أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - اللعنةُ تريدُ أن تضحك














المزيد.....

اللعنةُ تريدُ أن تضحك


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2435 - 2008 / 10 / 15 - 09:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في فيلم "اثنان من أجل المال" Two for the Money، داهمتْ آل باتشيو أزمةٌ قلبية وهو في مكتبه. انزعج شريكه ولم يدرِ ماذا يصنع. فالتقط باتشينو قرصا وضعه تحت لسانه، ثم ابتسم في وجه صاحبه قائلا: "لا تقلقْ، هي اللعنةُ تريدُ أن تضحك قليلا!" The curse wants to laugh a little. استوقفني العِبارةُ الرهيبة. أخافتني! عن أي لعنة يتكلم؟ ما طبيعتها؟ ولماذا تحبُّ أن تضحك فيما نتألم؟ هل هي الشيطان؟ أم هي طاقةٌ مجرّدة نسميها الشرّ أو الخرابَ أو حتى اللعنة؟ وأين تكمن؟ هل تعيشُ في السماء؟ أم في أعماق الأرض السحيقة؟ أم سابحةٌ في فضاء الكون بين المجرّات توزع أشعتها المحمّلة بالكوارث بالقسطاس على بني البشر فوق الأرض، وعلى نظرائهم، إن كان ثمة، في الكواكب الأخرى؟ تضحك حينما نتأذى؟! لِمَ؟ هل هي مثلا معامل الاتزان الطبيعيّ في الكون، المسؤول عن موت كائناتٍ من أجل أن تولدَ كائناتٌ أخرى كيلا يكتظَ الكونُ بما يفوق قدرته، مساحةً ومواردَ طبيعيةً؟ إن كان ذلك كذلك فعلامَ تفرحُ إذْ نتوجّع؟ لو كانت معاملَ توازن فهي توجعنا فيما تؤدي عملها. مثلما البعوضة تلدغنا وهي لا تقصد إيذاءنا. هي فقط تودّ أن تعيش، ودماؤنا هي عَيشُها. لكن البعوضةَ لا تضحك حين تلدغنا. لا أحد في الواقع يضحكُ وهو يؤدي عمله. إلا المهرج. واللعنةُ، حُكمًا وبالقطع، ليست مهرجا!
وأنا صغيرة، كنت أظنُّ السماءَ تبكي حين يحزنُ إنسانٌ. وإلا ما هذه المياه التي يسمونها أمطارا؟ إنْ تمطر الآن، فلأن شخصًا ما، في مكانٍ ما، حزينٌ. فتبكي السماءُ تجاوبا مع حزنه. بل، وأخذتني العزّةُ بالنفس، وتنكسر لُعبتي، فأنظر إلى السماء مترقّبةً هطول المطر. هلمي أمطري! أنا حزينة! وحين لا تمطر، طبعا، أقول لنفسي إنها مشغولةٌ بحزنٍ أكبرَ في مكانٍ آخرَ، فيخفُت شعوري بالحزن.
ضحكتِ اللعنةُ بالتأكيد حينما أحبّت جوليت، ابنةُ آل كابيوليت، روميو، ابنَ آل مونتيجيو. ضحكتْ لأنها تعلم أن الأعداءَ لا يتصاهرون. وأن الموتَ الوشيكَ ينتظرُ العاشقيْن. وضحكتْ حينما شرع بجماليون في نحت جالاتيا من الرخام الناصع، إذْ علمتْ مسبقا أن مصيرَها الموتُ ومصيرَه التعاسة. وضحكت طبعا حين اختطف باريس هيلينا لتستعر النيرانُ في طروادة وإيثاكا سنواتٍ عشرًا. أفهمُ ان تضحكَ حين يتعلقُ الأمرُ بالقصِّ والميثولوجيا، لكنْ، أتضحكُ اللعنةُ حين تموت أمهاتُنا ويختفي أحباؤنا فتغدو الحياةُ معتمةً خاويةً؟ أتضحكُ حين طفلٌ يسقطُ من شاهق فينشجُّ الرأسُ الصغير، الذي بعدُ لم يرَ الحياةَ ليغادرها. هل بالفعل تقدرُ أن تضحكَ؟ وهل تضحك أيضا حين سفنٌ تغرق بمن فيها، وحين يهوي جبلٌ فوق رؤوس قاطنيه فيدكّهم دكًّا، وحين إعصارٌ يثور أو ينفجر بركان أو ينتفضُ زلزالٌ فتنسحقُ الأجسادُ تحت طبقات الأرض الغاضبة؟ وهل يجوز أن تكون اللعنةُ قد ضحكت حين أنكر بطرسُ المسيحَ مرّاتٍ ثلاثًا، أو حين وشى به الإسخريوطي فسلّمه لليهود بقُبلةٍ وحفنةِ فضة؟ أم نقول مثلما يقول الغنوصيون إنه لولا تلك القبلة ما تمَّ خلاصُ البشرية؟ -



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طبلةُ المسحراتي
- أخافُ اللونَ الأبيض
- هَدْمُ الأهرامات
- عزيزي أنيس منصور.. شكراً
- إلا درويش يا صهيون!
- طار إلى حيث ريتا!
- لأني إذا مِتُّ أخجلُ من دمعِ أمي
- العادات الشعبية بين السحر والخرافة
- تأنيث العالم في رواية ميس إيجب. من الذي قتل مصر الجميلة؟
- على باب فيروز
- شجرةُ البون بون
- قارئة الفنجان
- هنا فنزويلا
- اِستمرْ في العزف يا حبيبي!
- لسه الأغاني ممكنة؟
- ارفعْ مسدسَك عن أنفي، أُعْطِكَ فرجينيا وولف
- سؤالُ البعوضةِ والقطار
- ترويضُ الشَّرِسة
- مَن يخافُ -حين ميسرة-؟
- ولم يكنِ الفستانُ أزرق!


المزيد.....




- انقطاع تام للكهرباء في الجزيرة بأكملها.. شاهد أزمة الطاقة ال ...
- حماس تقول إن إسرائيل تستخدم -التجويع كسلاح- بمنعها دخول المس ...
- هواتف محمولة موقتة وقفص فاراداي: الموظفون الأوروبيون مُلزمون ...
- ميلوني في واشنطن لمناقشة الرسوم الجمركية مع ترامب
- بحضور ممثل عن الحركة.. المحكمة الروسية العليا تعلق حظر أنشطة ...
- منظومة -أوراغان- الروسي تستهدف تجمعا للقوات الأوكرانية
- فستان متحدثة ترامب -صيني-
- الجيش الإسرائيلي يقول إنه قصف بنية تحتية لحزب الله جنوبي لبن ...
- -لعنة- هاري كين؟.. صحف أوروبية تعلق على إقصاء بايرن ميونيخ
- الطاقة وفلسطين وسوريا على طاولة بوتين وتميم في الكرملين.. أب ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - اللعنةُ تريدُ أن تضحك