|
_ مقهى العم كوزي _ أقصوصة
عزيز عبد الحسين راضي
الحوار المتمدن-العدد: 2417 - 2008 / 9 / 27 - 08:24
المحور:
الادب والفن
وقت العصر هو الوقت المفضل لدى صبيان وشباب قطاعي 39 و37 في منطقة الجوادر من مدينة الثورة ، حيث الذهاب الى المقهى لمشاهدة( التلفاز ) ذلك الصندوق العجيب حينها .كانت المقهى امتداد لمقهى جواد السابقة لها والوريث الشرعي لروادها ، نحن الصبيان كناندخر المصروف المدرسي الى ما بعد انتهاء الدوام المدرسي ، ليتسنى لنا الدخول بعد ان ندفع ذلك المصروف الشحيح للعم كوزي للتمتع ببرامج التلفاز المنوعة ،حيث ان المقهى كانت فسحتنا ومجالنا الذي نتحرر فيه من رتابة البيت وروتين المدرسة ، وهي مكمل لما تعلمناه بكليهما ومتمم له . العم كوزي من اخيار المنطقة و ساكنيها المعروفين ،والقائم بأمور المقهى ، يعيل عائلة كبيرة جلها من الاناث وابن طالب في المرحلة الاعدادية ،يتمنى ان يراه وقد اكمل تعليمه العالي ليفخر به بين ناس المحلة و معارفه ،لذلك فهو يكدح ليل نهار من اجل أن يوفق بين متطلبات العائلة المعاشية وبين أن يحقق حلمه بوصول ابنه الى اعلى مرحلة في الدراسة لضمان مستقبله . كان رواد المقهى الدائمون ،خير الله ، خماس مهلهل ، واترابهم ،هم شباب المنطقة الكبار وعقلاءها ، وهم الذين يوجهون الشباب الآخرين الاصغر عمرا منهم حين يحدث خطأ ما في سلوك احدهم ، اما نحن الفتيان الصغار فما علينا سوى تلقي الاوامر والطاعة. خير الله ،دائب الحركة بين الشباب ، حيثما وجد تجمعوا حوله لتبد أ أسئلة و حوارات حول الافكار الجديدة ،والتاريخ ، والادب والفن ،وأمور الحياة الاخرى ،لتنتهي بما هو محضور حول السياسة و الدين .خماس مهلهل شاب ضخم الهيئة ، وسيم الوجه ، مهذب السلوك ،هارب من الجيش لموقفه الرافض قتال الاكراد في الشمال ، كان اول المتطوعين في الحرب العربية الاسرائيلة سنة 1973 . كانت جدران المقهى من الداخل مكسوة بقطع قماش ملونة ومزركشة ، هي الهدايا التي حصل عليها منتخب المنطقة لكرة القدم المكون من شباب القطاعين الذي كانت المقهى مقره ، هو فريق ( شباب الملعب ) بالاضافة الى شعاراتهم التي تحث على التحلي بالاخلاق الرياضية الحميدة ، كذلك صفت على الجدران رفوف صغيرة وضع عليها كؤوس مختلفة الاحجام تلك التي فاز بها الفريق اثناء مبارياته التي خاضها مع الفرق الاخرى ، ولكل كأس قصته وتاريخ الفوز به ، وكيف كان اداء الفريق ، ومن الذي سجل الاهداف ، ومن الذي ساهم بصنعها ، والفرص التي ضاعت و .......و.......و . متعتنا الاخرى كانت حين يمزح خماس مهلهل مع العم كوزي عندما ينسى العم ان يضع الهيل مع الشاي ، ويحرض الاخرين ايضا على مشاكسة العم ، حيث يردون السلام على القادم حين يلقي التحية : وعليكم السلام والشاي مهيل ، او يودعون الذي يغادر مع السلامة والشاي مهيل ،او يغنون بقيادة خماس اغنية قديمة مطلعها يقول (كوزي تكوز عليه وانا لسه الحنا بيديه ). حتى يخرجونه عن طوره الهادئ ،حينها يبدء العم بوصفهم بأسماء غريبة لم نسمع بها من قبل ، مثل ( منهم جبير طبازه – وشوف شوف ابو خريدل_ ابو حثل الطنطل_ والحمد لله الي اطاك هذا الطول ما اطاك شوية عقل _ ) . وقتها كنا نضحك من اعماقنا فرحين . في يوم من ايامنا الحزيرانية الوديعة تلك ، تغير الطقس فجأة ، حيث تحول مغيب الشمس من مشهده الرائع الىالاصفر الحائل والهواء العليل في اخر العصاري اخذ يداهمنا بقوة مصحوب بغبار كثيف لا طاقة لنا عليه ،اردنا ان نحتمي من تغير الطقس بالهروب داخل المقهى ، حينها بداء المسلسل العربي ( الكابوس ) ، اثناء ذلك توقفت سيارة صغيرة بالجانب الاخر من المقهى نوع ( فولكس واكن ) كنا نسميها (( العكروكة )) ، ترجل منها ثلاثة رجال يرتدون الزي السفاري الذي يميز رجال السلطة عن الاخرين ، سأل احدهم : _ اين صاحب المقهى ؟ استقبلهم العم مرحبا كعادته مع الغرباء ، اخذوه وتنحوا الى الزاوية البعيدة من المقهى ،بعد فترة وجيزة ونحن نراقب الموقف بتوجس وبفضول صبياني ، حيث كنا كالعادة نجلس في الصفوف الامامية كي نشاهد كل ما يظهر على شاشة التلفاز دون ان تفوتنا لقطة ، اتى العم مسرعا وبغضب نادى علي بانفعال لم نعهده به من قبل ، قال : _( كوم ولك اشتر لنا كيلوين شكر من دكان السادة ) . _ كان يكلمني بشفتيه وعيناه باتجاه الصف الاخير حيث يجلس خير الله ، كان يفتحهما لآقصى حد مع رفع الحاجبين الى الاعلى حين تلفت لحظتها نهض خيرالله وبحركة رشيقة اختفى ، نهرني العم بصوت عال : _( ولك مو احجي وياك وين تتلفت) _ ركضت مسرعا كما أمرني ، حين رجعت ومعي السكر ، كان الاغراب قد ذهبوا . استقبلني العم ضاحكا قال : _( تعال بعد عمك لا تزعل سووني هذول الخنازير عصبي ينشدون على خير الله يردون ياخذونه حسبالهم فالتو) _ ثم قبلني على رأسي ، وذهب لتصريف امور المقهى . كان المسلسل العربي ( الكابوس ) لازال في بداياته ، جلست مع الاخرين اتابع ما سوف تاؤول اليه الاحداث لاحقا....................... .
#عزيز_عبد_الحسين_راضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طيور النهر
-
محنتنا..و موقف المثقفين و الاعلاميين العرب منها
-
ما الذي نريد من كتابنا و مثقفينا وشعبنا يعاني من مخاض عسير ؟
-
في 8 اذار تحية اجلال وأكبار للمرأة العراقية الصابرة و المكاف
...
-
الى مناضلين تحت ( اللحاف )
-
واقعة هيلوه
-
حكومة شعيط ومعيط وجرار الخيط
-
المناضل الشيوعي نشأة فرج (ابو عادل )وظلم ذوي القربى
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|