صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2417 - 2008 / 9 / 27 - 08:27
المحور:
الادب والفن
16
رسالةٌ مفتوحةٌ غير منقَّحة
وصلَتْ خطأً إلى شقيقٍ مهمومٍ
غير مهيَّأٍ للبكاءِ!
رماحٌ غارقةٌ في السُّمومِ
تهطلُ فوقَ جفونِ المدائنِ ..
متاريسُ العالمِ لا تقي نقاوةَ الرُّوحِ
من سُمومِ الرِّماحِ!
خفَّفَتِ الأغاني جزءاً غيرَ يسيرٍ
مِنْ أحزانِ المساءِ
وتوهُّجات خيط القصيدة
مسحَتْ أحزانَ الليلِ والنَّهارِ!
جلسَ كئيباً بجانبِ النَّهرِ
كمالكِ الحزينِ
ينتظرُ خصوبةَ النَّهرِ
خصوبة أنثاه قادمة إليه
تحملُ باقةَ عشبٍ
تقبِّلهُ ..
تفرشُ على صدرِهِ طراوةَ العشبِ!
عمّي ينحتُ الحجرَ
يبني بيوتاً مِنَ الطِّينِ
مِنَ الحجرِ
عمّي مِنْ لونِ الأرضِ
مِنْ لونِ البكاءِ
مِنْ لونِ صعودِ الرُّوحِ
إلى قممِ الجبالِ!
يذكِّرني خبزُ التنّورِ بأمّي
برغيفِ أمّي ..
بباقاتِ الحنطة
بالجَرْجَرِ* ..
بأيامِ الحصادِ
يذكِّرني بطفولتي المتلألئة
بالسَّنابلِ!
يزدادُ الجليدُ سماكةً
في غاباتِ الحلمِ
يعبرُ دونَ استئذانٍ
لكن سنبلة دافئة
تتبرعمُ شامخةً
من بيَن سماكةِ الجليدِ!
هَلْ ثمَّةَ شطآنٍ مكثَّفةٍ بالحبِّ
تستطيعُ أنْ تقتلعَ هذهِ الكآبة
النابتة حولَ ظلالِ القلبِ
المفروشة على امتدادِ شهيقِ الرُّوحِ!
مللٌ منذُ بزوغِ الفجرِ
ضجرٌ مِنْ تراكماتِ الإنتظارِ
من اجترارِ القهرِ
تزمجرُ دائماً شاشات التلفاز
تزوِّدني بأخبارِ المهابيلِ
بأخبارِ الغدرِ
إلى متى ستبقى رؤى هؤلاء
مغلَّفة بالغبارِ ..
بالعقمِ
بكلّ أنواعِ الترَّهاتِ!
يريدونَ أنْ يصلوا
إلى قمَّةِ القممِ
وهم سائرونَ
في مستنقعاتٍ ضحلةٍ
حُبلى بالأوبئة!
أنْ تختلفَ معَ مُحاورِكَ
لا يعني أنْ تبقى ضدَّهُ
أن تحجظَ عيناكَ في وجهِهِ
أنْ تزجَّهُ
في غياهبِ السُّجونِ
أيُّ قانونٍ هذا
يتحدَّثون عنهُ ليلَ نهار
وزنازينهم
تزدادُ ارتفاعاً وانخفاضاً
تكتظُّ فيها كقطيعِ الجواميسِ
أجسادُ الأبرياءِ؟!
بعدَ سنواتٍ من العذابِ
أطلقوا سراحَه
ضمنَ احتفالٍ مهيبٍ
كأنَّه فاتح الأندلس ..
كيفَ سيقنعُ أصدقاءَهُ
زوجَتَهُ ..
ابنَتَهُ
أنّه ليسَ من الفاتحين
إنَّه فعلاً مِنَ المنـزلقين
في قاعِ الزَّنازينِ!
نهضَتْ
تحاولُ لملمةَ بقايا حلمٍ
لكنَّ الحلم
توارى بعيداً
في عتمِ الليلِ!
انتظرَتْهُ سنيناً
عندما شاهَدَتْهُ
عبرَ الممرِّ الطَّويلِ
ركضَتْ بتلهُّفٍ نحوهِ
انزلقَتْ قدماها
سقطَتْ ..
نهضَتْ
غير مكترثة لنـزيفٍ
في أعلى الجبين ..
حضنَتْهُ بشوقٍ عميقٍ
ترقرقَتْ عيناهُ متمتماً
مجنونٌ أنا
وضَعْتُ ابنتي
في مشفى المجانين!
..... ... ... ... يتبع!
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟