أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - (4)منفيون














المزيد.....

(4)منفيون


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2425 - 2008 / 10 / 5 - 04:48
المحور: الادب والفن
    


فصل (الألهة)

ألقيتني غضّاً في صحراء
وقلت لي : أنتظر!
ثم أرسلت في أثري
الحروب والكوارث
والزلازل والفيضانات
والأمراض والأوبئة
إذا كنت تريد قتلي
اقطع عني الهواء
إذا كنت تريد اختباري
فلا قيمة لذلك عندي!..
لأني نبيّاً لا أريد أن أكون
ولا خليفة لك
بدون اختياري
لأنني غريباً عن الجميع ولدت
ووحيداً في شاكلتي بقيت
رغبة لم تكن لي..
وهدفاً لم أجدْ
الصدفة لا تمنحني الأمل
والحياة لا تعطيني معنى..
لذلك لا أريد أن أكون نبيّاً..
أو خليفة،
سوى نفسي
فلماذا تريد أن تختبرني
عندما أذكر
أنني عارياً أملس كنت
تعرضت للبرد والحرارة
حتى نبت شعر على جسدي!..
ظهري نحيف وعظامي رخوة
أعمى وضعيف السمع..
أشياء كثيرة أسمعها ولا أراها
حتى صرت أرى أشياء تستفزني
ولا أستطيع التعبير عنها
يتحدثون عني ولا اسطيع الاجابة
جلوساً لا أستطيع
انقلاباً على الجنب لا يمكنني بمفردي
إذا جعت لا أستطيع أن آكل
وإذا أردت شيئاً لا يمكن أن أمدّ يدي
ضعيفاً وحقيراً كنت
عورتي مكشوفة أمام الأعين
ولا استطيع شيئاً
انظروا أنه صبي
ثم يضحكون
نهرهم لم يكن بوسعي
ووجوههم نسيتها الآن
ثم نمت حواسي وفتحت عيني
تعلمت ان أجلس على مؤخرتي
وياماً ضربت الأرض
ضربتها بأطرافي
وضربتها برأسي
لماذا عانيت كل ذلك
لمجرد الجلوس
ثم زحفت على مؤخرتي
فقالوا.. انظروا..
انه يزحف على مؤخرته!..
زحفت على بطني..
فقالوا أنظروا
انه يزحف على بطنه
مشيت على أربع
فقالوا انظروا
أنه يمشي على أربع
أمسكت الجدار ووقعت
أمسكت طرف الباب ووقعت عليها..
قالوا.. مسكين
انظروا أنه يقع
انه يتعلم المشي
كلهم عانوا ذلك
كلهم زحفوا ووقعوا وتألموا
وعوراتهم كانت فرجة للسفهاء
مخاطينهم على خدودهم وشفاههم
وكلهم نسوا كل ذلك
أنا وحدي لم أنسَ
وكلما رأيت طفلاً أعود طفلاً
وأبكي له
وكلما رأيت فرخاً
أفكر بما سيحدث له
أتذكر الأم التي تقول:
"ربع لحم ربيتك.."
لأن ابنها فضل عليها زوجاً
ولكنه عندما مات في الحرب
عندما ألغت شظية غبية
كل سنوات عمره وآلامه وأحلامه
خافت أن تقول ذلك
فداء للقائد هو ابني
وليس للوطن
سيان كل ذلك
لكن الانسان ليس فداء لأحد
لأنه ليس خروفاً
ولا شتلة طماطم.
من يبني لا يهدم بناءه بيده
فلماذا لا تقول شيئاً
وأنت القادر
على كل شيء..
أخرسا كنت
تعلمت النطق والكلام
تعلمت الجلوس والمشي والعدو
استدّ ساعداي وظهري..
فوضعوا على عاتقي جبل الحياة
في الصباحات الباردة
والطرق العرجاء
الموحلة..
ذهبت للمدرسة
التقيت ناساً كثيرين
وتحملت معاملة سيئة
تغربت في المدن
سعيت وسعيت وسعيت
تعلمت وتعلمت وتعلمت
تهذبت وتفكرت ووعيت
وعندما عرفت كل شيء
واختبرت كل شيء
وامتلكت كل شيء
اكتشف غبائي وحمقي
وكتشفت عبث وجودي
فلماذا تسلّط عليّ الحروب
والأزمات
الأمراض والأوبئة
والفيضان والزلزل
والخوف والقلق والألم
كل ذلك عانيت
الخوف لم يخيفني
والألم لم يعد يؤثر فيّ
القلق اعتدت عليه
في الحياة جعلوني
للمدرسة أرسلوني
لكل العمال سخروني
للحرب جندوني
لقضاء أعمال الناس كلّفوني
كل شيء أنجزته بنجاح
لا الموت انتصر عليّ
ولا التعب أقنعني بالتراجع!..
زلاغم قناعتي بالعبث
أكملت كل الأعمال
ومشيت الطريق حتى النهاية..
أليس هذا اختباراً كافياً
ورغم ذلك
لن اكون نبياً..
لكنني لو مرة أتيح لي ذلك
لأمرت بالحروب والكوارث
والأمراض والأوبئة
والزلازل والفيضانات
لأنني في حياتي تعذبت
وبدون قناعة عشت
ومعنى ما وجدت
هذا هو أنا
يا قدري الذي أوجدني
فلماذا أنت تأمر بالحروب
والزلازل والأوبئة
هل وجدت رغماً عنك
ومعنى ما وجدت
فسلّطت انتقامك على الجميع
أنا أيضاً أريد أن أعرف
لأنني أتعذب
وأدفع ثمن أخطاء غيري
ولا أعرف لماذا..
وأنا لا أريد
أي شيء..
أي شيء!.
.................



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منفيون..(3)
- منفيون..(2)
- منفيّون..(1)
- الشاعر والعالم/ راهنية الشعر العراقي
- هادي العلوي و عصرنة (المشاعية)-
- الشخص الثالث في الملحمة
- رسالة إلى اليوم التاسع والعشرين من يونيو
- رسالة إلى أبي
- الذي يأتي من بعدي
- حكاية إسمها -شادي-
- الغائب
- رسالة إلى مؤيد سامي
- آشتي تخرج من الحمام
- (ما أسهلَ الكُرْهَ..!)
- رسالة إلى علي هجام
- الزمن نقطة والانسان دائرة..
- تلك الرائحة..
- قبل أن تبرد!
- رباعيات
- مثلَ عُودٍ يَحترقُ..


المزيد.....




- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - (4)منفيون