علي ديوب
الحوار المتمدن-العدد: 2451 - 2008 / 10 / 31 - 04:32
المحور:
الادب والفن
عجبت لمن بات محروما كيف لا يخرج على الناس شاهرا عضوه! وحده حسين عجيب هو الذي يثير عجبي، بل إعجابي، إلى أقصى حد. ذلك الصدق الجارح و المجروح. تلك الروح التي تئن تحت صقيع الانكشاف، وسط مجتمع متلبد، و مناخ متبلد من الأرواح الداكنة الكئيبة المتكدسة مثل بقايا فاسدة في سوق خضار غادره المتسوقون، فهامت في جنباته القطط، و استباحته الكلاب الشاردة، بحثا عما يليق بها.. تاركة للغبار و الذباب ودبق السوائل المسفوحة و روائح العفونة و حموضة الجو أن تكمل اللوحة.
يخرج حسين عجيب رأسه من الركام، و يرمي بصره هنا و هناك. في البعيد و في نفسه و محيطه.. فتئن النفوس الميتة، المتدثرة بالنتانة، تتذمر بالشكوى من روح متمردة تتعرى بكل وقاحة وسط حشمة لم تر الضوء منذ قيل لها كوني ظلاما. و تعوي مستغيثة بالسعار ضد هذا الآبق، مستعدية كل الأخوة الوحوش ضد ذلك الخارج المتهتك المنغمس بالفجور و النور.
عضوه رفيقه المحزون، و نحن أصدقاؤه البائسون، و صديقاته البائسات، و هذا وطنه المقتول.. لا يفاضل بيننا في مديح، و لا يقصر عن رثاء. فينا اكتشف سجنه إلفة، و بفضلنا نشد حريته مهربا، و بيننا وزع مفرداته تهكما و هباء. فكان هو بئر نفسه التي لا قعر لها، و كنا نحن فضاءه الذي لا معنى له. و كان و إيانا عدما مزخرفا.
يقسم حسين البشر إلى نوعين
الأول متلصّص
والثاني استعرائي
أو مزيج منهما
و يعترف
كلّ ثرثرتي استعراء من جهة وتلصّص من الثانية.
و حين يدخل الغرفة و يسدل الستائر، يخبرنا بأنه مارس أكثر التخيلات و التصورات خلاعة بينه و بين نفسه.. و بأنه انجرف بعيدا في الكابوس.
و حين يطلق صرخته على شكل سؤال" كيف أحتمل كلّ هذا الخراب بلا سند,وبمفردي". يكون علينا نحن أن نحمد الله على نعمة العقل و صحة البدن و صفاء النفس.. و يكون علينا أن نتآلف مع مزابل الكذب و أهرامات الرضى التي تتزين بالعلب الفارغة تسبح باريها، و تتكلل بأعلام أكياس النايلون شارة تحرير و نصر و فخار!
يضيع حسين الشاعر، و يضيع حسين المهندس، و يضيع حسين العاشق، و يضيع حسين الجيل- الأجيال؛ و ترتفع المخلفات الوطنية عاليا.
#علي_ديوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟