|
البرلمان العراقي ... سائر الخطى ام خائر القوى ؟
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2403 - 2008 / 9 / 13 - 06:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
امست اجتماعات مجلس النواب العراقي مثل هلال العيد ، يتطلع اليها الناس بشغف ، لعلها ستنبئ بحسم الجدل حولة شرعية نهاية الصوم ، وهذه حال مجلس النواب الذي نراه صائماً عن اتخاذ القرارات الهامة في وقتها المناسب ، فعندما يُعلن عن عقد اجتماع له يستبشر المواطنون ، ولكن سرعان ما تختفي معالم الاجتماع خلف تلبد سحب الخلافات السياسية ، الجاهزة منها والتي تجهز خلال المدولات الاولية ، حينها يتبدى الضعف صارخاً في فهم الديمقراطية وكذلك عدم الادراك للمهام والدور المنتظر لعضو البرلمان ، بل ونشهد في بعض الاحيان قطيعة مع ما سطر في الدستور من واجبات للنائب وللمجلس على حد سواء ، وليس مفهوما لدى المواطنين الذين انتخبوا هذا النائب الذي يتصرف خلال عقد اجتماع البرلمان وكأنه جالس في مقهى ، ويجدر القول انه من غير اللائق في النائب ان لايصغي اثناء قيام رئيس المجلس بادارة الجلسة اوعندما يتحدث زميل له حول قانون هام ، وليس جائزاً ايضاً ان يتنقل النائب من زميل الى زميل اخر لاي امر كان اثناء التداول بامر هام ، او انه يخرج من القاعة اثناء الجلسة البرلمانية من دون استئذان ، اما الغيابات فحدث بلا حرج . ان ما ذكرناه يهون حيال التصرف التعسفي مع الديمقراطية ، هذه الآلية التي لامناص منها لاي برلمان حضاري ، فالبعض يختزل الديمقراطية بالانتخابات فقط ، ولايراها على حقيقتها كونها نظاماً متكاملاً ، ينطوي على حرية التعبير ، و قبول الاخر ، والتعددية الفكرية والسياسية ، والمساواة في الحقوق والواجبات ، وحق الاضراب والتظاهر ، ومساواة المرأة باخيها الرجل ، وسيادة نظام العادالة الاجتماعية ، من هذا المنطلق تستخدم الديمقراطية من قبل بعض الاوساط كوسيلة للوصول الى سدة الحكم وينتهي مفعولها ، وكأنها تذكرة سفر { وان وي } ، ان ذلك ما هو الا مصادرة لجوهرها ، ومحاولة التفاف عليها بهدف جعلها غطاءاً ذات صبغة شرعية ولكن الغاية منه هي العودة الميسرة على متن الديمقراطية الى النظم الدكتاتورية ، ولهذا نرى البعض يرى ان الاستحقاق الانتخابي هو نتاج الديمقراطية ويمنحه الشرعية الكافية التي تكنه من حسم كافة الامور الاخرى لصالحه ، بمعنى ان بامكانه مصادرة حقوق الاقلية ، والتفرد بالقرارات المصيرية التي اذا ما عنت شيئاً فاول ما تعنيه ، ممارسة دكتاتورية تحت واجهة ديمقراطية . ليس غريباً وجود مثل هذه الممارسات التعسفية بحق الديمقراطية لدى بعض اعضاء مجلس النواب العراقي ، لكونه يعبر عن تدني مستوى الوعي والثقافة الديمقراطية في مجتمعنا العراقي ، الذي ابتليّ ومازال مبتلياً بمخلفات ثقافة التجهيل العام والتأليه للفرد الضرورة ، وبفعل تأثير هذا النهج المتخلف صار مجلس النواب يعاني العسر في مخاضه للقوانين التي تنظم الحياة وتطلق العدالة للجميع ، وتشرع في بناء الدولة الوطنية الديمقراطية ، لقد مرت خمس سنوات مدمرة على العراق وبوجود انتخابات ومجلس نيابي يفترض ان يعول عليه في معالجة الصعاب التي تعترض سير العملية السياسية الجارية في البلد ، ولكن لم يكن لمجلس النواب حضوراً فعلياً عند العديد من المعضلات الشائكة والتي يعتبر حلها منطلقاً اساسياً في عملية البناء والتقدم والخلاص من الاحتلال واثاره ، وما نعنيه بالمعضلات هي تعطيل العديد من القوانين والتشريعات الهامة ، وقانون النفط اولها وليس حصراً حيث يوجد اكثر من اربعين قانوناً في حالة انتظار التشريع ، ولابد هنا من ذكر قانون انتخاب مجالس المحافظات الذي اريد له ان يولد ميتاً ، لكون نتائجه ستخلق اذا ما طبق استحقاقات انتخابية مثمرة ، يحاول البعض الذي استفاد بل وغرف الكثير من المكاسب سواء كان ذلك جاهاً ام ثروة بواسطتها ان يخطفها من جديد ، ويعيد تجربة الانتخابات الماضية التي حلت في البلاد الكوارث من جراء نتائجها المختلة . ومن الوجب الوطني ان تكون ساحة مجلس النواب ميداناً للتنافس السياسي الشريف ، ومن المؤكد ستكون الغلبة لمن هو اكثر حرصاً على مصالح ناخبيه المشروعة ، والتي لا تتعارض باي حال من الاحوال مع مصالح شعبه ، ولكن من العار السياسي والاخلاقي ان تستغل عضوية البرلمان لتحشيد الاصوات في سبيل اجندات شخصية واجنبية ضارة بوحدة الصف الوطني وبمصالح العراق الكبرى ، و الهادفة الى ابقاء العراق يعيش في فوضى ضاربة بغية نهبه وسلب ارادة شعبه ، والادهى من كل ذلك هو العمل على تعطيل او حرف دور المجلس التشريعي المقترن بآليات ديمقراطية وقواعد دستورية ، والان وبعد هذه الفترة الزمنية والتي يفترض ان يكتسب فيها الآهلية وعدم تكرار الاخطاء الجسيمة التي تضيّع المال والبنين والزمن الثمين ، نراه على عكس ذلك يتحول يوماً بعد آخر الى ميدان للصراعات الكيدية والمذهبية والطائفية ، وتظهر تجليات هذه الصراعات على شكل تكتلات غير متجانسة والتي سرعان ما تتفكك ، لكون تأسيسها يتم بدوافع ونزعات براغماتية حول اهداف آنية تفتقر لابعاد وطنية عامة ، فهل ياترى هذا البرلمان يعتبر سائراً ويحث الخطى نحو اعادة بناء العراق الجديد كما هو منتظر ، ام انه خائر القوى وعاجز عن اداء دوره المطلوب ؟ ، والاجابة لدى الناخب المسؤول الاول عن وجود مثل هذا المجلس .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احتراس روسي من عربدة ناتوية فوق القوقاز
-
{ ارض متنازع عليها ,, } اكذوبة صدقها من اطلقها !!!
-
كامل شياع .. كنت قنديلا احمرا اطفأتك ريح سوداء
-
الامن في العراق بين استراتيج الحكومة وتاكتيك الارهابيين
-
قانون مأزوم وناخب مظلوم
-
اول غيث قانون الاقاليم نزاع حدودي عقيم !!
-
{{ الراصد }} اصلحوا الدستور تٌصلح الامور
-
{{ الراصد }} التصعيد في الازمة ... تدحرج الى الهاوية
-
{{ الراصد }} قانون انكبح متعثراً بعتبة البرلمان !!
-
{{ الراصد }} مضاربات في بورصة العملية السياسية
-
{{ الراصد }} الحزب الشيوعي العراقي وثورة 14 تموز المجيدة
-
{{ الراصد }} ثورة 14 تموز ... غرة في جبين تاريخ العراق السيا
...
-
{{ الراصد }} خريف الاحتلال في صيف العراق اللاهب
-
{{ الراصد }} الاتفاقية العراقية الامريكية .. تراتيل لنصوص لم
...
-
{{ الراصد }} وداعاً للسلاح
-
{{ الراصد }} سياسة مفاوضات ام مقايضات سياسية ؟
-
{{ الراصد }} العراق ... قيظ وقضية قضيض اهلها مفقودا
-
{{ الراصد }} قانون الانتخابات في غياهب المحاصصة !!
-
{{ الراصد }} من اين تبدأ طريق الزعامة
-
{{ الراصد }} هيئة نزاهة ام هيئة نزقة ..؟
المزيد.....
-
مدفيديف: مارك روته -أطلسي الهوى ومعروف بمعاداته لروسيا- وهذا
...
-
بعد محاولة الاغتيال.. الشرطة تقتل شخصا قرب مبنى انعقاد مؤتمر
...
-
لافروف يحذر.. واشنطن تدفع بأوروبا للهلاك
-
لافروف: واشنطن تدفع بأوروبا نحو الهلاك
-
لافروف يجري محادثات مع نظيره البحريني
-
مصادر في الجيش الإسرائيلي: -حماس- في وضع يزداد صعوبة والعملي
...
-
تسريب مكالمة ترامب مع المرشح المستقل كينيدي جونيور عقب محاول
...
-
ليبيا.. مصرع سيدة وإنقاذ عائلات عالقة في تاجوراء وسط تصاعد ا
...
-
الولايات المتحدة: هيئة محلفين تدين السناتور روبرت مينينديز ب
...
-
تقارير تتحدث عن مؤامرة إيرانية لاغتيال ترامب وطهران ترد
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|