أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - على هامش الأزمة الأميركية: النهايات والعودات














المزيد.....

على هامش الأزمة الأميركية: النهايات والعودات


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2433 - 2008 / 10 / 13 - 09:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين أول أيلول لجورج بوش عام 2001 وأيلوله الأخير هذا العام تغيرت أميركا والعالم كثيرا. نعلم ما جرى بعد أيلول الأول: اندفعت الولايات المتحدة بغرور وشعور ذاتي بالحق إلى احتلال أفغانستان ثم العراق، وأعلنت ما يشبه حالة طوارئ عالمية مكنتها من التصرف على هواها في "الحرب على الإرهاب"، وتصرفت بصورة انفرادية أو أحادية الجانب دون مراعاة أقرب شركائها في أوربا والعالم وفي ازدراء تام للمؤسسات الدولية والرأي العام العالمي، وشرَعت لنفسها توجيه ضربات استباقية ضد أي خطر تقدره هي. نعرف أيضا بعض ما جري بين الأيلولين: علقت القوة الغازية في العراق، البلد الذي احتلته ضد إرادة الأمم المتحدة وبعض شركائها وقطاعات واسعة من الرأي العام العالمي، وتخلت عمليا عن "البوشية"، أي مذهب الضربات الاستباقية المقررة بصورة أحادية، وقبل ذلك تخلت عمليا أيضا عن خطط "نقل الديمقراطية" إلى الشرق الأوسط.
وإن كنا لا نعلم ما قد يترتب على تلاقي الأزمة المالية والاقتصادية العالمية مع إخفاق البوشية ومع قدوم إدارة جديدة قد تكون "ديمقراطية"، إلا أن العودة إلى المدرسة الواقعية في السياسة الدولية تبدو أمرا مرجحا، ومثلها الاهتمام بسياسة التحالفات التقليدية، التحالف الغربي بخاصة. وفي أساس هذه التحولين ثمة تراجع العناصر الإيديولوجية في تحديد السياسات الأميركية، الداخلية منها والخارجية، أعني الثقة العمياء بالسياسات النيوليبرالية وفضائل السوق من جهة، والسعي إلى تعميم النموذج الأميركي عالميا تحت راية تعميم الديمقراطية من جهة ثانية.
ورغم أنه ليس ثمة رابط مباشر بين الأزمة الأخيرة وسلسلة التفاعلات التي تلت أيلول الأول، إلا أن حالة الطوارئ الاقتصادية التي مثلتها "خطة بولسون" (تخصيص 700 مليار دولا لشراء خسائر المصارف وإنقاذ النظام المصرفي) ستدفن نهائيا حالة الطوارئ العالمية التي رمز لها مذهب الضربات الاستباقية. لا يرتد هذا التقدير فقط إلى قلة الموارد التي يمكن تخصيصها لتمويل نشر قوات وخطط حربية إضافية، ولا إلى ميل مرجح من قبل الرأي العام والهيئات التشريعية الأميركية إلى معارضة خطط وسياسات من هذا القبيل، وإنما كذلك إلى تدهور حاد وغير ظرفي على الأرجح في الثقة بسياسات تمزج بين النيوليبرالية والامبريالية، ويبدو أنها تجد تربة خصبة في أوساط الحزب الجمهوري بصورة خاصة. وإذا صح ما يتداول في الأسابيع الأخيرة من ثبات تخلف المرشح الجمهوري ماكين عن المرشح الديمقراطي أوباما في استطلاعات الرأي الخاصة بسلوك الناخبين المحتمل في الانتخابات الرئاسية الأميركية، يكون المرشح الجمهوري أول ضحايا الأزمة المالية الأميركية والعالمية.
هل يسعنا القول إذن أن موجة التمدد الأميركي العالمي التي تلت أيلول الأول لبوش ستعقبها موجة انكفاء تتلو أيلوله الأخير؟ يحسن بالمرء أو يقاوم إغراء التنبؤ بالمستقبل، سيما وأن وقائع الأزمة الأخيرة ما انفكت تنبسط أمامنا، في بؤرتها الأميركية وخارجها. أما مسارعة بعضنا إلى الاحتفال بالأزمة الأميركية وبناء آمال قيامية عليها، وبعض آخرين منا إلى التقليل من شأنها واستعجال التعافي الأميركي منها، فيبدو أقرب إلى فولكلور عربي عريق، أوثق صلة باستبطاننا موقف المتفرج السلبي الذي يصفق أو يبتئس، لكنه عاجز عن المبادرة واقتحام الميدان ليلعب بين اللاعبين.
انكفاء الأميركيين، إن حصل، خبر طيب لأنه يحرر التنوع العالي المقموع، وقد يسهم في تعجيل ارتسام "نظام عالمي بلا أقطاب" حسب تعبير ريتشارد هاس. بيد أن المرشحين لاستفادة أعظمية منه هم القوى الدولية الناشطة والمستقلة، مثل إيران. بالمقابل، لا تلوح في الأفق احتمالات لاستفادة أية أطراف عربية منها. هذا يعود إلى تفضيل الدول العربية الاندراج في خطط ومشاريع الآخرين، الأميركيين أولا، على تطوير خطط ومشاريع مستقلة. وهذا بدوره متصل بنسق أولوياتها القبلي أو العصبوي وما قبل القومي، أعني تأمين الذات والبقاء في السلطة.
والانكفاء الأميركي مرغوب بعد لما قد يكون له من تأثير محرر فكريا. فطوال عقدين من السنين فرضت إيديولوجية النهايات حضورا قمعيا مكثفا في المجال الإيديولوجي الدولي. لقد أمكن أن يظهر ويشتهر مثقفون يعلنون بكل جدية نهاية التاريخ، بعد أن كانت تقررت نهاية الإيديولوجية و"نهاية السرديات الكبرى".. وما كان يسهل الاعتراض على هذه الأطروحات لأنها كانت تبدو مسنودة من "اتجاه التاريخ" في العقدين أو الثلاثة الخيرة. ما قد يكون محررا فكريا هو تبدل اتجاهات الحركة التاريخية، وما قد تدخله من اضطراب وتعدد وشك في قلب الأفكار المهيمنة.
لكن قد تكون إيديولوجية العودة هي المرشحة اليوم للحلول محل إيديولوجية النهايات. كانت "عودة الدين" تزامنت مع "نهاية السرديات الكبرى"، والأرجح أننا سنسمع كثيرا عن عودة الاقتصاد وعودة الماركسية، وربما الشيوعية.. في الشهور وربما السنوات القادمة. بيد أن إيديولوجية العودة ليست إلا عودة للإيديولوجية، لمرحلة سابقة من التطور الفكري والسياسي، ترهن التحرر الإنساني بعقائد خلاصية كبرى، لا تعد بالحرية مستقبلا ألا بثمن التخلي عن الحرية واستقلال العقل والضمير الآن.
لكن هنا أيضا لا نستفيد من تحولات الهيمنة الفكرية على الصعيد الدولي إلا بقدر ما نعمل على تطوير أهليتنا على التفكير المستقل، أي التنبه إلى شروطنا الفعلية، ودون توهم وجود إكسير إيديولوجي شاف، يضمن تناوله معرفة معصومة. أي كذلك دون التصفيق للعودات والاكتئاب للنهايات، أو العكس. لا شيء في هذا الموقف مختلف عن موقف المتفرج السلبي الذي لاحظناه على الصعيد السياسي. موقف الوكالة في الحالين.
العودة إلى ما قبل نهاية الحرب الباردة سياسيا وفكريا ليست ممتنعة فقط، وإنما هي غير مرغوبة كذلك. رجعية أيضا. لقد كنا تابعين وقتها.
لكن هل سينكفئ الأميركيون بفعل الأزمة الأخيرة أم لا؟ هذا ليس مهما البتة.
إلا للمتفرجين. غير أن ما يهم المتفرجين ليس مهما.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التمثيل القومي لسورية عائقا دون التمثيل الديمقراطي للسوريين
- إرهاب بلا وجه وأمن بلا لسان!
- الاستبداد كاغتراب سياسي
- الطائفية بين أهل الإباحة وأهل العفة
- من الشعبوية والنخبوية إلى استقلال السياسة والمعرفة
- الليبرالية الجديدة والبرجوازية الجديدة في سورية
- -مرشد الأمة- وتأسيس الطغيان
- -السنة والإصلاح- لعبد الله العروي: من التسنين إلى التاريخ!
- من هم الأشرار... وكيف التخلص منهم؟
- -إعلان دمشق- وأزمة المعارضة السورية
- -نخبة- متخلفة في مجتمع متغير
- كأنها حرب أهلية...
- في شأن مسألة الحاكمية
- في أن القضايا -المقدسة- مطايا مثالية!
- انفصال عن الجدار مقالة في الثقافة والثورة الثقافية
- عن منظمات حقوق الإنسان والإيديولوجية الحقوقية في سورية
- من البشير الصامد إلى حنبعل الفاتح!
- قليل من السياسة، كثير من المشاعر
- الاستبداد والغرب: الحكاية نفسها دوما
- في ضروب الشعبوية العربية وبعض خصائصها


المزيد.....




- بايدن مازحا خلال لقاء في البيت الأبيض: -أنا أبحث عن وظيفة-
- ثوران بركان إتنا في جزيرة صقلية الإيطالية (فيديو + صور)
- جي دي فانس: يجب على الولايات المتحدة أن تتوقف عن لعب دور شرط ...
- هيئة الأركان الأوكرانية تعترف بتوتر الوضع بالنسبة لقواتها عل ...
- جنرال بولندي يتوقع حربا وشيكة بين أعضاء الناتو
- والز يعلن استعداده للمناظرة مع فانس
- ديمقراطيو كاليفورنيا يدعون إدارة بايدن إلى تجنب -دوامة الموت ...
- وزير الخارجية المغربي: خطاب العرش وضع المحددات الثلاثة لموقف ...
- إعلام إسباني: تعرض والد نجم برشلونة لامين يامال إلى عملية طع ...
- -نيويورك تايمز-: إسرائيل استنفدت إمكاناتها العسكرية في المعر ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين الحاج صالح - على هامش الأزمة الأميركية: النهايات والعودات