|
جزار بغداد وجزار البلقان وعمر البشير جزار دارفور ثالثهما
رياض الأمير
الحوار المتمدن-العدد: 2362 - 2008 / 8 / 3 - 10:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كانت هالة تحيط بالقائد الضرورة ويرتعد من ذكر اسمه ليس الأطفال فحسب، وإنما حتى جنرالات الجيش. وسجل في رصيده عشرات الألوف من الضحايا وجرائم ضد الإنسانية ومن ضمنها شهداء المقابر الجماعية وعملية الأنفال واستخدام الأسلحة الكيماوية والتهجير ألقسري للأكراد الفيليية وعرب الأهوار . وفي سبعينات القرن الماضي حمل صدام حسين لقب " قصاب بغداد" باستحقاق وانتهى به المطاف يغسل الملابس بعد إن وجد في جحر تحت الأرض بلحية كثة. وتعلم من تجربته رئيس جمهورية البوسنة - الصربية رادوفان كاراجيتش الذي سجل في رصيده 8000 مسلم في عمر بين عمر 15 – 75 عاما اعدموا مرة واحدة في مدينة سريبنسا ، شرق البوسنة حسب أوامره وتنفيذ جنراله راتكو ملاديتش. ولحد هذه اللحظة لم يتم التعرف على جميع الضحايا . وقبل أسبوعين وبمناسبة الذكرى الثالثة عشر للمذبحة أمكن التعرف على جثث 300 ضحية. كمار راح ضحية أعمال كاراجيتش الإجرامية في حرب البوسنة والهرسك 200000 ألف شخص وتهجير مليونين ونصف مليون من المواطنين، المسلمين والكروات وغيرهم. وقامت قوات حلف الأطلسي وبمساعدة دول الاتحاد الأوربي بتصفية النظام الفاشي في بلغراد وفي البوسنة. وهرب من وجه العدالة مجرم الحرب كاراجيتش ومعاونيه . وكان "البطل المغوار ورمز البطولة الصربية" الذي كان يخاف طلعته " البهية " ليس فقط مسلمي البوسنة والهرسك وإنما الكروات وحتى الصرب من الذين وقفوا ضد الفاشية الصربية التي مثلها رادوفان كاراجيتش وميلوسوفتش وجنراله " راتكو ملاديتش " و"غوران حاجييتش" وغيرهم . ولولا دعم الدول "الكافرة " التي تحاربها جماعة الإسلام السياسي وعصابات القاعدة لما استطاع أن ينجو مسلم واحد من مجازر المتطرفين الصرب. كما لم يستطع مسلمو كوسوفو دون مساعدة تلك الدول" الكافرة" من إنشاء دولتهم في وسط أوربا والاعتراف بها. انتهى المطاف رادوفان كاراجيتش هاربا من وجه العدالة الدولية متخفيا مطلقا لحيته أطول من لحية "قصاب بغداد"، والحق يقال أكثر نظافة وترتيب. وأطال كاراجيتش شاربه وجمع خصلات شعره فوق رأسه لكي لا يتعرف عليه احد متنقلا كمشعوذ يطبب الناس بالإعشاب والتعاويذ الكاذبة، مدلك ويبيع عقاقير لتنشيط الجس ، يسكن في غرف أفقر أحياء بلغراد أو في غرفة مساحتها 12 مترا مربعا لدي عائلة مسئولة عن تنظيف وحراسة بناية في فيينا. ولم تعرف عنه حتى عائلته التي أصبتها الدهشة كما هو العالم عندما ظهرت صورته في وسائل الإعلام العالمية كما كانت دهشة العالم وفرحه عندما القي القبض على " قصاب بغداد" ونشرت صوره. وحوكم صدام بجرائم ضد الإنسانية كما حوكم ميلوسوفتش أمام المحكمة الجنائية الدولية بجرائم ضد الإنسانية وسيحاكم رادوفان كاراجيتش بنفس التهمة كما هو حال المطارد رئيس "جمهورية كرايينا الصربية" غوران حاجييتش. في الوقت الذي لم يتحرك ضمير أغلبية العرب أو المسلمين ضد جرائم النظام الصدامي بحق العراقيين أو كما يحصل الآن في دارفور ، معتبرين عمر البشير بطل قومي والمدافعين عن حقوق المسلمين في دارفور صليبيين، كما كان الحال مع صدام حسين ونظامه القمعي . لقد تعلم المجتمع الدولي من تجربة كلا الجزارين "فجزار بغداد، صدام حسين" و"وجزار البلقان، رادوفان كاراجيتش " بعد مخاض طويل فشل فيه المجتمع الدولي خلال ثلاث سنوات في ممارسة ضغط دبلوماسي واقتصادي مؤثر على حكومة السودان وكبار مسئوليها، ما لم تتخذ إجراءات متضافرة ضد حزب المؤتمر الوطني الحاكم، واستمرار الخرطوم حملتها العسكرية، ذات النتائج المهلكة للمدنيين، بينما لا تفعل شيئا سوى المداهنة فيما يتعلق بوعودها العديدة بنزع سلاح مليشيات الجنجويد التابعة لها. ولم يستطيع أحد ضمان التعامل الجاد مع نظام مثل نظام عمر البشير، بعد فشل الدبلوماسية الصبورة للأمم المتحدة والثقة بحسن نية الخرطوم. وقد قبل المجتمع الدولي المسؤولية عن حماية المدنيين من الجرائم الوحشية عندما لا تستطيع حكومتهم حمايتهم ولذلك طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو اعتقال الرئيس السوداني بتهمة الإبادة الجماعية فـي إقليم دارفور. وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية اتهم الرئيس بتدبير حملة إبادة أدت إلى مقتل 35 ألف شخص فوراً و100 ألف آخرين ببطء وإرغام نحو مليوني شخص على الفرار من منازلهم فـي إقليم دارفور ،فـي غرب السودان. وقال أوكامبو: "البشير يتحمل مسؤولية الانتهاكات في دارفور وإن لم يشارك في تنفيذها بصورة مباشرة، لأنه أصدر أوامر بتنفيذها. وأوضح أوكامبو قائلا:"لقد أمر (البشير) باستهداف ثلاث جماعات عرقية للقضاء عليها، وهي الفور والمساليت والزغاوة. في البداية تعرضوا للهجوم في قراهم وتم إخراجهم منها، وعندما نزحوا إلى المخيمات أصبحوا الآن يتعرضون للهجمات داخل مخيماتهم. والإبادة الجماعية جريمة تثبت بالقصد، ولسنا بحاجة لأن يقتل البشير مليوني شخص لنقول إننا نستطيع الآن محاكمته، علينا أن نوقفه قبل أن يحقق ذلك الهدف". وهكذا صدر أمر إلقاء القبض على ثالثهما " جزار دارفور" عمر البشير رئيس جمهورية السودان التي تحكم حسب الشريعة الإسلامية كما كان يحكم صدام تحت علم عليه "الله اكبر" . فالبشير شرد مليوني شخص وأبادت مليشياته عشرات الألوف من المواطنين وأحرقت منازلهم بمن فيها من الناس ولذلك اعتبرت الأمم المتحدة إن وضع سكان إقليم دارفور من اكبر المآسي الإنسانية على الإطلاق ولا تضاهيها المجازر التي جرت في رواندا وسميت بالجحيم الذي عاشته البلاد وسكانها في نيسان 1994 حينما كانت أنظار العالم متجهة نحو يوغوسلافيا السابقة ومجازر المتطرفين الصرب ضد المسلمين والكروات خلال مائة يوم، أيام الإبادة الجماعية. اشتعلت ثار الحقد والتطرف في "بلاد الألف هضبة" الواقعة وسط أفريقيا حيث كانت الإذاعة تحث المواطنين على قتل جيرانهم فأخذ الناس ما أمكنهم من أمتعة ولاذوا بالفرار خوفاً على حياتهم. ركضوا في جميع الاتجاهات أملاً في الإفلات من حاملي السواطير والسكاكين وكان يسقط أضعفهم على حافة الطريق وكانت مائة يوم الإبادة الجماعية. وهذا ما يحدث لسكان إقليم دارفور ، حيث يعيشون الجحيم والإبادة الجماعية لأكثر من عشرة أضعاف أيام الإبادة الجماعية في رواندا. من المحتمل أن ينتهي حكم عمر البشير قبل أن يسلم إلى المحكمة الجنائية الدولية لجرائم الحرب، ولكنه حتما سيهرب متخفيا بلحية طويلة وشعر اصطناعي تحت عمته السودانية، ولكنه سيقع في يد العدالة الدولية، ولكن في أي جحر سيجدونه فيه. إن المجتمع الدولي ودول العالم المتحضرة في موقفها الناضج في تقديم البشير كمجرم حرب إلى المحكمة الجنائية الدولية، قد تعلمت جيدا من تجارب الماضي التي مثلها جزاري بغداد والبلقان . ولربما سوف يستوعب التجربة آخرين بان العالم قد تغير .وليس مستبعدا أن يصدر أمر بإلقاء القبض على مقتدى الصدر بتهمة جرائم ضد الإنسانية بما قام به ومليشياته"جيش المهدي" بحق الأبرياء من العراقيين.أو أمر إلقاء القبض على احمدي نجاد بتهمة دفع العالم إلى أتون حرب نووية لاستمراره في برنامج طهران النووي، رغم تقديم كل الحوافز والدعم من قبل دول الاتحاد الأوربي إن كان فعلا يطمح بناء برنامج سلمي.
#رياض_الأمير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سنوات خمس بين الخيبة والأمل!
-
بمناسبة زيارة الرئيس الإيراني للعراق
-
اليسار العراقي وأهمية مساهمته في عملية التغير المنتظرة
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|