من مشاكل كثيرة جرت لسنين عديدة وسببت الأذى الكبير الذي طال المجتمعات العربية والإسلامية وهنا لو أردنا أن نستعرض ما جاء به هؤلاء المؤرخين لرأينا العجب في هذه المسالة ولرأينا التاريخ المشوه الذي ورثناه من هؤلاء وهذه النظرة لعلي الوردي تناقض مجاله النهضوي. 3- استخدام الوردي لمفردة الأمة العربية يثير أسئلة كثيرة ومنها هل امن الوردي بالأمة العربية ولو كان قد امن بها فلماذا لم يدرس الشخصية العربية وإنما تخصص بالشخصية العراقية وهذا يدلك على انه يفرق تفرقة واضحة بين الأمة العربية والأمة العراقية ويعتبر إن لكل منهما شخصيتهما الحضارية. ونتساءل مع الدكتور الوردي أيضا أما كان ابن الأثير متحيزا أو الطبري للتراث السني أو المسعودي وتحيزه للتراث الشيعي قليلا أو كثيرا ونقول أيضا إن هؤلاء المؤرخين الذين أعجب بهم الدكتور الوردي هم متحيزون وكلا إلى تراثه شيعيا كان أم سنيا وهناك من الموضوعية الشيء القليل لا الكثير .
الحادي عشر/ يقول الدكتور الوردي إن الحضارة قائمة على أساس من المساواة والتعاون بين جميع المواطنين وهذا هو ما نتوقعه من مسيرتنا الحاضرة وهكذا فهو يعطي صورة الحضارة المشرقة التي يود أن يراها في المجتمعات وبالتالي تتطور مسيرة الإنسانية إلى مراتب التقدم الكبيرة. الاعتمادات/ 1- مجلة آفاق عربية ،العدد 9،مايس 1984،السنة التاسعة. 2- مجلة الثقافة العربية، العدد13،تشرين الثاني 1974م. 3- مجلة الأقلام العراقية ،العدد5،1999م.،السنة 34 4- الأقلام ،العدد8،1983م. 5- آفاق عربية ،العددان7-8،تموز-آب 1995،السنة العشرون. 6- أسطورة الأدب الرفيع،الدكتور علي الوردي،طبعة لندن. 7- لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث /د.علي الوردي،مطبعة الإرشاد،بغداد/1971/الأجزاء الكاملة. 8- منطق ابن خلدون /د.علي الوردي ،ط1، 2005، منشورات ابن جبير 9- دراسة في طبية المجتمع العراقي،د.علي الوردي،بغداد،دار الحوراء،2005 10- خوارق اللاشعور أو أسرار الشخصية الناجحة ،د.علي الوردي، ط2 ،دار الوراق، لندن،1996م. 11- وعاظ السلاطين،د.علي الوردي، دار كوفان،لندن،ط2، 1995.
#ياسر_جاسم_قاسم (هاشتاغ)
Yaser_Jasem_Qasem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظرة الى الموروث والقدرة على التقدم
-
هل قامت الاديان باختزال مفاهيم الانسانية
-
لقاء مع الدكتورة نوال السعداوي
-
اس وتراب ..... دلالات فنية ومسيرة شعرية قراءة في مجموعة احمد
...
-
المجتمع بين الواقعية والرمزية دلالات اليوتوبيا في تجسيد الوا
...
-
الفلسفة التربوية لمعاني الثورة وأسس التربية التاريخية في نظر
...
-
العولمة ... الاتجاهات والمناهج الفكرية ج2 : سياسات العولمة و
...
-
العولمة ..الاتجاهات والمناهج الفكرية
-
اشكالية الشرق والغرب في الاتجاهات الفكرية
-
العقل الايماني وارتباطه بمظاهر العنف
-
هشام شرابي قراءة في نظرية البعث الاسلامي والاصولية
-
الفكر النقدي الادبي
-
الارهاب وتقاطعات الانسنة في المشاريع الحيوية
-
ثقافة العصر وتحديات الحداثة
-
الطغيان السياسي وجذور الاستبداد
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|