أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - لماذا لا نغلق المدارس والجامعات؟














المزيد.....

لماذا لا نغلق المدارس والجامعات؟


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 747 - 2004 / 2 / 17 - 08:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يستطيع المرء اليوم في أي بلد في قريتنا الكونية المتصاغرة باطراد أن يزعم لنفسه كل أشكال التقدم العلمي والتعليمي التي يشاء شريطة أن يحفظ مسافة كافية بينه وبين الفحص النقدي للغة المستعملة في قياس التقدم موضوع الزعم.
والواقع أن هذا الزمن العجيب الذي نعيش قد وضع العلم والتطبيق التكنولوجي الخاص به في منزلة غريبة لا يمكن أن يتصورها ابن القرن الثامن عشر ناهيك عن العصور الحجرية وما لف لفها. لعل ملاحظات جدنا ابن خلدون الفذة في تفسير التاريخ مما يمكن أن تستخدم في التدليل على ما نريد قوله: فقد رأى ذلك المبدع أن سبب انتصار الدول الجديدة يعود الى قوة عصبيتها وخشونة الحياة التي تعيش، بينما تضعف ذات الدولة وتنهار بمجرد أن تنتقل الى الحضارة ورغد العيش والاهتمام بالمتع الحسية والعقلية على السواء. ومهما يكن من أمر دقة التحليل الخلدوني فلا مراء في أن القوة البدنية المترتبة على تحمل ظروف الحياة القاسية كانت عامل قوة مهماً في تكوين الامبراطوريات القديمة. لقد كانت لملومة من القبائل البدوية القادمة من الصحراء أو من أعالي الجبال قادرة على إلحاق الهزيمة بأكثر الحضارات تقدماً واستقراراً. ولا شك أن التاريخ حافل بأمثلة كثيرة تدلل على صحة القاعدة التي نزعم.
اليوم تغيرت الصورة تغيراً تاماً. وأصبح رأس الإنسان - ربما لأول مرة في التاريخ - العنصر الوحيد الحاسم في مختلف جوانب الحياة الإنسانية. وعليه التعويل في تحقيق احتياجات الفرد والجماعة الأولية والثانوية: من الغذاء والأمن والمسكن والملبس الى أرقى الحاجات المتعلقة بالترفيه البدني والعقلي على السواء. إن القوة العسكرية والمدنية في ميادين الزراعة والصناعة والخدمات جميعاً ترتبط في هذا العصر بشكل لم يسبق له مثيل بهذه المدية الحادة التي نسميها العقل والتي ينتج عن فعلها موضوع إنساني جامع مانع هو العلم الذي يترتب عليه نشاط لا يقل عنه أهمية هو التقنية ( أو التكنولوجيا إن شئنا عدم خداع أنفسنا بالتظاهر بأن لدينا في العربية مصطلحاً مقابلاً لنشاط لا نمارسه على وجه التقريب إلا بالصدفة) لا يستطيع أحد أن ينكر أن العراقي لا يقل شجاعة عن الأنجلوسكسون وأن هزيمته المأساوية وإعادته الى العصر الحجري-السومري إنما نجمت عن تفوق الآلة العسكرية " البيضاء " المصنعة وفق أحدث قواعد العلم والتكنولوجيا. ولذلك يفطن الجميع اليوم إلى أن أكل الخبز وحماية النساء من الوقوع في السبي، يتطلب تمرساً شديداً في العلوم الطبيعية والرياضية وتطبيقاتها المختلفة. اللهم إلا إذا تم تطبيق قاعدة إن للبيت رباً يحميه أو أن الرزق على الله، فإن بإمكان المرء أن ينام قرير العين ولا خوف عليه ولا هو يحزن.
ليس غريباً فيما أظن أن نطالب بعد هذا التقديم المقتضب بإغلاق المدارس والجامعات في بلادنا الصغرى والكبرى على السواء. وذلك في رأينا المتواضع يعود الى فشل محاولتنا المتصلة للرد على التساؤل المشروع حول الغاية والجدوى من التعليم المكلف جهداً ووقتاً ومالاً. وهذا السؤال الذي يمكن تصنيفه بسرقة تعبير النقد المحنط في كتبنا الدراسية والذي لا يمل ولا يكل معلم العربية وغيرها من تكراره، ألا وهو "السهل الممتنع". فالسؤال يبدو سلسلاً وواضحاً بذاته بالنسبة لمن تعود على أن العلم من المسلمات التي لا يجوز الشك فيها، يبدو لشخص أقل إيماناً ببركات العلم أمراً في حاجة الى جهود الراسخين في العلم ليعطوه المشروعية. لكن هيهات هيهات… فالعلم في هذه البلاد عاجز عن نيل البراءة مهما كان النطاسي أو المحامي المستعد لتبنيه بارعاً وحاذقاً في صنعته. ذلك أن أحداً في هذه البلاد لا يجهل أن العلم لا يسهم في شيء جوهري يؤثر في حياة الناس اللهم إحالة حياة الأطفال الى جحيم لا يطاق، وتدمير طفولتهم البريئة في لغو لا طائل تحته. وإذا كنت لا أرغب أبداً في فتح ملف تلك المعاناة التي لا تحتاج الى برهان أكثر من فتح ملفات رؤوسنا واستحضار ساعات المعاناة التي قضيناها جميعاً في مدارسنا العتيدة أو زيارة الأطفال في مدارسهم الراهنة التي ورثت كل مصائب مدارس آبائهم على الرغم من الانتشار الفذ لتخصص التربية في العالم العربي - وخصوصاً في خصوصيته الفلسطينية - انتشاراً يجعل بائع الموز في سوق الخضار قادراً على أن يعطينا محاضرة عن ظهر قلب في فضائل المرحوم سكنر وسيكولوجية الطفولة وطريقة صياغة الهدف السلوكي وهي الأمور التي يجمع الطلبة أحياناً على أنها كل العلم الذي يتلقون. وفي خضم هذا الوضع المؤسف لا يستطيع المرء إلا أن يتذكر " حكمة "  أرنست رينان الشهيرة بأن العقل العربي عاجز من حيث المبدأ عن التعاطي مع الفيزياء والفلسفة والرياضيات. ولعل " خبراء " التعليم في هذه البلاد يمثلون خير ممثل للنزعة الريناينة في أنقى صورها. وربما ذلك ما دفعني الى أن أكون ملكياً أكثر من الملك وأطالب بإغلاق المدارس والجامعات نهائياً وذلك أجدى لراحة عقولنا التي يتعبها القليل من وصايا التربية وحقوق الإنسان الأمريكية المقدسة ناهيكم عن الفيزياء والفلسفة المدنسة. ربما كان هذا الكلام مبتسراً أكثر مما ينبغي بحيث لا يتضح للغارقين في فضائل علم التربية على الطريقة الأمريكية أسبابه مفصلة، ولكن الحقيقة هو أنه يهدف مبدئياً الى جر الشكل لفتح ملف الجدوى من التعليم في هذه البلاد فإذا تحقق ذلك فلكل مقام مقال وإلا فيا دار ما دخلك شر ويصبح خير الكلام:   
ناموا ولا تستيقظوا        ما فاز إلا النوم

الكاتب أكاديمي فلسطيني يعيش في رام الله



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغنية - الكليب - وحقوق الإنسان
- حول الفرق بين الإرهاب والمقاومة إلى إبراهيم وبقية الضحايا
- حقوق الإنسان لا تكون إلا اشتراكية
- العقيد القذافي
- في فلسطين شهادة عليا لكل أسرة نظرة إلى التعليم ما بعد أسلو
- الليل وآخره
- العولمة، المتوسطية، والشرق أوسطية
- رحلة البحث عن المعنى
- حساب الأجيال
- تصفية المقاومة غايتها الأسمى: قراءة في النص الرسمي لخريطة ال ...
- الجماهير هي الخندق الوحيد الجماهير هي الخندق الأخير
- أمريكا تواصل حروبها التحريرية
- وأخيراً: أمريكا لا تمثل المسيحية
- تطويع المنطق في خدمة - عملية نهب العراق
- من يوقف هتلر الجديد؟
- الميلودراما العراقية الفلسطينية
- السيرك العربي وخروف العيد العراقي
- حقوق الإنسان بين الخصوصية والعالمية
- العراق وأوروبا وخروج العرب من التاريخ
- السيف والنار في فتح السودان


المزيد.....




- -عليّ التوقف للحظة-.. شاهد مذيع أرصاد جوية يتعرض لنوبة هلع ب ...
- الكويت.. تداول فيديو لمواطن مصري يجمع تبرعات دون إذن ووزارة ...
- 28 شخصًا تركوا دون مأوى.. الجرافات الإسرائيلية تواصل هدم الم ...
- الصحة المصرية تكشف حقيقة تأجير 50 مستشفى حكوميا لشركة قطرية ...
- روسيا تطور مركبة جديدة لإطلاق وحدات محطة (ROS) المدارية
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي لجنوب غزة
- نجم هندي خلف القضبان بسبب -وجبة محرمة- (فيديو)
- فرنسا: مقتل طياريْن إثر اصطدام مقاتلتين من طراز -رافال- شرق ...
- كيف بدأ اليأس يتسلل إلى اللوبي المؤيد لإسرائيل في أميركا؟
- حان الوقت لإسكات البنادق.. انطلاق محادثات جنيف بشأن السودان ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - لماذا لا نغلق المدارس والجامعات؟