عبد صموئيل فارس
الحوار المتمدن-العدد: 2361 - 2008 / 8 / 2 - 06:45
المحور:
الادب والفن
الفنان "عادل إمام" واحد من أبرز فناني مصر في كل تاريخها الفني، ولكنه اختلف عن أقرانه من الفنانين العظام الذين ساروا على نفس النهج.
وهذا نتيجة استثمار إمام للشعبية الجارفة التي يتمتع بها في الوطن العربي عامة وفي مصر خاصة، فالفن رسالة عظيمة في المجتمعات لها تأثيرها القوي على نبض الشارع، وهذا هو ما سار عليه عادل إمام مستغلاً فنه في مناقشة قضايا وطنه وهمومه وبجراءة غير معهودة.
ولم يرى الشعب المصري فناناً بهذه الجرأة في كل تاريخ السينما المصرية فالكثيرين يعتبرون عادل إمام واحداً من أعظم مَن قاموا بتأريخ أصعب فترات تاريخ مصر الحديث وبكل أمانة.
ففي الوقت الذي لم يكن أحد يستطيع الحديث عن خطر الجماعات الإسلامية والتي بثّت الرعب في قلوب المصريين بمختلف انتماءاتهم قام عادل إمام بتقديم فيلمه "الإرهابي" والذي قدم نموذج رائع كمصري غيور على وطنه رغم كل الخطر الذي كان يحدق به إلا أنه أصر على تقديم الفيلم، وخاصة بعد اغتيال الدكتور فرج فوده بأيدي رجال الأزهر.
وكان هذا الفيلم نقلة كبيرة لفن عادل إمام أمام جمهوره ومحبيه، وكان من قبلها هجومه على فساد القضاة وسلبيات الانفتاح الاقتصادي وما خلفه من أضرار على المجتمع لينتقل بعدها ليحارب مافيا توظيف الأموال والذين استغلوا الدين كستار لهم بعد أن أشركوا كبار الأئمة في مصر في عمليات غسيل الأموال هذه، والتي كانت تتم عن طريق هذه الشركات وبمسميات دينية بحتة لإثارة مشاعر المودعين وبالفعل نجحوا في ذلك بعد أن سحبوا البساط من تحت أرجل البنوك المصرية مما كبد مصر خسائر اقتصادية كبيرة، فلم يكن أمام عادل إمام إلا أن يحارب هذا الفساد الذي يلبس ستار الدين ونجح في ذلك بمساهمته هذه.
وتقدم عادل إمام بفنه ليقدم في العديد من أعماله صورة الحاكم الظالم وبإشارات واضحة للنظام في مصر، غير مبالي بأي أحد لأنه محتمي ومحصن بحب الملايين من المصريين الذين شعر بهم وبمعاناتهم.
وها هو الآن في ظل الصمت المخيم على مصر جراء الشروخ الخطيرة التي أصابت المصريين -مسلمين وأقباط- يقدم فيلمه "حسن ومرقص" لمناقشة هذا الخطر ووضع إشارة خطر حمراء أمام النظام في مصر، لكي يلتفت الجميع ويعملوا بقلب رجل واحد لرئب هذا الصدع.
عادل إمام لم يتساءل أحد في مصر يوماً هل هذا مسلماً أم مسيحياً لأننا رأيناه مصرياً عشق تراب مصر وشعبها، لم يعرف التحزب أو الانشقاق، ولم يجري يوماً وراء نعرات الدين -والتي اخترقت مجال السينما اليوم-.
فتحياتي إلى هذا الفنان الذي استغل فنه ليتربع زعيماً في قلوب المصريين بلا منافس ليقدم لهم عصارة فنه في مناقشة هموم وطنه ومعاناة أحباءه الذين هم واحد منهم.
فإلى المزيد يا زعيم.....
#عبد_صموئيل_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟