أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ضمد كاظم وسمي - ديكارت .. من الشك الى اليقين














المزيد.....

ديكارت .. من الشك الى اليقين


ضمد كاظم وسمي

الحوار المتمدن-العدد: 2357 - 2008 / 7 / 29 - 10:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



منذ أن اطل ديكارت على التاريخ في النصف الأول للقرن السابع عشر .. وهو يملأ الدنيا ويشغل الناس .. فأختلف فيه أصحاب الفكر ورجال الفلسفة فمنهم من عاب عليه أفكاره (( الرجعية )) .. ومنهم من رأي فيه زعيم المجددين وهادم التقاليد .. (( نجد غيرهم وقد رأوا فيه نصيراً وفياً للكاثوليكية ، وحوله آخرون إلى عالم مبشر بالفلسفة (الوضعية ) قبل الأوان )) .
مهما يكن الرأي في فلسفة ديكارت .. فان أهل الفكر والفلسفة في الغرب يكاد يتفقون على إن ديكارت اكبر فرسان الفلسفة ليس في فرنسا وحدها بل عدّوه إماما للفلسفة الغربية على الإطلاق ، ورائداً للحركة (( العقلانية )) الغربية في العصر الحديث .. ذلك إن ديكارت هو من وضع القاعدة المنهجية المشهورة والتي أرست صرح العقلانية الحديثة : (( يجب أن لا أقبل شيئاً قط على انه حق ما لم يتبين لي ببداهة العقل انه كذلك ، ويجب أن لا أحكم على الأشياء إلا بما يمثله ذهني في وضوح وتميز ينتفي معهما كل سبيل إلى الشك )) .. متخطياً بذلك المعرفة السابقة والقائمة جاعلاً هدفه المستمر ، الوضوح والاطمئنان ، سواء في رؤية أعماله أم السير في حياته .. ولأجل تحقيق هدفه السامي هذا لابد من التوسل بالعلم الذي يمكن الإنسان من ترويض الطبيعة ومواجهة المعيق بقدرة وقوة تعينه على قهر الإلغاء والاستلاب .
إن الروح الديكارتـي – روح التساؤل والمراجعـة والتمحيـص – تمخضت عن قيم جديدة وأنسـاق من الفكـر طريفة ، تحمل طابع المنهج الديكارتي الذي ترك بصماته الواضحة على الفلسفات السائدة في عصرنا الحاضر .. لان الفلسفـة أصبحت منذ ديكارت تحليلاً للوعي وتحليلاً لملكاته وقواه .. حيث صار وعي الإنسان لذاته أساسا للفكر الإنساني .. ويتضح من ذلك إن المهمة الأولى للفلسفــة هــي دراسة (( الأنية )) أو الوعـي الإنساني ، كما يتبين لمن يتأمل (( الكوجتيو )) الديكارتي – الأنا المفكرة - .
لقد جعل ديكارت من البرهان على الشك برهاناً على اليقين .. عندما اعتبر التشكك بالحواس والعقل ممكناً لكنه اعتبر حقيقة واحدة لا يمكن الشك فيها وهذه الحقيقة هي : ((أنني اشك )) التي تعني (( إنني أفكر )) .. والتفكير لا يكون إلا من ذات مفكرة – أنا - .. ومن هنا وضع ديكارت عبارته الشهيرة : (( أنا أفكر ، إذن أنا موجود )) .. ومن هذه القاعدة توصل إلى إثبات وجود الأوليات العقلية ، ليرتقى منها إلى الاستدلال على الخالق سبحانه بدليلي الحدوث والوجوب .
تمكن ديكارت ببراعة من أن يتولى بنفسه قيادة عقله .. وان مهمة كهذه لابد لها من أن تصطدم بعقبات شرسة .. تسنّى للفيلسوف أن يذللها سواء في مجاهدته لنفسه ، إذ هيمن على أهوائه وانفعالاته أو في مواجهته الموضوعية لللاهوت الكنسي في زمن محاكم التفتيش .. حيث استشرت حركة طاغية لمناوأة (( الإصلاح الديني )) .. فقد عمد ديكارت بالتصدي للموقف متطلعاً إلى إنقاذ فلسفته وحياته في آن معاً .. وراح يعرض أفكاره الفلسفية بشيء من القوة .. ولكن مع مزجها بشيء من اللباقة والتقية ، بحيث يتهيأ لها أن (( ترضي البعض ولايجد فيها الآخرون ما يعترضون عليه )) .. وخير ما يعبر عن رأيه هذا هو قوله : (( ومع أني اعتقد إن آرائي قائمة على براهين يقينية جداً وبديهيـة جـداً ، فلست مع ذلك راغباً على الإطلاق أن أدلى بها معارضاً سلطان الكنيسة )).
يمكـن القول إن ديكـارت ساهم بشكل جلي فـي إعادة صياغـة الفكر الإنساني وتشكيله : ابتـدع علمـاً رياضيا حتـى قـال فيه أحـد علماء الرياضيات انـه (( وليد لم تلده أم )) ، كمـا أشار إلى ذلك الفيلسوف برجسـون ، كمـا ابتكـر نموذجاً للتربية قوامه الاستعاضة التامة عن الذاكرة بالعقل ، فيما اعتبرت الميتافيزيقيا الحديثـة مـن إبداعاتـه الفـذة والتـي أراد هو نفسه أن يقف فـــي منتصف الطريق فيها .. وإن يكن الآخرون قد ساروا بها إلى غايتها . وقد اعتبر مقصد الفلسفة والعلم بعد أن مزج بينهما في ابستمولوجيا شاملة أن (( يجعلا منا سادة على الطبيعة مالكين لها )) .. وهكذا فقد ذهب بعض دارسيه إلى اعتبار إن النظر عند ديكارت خاضع للتطبيق : (( أن فيزيقا ارسطو فيزيقا فنان ، وفيزيقا ديكارت فيزيقا مهندس )) .
لقد كان لديكارت القدح المعلى .. في الفلسفة والعلم على حد سواء .. مما جعل جهابذة الفكر الغربي يسارعون إلى الاعتراف بفضله الغامر على الفلسفة والفكر في العالم كله .



#ضمد_كاظم_وسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف المتوازن .. ام التقاء الارادات
- ملوك الشمع
- مقاربة شحوب الكهرباء
- صيرورة الفكر .. وتفكيك الانسان
- طيف الاصيل
- امريكا .. ولغة الرمال
- الوجودية .. واشكالية الماهية
- مقاربة الدين والعلم
- رواتب الموظفين
- فشل السياسة الخارجية للنظام العربي
- المكافأة
- نقد العقل السياسي العربي / النظام العربي : بين الدولة الامني ...
- لغة الحضارة
- الاسئلة الصادمة
- وجل الاحلام
- ازمة المثقف .. الاصولية المؤدلجة .. الخانق السياسي .. الذات ...
- عالم المرأة
- الاختلاف بين التنميط العولمي والاقصاء القومي
- العولمة النيوليبرالية
- الحداثة .. واشكالية الخصوصية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ضمد كاظم وسمي - ديكارت .. من الشك الى اليقين