أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالص جلبي - متى نفهم إسرائيل ؟













المزيد.....

متى نفهم إسرائيل ؟


خالص جلبي

الحوار المتمدن-العدد: 742 - 2004 / 2 / 12 - 07:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عيد الأضحى لعام 1424هـ تم تبادل أكثر من 400 أسير عربي مقابل عسكري إسرائيلي واحد حي وثلاث جثث تم التأكد منها بفحص الحامض النووي. فهلل العرب للنصر المبين؟ وهو في حقيقته ذل مقيم بأن الأموات الإسرائيليين أفضل من الأحياء العرب؟
وفي نفس العيد الحزين خرج أكثر من مائة من سجن عربي بعد سنين طويلة من الذل منهم رجل أمضى في السجن 29 سنة. فلم يهلل أحد لأن كل البلد سجن. ومن كان خارج السجن لا يفترق كثيرا عمن هو داخل السجن فالكل يرزح في سجن كبير بقضبان من الخارج وقضبان داخل الضمير. 
وروى لي صديقي (زيرك) الكردي أن رجلا خرج من سجن صدام بعد ستين سنة فلا يذكر سوى الملك فيصل الأول، ولم يعرف ماذا حدث بعد ذلك فكانت دهشته مثل دهشة أصحاب الكهف الذين أرسلوا أحدهم بورقهم فاكتشف الناس أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا.
ومما روى لي أن حملة الأنفال أخذت اسمها من القرآن ولكن فعلها كان من أبالسة الجحيم فقتل من الأكراد قريبا من مائتي ألفاً. ومسحت خمسة آلاف قرية كردية نقل أهلها إلى محميات كما فعل ستالين مع الشيشان والأمريكيون مع الهنود الحمر. ولكن صدام اختلف عنهم بأبشع من الصرب في سيبرينسكا فقتل من قبيلة البرزان سبعة آلاف ثم نقل النساء إلى معسكر بغرف يدخل على النساء من يشاء من عبيد صدام لمدة أربع سنين فخرج من الأطفال (النغولة) من  لا يعترف عليهم أحد سوى أمهاتهن اللواتي تبرأ منهن الجميع فلا يحسن سوى الدعارة اليوم.
 وذنب هؤلاء النسوة مغفور ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم. وذنب أولئك الأبالسة غير مغفور.
وأحسنت جريدة الشرق الأوسط صنعاً وهي ترسم الكاريكاتور لسجين عربي أطلقته إسرائيل يحتضنه شيخ وبجواره رجل المخابرات العربي ينتظره بـ (الكلبشات) وهو يبتسم؟
وما حصل في إطلاق أسرى العرب يعني في علم (السياسة) أن إسرائيل رضت لنفسها ظاهرياً الذل لتفدي المئات مقابل فرد واحد. ولكن الأمي لا يفك الخط ولو كان من أحب الناس وأبغضهم إليه. فالرسالة يقرأها من يحسن القراءة. وإسرائيل تتكلم بلغة لا نفهمها نحن الأميين؟
 و(الحدث) يعني في علم (الرياضيات) أن إسرائيل اعتبرت أن ثلاث جثث وحي واحد يساوي في الميزان أي عدد آخر من العرب ولو بلغ المئات والآلاف.
وهو يعني في علم (المنطق الأخلاقي) أن حياة الإسرائيلي ولو كان عربي الأصل غالي جدا في الميزان. مقابل الإنسان العربي المهان في بلاد العربان، كما حدث مع (ماهر عرار) العربي الأصل كندي الجنسية الذي ذاق العذاب المهين على يد بني العروبة فهو يقيم دعوى قضائية ضد بلده؟ ولم ينقذه إلا الكنديون. وهو تطور مهم أن من يعتقل لم يعد نسيا منسيا بل أصبحت قضيته تحت المجهر.
وأمريكا التي سلمته اقترحت عليه أن يتطوع بنقله  إلى سجن بلده الأم العربي الذي ولد فيه فصاح فيهم أرجوكم خذوني إلى أي مكان و لا هذا المكان قالوا له لماذا؟ قال العذاب الأليم؟ ولولا جنسيته الكندية وتدخل الحكومة الكندية للبث في السجن بأكثر من سني يوسف وأشد من عذاب النبي أيوب. أني مسني الشيطان بنصب وعذاب.
ومما روى لي زيرك الكردي أنه هرب من كردستان العراق إلى تركيا فاليونان وهناك ألقوا القبض عليه ولكنه عومل معاملة (أوربية) فلم يعذب ويهان، وسلم ليد المسلمين الأتراك فبقي أياما في العراء تحت المطر بدون طعام فتحول إلى زاحف يزحف على بطنه. ثم رأى بعينه كيف يهوي الجنود الأتراك بالعصي الغليظة على يد المتسللين يكسرونها حتى لا تنفع في تسلل جديد. ومن فارق أوربا ودخل أرض السلاطين العثمانيين وبلاد العربان دخل أرض الشقاء والبلاء والوباء والنحس والحبس. 
 وفي الوقت الذي تسلم إسرائيل الأسرى العرب هناك من أصبح له في السجن في بلد عربي أكثر من ثلاث وعشرين سنة بدون محاكمة. وهناك من دخل السجن بتهمة ثرثرة الانترنيت ففتح موقعاً للمعارضة فأصبح له عاماً بدون زيارة ومحاكمة وهو شيء مضحك لولا أنه يحدث.
ورجال المخابرات يعيشون حالياً مرحلة الديناصورات قبل الانقراض العظيم. ولم ينتبهوا إلى أن العلم حطم الجغرافيا. ومع الانترنيت لم يبق حدود. وولى زمان (كتمان العلم). ويمكن لأي كتاب أن يطير على أجنحة إلكترونية بلحظات من قارة إلى قارة. ولكن رجال المخابرات أصبحوا مثل ساحرات العصور الوسطى يقفزون بالمكانس لاصطياد أطباق طائرة تئز فوق رؤوسهم بسرعة الضوء.
وعندما يتم تبادل المئات مقابل واحد بين إسرائيل والعرب فهو إعلان لقيمة المواطن العربي عند الأنظمة العربية. وقيمة المواطن في نظر الحكومة الإسرائيلية فمتى نفتح عيوننا على الحقائق فلا نهلل للنصر المبين بل نبكي على أنفسنا وذلنا في العالمين.
 متى نرى إسرائيل أنها من (الداخل) دولة ديموقراطية، ومن يعيش في ظلها يناقش رسالة الدكتوراة من خلف قضبان السجون بالتلفون. وأن سجون إسرائيل عامرة بالكتب أكثر من دواليب الفلق في أقبية المخابرات العربية. وأنها من (الداخل) أصلح من كثير من الحكومات العربية لشعوبها. وأنهم أشداء على العرب رحماء بينهم؟ وأن  العرب تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون؟ وان هناك من يخرج من المحطة الفضائية من داخل إسرائيل فينتقد أكبر رأس سياسي فيها. ومن يتجرأ عندنا فيفتح موقعا للمعارضة في الانترنيت يسجن سنة بدون زيارة وكرامة.  ولكن من يقول هذا يعد خائنا خبيثاً.
ومن يطالع الأخبار يصاب بالصدمة مثل الفنان الذي ترسله حكومة عربية إلى أفضل مصحات العلاج خارج الوطن لمرض يمكن معالجته بمشافي من الدرجة الثانية عندنا. لأنه ممثل بارع يتقن النفاق فيخرج أفلاماً في عظمة حكام العرب وحكمتهم اللامتناهية. في الوقت الذي لا يجد المواطن العادي نفقة دخول مستشفى من الدرجة الخامسة؟  فمتى نفتح عيوننا على عيوبنا وننتقد أنفسنا؟
قد يكون حزب الله وأمثاله في قدرتهم طرد إسرائيل كما فعل المجاهدون الأفغان مع من هو أعظم من إسرائيل مائة مرة؛ فالاتحاد السوفيتي كان يملك من الأسلحة النووية ما يمسح أفغانستان من خارطة الوجود مائة مرة، ولكنه هزم على يد أناس تدربوا على القتل. ولما خرج الاتحاد السوفيتي أقاموا دولة الطالبان فأهلكوا الحرث والنسل. ودمروا أفغانستان عشر مرات في سنة واحدة ما لم يفعله الروس في عشر سنين. ووصل أذاهم إلى الأحياء وتماثيل الأموات. 
وحزب الله اشترك في طرد إسرائيل ولكنه نموذج مكرر للمجاهدين الأفغان من حجم ترانزستور. فمن يفهم القتل وسيلة للتغيير ليس بمقدوره بناء الديموقراطية. وهذا الأمر يختلط على الكثيرين فيظنوا أن القتل والتفجير هو وسيلة التغيير.واليوم انتقلت موضة الانتحار الفلسطينية إلى الرياض واستانبول.
وأسلوب حزب الله نصح به بعض السياسيين الذين لا يرون أبعد من أرنبة أنفهم مثل من ينصح مريض القرحة بتناول الأسبرين. وقد يتخلص المرء من الصداع بتناول قرص الأسبرين ولكنه عند مريض القرحة يقتل بالنزف. وإسرائيل في لبنان ليست إسرائيل داخل أرض الميعاد. وقتال أفراد من الجنود في شريط حدودي ليس مثل  مواجهة أمة تعد ستة ملايين فلا يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون؟
وعلى فرض أن تخلص العرب من إسرائيل فخسف الله بها الأرض فلن تنتهي خلافات العرب وصراعاتهم. وزوال إسرائيل لا يعني زوال مشكلات العرب. وولادة دولة عربية جديدة يعني زيادة الدول القمعية في المنطقة دولة. فيزداد مرض العرب مرضا. فيجب أن نفتح عيوننا على هذه الحقيقة المفزعة. ما دفع البعض من الفلسطينيين اقتراح فكرة دولة واحدة بقوميتين ونهاية فكرة دولة فلسطين.
متى نستوعب أن مشكلتنا داخلية وأن الصراع العربي العربي هو الجوهري والأساسي وأن الصراع العربي الإسرائيلي هو الهامشي والجانبي. مثل حصول الخراجات عند مريض السكري. وأنه لولا انهيار الجهاز المناعي العربي ما ولدت إسرائيل. وعندما يتعافى الجسم العربي فلن تزيد إسرائيل عن فورموزا الشرق الأوسط. وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون.



#خالص_جلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلفية بين الفكر الإصلاحي والفكر التقليدي
- لاقوة كلمة ..(لا)..قراءة في الأنظمة الشمولية
- قبائل البدو الأمنية
- يتساءلون أين صلاح الدين ..فهل يعيد التاريخ نفسه؟!
- الزلزال العراقي ونهاية الأنظمة الشمولية العربية
- فقد المناعة ضد الاستبداد - خطر انزلاق العراق من الطغيان إلى ...
- تجديد التفكير الديني
- مبدأ فولتير وسقف الحريات
- هل هي نهاية الفكر المتطرف وولادة ديموقراطية إسلامية؟
- لماذا يجب أن يهاجر الإنسان؟
- لماذا يجب أن نختلف؟
- متى بدأت رحلة الإنسان على الأرض؟
- أسطورة بن لادن
- جدلية الشيعي والسني


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالص جلبي - متى نفهم إسرائيل ؟