ساطع راجي
الحوار المتمدن-العدد: 2435 - 2008 / 10 / 15 - 09:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شهدت الايام الماضية حملات متضادة من هجمات الهكرز (قراصنة المواقع الالكترونية) تحت مبررات طائفية وشملت الهجمات التخريبية مواقع لعلماء ومنظمات ومؤسسات إعلامية وقد إستهوت اللعبة القراصنة في كل طرف فوسعوا نشاطهم ليشمل مواقع "إجتهدوا" إنها تنتمي للطائفة الاخرى.
ليس من المهم فحص مبررات أو دوافع القراصنة من الطرفين أو على الاقل لا يحظى بنفس أهمية التساؤل عن البراعة التقنية التي لم تحضر إلا في الفعل التخريبي الذي إتسع من فكر القتل والتحريض والكراهية ليبتكر العبوات الناسفة بمختلف تقنياتها والانتحاريون والانتحاريات بمختلف قياساتهم وميولهم والاسلحة الكاتمة وطرائق قتل أخرى لا تخطر إلا على عقول الشياطين وأبالسة الكراهية ليكون تطوير الموت وتحديث أساليبه هو المجال الوحيد الذي تظهر فيه الامكانيات العلمية في مجتمعاتنا ولنحقق القفزة الرقمية في الصراعات الطائفية عبر الشبكة العنكبوتية التي صارت سلاحا للدفاع عن العقائد القديمة بعدما كانت شبكة شيطانية.
ماذا سيكون ياترى رد فعل رواد ومفكري النهضة في منطقتنا لو علموا بهذا التطور المأساوي بعد أن أفنوا أعمارهم في الدعوة الى بناء المؤسسات العلمية والاكاديمية الحديثة وتطوير التعليم وراهنوا إن العلم سيقود الى تطوير المجتمعات المتخلفة ويخلصها من العقليات المغلقة التي لا شغل لها إلا النبش في بطون الكتب بحثا عن العداوات القديمة لإحيائها فإذا بالعلم الحديث لا ينتج إلا مهندسي الموت في مجتمعات تستهلك كل شيء ولا تبدع غير الدمار والكراهية؟.
توسع إستعمال التقنيات الحديثة في العداوات القديمة وكذلك براعة جماعات التطرف والانغلاق في إستخدام التكنولوجيا لتحقيق مآربها ونشر سمومها يضعنا أمام مفارقة خطرة فبينما كنا نتصور إننا نسير الى أمام فإذا بنا نعود الى الخلف متراجعين كثيرا عن بدايات القرن العشرين المنصرم ومنشغلين بقضايا شبعت موتا تصورنا أكثر من مرة إننا تجاوزناها وتحركنا نحو المستقبل.
تصورنا إن التقنيات الحديثة ستنقذنا من تخلفنا وصراعاتنا المتخلفة فإذا بها تتحول الى أدوات تدفع الى تخلف أكبر والى أسلحة أشد فتكا وطرقا الى ميادين جديدة للقتال، إنها محنة جديدة تواجهنا بشراسة، ويبدو إننا أسرفنا في إستيراد وإستعمال التقنيات دون أن نبذل ولو جهدا يسيرا في إستيعاب العالم الجديد الذي نعيش فيه.
#ساطع_راجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟