أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - رد على أطروحات يوسف فخر الدين في - أجراس العودة















المزيد.....

رد على أطروحات يوسف فخر الدين في - أجراس العودة


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 2422 - 2008 / 10 / 2 - 09:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مهام المثقف السعي لكسر التصنيفات المقولبة والمختزلة
اعاد موقع "أجراس العودة" هذا الاسبوع (أواخر ايلول 2008) نشرقديمه ، مقال لزميل ورفيق ، هو يوسف فخر الدين ، يحمل عنوان (الديمقراطيون الجدد، نبيل عودة منهم(1)(مساهمه في حوار يطلبه في مقالاته الزميل نبيل عودة بتّوق يشكر عليه ـــ نشر المقال أول مرة في 07 – 11 – 15 ) ، ينتقد يوسف موقفي من مفكر ليبرالي ( حسب تعبيره ) بوزن عزمي بشارة ، ويعتبر انتقادي للنظام السوري وحزب الله وايران والتيار الاسلامي سقوطا فكريا وسياسيا .
قرأت المقال في وقته ، ولم أشأ الرد عليه لأنه لم يتضمن ما يستحق الرد على المستوى الفكري أو التنظيري أو السياسي العام ، وكان أشبه بالمرادحة والتكرار ، وانتظرت الحلقة الثانية التي لم تظهر ، ربما لأن الزميل يوسف فخر الدين بالغ بتفريغ كل أفكاره في مقال واحد ، ولكن اعادة نشرالمقال القديم من جديد ، تشير الى اتجاهات عدة ، بعضها شخصي ، حيت يمتنع الموقع عن نشر مقالاتي منذ فترة طويلة ، لأسباب "عقائدية " وآمل ان يسمح بنشر هذا المقال عملا بحرية الرأي والحوار . قد يكون السبب الأهم من اعادة النشر ، ما حذرت منه في مقال سابق يحمل عنوان " ملك طائفة جديد قريبا في بيروت " .. ويبدو ان مرحلة الدمج بين النظام السوري ، "القومي النموذجي" حسب فكر المفكر الليبرالي عزمي بشارة ، والأصولية الاسلامية ، ممثلة بحزب الله وحماس وايران ، وبتماثل بعض الأحزاب الشيوعية العربية مع فكرة قومية الأصولية الدينية ( اللبناني والاسرائيلي مثلا) ، أو صبغها بالصباغ القومي باعتبارها القوة العربية الوحيدة الفاعلة على الساحة الوطنية ونشاطها ، ضد اسرائيل بالأساس ، لا يمكن أن ينصب الا في خدمة المشاريع "القومية " التي نسمع يوميا تفاصيلها وانفجاراتها "المجهولة " وانجازاتها في حرب صامتة مريبة من التصفيات ..
يريحني ويطمئنني أن رؤيتي تختلف .. يوسف فخر الدين يتهمني ( مشكورا ) بأني من "الديمقراطيين الجدد" ( لا أعرف ما الفرق بين القدم والجدد ) ، ومع ذلك أعترف : أجل انا دمقراطي جديد وقديم حتى النخاع ، لا قيمة للحياة بلا ديمقراطية للفرد والمجتمع ، وتستطيع ان تتهمني بالتنويرية أيضا ، وبقبول الفكر الحداثي حول المجتمع والثقافة والسياسة ... لأني أرى المضمون أولا .. والمضمون في واقعنا الفلسطيني والعربي يقلقني ويضيء أمامي الاف الأضوية الحمراء .. حقا انا لم أبق في اطار الفكر الماركسي التقليدي ( الشيوعي ) الذي أعتبره أهم مرحلة تنويرية في حياتي . ورأيت منذ فترة طويلة ان الجمود يقتل ثورية ماركس وتنويره وحداثته الفكرية وجذوره الفلسفية ، وان الوقوف عند نظريات ، مهما كان صاحبها عبقريا في مرحلته التاريخية ، ورفض أي نظرية أخرى تنقضها أو تطورها ، بل ورفض الاطلاع على ما ينجزه العقل البشري من تطوير فكري وفلسفي جديد ، والاستفاده منه ، حتى لو تضمن نقدا لمسلمات آمنا بها في شبابنا وبداية تشكل رؤانا ورؤيتنا الفلسفية ، هو آفة فكرية على ثقافتنا وفكرنا وتقدمنا الحضاري .
ان الظن أن ما ورثناه من ماركس ، أو من شيوخنا التبشيريين الأفاضل ، هي نهاية الفلسفة ، وقمة الفكر وخلاصة الأحلام ، وأضحت ، حسب ما لُقنا في أحزابنا أو حلقاتنا ، تفسر كل عملية التطور البشري والاجتماعي بوضوح كامل ، ومسارها التاريخي الى ما ستؤول اليه في النهاية ، واضح ومؤكد بشكل مطلق ، له بداية وله نهاية ، كما تحدد ذلك بنظرية التطور الاجتماعي التاريخي لماركس ، للعلمانيين وفي الفكر الديني ، لغير العلمانيين ، وكله يجي بقوة لا يتحكم فيها البشر... أي ان الماركسية الجديدة ، التي نشأ أيضا المفكر الليبرالي عزمي بشارة في أحضانها، أضحت أيديولوجيا ، بفضل الجمود الفكري للمنظومة الشيوعية العالمية ، تنتج مجتمعات مغلقة ، وعقائد مغلقة ، دينية ايمانية أو علمانية الحادية ، لا فرق ، تخضع الانسان الفرد لقوالب ضيقة ، فكريا وتنظيريا وسياسيا ، وتعرقل تطوره ، بل وتمنعه من الاختلاف والتجديد والابداع بالعنف والاستبداد والسحل .. لأنها أضحت تشعر ، وتستوعب الخطر على دورها وامتيازاتها ومصيرها ، وقد يكون التحالف الشيوعي الأصولي المستهجن ، أو الوطني الأصولي ، الذي يروج له "المفكر الليبرالي المتنور"عزمي بشارة ، هو الحل لانقاذ الذات والامتيازات والمصالح المتنوعة ، الشخصية ، في حالة الفرد ، او الجماعية في حالة حزب أو دولة.
حتى أفلاطون في جمهوريته رفض نظرية التطور الاجتماعي التاريخي ، ويبدو انه كان أوسع رؤية من الكثيرين من فلاسفة القرن التاسع عشر ، ومن فلاسفة ماركسيين معاصرين يحاولون أن يرتقوا ثقوب الأوزون في الفلسفة الماركسية.. بدل ان ينطلقوا من مضمون الماركسية لرؤية علمية عقلانية ودمقراطية تنويرية وسياسية جديدة ..
هذا لا ينفي أهمية الماركسية وطروحاتها ، وأن الماركسية ليست دينا مغلقا . بل منهاج عمل وتفكير ، سلبوا منها أهم مميزاتها ، ضرورة استمرار تطوير نظرياتها بناء على القاعدة الفكرية التي طرحها ماركس نفسه .. بصفة نظريته منهاج عمل وتفكير وابداع فكري ونضالي .. والسؤال : ماذا قدم الليبرالي المتنور عزمي بشارة من فكر جديد للثقافة العربية وللفكر الاجتماعي العربي ؟
كتب مرة مقالا فاجأني ، انتقد الأنظمة العربية التي تفتقد لمؤسسات الحكم المستقلة ، ووصفها بالأنظمة الشرشوحة . كان صادقا . ولكنه صمت بعدها وانخرس .. ربما كانت بيضة الديك .. لماذا لم نسمع صوته ضد قمع النظام البعثي للمثقفين السوريين ؟ بدل ذلك نسمع دفاعا مستميتا .. وتبريرا لتصرفات النظام ضد المثقفين القابعين في السجون بدون محاكمة أو بمحاكم صورية ، وكذلك تبريرا فظا للسياسة السورية في لبنان .. بل وتبريرا لتصرفات حماس في غزة ..
انت تقول في مقالك النقدي لمنهجي الفكري الدمقراطي الجديد ، حسب تعبيرك ... انه : " لا غضاضة بالتفكير بالأصولية من موقع مختلف ليس فقط باعتبارها قوى مقاومة وممانعة ، بل ومنتمين محتملين لمنهج الدمقراطية". أضحكتني وأبكيتني . شاهدنا دمقراطية حماس في السحل الاجرامي في شوارع غزة الذي لم يتوقف منذ انقلابها المدعوم ايرانيا وسوريا ومن حزب الله في بيروت التي احتلها ليفرض رؤيته السياسية ، وانت تعرف بقية التفاصيل ، وآمل انك لا تتعامى عنها باسلوب النعامة.
في كتاب للفيلسوف كارل بوبر " المجتمع الممفتوح وأعدائه " ( 1945 ) ، صدر بالعبرية ، وأتمنى لو تكون قد صدرت ترجمة عربية من هذا الكتاب الهام ، الذي يعتبر ، كما وصفه برتراند راسل : "نص هام للغاية ومن المهم ان يقراه الكثيرون لما يتضمنه من نقد عميق وصائب لأعداء الدمقراطية في الماضي والحاضر " ، وهو كتاب لم يفقد قيمته رغم صدوره عام 1945 ، بل على العكس ، ما زال مفيدا لفهم المرحلة التاريخية في زمننا أيضا ، وفهم متطلبات نقد العداء للدمقراطية ، ولطرح مناهج لنشاطات سياسية في ايامنا ، ربما أكثر مما كان في وقت اصدار الكتاب . ولفت انتباهي ما قاله حول النظريات العلمية وهو موقف صحيح من كل النظريات الفكرية والاجتماعية أيضا ، يقول بوبر : " ان النظريات العلمية ما هي الا تخمينات يجب العمل الدؤوب على دحضها بواسطة التجربة أو بكل وسيلة أخرى ، فاذا صمدت في الامتحان يتعزز موقعها وتنمو المعرفة حتى المحاولة التالية ". اذن لماذا هذا الرعب من نقد وتمزيق نظريات الليبرالي ، كما تسمي عزمي بشارة وطروحاته الفكرية ؟! الم يثبت لك ان كل ما طرحه حتى اليوم لم يبق فيه ما ينفع الناس بقدر ما ينفع حساباته البنكية ؟!
لا لست عدوا لعزمي بشارة ولست عدوا لحزب الله .. لي موقفي المختلف ، وأرى بحزب الله حزبا أصوليا يمثل مصالح دول تستغل لبنان كساحة أمامية أو خلفية في سياساتها.
ليكن حزبا مثل سائر الأحزاب .ليس حزبا فئويا يفرض سياسته باحتلال عاصمة وطنه ، مدعوما من قوى تتدخل في الشأن اللبناني وتمزق الشرعية اللبنانية . وموقفي ليس دفاعا عن أي جسم سياسي لبناني ، انما موقف انساني عام لشعب رأينا في انجازاته الثقافية والاجتماعية منارة لشعوبنا وتقدمها . هذا هو الامتحان الدمقراطي . ان قرار الحرب والسلام ليس قرارا لمليشيا مسلحة مهما كانت صادقة ووطنية وبطلة ، ومها افتخرنا بانجازاتها العسكرية ضد العدو الأساسي اسرائيل .
ان استعمال تعبير صهيوني هو مدح ، لذلك نقدك لي لعدم استعمالي هذا الاصطلاح ، أولا غير صحيح ، ويفسر فهم خاطئ يسود اعلامنا العربي كله. ارجع لمقالاتي وانتبه أين أستعمل هذا التعبير هذا أولا ، ثانيا .. لا اريد ان أمدح النظام الاسرائيلي بأنه نظام وطني ، لأن تعبير صهيوني ليس اهانة بمفهومهم ، بل مدحا لوطنيتهم ... ان استعمالي لاصطلاح صهيوني يتعلق بما أتحدث عنه ، وما اريد التعبير عنه بدقة ، الا اذا كنا تهريجيين ونرفض الدقة الفكرية والسياسية.. ونشوط ونلوط بلا قواعد ضابطة.
تعبير "عرب 48 " و " عرب الداخل " و "داخل الداخل " هي تعابير تافهة أوجدها للأسف اليسار الفلسطيني من منطلقات قومية حسية غير واعية ومن أنظمة تدعي اليسارية لرفضها استعمال صيغة العرب الفلسطينيون في اسرائيل او مواطنو اسرائيل العرب ، أو الأقلية العربية الفلسطينية في اسرائيل .. أو رفض استعمال اسم اسرائيل ( هكذا ننجز انتصاراتنا ) المواطنة بالنسبة لنا كانت معركة سياسية قانونية من أهم معاركنا للتمسك بوطننا وأكثرها صعوبة وتضحيات ، وفي أخطر مرحلة تاريخية في حياتنا - ما بعد 1948 . البديل كان يعني في وقته طردنا من وطننا . أجل انا مواطن عربي فلسطيني في اسرائيل ، غصبا عن كل العنصريين ، ورغم أنف سياسة التهجير والتطهير العرقي الصهيونية !! ومواطنتي هي صيغة قانونية تعني اني ابن هذا الوطن ولا وطن لي غيره .غصبا عن خطط التهجير الصهيونية ، وخطط الترنسفيريين من اليمين اليهودي الفاشستي!! أحد المثقفين العرب الكبار ، أوضح لي قبل أيام ، في تبادل للراي ، ان استعماله لمصطلح "عرب 48" هو من ناحية سيميائية وابستمولوجية لتكريس واقع سياسي يخالف السائد عربيا واسرائيليا - وخاصة فلسطينيا . هذا التفسير مقبول علي ، اما تغليف ذلك باطار المصداقية الوطنية والسياسية ، فهذا تهريج وليس فكرا ، لا ليبراليا ولا سياسيا .
أعرف ان اسم اسرائيل يثير الغضب .. وأنا أيضا لست سعيدا بهزائمنا المتكررة منذ 1948 .. أو انتصاراتنا الوهمية .. في غزة مثلا . وكان الأحرى ان تثير هزائم الأنظمة العربية وتخاذلها الغضب والثورة والتغيير وبدء انطلاقة العالم العربي الى آفاق التطور الحضاري ، والدمقراطية والعلوم والتنوير والتحرير ، تحرير الانسان وتحرير المجتمع وتحرير الأوطان .. بينما ما جرى العكس ب 180 درجة .. من المؤسف ان حزبا صغيرا أنجز عسكريا ضد اسرائيل ما عجزوا بجحافلهم ان ينجزوا عُشره . حتى في حرب اكتوبر التي تعتبر في قواميسهم انتصارا عظيما . لا أعرف على من انتصروا وما هي نتائج هذا الانتصار ؟ هل كامب ديفد بين السادات وبيغن ، واخراج مصر من المواجهة العربية مع اسرائيل ، هو الانتصار في اكتوبر ؟! وهل استمرار التخلف الاقتصادي والاجتماعي وفرض حالة الطوارئ منذ اربعة عقود في مصر وسوريا وتبرير الفقر المدقع والسجون والقمع بالتحدي الذي يواجهونه مع اسرائيل ، هو من انجازات أكتوبر أيضا ؟!
مفكرك الليبرالي الكبير هرب من وطنه ، ليس بسب قضية علاقاته مع حزب الله ، أو طروحاته الوطنية وأفكاره الليبرالية ، هذه ليست تهما يعاقب عليها القانون الاسرائيلي ، تبادل الحديث التلفوني مع حزب الله يمكن افشاله سياسيا ( رغم انه خطأ سياسي اذا حصل حقا ) وتحويل الموقف الى محكمة ضد النظام الاسرائيلي ( الصهيوني كما تحب أن تسمع وتقرأ ) .. عزمي بشارة مع الأسف اختار المنفى بسبب تبييض الأموال ... وفي هذه القضية لا مناص من ادانته ، أسوة بكبار رجال الحكم في اسرائيل ( الصهيونية ) التي تتمتع ، مع ألمي الشديد على واقع عالمنا العربي وشعوبنا العربية .... بنظام دمقراطي ، يضمن استقلالية مؤسسات السلطة ، ومساحة واسعة من الدمقراطية الشخصية والحزبية ، والتعددية الفكرية والدينية والاثنية الى حد كبير .. وليس دولة "شرشوحة" كما وصف عزمي بشارة الأنظمة العربية ...
عزمي قاتل لدخول البرلمان ( الكنيست الصهيوني ) وقدم شهادته في المحكمة العليا وأمام لجنة الانتخابات في استئنافه الشهير ضد منع حزبه من المشاركة في المعركة الانتخابية . وأقر بأن اسرائيل هي تجسيم لحق تقرير المصير للشعب اليهودي .. واعترف بحقها في الوجود .. وان حزبه ملتزم بقوانين الدولة ( الصهيونية ) وهذا ما أقسم عليه كعضو كنيست ، بل وترشح لرئاسة الحكومة ضمن اطار القانون الاسرائيلي ( الصهيوني ) وكم أتمنى لو يحصل المفكرون العرب على عُشر من مساحة الحرية التي تمتع بها عزمي بشارة في وطنه ، قبل ان "يغادره قسرا" كما ادعى ... والسؤال الذي لا جواب عليه كيف سمحت السلطات الصهيونية لعزمي بالمغادرة ، وهي تكاد تعرف مسبقا نية عزمي بالبقاء في منفاه الاختياري؟! لو كنت مكانه لتصرفت بنفس الشكل ، من معرفتي التامة ان تبييض الأموال ، بوجود شهود عرب مقدسيين ( تجار أموال ) تحولوا الى شهود ملكيين ضده ، لا مفر من الأدانة والسجن . وعزمي يريد الحرية مثل أي انسان عقلاني في كوكبنا . فمبروك عليه قصور أمير قطر ، بعد رفض سوريا الحبيبة اقامته الدائمة في ربوعها ، ورفض الأردن ان ينشط سياسيا منه .. ففتحت قصور قطر ، وحدث ولا حرج ...
لا أدين عزمي بشارة بقلة الوطنية ، ولا أدينة بالعجز الفكري .. أختلف معه ولي الحق بالاختلاف وطرح مواقفي ونقد مواقفه وتصرفاته . تماما كما أختلف معك وأرفض نقدك واسلوب تفكيرك النمطي التقليدي ، وأشكرك لأنك أتحت لي الفرصة لتوضيح ما كان يحتاج حقا للمزيد من الوضوح .
يؤسفني ان أحزابنا التي تدافع عنها لا تختلف عن حزبك وأحزاب اليسار والوطنية والأنظمة التي تراها قادرة على ان تكون المخلص لشعبنا الفلسطيني .. ما زلتم تتعلقون بالظاهر وتنسون المضمون .. تماما مثل حكاية العجوز والفوطة التي ذكرتها في مقال سابق لي ، ولا بأس من تكرارها لتوضيح ما أقصده " بالظاهر والمضون " :
تقول الحكاية ان عجوزا تزوج من صبية ناضجة مثل زهور الربيع. بعد زواجهما بشهر واحد، ذهب العجوز لمرشده الديني شاكيا همه.
قال: تزوجت يا سيدي من صبية تحبني وأحبها، ومع ذلك لم أنجح بايصالها الى قمة اللذة، فتكاثرت شكواها، وهذا الأمر يثقل على حياتي معها، فما العمل؟ قال له المرشد الديني بعد تفكير: عليك يا أبني باستئجار شاب يقف فوق سريركما ومعه فوطة يلوح بها حين تعاشر زوجتك .. وعندها لا بد ان يحصل ما ترجوه.
وهذا ما كان. استأجرالعجوز شابا، ووقف الشاب يلوح فوق سرير الزوجين بفوطته. ولكن الزوجة لم تتغير حالها وازدادت شكواها ..
عاد العجوز الى مرشده الديني شاكيا باكيا حظه العاثر. طالبا حلا لمشكلتة مع زوجته الناضرة.
قال له مرشده الديني: لا تجزع ، لكل مشكلة حل. يجب ان نغير الأدوار الآن. الشاب ينام مع الزوجة في السرير، وأنت تقف فوق رأسهما ملوحا بالفوطة.
ونفذ العجوز أوامر مرشده الديني (أو قائده السياسي)، وقف ملوحا الفوطة فوق رأسي الشاب وزوجته الصبية التي دبت فيها الحياة، وبدأت تتأوه وتتلوى لذة وانبساطا .. فازداد تلويح العجوز بالفوطة توترا وهياجا. وعندما انتهى الشاب من واجبه، نظر اليه العجوز شذرا وصرخ به : يا ابن القحبة، أنت لم تلوح بالفوطة بشكل صحيح، كان يجب ان تلوح مثلي .. هكذا !!
حقا .. مشكلة سياساتنا وأحزابنا ومفكرينا الليبراليين والمدافعين بدون معرفة عميقة ... هي مشكلة العجوز .. شكل التلويح بالفوطة !! ليلوحوا يا يوسف كما يشاؤون ، للحقيقة مسار واحد دائما !!
عزيزي يوسف ، اسمح لي بكلمة أخيرة : لا شيء ، كما تعلمنا من المفكر الفلسطيني الكبير حقا ، ادوارد سعيد ، يشوه السلوك العام للمثقف قدر ما تفعل الزركشة والصمت الحذر والتبجح والإرتداد الاستعادي والمعبر عن الذات بطريقة مسرحية. وليس هناك اية آلهة للمثقف العلماني الحقيقي يجب ان تُعبد ويُنظر لها من أجل هداية ثابتة. وان احدى مهام المثقف هي السعي لكسر التصنيفات المقولبة والمختزلة التي تحد من التفكير والتواصل الانساني كثيرا .
أرجو ان أكون قد أوضحت طريقة تفكيري وإختيار قناعاتي .. وان يتواصل الحوار بيننا .. لما فيه تطوير نظراتنا ووصولنا الى أفضل طرح سياسي وفكري ، لما فيه خير شعبنا أولا وشعوبنا العربية كلها بالتأكيد ، وأرجو ان لا يفسد خلاف الرأي للود قضية .



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة : الزوجة
- ما العمل ... مجلي وهبة لا يريد ان يكون زينة في الأحزاب اليهو ...
- هل نحن قادرون على تحقيق انطلاقة ثقافية ؟
- عرب طيبون .. حتى متى ؟!
- اشكاليات الجبهة في الناصرة كما طرحها منشورها الأول
- شاعر من بلادي
- ثقافة حوار .. ام غابة حوار ؟!
- قضايا الشرق الأوسط المتفجرة.. هل من حل سحري في الأفق ؟
- لفتة هامة لتكريم الأديب والمناضل الكبير حنا ابراهيم
- احبسوا انفاسكم : وزير العلوم والثقافة والرياضة هدد بالاستقال ...
- الفنون أنتجت روائع والسياسة أنتجت مسوخا
- قصيدة لم يكتبها محمود درويش
- محمود درويش كما عرفته
- حين صار عدد -المفكرين- أكبر من عدد الحمير !!
- بهاء بكري - مغن جديد في اوركسترا مفلسة
- من بدع الجاهلين !!
- قانون سحب المواطنة .. عقاب جماعي للعرب في اسرائيل !!
- لا تزايدوا على المطران شقور
- حتى يجيء عصر التنوير
- مهرجان للحضارة .. مهرجان للمستقبل !!


المزيد.....




- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - رد على أطروحات يوسف فخر الدين في - أجراس العودة