|
دائرة
بشير زعبيه
الحوار المتمدن-العدد: 2432 - 2008 / 10 / 12 - 06:40
المحور:
الادب والفن
ها وقع خطوها ..وتلك القهوة اللهفة ..وصباح الخير .. وأنا الأسير لمذاق الرشفة الأولى .. جرح اللدغة الأولى .. وأنا الذي قلت : هذه الروح المشدودة لو تسكن لحظة .. هذا القلب الضيق لو يسع .. لو يطغى.. وكنت قد وعدت : لا مرارة المذاق الأول ولا نزيف الجرحاحتمال قبر الحلم أو هز اليقين .. لذا كما من تخونه الحجة أو أنا اذ أفلسف الفعلة : لا دخل لي فيّ .. لا شأن لي بقلبي .. له أن يخفق كيفما شاء واتفق ولي أن أقول " ان ما حصل قد حصل " . لكنّ الريح .. لماذا أخبرتها عن الريح التي طاردتك في بدايات مضت كلما أطلقت ما تراكم من هتاف القلب وما فاضت به الروح فتفضي البداية الى بداية .. وأنت تحدثها مرة أخرى عن الاحساس الذي استسلمت له وكيف صرت ترصد الحوار بينكما وكأنه حوار يدور بين اثنين آخرين كل ما فيه خاضع للاحتمال .. احساس يقودك الى الشعور أحيانا بأن ما ليس احتمالا هو أن الصورة الحلم التي يختزنها عقلها هي ليست صورتك وانها لا شك تغالب علاقة مجهدة بين علاقة تفيض وعقل يحسب حتى وان كانت تجابه ذلك بالرفض المستنكر .. وترد عليك : - احساس خاطيء ومنفرد لكن هذا الشعور يحاصرك حتى لكأنك ترى أحيانا الصورة المختزلة أمامك بكل التفاصيل التي تمنت مرارا أن تكون فيك .. هي صورة لا تشبهك .. في البداية كانت تثير فيك نوعا من العداء والآن بعض الغيرة فقط .. ربما لأن انحيازك اليها هو الذي يخلق لك مبرر الاقتناع الى حد الاستعداد للانسحاب ومن ثم الاستسلام لمرارة الشعور بالفقدان حين تصبح اللحظة الساحرة التي كانت تذيبك وتذوب فيها شيئا من الذكرى .. ألم تقل لك يوما : - ترعبني كلمة ذكرى .. أنت أيضا يرعبك وقع الكلمة ساعة تنجح كعادتها في محاولتها انتشالك من مصيدة الاحساس المحاصر ليحرقك الفيضان المتدفق من وجهها .. من كلها .. ويستقر بك في حضنها النهر .. ساكنا حين يغمرك دفء الكفين .. ووجهك الذي تدنيه .. ثم وجهها .. وفمها اذ يهمس فتطير من حولها العصافير .. يا الهي من أين أتت كل هذه العصافير .. كيف انساب نهر الضوء الى هذه الغرفة الغارقة في عتمة الخوف والتوجس .. وكيف صارت جدرانها والسقف نوافذ مشرعة على السماء التي ترسل تلك الساعة زخات من ماء الورد والعصافير ؟! تنسحب الكفان بهدوء فتنتبه الى أنها صارت عند الباب وأنها همست قبل ذلك : - سأتركك الآن .. ابتسامتها قبل أن ينسل خلفها آخر عصفور وينحسر ما تبقى من ضوئها هي الوخزة المباغتة في القلب حين أول الخوف .. هي اللحظة التي تبدأ معها حالة ما بين استفراد الاحساس وساعة انسياب النهر .. تلك الحالة التي تستحضر فيها مع أول اغماضة عين صورة العصافير التي كانت تطير فتنبعث الروح في جبل الوهم الذي صنعتماه من قهوة في الصباح .. وها الأرض تنبسط أمامكما خضراء وكل شيء يبدو في مدى الحضن .. الأفق .. الفراشات والينابيع التي تتفجر الآن تحت أقدام العاشقين .. تمتد اليدان ببطء نحو الجانبين ثم الى الأمام وحين تفتح عينيك على مشهد الاحتضان الوشيك تهب الريح التي تعرفها فجأة فليس بين يديك سوى ما جاءت به من رماد وبقايا الحصى المسحوق وليس في المدى حولك غير الجبل الذي غادرته الروح .. تهزها الحالة فتستحضر ما يفزع من حكايا الريح : - أحيانا تكون كأنك لست أنت .. تطوقك أسئلتها المصاغة من قلق فيما تعوذ أنت بالصمت هاربا أو كاذبا .. تستحضر بدورك تفاصيل من تلك الحكايا وما افتعلته من مقاومة فيما كانت تقودك الريح من منتصف البداية الى أول البداية الأخرى .. القلب الذي "لو يسع" .. والروح التي " لو تسكن لحظـة " و " ما حصل قد حصل " تطاوع أول الهبوب الذي تحس به خلف ظهرك .. تمشي منفردا مستجيبا لرغبة ليست مفاجئة .. خطواتك تأخذ ببطء تلقائي مسارا مستقيما ثم تتوقف عند نقطة غير متوقعة .. تدور حول نفسك لترسم الخطوات مسارا يأخذ شكل شكل دائرة تكتمل قبل أن تعود الى مسارها المستقيم .. (تمت)
#بشير_زعبيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من ضرب العراق بايران الى ضرب العراق بالعراق..
-
الصديق الذي قتلته -النشرة-
-
قصة قصيرة :الأجندة
-
قصة قصيرة
المزيد.....
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|