أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمعة أوصمان - السينمائي يلماز غوني الفنان والثوري ... القدر منحه وقتاً قصيراً للإبداع















المزيد.....

السينمائي يلماز غوني الفنان والثوري ... القدر منحه وقتاً قصيراً للإبداع


جمعة أوصمان

الحوار المتمدن-العدد: 2433 - 2008 / 10 / 13 - 05:17
المحور: الادب والفن
    


حين كان في السنة الثانية من المرحلة الإعدادية , كتب لمجلة الحائط المدرسية قصة قصيرة عن فلاح فقير يأخذ زوجته إلى المدينة قاصداً الطبيب ويعرض عليه ديكاً بدلاً من إجرة المعاينة فيرفض الطبيب عرضه كما لم يعالج المريضة , إلا أن هذه القصة لم تنشر بحجة أنها يسارية الإتجاه , علماً أنه لم يكن يفهم في ذلك الوقت معنى اليسارية .
إنه يلماز غوني , الكاتب والممثل والمخرج الكردي , الشخصية الثقافية التقدمية الأممية البارزة في عالم الثقافة والسينما في النصف الثاني من القرن العشرين , والذي بات اسمه معروفاً في السينما العالمية .
عاش يلماز غوني (47) عاماً وأبدع في فترة تتسم بالإضطراب في تاريخ تركيا , فقد جرى صراع حاد على السلطة خلال سنوات عديدة , بين الرجعية والبرجوازية الليبرالية , وحاولت التيارات الدينية الموالية للفاشية في البلاد إستلام السلطة .
قضى (11) سنة منها في أقبية السجون العتيقة والمعتقلات الوسخة , نصف سنة في المنفى , سنتين في الخدمة الإلزامية , ثلاث سنوات متشرداً في ديار الغربة بفرنسا .
لم يمنحه القدر سوى وقتاً قصيراً للإبداع , ومع ذلك كتب السيناريو لـ (53) فيلماً , ومثل في (110) أفلام , وأخرج (17) فيلماً دخل أكثر من نصفها في خانة مفخرة السينما التركية , وكتب (40) رواية ومئات القصص والمقالات والرسائل , فكم كان بإمكان هذا الإنسان أن يبدع لو عاش أكثر؟! ...
بدأ نشاطه الفني ممثلاً بالسينما , أبطال أفلامه خليط من شخصيات متنوعة : فبعضهم من المجتمع الارستقراطي يرتدون بزاة فاخرة , وآخرون جبليون شجعان يمثلون دور الثوار الأكراد وقطاع الطرق العادلين الذين يساعدون الناس الفقراء في النضال ضد طغيان الأغنياء .
أصبح يلماز غوني أكثر الممثلين شهرة في أواسط الستينات فقد مثل في (22) فيلماً فقط في 1966 .
ولأول مرة تخصص في الإخراج السينمائي من خلال فيلمه " اسمي كريم " 1967 الذي كتب له السيناريو ومثل فيه دور البطولة أيضاً . أما فيلم " سيد خان " 1968 فقد وهب له المجد وذاع صيته في جميع أرجاء تركيا كسينمائي موهوب فهو مأخوذ من مسرحية لناظم حكمت ( إسطورة عن الحب ) , حيث مثل فيه شخصية سيد خان الذي يحمي الضعفاء ويدافع عن المظلومين ويمد يد العون إلى المحتاجين قدر إستطاعته رغم فقره فهو لم يكن عملاقاً من الأساطير الشرقية ولا بطلاً سماوياً وإنما شخصية حقيقية مستمدة من الواقع ولكون أسماء شخصيات الفيلم هي أسماء كردية فقد منع من الاشتراك في المهرجانات العالمية .
وقد أحدث فيلم " القبيح " 1968 ضجة كبيرة هزت المحيط الرجعي هزة عنيفة فأخذت هذه الأوساط الرجعية تشهر بغوني في صحافتها المبتذلة التي هي وليدة النظام الرأسمالي , فجدارة الفيلم يكمن في فكرة لامبالاة المجتمع البرجوازي بمصائر الناس البسطاء وتواطؤ الصحافة والضحالة الخلقية للطبقات العليا .
وفيلم " الطريق " 1981 هو أسطورة شعرية سينمائية متقنة يعكس الواقع التراجيدي لتركيا في عيون ثلاثة سجناء , يحصلون على إذن للسفر لزيارة عائلاتهم مدة أسبوع , إلا أنهم يفاجئون بعدم التفاهم مع أقربائهم إلى حد العداوة . وأفلام أخرى تكشف عن رذائل وعيوب المجتمع البرجوازي التركي وتدعو الشعب إلى النضال ضد الاستبداد والظلم : " الأمل " , " الهدف الحي " , " غداً اليوم الأخير " , " الهاربون " , " المضاربون " , " اليائسون " , " الضيم " , " المرثية " , " الأب " ... الخ .
وإضافة لكونه مخرجاً في سبعة عشر فيلماً فقد شارك في تصوير ستة أعمال سينمائية لم تدخل في قائمة أعماله الإخراجية :
- الأفلام التي بدأها هو ولكن بسبب الاعتقالات أنهاها أصدقاءه :
القلق 1974 , المساكين 1975 .
- الأفلام التي أخرجها من داخل السجن :
الإجازة 1975 , حتماً سيأتي موت 1975 , القطيع 1978 , العدو 1979 .
استطاع يلماز غوني أن يفوز بـ (23) جائزة ومكافأة على أعماله السينماتوغرافية ونال فيلمه " الطريق " على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان (كان) السينمائي العالمي الخامس والثلاثين .
اسمه الحقيقي " يلماز حميد أوغلو بيوتون " وأمه تدعى " كولي " , ولد في الأول من نيسان 1937 في قرية " ينيدجة " التي تبعد عن أضنة سبعة وعشرين كيلو متراً لأب كردي من عائلة فقيرة جداً , عمل وهو في السادسة من عمره في بستان للفاكهة عند ملاك , وفي موسم قطاف القطن , ثم عاملاً في السقاية , ومن ثم عتالاً .
درس الإبتدائية والمتوسطة والثانوية في أضنة فقد كان يدرس ويعمل في آن واحد حيث كان يبيع الجوز والكرز والبندق في الشوارع ومن ثم الفستق والجرائد , وعمل كذلك ميكانيكياً لآلات التشغيل السينمائي .
التحق بعدها بكلية الحقوق بجامعة أنقرة 1956 لكنه تركها بعد شهرين تقريباً ليعيل أسرته التي أصبحت كبيرة فأضطر للعودة إلى أضنة والعمل في شركة لتأجير الأفلام ( دار – فيلم ) حيث كان يضع البرامج السينمائية وطريقة تسيير الأجهزة المتنقلة لعرض الأفلام .
في أواخر 1957 انتقل إلى مدينة استانبول وواصل عمله في المكتب المركزي لـ ( دار – فيلم ) , حيث تقدم إلى كلية الاقتصاد في جامعة استانبول 1958 إلا أنه لم ينهيها كونه كان رهن اعتقاله الأول 1961 وحكم عليه بالسجن لمدة سنة ونصف والنفي تحت رقابة البوليس نصف سنة إلى" قونيا " , كان ذلك بسبب قصته المشهورة " ثلاثة عوامل خفية للامساواة الاجتماعية " لأن جميع القوانين التركية كانت بدءاً من الدستور وانتهاء بالقانون الجنائي تعتبر الدعاية للصراع الطبقي جريمة كبرى فالقصة تدور حول اللامساواة الاجتماعية في تركيا فالبعض يعمل والآخرون يثرون من وراء جهودهم فالطبقة الأولى تعيش في فقر مدقع والثانية فلها إمكانية الحصول على الشهادات العليا وضمان التامين الصحي وأشياء أخرى كثيرة وهذه الطبقة تفرض سيطرتها على الأولى عن طريق ثلاثة عوامل هي ( المال – الدين – السلطة الحاكمة ) حيث كان السبب في اتهامه بالشيوعية ومن ثم اعتقاله هو أن بطل قصته العامل يقول لوالدي الفتاة الثرية ( معشوقته ) في نهاية القصة أنه سيناضل من أجل القضاء على اللامساواة الاجتماعية في سبيل بناء مجتمع عادل وكان هذا القرار كافياً في إصدار حكم جائر بحقه .
اعتقل يلماز غوني للمرة الثانية في 17 آذار 1972 وحكمت عليه المحكمة بالسجن 7 سنوات مع الأشغال الشاقة بتهمة مساعدته " للفوضويين " والمقصود بهم الشبيبة الثورية التركية حيث اقتيد إلى سجن " سليمية " وقضى فيها فترة تزيد عن سنتين كانت أكثر السنوات رعباً في حياته إلا أن الأخبار السارة كانت تأتيه كل فترة عن أفلامه رغماً عنهم .
أطلق سراحه بعد عفو عام 1974 ولكن بعد 120 يوماً من إطلاق سراحه , جاء الاعتقال الثالث بتهمة ملفقة وألقي بالسجن في 14 أيلول 1974 وحكم عليه بالسجن 19 عاماً .
هرب غوني من السجن في 12 تشرين الأول 1981 وغادر بلاده على ظهر قارب لصيد السمك إلى جزيرة " ميس " اليونانية ثم قدم طلب اللجوء السياسي إلى سويسرا فاستلم جوابه بالرفض لهذا توجه إلى فرنسا وأصبح لاجئاً سياسياً في باريس وهنا حقق حلمه الأخير من خلال إخراج فيلم " الجدار " 1983 الذي أعطاه عنوان إحدى قصائده الشعرية التي كتبها في سجن " سليمية " فقد تمكن من خلاله تجسيد ما كان يجري في احد سجون تركيا .
في صباح الأحد 9 أيلول 1984 توفي المخرج القدير إثر مرض عضال وهو السرطان في إحدى مستشفيات باريس وقبل وفاته بأيام كان قد أوصى بتشييع جنازته من المعهد الكردي في باريس إلى " مقبرة العظماء " التي دفن فيها أبطال كومنة باريس حيث وضعت صورته في المتحف العالمي للسينما بعد وفاته .
وكان قد صرح قائلاً قبل وفاته : " لم يكن هدفي من الحياة مزاولة الفن , بل محاولة تحرير شعبي من خلال هذا الفن " .
فقد ناضل ككاتب وسينمائي ضد التيار , ضد المضطهِدين والقوى الرجعية , مع أنه كان بوسعه أن يعيش حياة عادية , مخرجاً أفلاماً وواضعاً مؤلفات أدبية لا قيمة فنية لها , لكنه لم يفعل , لأن الهدف الذي كان ينوي تحقيقه في حياته هو خدمة شعبه .
ليس لدينا أن نقول سوى أن الفنان العالمي والمخرج البارع يلماز غوني في مزجه مابين الأسلوبين الروائي والتسجيلي قد ترك لنا بصمة واضحة في تاريخ السينما التركية خصوصاً والعالمية عموماً ليعطي للفيلم المطروح بعداً جمالياً ورونقاً فكرياً وبعداً نفسيا ً يضاهي به الأعمال المكتملة فنياً في كل الأزمنة والأمكنة .



#جمعة_أوصمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تغوص في أعماق النفس وتجسد الحلم
- فيلم -عبور الصحراء- ... مأساة إنسانية بروح فنية
- جمهورية مهاباد الكردية : فصل جديد من التدخل الغربي والأمريكي ...
- شيفرة دافنشي ... فيلم الإثارة والتشويق
- محمود درويش ... شاعر المقاومة والإنسانية
- يوسف شاهين ... أسطورة السينما العربية
- -صالبا- ... عينة من شباب العالم الثالث


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمعة أوصمان - السينمائي يلماز غوني الفنان والثوري ... القدر منحه وقتاً قصيراً للإبداع