وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2429 - 2008 / 10 / 9 - 06:10
المحور:
الادب والفن
من جنة الشيطان (5)
جلجامش طبعاً..!*
أقول هذا يا جلجامش
ولا أعنيك
بالكاد يتذكر أحد هنا..
اليوم..
ربما اليوم
بعد أن فقد الناس كل شيء
بالكاد بقي منك شيء
غير اسمك..
اسمك الذي منحنا الحياة
فصنعنا منه عراقنا العريق
الآن.. ضيّعوا كل شيء
وضيعّوا الأرض..
وضيّعوا إرادة الحياة
بأسماء الطغاة يتمجد البشر
ومن اجل القتلة..
يسجدون ويبتهلون
أما اسمك..
فليس له وجود هذا اليوم..
أسأل هذه المرأة الملفّعة بالسواد
في الحوض الخلفي للبيك آب
هل تعرفين جلجامش..
فتجيب بتهكم:
- منهو هاذ.. جن..
يمة اشمالك!!..
جلجامش..
أيها الأب الذي لم يتنكر لأبناءه
عندما تنكروا له..
اسمك عظيم
وقلبك واسع كالبحر..
وقوتك جبارة كالرياح..
اليوم لا يعرفك أحد..
ولكن غداً..
عندما يعودون من الحلم..
من كوابيسهم أعني..
ويصحون من الخديعة
ليكتشفوا الكارثة
سيبحثون عنك..
سيندمون ويتوبون..
وسوف تقبل توبتهم..
لأنك أبوهم الذي رفض الموت..
من أجلهم..
لم تصعد إلى السماء
مثل غيرك
ولم تنزل تحت الأرض..
حوّلت قوّتك
وروحك إلى كلمة
وزرعتها في قلوبنا
وبقيت تواجه العالم
منذ الوجود الأول
ها أنا أتذكرك
وأنا أنظر إليهم
لعابهم يسيل على شراشف العهر
وشفاههم تتلوى من أجل الدولار
فلا أصدق
أن بين هؤلاء وأنت
خيط منوياً
أو حيمن ضالّ..
في الأرض الحرام
من جدّه قاتل
في ثورة العشرين
لا يبيع نفسه لكرسي الحكومة..!
فكيف من كان جدّه
جلجامش!!؟..
جلجامش الجبار
الذي بكى صديقه انكيدو
يلعب البوكر على مائدة الوطن
ويتنكر لعيون الأطفال..
عيون الأطفال التي
تملأ شوارع بغداد
آه لو رأيتها..
لو رأيتها يا جلجامش
لما بقيت حتماً في بابل..
هل يجري كل هذا لشعبك
وأنت هنا
ولكنني أقول لك..
أقول ولا أعنيك..
لولاك..
لما جرى كل هذا وما سيأتي
لنا..
كل ما يحدث
وما سيحدث..
كل ما لحقنا وما سوف يلحقنا
سيكون له سبب واحد
هو أنك جدّنا..
وأبونا الذي لا يتنكر لنا
أقول كلّ هذا لك..
ولا أعنيك..
ولا أعاتبك..
لماذا أنت بالتحديد..
ولماذا نحن بالتحديد..
اخترنا لنكون نسلك
ونحمل كلماتك
التي تضيء العالم..
كيف فاتك..
ان العالم دائماً وأبداً
الجديد مثل القديم
يعيش الظلام
ويعشق الظلام..
وأنت تريد أن تضيء
لماذا يا جلجامش؟!..
* *
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟