جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي
(Bashara Jawad)
الحوار المتمدن-العدد: 2386 - 2008 / 8 / 27 - 09:59
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
عزيزي كامل شياع هذه آخر رسالة أبعثها إليك وأنت في طريقك إلى ماوراء المجهول مخترقا تخوم الكون بعد أن انتهيت من رحلة العذاب والبحث . هل تتذكر جلساتنا الطويلة وسهراتنا الثقافية في بيتك المتواضع في بغداد، المدينة الثكلى التي عدنا إليها معاً من المنفى القسري بعد غربة تجاوزت العقود الثلاثة ونيف، وأنت تصر على القول بأننا سنعود قبل أن ينتصر علينا الموت. التقينا أول وهلة على صفحات مجلة الثقافة الجديدة في زمن المحنة والكفاح الوطني المرير ضد الفاشية والدكتاتورية. ثم عملنا معاً جنباً إلى جنب في مكاتب وأروقة وزارة الثقافة مع الوزير النبيل والصديق الوفي مفيد الجزائري وكلنا أمل واندفاع وتفاني وتفاؤل لإعادة بناء الصرح الثقافي العراقي الأصيل والوطني العلماني الحر والديموقراطي . كنا نعرف أن حياتنا معلقة بخيط رفيع و آيلة للسقوط في أية لحظة لكنك كنت لاتهاب الموت وتتحداه . وصلني التهديد بالقتل قبلك بفترة قصيرة فغادرت الوطن متحسرا على عجل لظروف عائلية وشخصية قاسية أرغمتني على ذلك وبقيت أنت صامداً شامخاً على أرض الوطن الجريح يملؤك التفاؤول . قلت لك وأنت تودعني انتبه لنفسك فكان ردك كلنا سنموت يوماً ما فلا تخف لكنني لن أخفيك بأنني كنت خائفاً عليك. فوجئت بخبر استشهادك فغمرني ألم لم ولن يبارحني أبد الدهر لأن صورتك وابتسامتك تبقى خالدة في ذاكرتي. الكلمات لاتكفي لنعيك فأنت أكبر من النعي وأقوى من الحزن وأرفع وأسمى من هؤلاء الجبناء الذين اغتالوك خوفاً منك ومن تأثير كلمتك المحررة، وهي أقوى من أسلحتهم الغادرة. فأنت تحمل سلاح العلم والمعرفة وهم يحملون سلاح الجهل والغدر. لقد خسرتك ياصديقي وشعرت أنني خسرت جزءاً كبيراً من نفسي لكن ذكراك تبقى أبداً طيبة في نفوس محبيك . أعدك بأننا سنلتقي قريباً وسأوافيك بأخبار الوطن الذي كرست له حياتك بلا تردد.
أخوك الذي لن ينساك
#جواد_بشارة (هاشتاغ)
Bashara_Jawad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟