سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2443 - 2008 / 10 / 23 - 08:26
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
كان عادل سيف النصر سليل أسرة "إقطاعية" من كبار ملاك الأراضى وأصحاب الأطيان وأعيان ووجهاء الصعيد.
أى أنه كان يندرج تحت فئة "النصف فى المائة" التى كانت تحتكر السلطة والثروة قبل 23 يوليه 1952. فقد ولد وفى فمه ملعقة من ذهب كما يقال.
لكنه بدلاً من أن ينغمس فى اللذائذ ويستمتع بالامتيازات الأسطورية التى يوفرهاله هذا الانتماء الطبقى، إختار الانحياز إلى المعسكر الآخر، أى الحركة الوطنية والديموقراطية المطالبة بالاستقلال والدستور. حيث انخرط منذ أربعينات القرن الماضى فى النضال الوطنى، بل والحركة اليسارية أيضاً طلباً للعدل الاجتماعى.
ودفع ثمن ذلك غالياً من حريته حيث قضى سنوات طويلة من عمره خلف أسوار السجون والمعتقلات.
وتغيرت الحكومات وتبدلت السياسات وأخذت الحياة عادل سيف النصر إلى محطات متعددة داخل مصر وخارجها، لكن المحارب القديم لم يفقد "الحلم" أبداً.
حتى عندما اضطرته الظروف للاقامة خارج مصر عدة سنوات إهتم بالمشاركة فى إنشاء حركة مصرية جديدة لـ "التنوير"، كما كان من مؤسسى حركة المسرح العربى فى لندن.
وعندما عاد إلى الوطن، وكانت خفافيش الظلام ترتع فى مصر وتروع المواطنين والسياح الأجانب على حد سواء، ساهم فى تأسيس "الحركة المصرية لمكافحة الإرهاب".
وبعد أن كسر حاجز الثمانين لم يتوقف عن الحلم، ولم يمنعه المرض ولا وطأة السنين من التفكير فى مستقبل هذا الوطن. فجمع حوله كوكبة من العلماء والباحثين الشبان ونقل إليهم عدوى حماسه وأنفق من أمواله الخاصة على مشروع استراتيجى، اعتبره البعض ضرباً من الخيال أو الجنون، أطلق عليه اسم "المشروع الدليل" لزراعة الأراضى القاحلة بالصحراء والأراضى غير الصالحة للزراعة بدون تربة وباستخدام مصادر مياه شحيحة وظل يعمل على هذا المشروع قاطعاً مئات الكيلومترات وهو فى هذه السن.
وأمس الأول رحل عنا عادل سيف النصر، تاركاً وراءه إسهامات عديدة فى الحركة الوطنية والديموقراطية وفى التنمية.
والأهم أنه ترك لنا نموذجاً فى التضحية والقدرة على الحلم من أجل مستقبل أفضل لهذا الوطن وهذه الأمة.
ولعل أفضل تكريم له أن نحتضن "المشروع الدليل" الذى يمكن أن يقدم أحد الحلول الابداعية لواحدة من مشكلاتنا المستعصية.. ألا وهى مشكلة الفجوة الغذائية.
وطبت حياً.. وميتاً أيها الأستاذ والصديق.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟