أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عدنان ميّاح - متطرفوا الليبرالية .. فئران السفينة















المزيد.....

متطرفوا الليبرالية .. فئران السفينة


عدنان ميّاح

الحوار المتمدن-العدد: 2446 - 2008 / 10 / 26 - 09:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"فئران السفينة، تعيش عل سطحها، ثم على حطامها، بانتظار اول سفينة للقراصنة" قول مأثور
من سوء حظ الليبرالية، انها رست اخيرا في موطن رائج ومروج للتطرف واقصاء الآخر. فكثيرا ما تصطبغ الأيدولوجيات والمناهج الفكرية بصبغات البلدان التي تطبق فيها، وتتمظهر بمظاهر المتلقي لها -طوعا او كرها-. لسوء حظها كان مقدراً لها ان تكون سلعة معروضة في سوق الأيدولوجيات والمقدسات الراسخة والتطرف والمتطرفين، بعد ان كانت تعرف بايدلوجية –اللاايدلوجيات-. هي كغيرها وجدت من يتلقفها ويروج لها ويعتنقها (وربما يفخخ نفسه من أجلها)، مثلها مثل باقي النظريات السالفة سواء كانت دينية كالاسلام والمسيحية واليهودية، او مذاهب سياسية و اقتصادية كالماركسية والراسمالية وغيرها.
وبنظرة على الوقائع التاريخية في هذا المضمون، نجد ان الشرق الأوسط عموما –والعراق على وجه الخصوص، ودعنا نتكلم عن العراق كنموذج، نرى انه كان ارضاً خصبة لمختلف الايدلوجيات والديانات والمذاهب الفكرية –الغث منها والسمين-، والتي كثيرا ما وجدت من المؤمنين بها والمروجين لها حد التطرف. السمة الغالبة لهذا الاعتقاد ومن ثم الترويج له، في الأعم الأغلب لم يكن متأتياً عن قياس وقبول عقلائي ومنطقي للمعطيات، ومن ثم محاولة ابراز المحاسن والمزايا التي يمتلكها هذا النهج والنتائج التي يمكن ان تترتب على تطبيقه، وبعد ذلك يترك الخيار امام الآخرين من اتباع باقي المعتقدات لتمحيص النتائج الحاصلة واتخاذ القرار الذي سيكون مستندا هذه المرة الى قناعة كافية. على العكس دأبت الجماعات التي تتبنى التجديد البدء بمحاولة اثبات فشل واقصاء اي منافس آخر على الساحة المستهدفة، والتسرع باستحصال النتائج دون تخطيط بعيد الأمد واعطاء التجربة الجديدة الوقت اللازم لأكتساب النضج المطلوب، الأمر الذي غالبا ما يعطي ردة عكسية لأتباع القناعات الأخرى حتى وان كانوا نسبياً مقتنعيين بالتغيير، فهم سرعان ما يتحولون الى اعداء ومعارضين حفاظاً على ما لديهم ودفاعا عن هويتهم.
وكي اكون منصفاً وراوياً لما عاصرته وعايشته شخصياً، اعطي بعض الأمثلة عن الماضي القريب وعن الحاضر؛ اتذكر في فترة نهاية السبعينات وبداية الثمانينات إذ كان العراق حينذاك سوقاً رائجة للشيوعية من جهة، والحركات القومية من جهة اخرى، ناهيك عن بعض الحركات الأسلامية هنا او هناك. كان اكثر من فرد من افراد عائلتي شيوعياً، اتذكر انهم في الوقت الذي كانوا يسخرون من المتدينين، ومن فكرة الخالق، وفكرة العبودية، كانوا هم انفسهم متدينيين وعبيد لخالق آخر –او بالأحرى لمخلوق آخر- ومتعصبين لفكرة ونظرية يقدسونها ويألهونها ويخضعون لها، يقدسون اصحابها وقادتها ويعلقون صوراً لـ (لينين)و (ماركس) بل وحتى (ستالين). مع معرفتي بأن اكثرهم لا يعي الكثير عن الشيوعية وماهيتها. كان الجدال على اوجه في البيوت والمقاهي والحانات يصل الى حد اراقة الدماء وتقاذف الكراسي –والأحذية احيانا-، لا لشيء الا لأن كل فرد يرى الصواب في جانبه ويصم آذانه عما يقول الآخرون.
على الجانب الآخر، يقف افراد آخرون من اسرتي من الأسلاميين، الذين كانوا يحتكرون الحق والحقيقة لأنفسهم بشكل مطلق، بل اكثر من ذلك، فانهم كانوا يمتلكون العصا السحرية للتعامل مع الآخر، الا وهي التكفير، والتسقيط، والتشهير، التهمة الجاهزة التي ما ان تلتصق بفرد من الأفراد الا واهدر دمه وماله وعرضه الى يوم القيامة. ولا اريد التوغل اكثر في صفحات الماضي كي اجنب نفسي حكم الزندقة و الكفر او العمالة والرجعية و..، واكتفي بما رأيت.
اما عن الحاضر، فهو عصر الليبرالية، وسوق الديمقراطية، وبالتأكيد كلاهما وجدتا من الأتباع والراقصين –المتطرفين- المئات، الرب الآن هو اميريكا، خالقة الديمقراطية، الكل يطوف حولها ويسبح بحمدها. مرة اخرى انا على يقين ان الغالبية العضمى لا تعي ماهية الديمقراطية ولو في ابسط مفاهيمها، وعلى يقين ايضاً ان الغالبية العظمى منهم دكتاتوريون حتى في بيوتهم مع نسائهم واطفالهم. وقد رأينا مؤخراً كيف ان برلماننا المهيب (المنتخب ديمقراطياً) يصوت لقانون يمنع الأقليات من اختيار ممثلين لهم في مجالس محافظاتهم، ثم يظهرون في اليوم التالي كأفراد يشجبون القرار الذي صوتوا عليه بالاجماع. بل كفاهم ديمقراطية انه من غير الممكن لهم ان يدخلوا الى قاعة البرلمان دون ان يشم الكلب الامريكي مؤخراتهم، لا اوجه الأتهام الى الكلب الأمريكي، لأن الوقائع اثبتت وللاسف أن بعض اعضاء البرلمان (ممثلي الشعب) يأتي بعدة العمل –الـ تي ان تي- في بعض الأحيان الى جلسات البرلمان.
اكثر من ذلك، رأيت وسمعت الكثير ممن يدعي الليبرالية والعقلية المنفتحة، يسخر من اناس لا يماثلونه التفكير او الرأي، بل ما زاد استغرابي وحيرتي، اني علمت مؤخرا ان بعض منظمات المجتمع المدني وبعض الشركات التجارية بل حتى بعض المؤسسات التعليمية الحكومية، كمعاهد وكليات الفنون الجميلة، تستثني (المحجبات) من التقديم لوظائف او للدراسة –بالتلميح احياناً وبالتصريح اخرى-. مؤسسات اخرى تعين او لا تعيين المسيحيين، او الشيعة او السنة..الخ. وببساطة اقول ان هذه عنصرية وتحيز وتحامل يندى منه جبين الليبرالية.
الأدهى من هذا كله، ان مواطني الليبرالية القادمون من الغرب انفسهم، يحترمون ويقدرون مقدسات وعادات البلدان المضيفة، اكثر من المهرجين –المضيفين- طفيلي الليبرالية. سمعت من بعض الأصدقاء الأجانب، وحتى العسكريين منهم، انهم يتلقون تدريبات وتثقيفاً حول معتقدات وعادات المجتمعات التي يتوجهون نحوها، وعلى ضرورة احترامها وعدم المساس بها، سواء اكانت زياراتهم للسياحة، او للعمل، او (للغزو). فنحن لا نتفاجئ كثيرا حينما يحيينا جندي او مجندة امريكية بتحية "السلام عليكم"، التحية التي يستهجنها ليبراليو العراق لأنها "تحية المسلمين" ويفضلون "هاي" او "هيلو" عليها. وقد شاهدت الكثير من الأجانب وهم يتجنبون الأجهار بالأكل او الشرب اما العموم في شهر رمضان، احتراماً منهم لمقدسات الناس، فيما شاهدت متطرفي الليبرالية يسخرون من مقدسات ابناء جلدتهم وينكرونها عليهم، ولا يتركون مناسبة الا وتطرقوا الى انتقاداتهم –الماصخة- للعادات التي اصبحت في نظرهم بالية وقديمة ولا تضاهي عصر التطور (الذي لا نعيشه).
ليس بوسعي، الا ان انصح تجار الليبرالية، اللذين اتو ببضاعتهم المزجاة الى العراق، ان يرحلوا بهدوء وسلام، ويتجنبون اراقة دماء ابنائهم –لأنهم لا يستحقون ما يحصل لهم-. لأنهم ان بقوا، سيرجعون الى بلدانهم متطرفين، تاركين ورائهم بضاعتهم -التي ردت اليهم- فاسدة، افسدها سوء الأستخدام، لمستخدمين سرعان ما يتركونها ليتلاقفون بضاعة اخرة مزجاة من تاجر وافد جديد، فالليبرالية شرعة خلقت لغيرنا، خلقت لأناس يقدرون معنى الحياة وحق الأنسان في حياة كريمة.




#عدنان_ميّاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر والصومال.. اتفاق للدفاع المشترك
- ترامب يحذر من عواقب فوز هاريس في الانتخابات الرئاسية
- أربعة أسئلة حول مفاوضات الخميس لوقف إطلاق النار في غزة
- بايدن وهاريس يتلقيان إحاطة بشأن التطورات في الشرق الأوسط
- عزيز الشافعي يدعم شيرين ويوضح موقفه من إصدار أغنيتها الجديدت ...
- أمريكا تجدد دعوتها لسوريا للإفراج عن الصحفي -المختطف- أوستن ...
- قصف مدفعي إسرائيلي من العيار الثقيل يستهدف مجرى نهر الليطاني ...
- متهم بالعمالة للحكومة المصرية يتوصل لصفقة مع السلطات الأميرك ...
- في ختام اليوم 313 للحرب على غزة.. آحدث تفاصيل الوضع الميداني ...
- مصراتة الليبية تعلن إعادة تفعيل المجلس العسكري ردا على نقل ص ...


المزيد.....

- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عدنان ميّاح - متطرفوا الليبرالية .. فئران السفينة