|
يوجد خيار آخر
حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 2400 - 2008 / 9 / 10 - 09:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد نحو عقد ونصف العقد من سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفييتي، فإن أفكار العدالة الاجتماعية والبحث عن خيار آخر للعالم تعود لتطرح نفسها بقوة، حتى تلك القطاعات من الناس التي صدقت أن هذه الأفكار باتت من الماضي ولن تقوم لها قائمة بعد اليوم، وانطلى عليها وهْمُ أن العولمة ستعمم الديمقراطية والرفاه في العالم، بدأت تدرك وبالمعاينة الميدانية زيف ذلك. كان لـ ٠٢٪ من سكان العالم الذين يعيشون في البلدان الأكثر غنى دخل يفوق بثلاثين مرة دخل الـ ٠٢٪ الأكثر فقرا عام ٢٦٩١، اتسعت هذه الهوة لتصبح في نهاية التسعينات اثنتين وثمانين مرة، والأرقام تترى، فدخل الفرد في أكثر من سبعين دولة من دول العالم هو دون ما كان عليه قبل عشرين سنة، وفي العالم قرابة ثلاثة مليارات من البشر أي نصف البشرية بالتمام والكمال، أو بالتقريب إن شئنا، يعيشون بدخل يقل عن دولار واحد في اليوم. يحدث كل هذا في الوقت الذي وصلت فيه وفرة السلع إلى مستويات لا سابق لها، والحبوب الغذائية لم تتوافر أبدا كما الحال الآن. المشكلة تكمن في التوزيع غير العادل للثروات الذي من جرائه يموت كل سنة ثلاثون مليون شخص بسبب الجوع، ويعاني ثمانمائة مليون آخرين من سوء تغذية دائم، ومن مجموع أربعة مليارات ونصف مليار نسمة هم سكان الدول النامية، فان قرابة الثلث لا يشربون مياهاً صالحة للشرب، وان أكثر من مليار شخص، يعانون من سوء التغذية. بعض الدراسات تقول انه يكفي اقتطاع أقل من ٤ ٪ من الثروة المتراكمة لما لا يزيد على ٥٢٢ رجلا فقط هم أثرى أثرياء العالم، للوصول إلى تلبية حاجات كل العالم في الصحة والتعليم والغذاء، والتي لا تزيد كلفتها على ثلاثة عشر مليار دولار، أي بالكاد ما يصرفه سكان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سنويا على شراء العطور. إن بدا أن ذلك يعني في الظاهر إخضاع العالم، فإنه في الجوهر يستنهض قوى عديدة على مدار الكوكب لن ترضى بأن يقاد العالم نحو هذا الخيار المدمر للبشرية وللبيئة، نتيجة استشراء نفوذ ما بات يدعى »الليبرالية الجديدة« التي تستعير من الرأسمالية، أدواتها القديمة القائمة على تسييد مبدأ الربحية كحاكم أوحد، وتعيد النظر في الضمانات الاجتماعية والمكتسبات التي نالتها الفئات الكادحة في صراعها المديد مع أصحاب رؤوس الأموال، وتطال إعادة النظر هذه حقولاً مهمة كالتعليم والصحة والإعانات المعيشية والاجتماعية والخدمات الثقافية والترفيهية وإلغاء الدعم على الأسعار وتجميد الأجور وتحرير التجارة الخارجية وبيع القطاع العام. ما يجري في القارة الأمريكية اللاتينية يقدم مثالاً عن طبيعة التحولات الدائرة في هذا الكوكب علينا تأمله ملياً، ففي الوقت الذي يعتبر البعض عندنا أن الهيمنة الأمريكية أمراً لا راد له، تعطي أمريكا اللاتينية، وعلى بعد أميال ليست كثيرة من الولايات المتحدة، انه يوجد خيار آخر.
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عودة روسيا
-
هل يشعر غورباتشوف بالندم؟
-
عار الشامتين
-
محمود درويش
-
وجوهنا وحدها تُشبهنا
-
من الجيل الجديد وعنه
-
أطراف الحوار
-
الأغلبية الصامتة
-
٢ أغسطس ٠٩٩١R
...
-
يوسف شاهين
-
هيبة القضاء وتعميم ديوان الخدمة
-
الروسيات بعد البنغاليين والحبل على الجرار
-
دراجة تشي غيفارا
-
ترشيد الخطاب السياسي
-
هكذا تكلمت المرأة
-
كلمة الأمين العام للمنبر التقدمي د. حسن مدن في افتتاح المؤتم
...
-
مصير الاستراتيجية الوطنية للشباب
-
مَنْ كُلّما شعرنا بالتعب إليهم
...
-
عن إصلاح النظام الانتخابي
-
عن الاستخدام السياسي لدور العبادة
المزيد.....
-
-لم يكن من النوع الذي يجب أن أقلق بشأنه-.. تفاصيل جديدة عن م
...
-
نجيب ساويرس يمازح وزيرة التعليم الجديدة بالإمارات: -ممكن تمس
...
-
كسرت عادات وتقاليد مدينتها في مصر لترسم طريقها الخاص.. هبة ر
...
-
من هو جيه دي فانس الذي اختاره ترامب نائباً له في رحلة ترشحه
...
-
حرب غزة: قصف لا يهدأ على وسط القطاع وجنوبه وإصابة جنود ومستو
...
-
ألمانيا تحظر مجلة -كومباكت- اليمينية المتطرفة
-
مكتب نتنياهو ينفي تلقي إسرائيل رفضا من -حماس- بخصوص مواصلة ا
...
-
-حماس- تنفي وجود خطط لعقد اجتماع ثنائي مع -فتح- في بكين
-
-روسكومنادزور- تطالب Google برفع الحظر عن أكثر من 200 حساب ع
...
-
علاج واعد يوقف الشخير نهائيا
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|