|
الشعر العراقي والانتخابات الفرنسية!!
عبد الامير المجر
الحوار المتمدن-العدد: 2417 - 2008 / 9 / 27 - 08:26
المحور:
الادب والفن
عنوان غريب، أليس كذلك؟ لكني سأحاول أن ابدد هذه الغرابة، بعد ان أجد العلاقة بين الاثنين، وقبل هذا اود ان اذكر بأن ما دعاني لكتابة هذه السطور هو الجدل الذي مازال يتجدد في وسطنا الثقافي العراقي وحتى العربي عن القديم في الشعر المتمثل بقصيدة العمود التي يراها المحدثون باتت متحفية لاتنفع، بينما يرى اصحاب العمود ان الشعر الحديث او الحر ليس من الشعر في شيء! أعود الى الانتخابات الفرنسية او الى العام (1981) الذي كنت اتابع فيه الحملة الانتخابية التي احتدمت بين المرشحين الذين كانوا كلاً من فاليري جيسكار ديتسان الرئيس المنتهية ولايته وقتذاك والمرشح عن الحزب الاشتراكي فرانسوا ميتران، والمرشح الديغولي جاك شيراك، والمرشح الشيوعي جورج مارشيه بونسيه واليميني المتطرف لوبين، انتهت الجولة الاولى بفوز الاربعة الاوائل حسب الترتيب اعلاه، أما الجولة الثانية فقد حسمت المعركة لصالح ميتران وانتهى الضجيج وهدأت فرنسا لكن السؤال الذي تركته هذه الحملة هو حجم ( التباين) في طروحات المرشحين استناداً لمرجعية كل مرشح، الفكرية والسياسية، ومن ثم حجم “التباين” في المجتمع الفرنسي الذي شاهده العالم من خلال شاشات التلفزة وهو يتوزع بين المرشحين الذي يعكس كل واحد منهم ميول الفئة الجماهيرية التي تؤيده!.. شيء مهم لاينبغي اهماله هنا، هو ان باريس خلال الحملة الانتخابية وقبلها وبعدها طبعاً، ظلت تشهد معارض فنية تعكس مدارس مختلفة، انطباعية وواقعية ورمزية وسوريالية و(غيرها) فيما كانت المطابع الفرنسية تطبع روايات وقصص كلاسيكية وواقعية وشيئية و(غيرها) اضافة لكتب ماركسية واشتراكية ومسيحية واسلامية ورأسمالية و(غيرها).. ومن المؤكد ان هناك دواوين شعر حديثة تطبع بموازاة دواوين لشعراء فرنسيين وغير فرنسيين يعدون كلاسيكيين كالذين نسميهم عندنا بـ(العموديين)!.. هكذا اذن تكاملت مع مشاهد اخرى كثيرة صورة المشهد الحضاري في بلد متحضر جداً، يتجدد على الدوام من دون نزعة راديكالية تحكم ايقاع الحياة فيه، بل تترك الامور تنضج بهدوء ليتبلور الجديد من دون ان يلغي القديم بل ينافسه ليترك الامر برمته لعامل الزمن في بلد يمتلك الزمن تماماً، ويشبعه بهدوء من دون القفز على ايامه أو ساعاته أو حتى دقائقه، ولنقل انها المدنية الحقة التي تضج بالاختلاف الذي يفضي بالنتيجة النهائية الى تكامل يبني الانسان ويشبع مفردات الحياة المختلفة. هذه الصورة الباريسية التي كانت الانتخابات او الواقع السياسي الفرنسي الذي هو نموذج لصورة العالم المتحضر اليوم، وليس واقعاً فريداً من نوعه، هي الصورة الواقعية والرمزية معاً لمبدأ التجاور الذي هو ضد مبدأ التجاوز والاقصاء الذي ساد الكثير من بقاع العالم في مرحلة ما او في مراحل معينة وتحديداً المراحل الثورية الحادة التي اتسمت بالشمولية في كل شيء تحقيقاً لاهداف سياسية، ربما قسرية! هل وجدنا العلاقة بين الانتخابات الفرنسية والشعر العراقي؟!.. قد يسعفنا المثل الذي سقناه آنفاً لنفتح حواراً مع انفسنا وليس مع الفرنسيين او غيرهم طبعاً، ونقول ان الشعر العمودي طالما ان له متلقيه مثلما له شعراءه فهو موجود بقوة الحقيقة والواقع الذي يعيشه هؤلاء وليس بقوة الرأي الذي يتفق مع آرائهم او يختلف، والشعر الحديث او الحر موجود ايضاً اي انهما متجاوران مع بعضهما بقوة حقيقة كل منهما، وغير متجاوزين لأي منهما.. هل انتهى الأمر؟.. اعتقد ان في جعبتنا ما يستحق ان يذكر.. لقد عاشت الثقافة العراقية- الابداع باشكاله المختلفة تحديداً- تحت ظلال السياسة او تحت تأثيرها ولان واقعنا السياسي اعتمد مبدأ التجاوز منطلقاً من الثنائية الشهيرة (التقدمية-الرجعية) او (اليمين-اليسار).. هذه الثنائية تسللت الى مسامات الحياة عندنا فالذي لم يلبس (الجارلس) في السبعينيات فهو (رجعي)! ومن لم يؤمن بان (جيفارا) هو الرمز الأكثر (اناقة) للثورية فهو متخلف او رجعي مع ان هناك من هو (ثوري) من دون جيفارا او جيفاري من دون (ثورية) مقننة وفق نظرة البعض للثورية وهكذا انسحب الامر الى الشعر والقصة التي وجدنا انفسنا نكتب فيها -القصة- ماهو متجاوز لهموم مجتمعنا الحقيقية لاننا كنا محكومين بكل هذا الركام وهو المسلك الذي يصر عليه البعض اليوم مع الشعر وغيره مع انهم باتوا (ليبراليين) يؤمنون بالتعددية والحرية والديمقراطية والشفافية!.. هل نسينا الانتخابات الفرنسية؟ او هل كانت مقاربتنا معها في هذه السطور موفقة؟.. اقول، هل ما ذكرته يعني ان ازمتنا ثقافية ونحتاج الى قراءة موضوعية لمعالجتها، وليست شعرية؟ ربما ما قلته صحيحاً.. لا أدري!!
#عبد_الامير_المجر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة قصيرة بيت القملة
-
كركوك.. المأزق الوطني واشكالية الحل الأقليمي
-
لمناسبة مرور عام على رحيله .. نجيب محفوظ في ابداعه ومواقفه ا
...
-
العقل الاميركي بعيون عراقية-رهان القوة في مواجهة حلم السلام
...
المزيد.....
-
مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي
...
-
السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم
...
-
إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال
...
-
اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
-
عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
-
موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن
...
-
زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
-
أحمد أعمدة الدراما السعودية.. وفاة الفنان السعودي محمد الطوي
...
-
الكشف عن علاقة أسطورة ريال مدريد بممثلة أفلام إباحية
-
عرض جواز سفر أم كلثوم لأول مرة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|