أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - احمد سعد - هل تنفجر في اسرائيل هبّة الفقراء والجياع؟















المزيد.....

هل تنفجر في اسرائيل هبّة الفقراء والجياع؟


احمد سعد

الحوار المتمدن-العدد: 741 - 2004 / 2 / 11 - 04:32
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


وصلت أنياب السلطة اليمينية المفترسة في بلادنا الى رغيف خبز الفقراء والجياع الذي يعتبر مركبًا أساسيًا في سلّة التغذية المعيشية والحياتية لعائلاتهم. فبعد حوالي اسبوعين من رفع سعر القمح بنسبة 13,5% قررت وزارة التجارة والصناعة في حكومة الكوارث والافقار اليمينية الشارونية رفع أسعار الخبز بنسبة 18%. والانكى من ذلك أن وزارة التجارة تختلق الذرائع لتبرير هذا الاجراء بادعاء ان الدافع كان رفع أسعار القمح المستورد وخسائر المخابز!! فبرأينا  أن رفع أسعار إحدى السلع الضرورية للمعيشة بدلاً من رفع أسعار الكماليات يندرج في اطار السياسة الاقتصادية - الاجتماعية المنتهجة رسميًا، سياسة إفقار الفقراء وإغناء الأغنياء والتي تتجسد بالخطة الاقتصادية الكارثية لحكومة شارون - نتنياهو. فما نود تأكيده اولاً، انه عندما تبنّت حكومات اسرائيل المتعاقبة منذ اواسط الثمانينيات وحتى يومنا هذا المنهج النظري لمنظّر اليمين البروفيسور الامريكي ميلتون فريدمان الذي مدلوله الأساسي "عدم تدخل" الدولة في الاقتصاد باستثناء المجال العسكري، فقد انتهجت بشكل منهجي، تدريجي فظ  وسافر التدخل المباشر من خلال سياستها الاقتصادية - الاجتماعية المُجسدة في الميزانيات العامة سنويًا لتقليص الدعم الحكومي (دعم الدولة) - السوبسيديا والميزانيات المقدم لدعم اسعار السلع الضرورية - الخبز والزيت والسكر والملح.. - ولدعم فروع الخدمات الشعبية من صحة وتعليم وسلطات محلية ومواصلات عامة ورفاه اجتماعي. فحتى بداية الثمانينيات كانت السوبسيديا الحكومية تؤلف على سبيل المثال بين 70% الى 90% من مركب اسعار السلع الضرورية، وذلك بهدف توفير وضمان استهلاكها حتى من قبل الفئات الاجتماعية المسحوقة من ذوي الدخل المحدود. وتدريجيًا ومنذ انتهاج سياسة الليبرالية الجديدة وتسليم قيادة العملية الاقتصادية الى القطاع الخاص المحلي والاجنبي من خلال تسريع وتائر عمليات الخصخصة وتوسيع نطاق "السوق الحرة" او اقتصاد السوق، فقد وصلت الى الصفر مساهمة الدولة (الحكومة) وشطبت من الميزانية العامة بنود الدعم الحكومي (السوبسيديا) من مركب اسعار السلع الضرورية مما قاد الى رفع اسعارها ودفعها كاملة من جيوب المستهلكين. ولهذا بدأنا نلاحظ على ساحة التطور منذ اواسط الثمانينيات بداية جديدة في سرعة اتساع وتعمق هوة التقاطب الاجتماعي بين الاغنياء والفقراء في المجتمع الاسرائيلي. بدأنا نلاحظ تعمق التقاطب الاجتماعي بفعل الركود الاقتصادي  وزيادة البطالة وتقليص ميزانيات الخدمات الاجتماعية والجماهيرية في ظل تصعيد سياسة العدوان والاستيطان الاحتلالي وتكلفتها الباهظة.

ان الكثير من الدلائل والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية تشير معطياتها الى تدهور اقتصادي اجتماعي في ظل حكومة اليمين الشارونية لم تشهد اسرائيل مثيله منذ سنوات الخمسين، في العقد الاول من قيامها بعد النكبة الفلسطينية. فالتكلفة الهائلة التي يتكبدها الاقتصاد الاسرائيلي خلال سنوات تصعيد الحرب العدوانية على شعب الانتفاضة الفلسطينية والتي تتعدى خسائرها الستين مليار شاقل تعمل حكومة شارون نتنياهو على "تعويضها" من خلال هجمة منهجية مبرمجة لنسف ما تبقى من "دولة الرفاه" واجراء تقليص جنوني كبير في ميزانيات  الخدمات الاجتماعية وفي اجور العاملين. وانطلاقًا من تبنيه لنظرية، منهج ونهج "نيوليبراليزم" الليبرالية الجديدة - طرح نتنياهو خطته الاقتصادية التي أقرتها حكومة اليمين وائتلاف اليمين في الكنيست. وقد بدأت تبرز المعالم المأساوية لنتائج هذه الخطة على ارض الواقع. فتقليص مخصصات التامين القومي المختلفة من مخصصات التقاعد والشيخوخة الى مخصصات الاطفال ومخصصات البطالة ومخصصات العائلات احادية الوالدين الى تقليص ميزانيات التعليم والصحة والسلطات المحلية وتقليص  الأجور الاساسية لاول مرة في تاريخ اسرائيل، قد ادى كل ذلك الى اتساع دائرة الفقر والفاقة والى انضمام عشرات ومئات الالوف من الناس الى المعانين تحت خط الفقر. فعلى سبيل المثال لا الحصر، منذ ان بدأت حكومة اليمين في شهر يوليو (تموز) من السنة (2003) الماضية بتنفيذ المرحلة الاولى من خطة نتنياهو الاقتصادية الكارثية وحتى نهاية شهر كانون الثاني الماضي من السنة المالية توجهت ثلاثة وعشرون الف عائلة جديدة الى مكاتب الرفاه الاجتماعي طالبة الدعم المادي لسد أوْدها وعدم الموت من الجوع.  وقد بلغ من توجه الى مكاتب الرفاه في التاريخ المذكور (450) الف عائلة فقيرة، ولو ضربنا هذا الرقم بثلاثة (متوسط عدد العائلات) لكانت الحصيلة أن أكثر من مليون وثلاثمائة وخمسين الف انسان يعانون في جهنم "أرض السمن والعسل" التي وعدت القيادة الصهيونية بتوفيرها لجذب المهاجرين اليهود.

مثال آخر، تعاني السلطات المحلية في البلاد من جراء سياسة التقليصات ونسف ما تبقى من دولة الرفاه من أزمة مالية تهدد كيان وجودها حولتها الى سلطات عاجزة عن تقديم الخدمات الضرورية لسكانها وعن دفع الاجور المستحقة لعامليها وموظفيها الذين يعانون الجوع بسبب  عدم تسلمهم الاجور لستة وثمانية وعشرة أشهر. كل ما تطلبه السلطات المحلية حتى تتفادى خطر الانهيار التام أن تعيد الحكومة ووزارة المالية للسلطات المحلية الملياري شاقل المقلصة وفقًا لخطة التقليصات التي أقرت تعسفًا. وانطلقت هذه السلطات المحلية بامتشاق سلاحها  الكفاحي باعلان الاضراب وتصعيد اجراءاته ومنذ اكثر من عشرة أيام. ماذا كان رد وزارة المالية والوزير بنيامين نتنياهو؟ لقد طرح "خطة اشفاء" تقود الى مفاقمة أزمة هذه السلطات. فقد تضمنت خطته التي رفضتها السلطات المحلية اشتراط تقديم الدعم الحكومي مقابل أن  تقوم هذه السلطات، وتحت يافطة "النجاعة والاشفاء، بطرد ما بين 40% الى 50% من عامليها وموظفيها الى سوق البطالة، وهذا يعني تزويد سوق البطالة بعشرات الوف العاطلين الجدد عن العمل، كما تتضمن الخطة تخفيض أجور من تبقى من العاملين والموظفين في  السلطات المحلية ورفع ضريبة الأرنونا (السكن) التي تجبيها السلطات المحلية من سكانها بنسبة كبيرة، وان يوافق العديد من السلطات المحلية على دمجها في اطار مخطط الدمج السلطوي الكارثي. مقابل كل ذلك كل ما تقترحه وزارة المالية تخصيص (400) مليون الى (600) مليون شاقل فقط لدعم كل السلطات المحلية. اقتراح لا يعطي من الجمل اذنه. وما يقدمه نتنياهو من خطة لا تعدو كونها خطة لخصخصة السلطات المحلية وقطع "حبل السرّة" التي تربطها بدعم السلطة المركزية، وان يتحمل الاهالي والسلطات المحلية اعباء ومسؤولية تمويل نفسها، كل سلطة محلية "تقلع أشواكها بأيديها"، الأمر الذي يقود في نهاية المطاف الى انهيارها وتحولها الى دوائر مخصخصة، خاصة  في مجال الخدمات وتابعة للقطاع الخاص وتحت رحمته.

ان رفع سعر الخبز يدخل ويندرج في اطار هذه السياسة الحكومية المنهجية. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا تنفجر في اسرائيل هبة احتجاج اجتماعي تهز أركان سلطة الافقار القائمة، خاصة وان مظاهر الفقر والمجاعة أصبحت صارخة، وان ظاهرة التفتيش عن بقايا الاغذية والملابس  البالية في صناديق القمامة وفي الاسواق بعد اقفال ابوابها اصبحت ظاهرة مزمنة. في بلاد جرى فيها رفع سعر رغيف الخبز او القمح، في مصر وتونس والمغرب وغيرها خرجت الجماهير الغفيرة الى شوارع الكفاح وأجبرت حكوماتها على التراجع، فلماذا هذا الركود الجماهيري في اسرائيل. وفي وضع يعاني فيه اكثر من خمس السكان اليهود وحوالي نصف السكان العرب من مرارة المعيشة تحت خط الفقر؟

مما لا شك فيه أن الهم السياسي - الامني لايزال يطغى على الهم الاجتماعي، فلا تزال قضية الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني - العربي تشغل المرتبة الاولى في سلم اهتمامات الرأي العام في اسرائيل وتؤثر  على درجة ومستوى الاحتجاج الاجتماعي، ولكن ما يختمر في البطن الاجتماعية قد يولد انفجارًا اجتماعيًا أشد وأقوى من الاحتجاج الاجتماعي لجماعة الفهود السود في الخمسينيات والستينيات. ففي السنة الماضية وفي ظل تدهور الاوضاع الاجتماعية برزت على الساحة النضالية الكثير من حركات ومنظمات الاحتجاج الاجتماعية ومن مختلف هويات الانتماء الايديولوجي والسياسي. وكان احد أسباب عدم نجاح الكثير منها كما يجب هو عدم ربطها عضويًا بين الاجتماعي والسياسي، وان السبب المركزي لتدهور الاوضاع الاجتماعية وزيادة حدة التقاطب الاجتماعي في اسرائيل يكمن في السياسة الرسمية الحكومية المنتهجة سياسة الاحتلال وتصعيد العدوان التي تمارس في نفس الوقت سياسة إغناء الاغنياء وإفقار الفقراء. ما نامله اليوم ان تؤدي سياسة الكوارث الحكومية السياسية والاقتصادية - الاجتماعية وما تنتجه من تفاقم حالة الفقر والضائقة الاجتماعية والمعيشية الى رفع مستوى الوعي السياسي والاجتماعي والى تصعيد الكفاح الجماهيري السياسي والاجتماعي، اليهودي والعربي، للتخلص وبأسرع ما يمكن من حكومة العدوان والاحتلال والافقار. ومهمة ومسؤولية الاحزاب السياسية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي والجبهة وباقي احزاب اليسار الصهيوني والاحزاب والحركات العربية دفع عجلة الكفاح السياسي - الاجتماعي ورفع مستواه سوية مع حركات الاحتجاج الاجتماعية.



#احمد_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تستطيع لجان التحقيق طمس الأهداف الاستراتيجية الاساسية للح ...
- ماذا وراء ((قنبلة)) شارون السياسة بتوصية وفرضية اخلاء المستو ...
- السلطات المحلية وموظفوها السياسة الحكومية الاسرائيلية الاقتص ...
- يخدم مصلحة من الاعتداء على الحزب الشيوعي العراقي؟
- في الذكرى الثمانين لوفاته ويبقى لينين واللينينية منارة ارشاد ...
- حكومة يمينية هذا منهجها ونهجها لا تقود الاّ الى الكوارث
- لمواجهة تحدّيات استراتيجية الهيمنة العدوانية:التنسيق الكفاحي ...
- بالتفاؤل الواعي نخطو لاجتياز عتبة العام الجديد
- رفض ضباط احتياط من الوحدة المختارة في القيادة العامة للجيش ا ...
- في مؤتمر هرتسليا: نتنياهو سكت دهرًا ونطق كفرًا بطرحه المعادل ...
- حوار أخوي مع شيوعي عراقي حول الاوضاع المعقّدة والمتفجّرة في ...
- حين يتكلم بوش عن الديمقراطية!!
- غروب ظلام حكومة شارون الشرط الهام للتقدم نحو التسوية والسلام ...
- هي الرسالة الحقيقية من وراء عملية الارهاب العدوانية الاسرائي ...
- بمرور ثلاثين سنة على حرب تشرين (اكتوبر): الرِّدَّة الساداتية ...
- مع دخول الانتفاضة عامها الرابع:المعطيات المخضّبة بالدماء وال ...
- في يوم السلام العالمي:لا أمن ولا استقرار ولا سلام في ظل استر ...
- محاربة الارهاب- وسيلة ادارة بوش لتنفيذ مخططها للسيطرة على ال ...
- مع اعلان نتنياهو مشروع التقليصات الجديدة في موازنة 2004: الج ...
- هل يمكن انقاذ ((خارطة الطريق))؟


المزيد.....




- جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR ...
- تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
- جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
- أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ ...
- -نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
- -غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
- لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل ...
- ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به ...
- غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو ...
- مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - احمد سعد - هل تنفجر في اسرائيل هبّة الفقراء والجياع؟