حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 2390 - 2008 / 8 / 31 - 07:25
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
في لحضات كان التاريخ خلالها يسجل حدثا قامت فيه دول بالاعتداء على مصر عام 1956 ، وحين بانت على وجه التاريخ وهو يسجل ذلك الحدث علامات الانتباه الشديد لجسامته ، في ذات اللحضه كانت هناك وعلى امتداد الشارع العراقي جماهير تغلي وتستنكر وترفع اللافتات وتعبر عن استعدادها للانخراط في الدفاع عن ارض عربية تستباح هي مصر .. لقد كان العدوان الثلاثي على مصر بمثابة ساحة اختبار لرد فعل الشعوب في الوطن العربي ، حيث تجسدت حينها اروع معاني ذلك التناغم رفيع المستوى بين شعوب المنطقة بعيدا عن قرارات حكوماتها لتقول لا للعدوان . وبلا منازع .. ودون منافس .. وبكل مفاخرة كان الشيوعيون في العراق ليسوا هم السباقين لحمل راية التضامن مع شعب مصر وانما هم وحدهم من حمل تلك الرايه .
التاريخ حينما كان يدون فصول الحدث الكبير يومذاك لم يفته ان يلتفت الى هناك .. حيث قضاء الحي في لواء الكوت ليرى بام عينيه ويتحسس بكل حواسه تلك الخطوات الثابته لشابين عراقيين من الحزب الشيوعي العراقي وهما يتخطيان عتبات الموت بجرأة وكامل تحمل المسؤليه نحو مشانق نصبها لهما حكم العمالة والرجعيه بتهمة الاحتجاج على العدوان . انهما الشهيدان عطا الدباس وعلي الشيخ حمود الللذان قدما ارواحما فداء لارض الكنانة بكل سخاء كي يكونا اعنف لطمة بوجه المزايدين على القضايا القومية والوطنيه ممن كرسوا حياتهم لابعاد الشيوعيين عن اواصر الارتباط بالوطن والامه .
في ذلك اليوم ودع نهر الغراف اثنين من خيرة ابنائه البرره لينظموا لقافلة شهداء درب النضال من اجل وطن حر وشعب سعيد ، ويقينا بان الدباس والشيخ حمود حينما تقدما لاعواد المشانق لم يغب عنهما تخيل ان ذكراهما ستكون حاضرة وعلى امتداد الزمن ، غير ان المكان الذي اعدم فيه الشهيدان هو الان عبارة عن محل تجاري في سوق شعبي بقضاء الحي ، وكل الناس في القضاء يعرفون هذا المكان ويشيرون اليه بفخر امام الزائرين ، وجميعهم وعلى اختلاف مذاهبهم يصيحون باعلى اصواتهم ان عطا الدباس وعلي الشيخ حمود كانا من الحزب الشيوعي العراقي ، ومن حق الشهيدين على الحزب ان يبادر الى تكريمهما بطريقة ما وفي مقدمة ذلك اقامة صرح في المكان يشير لهما بحروف من نور .. صرح يكون مفخرة لاهالي الحي واجياله المتعاقبه .
وليس لي الا ان اقول لعطا الدباس وعلي الشيخ حمود .. اذهبا فانتما غرة في جبهة التاريخ وعلامة نيره في جبين العراق ، ما ذرفتم من دم هو ملح الارض .. هو الطين الغرين لنهر الغراف .. وهو ذلك العطر الاخاذ المنبعث من شتلات رز العنبر ، وريحة سمك الخشني في مبازل الحي .. انتما ذلك الصوت الشجي لاغصان السيسبان وهي تهتز مع جريان ريح تشرين ، لا تكفي مرثية الشعراء والادباء لكما فانتما الوطن برمته ، وستبقى ذكراكما نيرة تبهج النفوس ما وجد تاريخ لا يتوقف عن التوثيق .
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟