وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2443 - 2008 / 10 / 23 - 06:29
المحور:
الادب والفن
بين قطار الساعة السابعة
الصاعد إلى سالزبورغ
وقطار الساعة التاسعة
النازل إلى البصرة
خمسة دقائق فقط
تختصر خمرة الوجه والملامح
وشهقة جلجامش والهموم
تونس (أو غيرها)
يمكن الاستعاضة عن
كلاب الأمن
بالحرس النازي الجديد
وهم يمدون الشرائط الحمر
بين ممرات الكلية
واستبدال غرفة النشاطات الفنية
ببرميل النفايات
المكتوب عليه بخط واضح
أوسلندر (أجانب)
أجانب كنا (آوخ) – كذلك
في بلادنا
مواطنين من الدرجة العاشرة..
ملزمين بتسديد فواتير الدم
والسكوت عن حقوقنا
أو المعارضة
إستعض عن دعواتك
وصلواتك الفجرية يا أبي
بشهقة الندم
ودمعة المضطر
إستعض عن رشّة الماء
بوابل من مطر كريه
وثلوج ترفض المغادرة
وبرد يسكن العظام..
أستعيض عن الدربونة
بوجهك تحت الشال
وبين سطور الكتاب الذي
تحت إبطي
عشرون عاماً يا أمي بين القطارات
عشرون عاماً على برودة عظامي
وآخر مرة سقطت فيها
دمعتك على خدي..
ليست البصرة مثل سالزبورغ
هذه المحتشدة على بعضها
من الخوف
بين مطالب البافاريين
وغزوات الهنغار
أينها من البصرة الفيحاء
المنفتحة على كل العالم..
أين دفء قهوة أبي علي..
من قهوة الأكسبريس
أين باجة أبو أحمد
من البيتزا أو كباب الترك
على باب المحطة..
أين ابتسامة فاليند الماكرة
من حميمية الدكتور باوا الهندي
ماذا أقول لك…
غير أن الطرق
مقطوعة كلها اليوم..
الطريق إلى البصرة..
تقطعه الطائرات الأميركية
وطريق سالزبورغ يقطعه الفيضان
الجبايش غادرت هي الأخرى
منذ آخر مرة رأيتك فيها..
الدفء والابتسامة والطيبة
غادرت وجوه الناس..
كل ما تبقى لديَّ
مجرد ذكريات وذكريات
وبطاقات الباص
لفئات مختلفة..
حتى العملة قد تغيرت
وغادرت الطعم والرائحة
هناك لم يكن أحد يسأل
لماذا تدرس..
ماذا تريد..
هنا لا أحد يجيب!
يسألونني يومياً.. لماذا أدرس..
ماذا تريد أن تصير..
إذا حصلت على الإجازة..
هل تحب النمسا؟
أضحك في وجوههم..
وأقول.. النمسا بلد سياحي..
بلد موتزارت وبتهوفن..
فرويد وهتلر..
وفي قاعة المناقشة.. تتحدث الطالبة
عن حقوق اسرائيل في مياه الليطاني والعاصي
أقول لها: هل رأيت الخريطة؟
هكذا هي الأمور هنا يا أبي..
وهذه هي الدراسات العالية جداً
تحت مستوى الكتف.. أو الردف
هكذا تم تجفيف الأهوار..
وسحب مياه دجلة والفرات..
لضمان مستقبل اليهود..
ما قيمة الدراسات يا أمي..!
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟