|
ماهي دلالات أزمة النظام الرأسمالي الراهنة؟
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 2417 - 2008 / 9 / 27 - 08:13
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
دخل النظام الرأسمالي العالمي في المرحلة الراهنة، في ازمة عميقة، فماهي أهم مظاهر هذه الازمة؟ 1. اصبحت مراكز العالم الرأسمالي المهيمنة على الاقتصاد العالمي تتكون من : امريكا ، اليابان ، أوربا ، وادوات هذه المراكز هي : منظمة التجارة العالمية التى تقدم الحماية لاحتكارات المراكز . كما يمثل صندوق النقد الدولي السلطة النقدية ، والبنك الدولي السلطة التنفيذية لمجموعة الثمانية الكبار (G8) . وبلعب حلف الاطلسي الدور السياسي والعسكري ، اما امريكا فتمثل الرقيب العسكري على العالم . 2- كما أن من أهم سمات الرأسمالية المعاصرة اعادة انتاج الفقر على سبيل المثال : 1,3 مليار شخص في العالم لايتعدى دخلهم دولار واحد في اليوم ولايحصلون على مياه صالحة للشرب ولا على الحدود الدنيا من العلاج . 850 مليون من الاميين ، 800 مليون يعانون من سوء التغذية . 210 مليون طفل في العالم يتم استغلال قوة عملهم . تدهور الوضع البيئي في العالم الناتج من من ازمة نمط الانتاج الرأسمالي الذي يهدف لتحقيق أقصى قدر من الارباح لرأس المال . 3- كما أن من افرازات الرأسمالية المعاصرة ( العولمة ) : الديون على الدول الفقيرة ، التهديد بالاسلحة النووية ، الاحتلال المباشر للبلدان ( العراق بهدف النفط ... الخ ) ، بيع الاعضاء البشرية (اسبيرات بشرية) ، شبكات الدعارة الكبيرة للنساء والاطفال ، تجارة المخدرات ، غسيل الاموال ، انتشار وتفشى ظاهرة الفساد ... الخ . 4- كما ان من سمات الرأسمالية المعاصرة سيطرة الشركات العابرة للقارات على ثلث الاصول الانتاجية في العالم على سبيل المثال : في الفترة 1982 – 1992 ، كان نصيب اكبر 200 شركة عالمية يصل الى 26,8 % من الناتج العالمي بايرادات تصل الى تريليون دولار ( تقرير الاونكتاد 1993 ) ، هناك 20 % من دول العالم تستحوذ على 85 % من الناتج العالمي وعلى 84 % من التجارة العالمية ويمتلك سكانها 85 % من مجموع المدخرات العالمية ( فخ العولمة : 1998 ، ص 11 ) . 5-كما أن من نتائج العولمة تصفية مكتسبات العاملين والفئات الوسطى وزيادة البطالة وانخفاض الاجور وتدهور مستويات الخدمات الاجتماعية التى تقدمها الدولة واطلاق آليات السوق ، وابتعاد الحكومات عن التدخل في النشاط والاقتصاد وتفاقم التفاوت في توزيع الدخل والثروة بين المواطنين . كما اصبحت الزراعة في مراكز العالم الرأسمالي والتى تعتمد على منجزات الثورة العلمية والهندسة الوراثية تقف حجرة عثرة في تطور القطاع الزراعي في البلدان النامية ، وبالتالى تعمل الزراعة الرأسمالية على استبعاد حوالى 3 مليار من المزارعين من الزراعة المعيشية ( التقليدية ) وتضيفهم الى جيش البطالة . كما اصبح الخيار العسكرى من قبل الولايات المتحدة يهدد جميع الشعوب . وتجئ الازمة الأخيرة التي يشهدها الاقتصاد الرأسمالي العالمي لتؤكد فشل فكرة تحرير الاسواق، وعدم تدخل الدولة لحماية المواطنين، فنجد أن الدولة في امريكا تدخلت لدعم شركتين تعملان في المجال العقاري بمبلغ 200 مليار دولار، كما تدخلت لدعم شركة التأمين العامة بمبلغ 85 مليار دولار مما يعني عمليا وضع يد الحكومة عليها، وذلك خوفا من الانهيار وتعميق الأزمة، وبالتالي ، تكون الادارة الامريكية عمليا قد تخلت عن شعار ايديولوجية تحرير السوق، ورجعت الي التاميم وتدخل الدولة، رغم انه تدخل لحماية الرأسماليين، وهذا يطرح من جديد ضرورة تدخل الدولة وحمايتها للمواطنين من انفلات السوق، ودعم الدولة لخدمات التعليم والصحة ودعم السلع والاحتياجات الأساسية للمواطنين. هذا وقد لعبت التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق اوربا دورا كبيرا في توفير احتياجات المواطنين الأساسية مثل: الحق في التعليم والصحة والسكن وحماية الامومة والطفولة، والضمان الاجتماعي، وكان لتلك الانجازات رد فعلها في الدول الرأسمالية حيث تدخلت الدولة ووفرت للمواطنين احتياجاتهم الأساسية خوفا من تأثير التجربة السوفيتية، كما ظهرت دولة الرفاه في البلدان الاسكندنافية. وبعد انهيار التجارب الاشتراكية تراجعت الدول الراسمالية من تلك المكاسب واندفعت في اقتصاد السوق، وسحب الدعم عن الخدمات الاساسية، حتي ارتبطت الرأسمالية في مرحلة العولمة، برفع يد الدولة عن توفير الخدمات الاساسية لمواطنين والخصخصة واقتصاد السوق، وظهرت ايديولوجية نهاية التاريخ التي بشر بها فوكوياما، والتي تراجع عنها، والتي صورت النظام الرأسمالي وكأنه نهاية التاريخ، والواقع يؤكد أن النظام الرأسمالي مهما تطورت اشكال وأساليب عملة ألا انه سيظل مرحلة عابرة في التاريخ. واستمرت أزمات النظام الرأسمالي مثل: ازمة ديون المصارف في امريكا اللاتينية في الثمانينيات من القرن الماضي، والازمة المالية التي ضربت النمور الآسيوية في العقد الماضي، ورغم جهود مراكز العالم الرأسمالي ممثلة في:الولايات المتحدة، اوربا، اليابان لكي لاتصل الازمة اليها، الا أن الازمة الاخيرة دخلت(حوش ) امريكا نفسها مما اضطرها لتدخل الدولة، ومؤكد ان دولا اخري مثل بريطانيا وفرنسا سوف تحذو حذوها. واخيرا، اذا كانت الدولة في امريكا تتدخل لحماية المواطن، فما بال نظام الانقاذ في السودان الذي سحب الدعم عن كل الخدمات الاساسية وفرض الخصخصة ونظام السوق وتشريد العاملين حتي اصبحت نسبة الفقر 95%، ورغم ارتفاع اسعار النفط عالميا الا أن المواطن لايحس بها في دعم الزراعة والصناعة وخدمات التعليم والصحة والمياه والكهرباء. ورغم انخفاض اسعار القمح عالميا، الا ان الحكومة لاتنتهز هذه السانحة وتخفض سعر القمح والخبز ممايخفف الأعباء المعيشية للمواطن.
#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الايديولوجيا
-
النفط السوداني : تاريخ الاكتشاف وارهاصات الصراع
-
حول الفصل التاسع من مشروع برنامج الحزب الشيوعي السوداني تجدي
...
-
المنهج ونظرية المعرفة الماركسية
-
محمد بشير عتيق: من الوعي النقابي الي الخلق والابداع الفني
-
الآثار السلبية للجمود النظري علي تجربة الحزب الشيوعي السودان
...
-
ديالكتيك هيغل: كل الفلسفات حقة وباطلة
-
تجربة الصراع الفكري في الحزب الشيوعي السوداني، الفترة(1952-
...
-
حول احداث العنف في العاصمة السودانية
-
قراءة في مانفستو الحركة الشعبية، مايو 2008م
-
منظمات المجتمع المدني
-
الذكري ال 76 لرحيل خليل فرح
-
النفط السوداني:الشركات متعددة الجنسية وصراع المصالح
-
تعقيب علي ندوة حوار حول التنمية( المفاهيم ومتغيرات العصر)
-
حول الفصل الثامن من مشروع البرنامج- قدسية الدين ودنيوية السي
...
-
دراسة في برنامج الحزب الشيوعي السوداني
-
تجربة الصراع الفكري في الحزب الشيوعي السوداني، الفترة(1951-
...
-
الجذور التاريخية للتهميش في السودان(6)
-
الجذور التاريخية للتهميش في السودان(7)
-
الجذور التاريخية للتهميش في السودان(الحلقة الأخيرة)
المزيد.....
-
نبيل بنعبد الله يعزي في وفاة شقيق الرفيق السعودي لعمالكي عضو
...
-
الحزب الشيوعي العراقي: تضامنا مع الشيوعيين السوريين ضد القر
...
-
موسكو: ألمانيا تحاول التملّص من الاعتراف بحصار لينينغراد إبا
...
-
مظاهرات بألمانيا السبت وغدا ضد اليمين المتطرف
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 589
-
تحليل - فرنسا: عندما يستخدم رئيس الوزراء فرانسوا بيرو أطروحا
...
-
برقية تضامن ودعم إلى الرفاق في الحزب الشيوعي الكوبي.
-
إلى الرفيق العزيز نجم الدين الخريط ومن خلالك إلى كل مناضلات
...
-
المحافظون الألمان يسعون لكسب دعم اليمين المتطرف في البرلمان
...
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|