أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رمضان متولي - الأزمة في هايتي وخرافة الديمقراطية الأمريكية في العراق - تصحيح وتوضيح















المزيد.....

الأزمة في هايتي وخرافة الديمقراطية الأمريكية في العراق - تصحيح وتوضيح


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 753 - 2004 / 2 / 23 - 04:49
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


أود أن أعتذر للقارئ أولا عن بعض الأخطاء في المقال الذي نشرته على موقع الحوار المتمدن تحت عنوان "أوهام وحقائق مشروع الشرق الأوسط الكبير"، فقد ورد بالمقال حول الأزمة الجارية حاليا في هايتي:
"مثال آخر من العصر الحديث، حتى لا نحتاج إلى أمثلة مثل شيلي 1979، وإندونيسيا سوهارتو، وغيرها، وهذا المثال هو حكومة أريستيد في هايتي، حيث تولى أريستيد رئاسة البلاد بعد انتخابات ديمقراطية في عام 2002، ولكن طبقة رجال الأعمال والشركات الأمريكية دعمت انقلابا عسكريا ضده، وبعد هروبه إلى الولايات المتحدة ووعوده بتنفيذ برامج التكيف الهيكلي وتحرير التجارة مع صندوق النقد الدولي، تدخلت الولايات المتحدة عسكريا وأعادته إلى السلطة، ولكن هذه السياسات أدت إلى تردي الأوضاع في هايتي من ارتفاع الأسعار وتزايد البطالة وانهيار الاقتصاد، فتخلى أريستيد عن برامج الصندوق وبدأ في زيادة الإنفاق على الخدمات من تعليم وصحة وبعض الإصلاحات الاجتماعية الأخرى، فتدخلت الولايات المتحدة مرة أخرى بأن أوقفت أي قروض من الصندوق والبنك إلى هايتي وبدأت الشركات الأمريكية ورجال الأعمال من جديد في تفجير موجة من التمرد التي تطالب باستقالة أريستيد مازالت مستمرة حتى الآن. ورغم إعلان الولايات المتحدة "تأييدها" للسلطة الشرعية وبقاء أريستيد إلا أنها تواصل سياسة الدعم غير المباشر للمتمردين."
الخطأ هو أن أريستيد لم يتول السلطة في هايتي عام 2002، وإنما في انتخابات أجريت عام 1990، والانقلاب الذي أطاح به من السلطة قاده جنود مدربون من قبل الولايات المتحدة بعد سبعة أشهر فقط من انتخابه، حيث قتلوا وعذبوا الآلاف من أبناء هايتي، وفرضت الأمم المتحدة حظرا على البلاد أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية للسكان. وبعد ثلاثة أعوام، في سبتمبر 1994، أعلنت إدارة كلينتون أنها سوف تعيد الديمقراطية إلى هايتي، فأرسلت الولايات المتحدة 20 ألف جندي لإعادة أريستيد إلى السلطة. وطبعا لم تكن دوافع كلينتون إعادة الديمقراطية إلى البلاد، بل أنه كان يخشى الإطاحة بالجيش من السلطة في هايتي عن طريق انتفاضة جماهيرية، كما أنه كان قد وعد بحل مشكلة اللاجئين من هايتي إلى الولايات المتحدة بعد تردي الأوضاع المعيشية للسكان ولجوئهم إلى الهروب بالقوارب إلى السواحل الأمريكية، والأهم من ذلك أن أريستيد الذي كان قسا كاثوليكيا يدعو إلى الاستسلام والخنوع تحول إلى دمية في أيدي الأمريكيين، وفي مقابل عودته إلى السلطة وافق على تسليم اقتصاد البلاد للشركات الأجنبية، ووافق في عام  1993 على خطة صندوق النقد الدولي بتخفيض الأجور، وخصخصة الشركات المملوكة للدولة، وإلغاء الرسوم والقيود الجمركية على السلع المستوردة، وربط الصندوق تقديم أي قروض أو منح لهايتي بخصخصة سبع شركات كبيرة مملوكة للدولة. وقد التزم أريستيد بعد عودته إلى السلطة بتطبيق هذه السياسات حتى أدت إلى مزيد من الإفقار وعدم المساواة في البلاد.
وفي انتخابات مايو عام 2000، نجح حزب أريستيد نجاحا كاسحا في الانتخابات ضد المرشحين الذين تدعمهم واشنطن، حيث أشارت بعض التقارير أن حكومة أريستيد قامت بزيادة الاستثمار في الزراعة والبنية الأساسية والمواصلات العامة، وضاعفت الحد الأدنى للأجور رغم المعارضة القوية من رجال الأعمال وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، كما أولت اهتماما خاصا للتعليم والرعاية الصحية، وقامت ببناء العديد من المدارس ودعم الكتب والزي المدرسي بنسبة 70%، وردا على ذلك قام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بفرض حظر على هايتي ومنع تقديم مئات الملايين من القروض والمعونات. كما أن منظمة الدول الأمريكية زعمت أن الانتخابات قد زورت، وعندما رفضت الحكومة زعمها منعت تقديم أي معونات أو قروض لها، بل أجبرت الدولة الفقيرة على دفع 30 مليون دولار من القروض المستحقة للولايات المتحدة منذ شهور قليلة.
 وتواصل الولايات المتحدة مساعيها لدعم المعارضة وتدمير اقتصاد البلاد انتقاما من حكومة أريستيد. فقد نشرت البي بي سي في 21 فبراير الجاري تقريرا عن قبول أريستيد خطة "سلام" مع المتمردين تدعمها الولايات المتحدة، وبموجب هذه الخطة يستمر أريستيد في السلطة حتى عام 2006 ولكن مع تخفيض سلطاته، وإقالة رئيس وزراء حكومته ليتولى بدلا منه رئيس وزراء يقبله المتمردون الذين قاموا بعمليات تخريب ونهب واسعة في البلاد. ويشارك في اختيار رئيس الوزراء لجنة مشكلة من الحكومة والمعارضة السياسية التي تمثل المتمردين ومنظمة الدول الأمريكية بالإضافة إلى مشاركة أوروبية. كما أنه من المتوقع أن ترسل المنظمة بالاشتراك مع فرنسا قوات دولية إلى هايتي يسمونها قوات حفظ السلام، وفي نفس الوقت رفض المتمردون أي خطة لا تتضمن عزل أريستيد من منصبه، كما دعت الولايات المتحدة مواطنيها إلى مغادرة البلاد. وقد نتج عن التمرد خلال الأسبوعين فقط الماضيين مقتل 50 مواطنا.
وتعتبر هايتي نموذجا للدول التي تعرضت وقاست من النهب الاستعماري على مدار تاريخها ودليلا حيا على فظاعة الاحتلال وبشاعة الإمبريالية، ففي عام 1700 كانت هايتي – التي كان اسمها آنذاك سان دومينجو – أغنى مستعمرة في العالم حيث كان يعمل بها حوالي نصف مليون من العبيد الذين تم اصطيادهم من إفريقيا، ولكن جيشا من العبيد بقيادة توسينت لوفيرتور استطاع هزيمة جيوش الاستعمار الأوروبي وتحقيق الاستقلال لهايتي منذ مائتي عام تقريبا. وقد نشرت مجلة Socialist Review في عددها الأخير (فبراير 2004) مقالا حول تاريخ الجزيرة – وهو المقال الذي اعتمدت عليه في تصحيح المعلومات – جاء فيه أن عبيد سان دومينجو نظموا انتفاضة في عام 1791، واستطاعوا في معارك استمرت 12 عاما هزيمة القوات التابعة لملاك العبيد في هايتي ثم هزيمة قوات الغزو الإسبانية والبريطانية، ثم هزموا بعد ذلك حملة فرنسية كبيرة. ولكن القوى الكبرى في العالم لم تعترف باستقلال هايتي لمدة 62 عاما، وضربت عليها حظرا وقاطعت تجارتها، ولم تحصل البلاد على اعتراف باستقلالها إلا بعد أن دفعت لفرنسا 150 مليون فرنك ذهبي (حوالي 21 مليار دولار اليوم) مقابل الاستقلال كتعويض لملاك العبيد وورثتهم. وقد اضطرت هايتي، تحت تهديد القوات الفرنسية، على الاقتراض لسداد أقساط هذه التعويضات، مما أوقعها مرة أخرى في قبضة مستعبديها. واستمر الاستغلال الفرنسي لهايتي حتى قامت الولايات المتحدة بغزوها في عام 1915 لتحطيم انتفاضة جماهيرية، وتلا ذلك احتلال أمريكا للجزيرة لمدة 19 عاما قامت خلالها قوات البحرية الأمريكية بذبح حوالي 60 ألفا من مواطني هايتي، وباسم "الديمقراطية" عينت الولايات المتحدة رئيسا لهايتي وسيطرت على اقتصادها، واستولت على احتياطاتها من الذهب، وبنكها الوطني، وجندت سكان الجزيرة في العمل الإجباري لبناء الطرق والمشروعات الأخرى، وأعادت كتابة دستور البلاد بما يسمح للأجانب بملكية أراضيها واستغلال ثرواتها، وتماما كما تسعى الآن إلى فرض نفس السياسات في العراق، قامت الولايات المتحدة بتدريب وتنظيم جيش جديد للجزيرة اشتهر بقمعه الوحشي للمواطنين.
وفي عام 1956 دعمت الولايات المتحدة انقلابا عسكريا في هايتي بقيادة فرانسوا دافالييه، الذي أقام نظاما ديكتاتوريا تسانده الولايات المتحدة لمواجهة ديكتاتورية كوبا المدعومة من روسيا. وقد قام قادة هذا الانقلاب بقتل عشرات الآلاف من السكان في الجزيرة وسرقة مئات الملايين من الدولارات من خزائنها، واستمر حكم هذه الطبقة الفاسدة من العسكر حتى عام 1986.
ويستطيع العراقيون أن يتوقعوا مستقبلهم بدرجة أو بأخرى إذا ما نجحت خطط الولايات المتحدة في العراق، ولكننا بالتأكيد نتمنى أن لا تنجح هذه الخطط، والرهان الوحيد هو مقاومة الشعب العراقي الذي بدأ ينظم المظاهرات الواسعة أيضا بجانب المقاومة المسلحة في مواجهة قوات الاحتلال. إن المظاهرات الجماهيرية والإضرابات جنبا إلى جنب مع المقاومة المسلحة، وظهور منظمات جماهيرية قاعدية، تساند المقاومة وتحشد لها، وتدفعها في اتجاهات تقدمية في مواجهة القيادات العفنة التي ينتقيها الاحتلال، والقيادات الرجعية التي ستلجأ إن عاجلا أو آجلا إلى مساومة الاحتلال، هي السبيل الوحيد لإنقاذ الشعب العراقي من كوارث أخرى لاحقة إذا ما تحققت للولايات المتحدة الهيمنة الكاملة والاستقرار داخل العراق. فالقيادات الرجعية – سواء المرجعية الشيعية أو السنية أو مجلس الحكم بكل أطيافه أو الأحزاب البرجوازية الكردية – كل هؤلاء مستعدون للمساومة مع الاحتلال والتواؤم معه، والشعب العراقي وحده هو الذي سيدفع الثمن.  



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوهام وحقائق مشروع الشرق الأوسط الكبير
- تفجيرات أربيل وحق الأكراد في تقرير المصير
- أحيانا أندهش!
- متى تكون الديمقراطية من مصلحة الأمريكيين في العراق؟
- محكمة بلا ذراعين، وقادة بلا أنصار!
- طريق التغيير لا يمر عبر -مرآة أليس
- الطريق إلى الحرية – معادلة لم تجد لها حلا بعد!


المزيد.....




- ??مباشر: مفاوضات جديدة لوقف إطلاق النار في غزة واستمرار المخ ...
- استقالة رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية على خلفية تعاملها مع ...
- شهيدان وعدة جرحى في قصف إسرائيلي على مخيم بلاطة شرقي نابلس
- -تحول استراتيجي- في علاقة روسيا والصين.. ماذا وراء التدريبات ...
- أكسيوس: ترامب تحدث مع نتانياهو عن الرهائن ووقف إطلاق النار
- قراصنة إيرانيون يستهدفون حملتي هاريس وترامب
- نعمت شفيق تعلن استقالتها من رئاسة جامعة كولومبيا بعد أشهر من ...
- استقالة نعمت شفيق من رئاسة جامعة كولومبيا على خلفية احتجاجات ...
- رئيسة جامعة كولومبيا تستقيل بعد أشهر من الاحتجاجات الطلابية ...
- بايدن مازحا خلال لقاء في البيت الأبيض: -أنا أبحث عن وظيفة-


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - رمضان متولي - الأزمة في هايتي وخرافة الديمقراطية الأمريكية في العراق - تصحيح وتوضيح