|
فتنة مجلس النواب : نحو علاقات بناءة بين القوى السياسية الوطنية
مؤيد عبد الستار
الحوار المتمدن-العدد: 2355 - 2008 / 7 / 27 - 11:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اثارت طريقة الاقتراع السري التي جرت في مجلس النواب العراقي ، والنتائج التي ترتبت عليها استنكار قوى واسعة في الساحة السياسية العراقية، واللافت للانتباه ان رئيس البرلمان كشر عن انياب خبيثة تعبر عن سايكولوجية مضطربة ، غير مؤهلة لقيادة مجلس النواب ولا قيادة اي مجموعة تحت مسميات الديمقراطية لانه لا يعرفها ، وهو ما نبهنا اليه سسابقا حين استخدم عبارات بذيئة في قاعة البرلمان اثناء جداله مع النواب . البراغماتية في العلاقات السياسية لاشك ان العلاقات السياسية بين القوى الوطنية بحاجة اليوم اكثر من اي وقت مضى الى مرونة فائقة من اجل تسيير شؤون الدولة ، وتقتضي المرحلة الحرجة الحالية من تاريخ العراق القبول بتنازلات صعبة وقاسية من قبل جميع الاحزاب والشخصيات والاثنيات والطوائف العراقية ، لما يحمل العراق من ارث تاريخي مثقل بالمآسي والنزاعات المتشعبة ، وتركة النظام الصدامي الذي ترك البلاد ترزح في غياهب الامية السياسية ومسخ الروح الوطنية واشاع الفساد بشكل شامل في البلاد مما جعل الاصلاح السياسي غاية صبعة المنال ستدفع القوى الوطنية الواعية ثمنا باهظا لاصلاحها وستحتاج البلاد الى سنوات طويلة لتتعافى من الاعشاب الضارة في مسيرتها نحو ارساء اسس دستورية وطنية عامة تشمل جميع الشعوب العراقية بتلاوينها القومية والدينية والطائفية. ولذلك ستكون البراغماتية احدى اهم السمات المطلوبة في التعامل بين القوى السياسية العراقية ، البراغماتية بمعناها التوافقي والتنازل المتقابل كي تسير العملية السياسية وارساء اسس الدولة الوطنية الى امام باسرع وقت ونتخلص من ظلال الماضي الاليم . ولكن البراغماتية لاتعني الميكافيلية او الوصول الى الهدف بالوسائل المشروعة وغير المشروعة ، وتبني سياسة الغاية تبرر الوسيلة ، فالميكافيلية تصلح احيانا اسلوبا بين الاعداء ، سواء اكانوا دولا او مجموعات بشرية او احزابا او طبقات، حتى هذه الميكافيلية المطلقة لم تعد صالحة في العصر الحاضر بين الاعداء، لان البشرية وصلت الى عصر متطور اصبح العالم فيه قرية صغيرة لامعنى فيها للتعامل بعدوانية فظة مع الاخر مهما كانت درجة الاختلاف ، وان كانت هناك استثناءات فان ذلك امر لا مفر منه ولابد ان تزول في المستقبل القريب ، واسطع مثال ماحدث لحكومة جنوب افريقيا العنصرية و لحاكم يوغسلافيا ميلوسوفيتش ولمجرم العراق صدام ، ولكاراديتش جزار سربينتشا ، وما يواجهه حاليا صاحب الجنجويد من تهم جنائية . لم يكن التصويت على قانون انتخاب المحافظات بهذه الطريقة الفجة سوى دلالة على مدى عدم انسجام الكتل السياسية مع بعضها ، وعدم تقدير المخاطر التي تحيط بالبلاد نتيجة محاولة استغفال البرلمان واللعب على اصول اللعبة الديمقراطية وغمط حق الشعب الكوردي الذي عاني العسف والظلم الشديدين ابان العهود السابقة وتعرض الى ابشع عملية انفال وتهجير وتشريد في تاريخ العراق الحديث ، وامعنت حكومة البعث في تغيير ديموغرافية المدن الكوردية وطرد المواطنين الكورد من قراهم ونهب بيوتهم وسلب اراضيهم ومواشيهم .... الخ وان كل تلك الاجرءات التعسفية بحاجة الى معالجة وطنية جادة تضع نصب اعينها اعادة الحق الى المواطنين ضحايا تلك العهود الظالمة . وان معالجة تلك المظالم لا يتم بالالتفاف على حقوق الكورد ولا حقوق غيرهم من التركمان والكلدان والاشور والشبك والمندائيين والايزديين والمسيحين وغيرهم . العراق محكوم بواقع قومي وديني وطائفي متعدد الاصول والفروع ولا يمكن اقامة دولة وطنية للجميع مادام هناك غمط لحقوق اي مجموعة او مكون اثني او ديني او طائفي . وما التجاوزات التي تقوم بها فئات شوفينية على حقوق الاخرين سوى عصي معرقلة في مسيرة العراق وانطلاقه نحو تاسيس دولة القانون ودولة الجميع .
التحالفات الكوردية وكفاءة النائب الكوردي اتسم تحالف القوى السياسية العراقية سواء خلال الانتخابات او في مجلس النواب بسمات متقلبة ، واتفاقات هشة ، واسطع مثال على ذلك تحالف الائتلاف الشيعي مع التحالف الكوردستاني ، اذ ظل التجاذب بين الطرفين يظهر التربص والالتفاف والمساومة على الكثير من القضايا مثل الميزانية واستخراج النفط وتنفيذ مواد الدستور واهم مادة دستورية تتعلق بكركوك المادة 140 التي تاخر تنفيذها رغم كونها مادة دستورية محددة بموعد زمني معلوم ، فجرى تاجيلها المرة تلو الاخرى ، حتى اصبحت مثل كرة الثلج التي ستبقى تكبر وتكبر ان لم تبادر القوى السياسية الى تجاوزها، فلا ضير ان تكون كركوك جزء من كوردستان ان كنا نؤمن حقا ان كوردستان جزء من العراق ، اما اذا كنا لانعتقد ذلك او لانريد ذلك فمن الافضل التفاهم على حل عملي منذ اليوم على جميع المناطق الكوردية الملحقة بالمحافظات خارج اقليم كوردستان ، ومعالجة امر المدن التي تعرضت ابان حكم البعث الى التغيير الديموغرافي واعادة الحق الى اهله ، لان عدم اعادة الحق الى المظلومين يؤجج الاحقاد ويترك النار متقدة تحت الرماد ، و سيكون اثرها في المستقبل اكبر ضررا مما نتصور. كما ويتحمل النواب الكورد في مجلس النواب ضعف ادائهم ، فبعضهم ليسوا اكثر من موظفين لا يفقهون سوى وضع الرواتب والمخصصات في جيوبهم الفارغة ، ولايعرفون سوى تقليد رئيس القائمة في رفع الاصابع بالموافقة او الرفض ، بينما يحتاج مجلس النواب الى نواب كورد اكفاء يستطيعون بيان حقوق الشعب الكوردي ويعقدون التحالفات النيابية مع النواب والكتل بشكل يؤثر في ادائهم بدلا من ترك المجلس للمشهداني ومن على شاكلته ليعيثوا فيه فسادا و فرض طريقة التصويت واتخاذ الاجراءات المجحفة بحق الشعب الكوردي . وبالمناسبة فان اعتماد المبادئ والمصلحة الوطنية في العلاقات السياسية سيبقى اكبر من شراء الذمم والرشاوي والمساومات الرخيصة والمجاملات الكاذبة . وقد آن الاوان لتراجع قائمة التحالف الكوردستاني اسلوب عملها وشكل تحالفاتها وطريقة عمل منظماتها وهيئاتها ونوابها باسرع وقت لان الانتخابات القادمة بحاجة الى قادة اكفاء ينهضون بمهام العمل السياسي .
#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشروع استثمار الكفاءات الاكاديمية العراقية
-
الاتفاقية الامريكية العراقية العادلة
-
الكورد الفيليون ابناء الرافدين هل تتبرع بهم الحكومة الى ايرا
...
-
الحميراء في رضاع الكبير: صراع النساء مع سلطة الفقهاء
-
كلارا بروني زوجة ساركوزي الفاتنة
-
قناة الجزيرة في الاتجاه المعاكس..... خيانة مبادئ المهنة
-
الهجوم التركي على كردستان لن يحل مشكلة الجيش التركي
-
نجاد في تصريحاته النووية : زندة بلا .... مردة بلا
-
بي نظير بوتو زهرة الوداع : مسافر هي رهي اكثر وطن هي
-
تركيا لن تدخل اوربا من بوابة كردستان
-
الجنرال و الحسناء : مشرقي تو سه ر دوشمن كو كُجل ديتي هي
-
الجيش التركي يخشى مصيره
-
الشباب السعودي في المزاد العلني
-
المالكي رجل دولة بحاجة الى مساندة الجميع
-
الايزديون في الاعالي
-
السعودية في عيون خليل زاد
-
العراق في مهب الريح
-
تفجير المساجد والاضرحة المقدسة جريمة لاتغتفر
-
حكومة المالكي في مواجهة التحديات
-
ايعاز الى الجيش التركي : الى الوراء در
المزيد.....
-
أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق-
...
-
لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا
...
-
ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب
...
-
شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
-
لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم
...
-
السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما
...
-
الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي
...
-
ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
-
لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|