أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - إنهم يسرقون التاريخ














المزيد.....

إنهم يسرقون التاريخ


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2355 - 2008 / 7 / 27 - 11:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو أن "بعض" أشقائنا ممن أنعم الله عليهم بثروات بترولية، اعتقدوا أن ما جنوه من أموال طائلة سمح لهم بشراء كل شيء يبتغون، ولم يعد هناك ما يستعصي على الشراء سوى "التاريخ"!. وهكذا وجدنا سخاء من البعض للانفاق على كل ما ـ و من ـ يمكنه أن يجد وسيلة لإثبات عمق تاريخي "ما" هنا، أو هناك. ولم يعدم هؤلاء "الأشقاء" وجود آحاد ممن سخروا مناصبهم العلمية وأبحاثهم لتلفيق أدلة لمن يشتري. وأتذكر هنا خبر اهتمت به ـ قبل سنوات ـ وسائل الإعلام في دولة شقيقة عن العثور على قطعة عظم من جمجمة بشرية في صحراء هذا البلد، وأن "خبيرا" ألمانيا أثبت أن عمر هذه "العظمة" يبلغ سبعة آلاف عام ـ لاحظ الرقم بالتحديد! ـ وان بها ما يدل على آثار عملية جراحيةـ وهو برهان ساطع على التقدم الطبي والعلمي لهذا البلد قبل سبعة آلاف عام! وكالعادة لم يستمر الاحتفاء بالخبر أكثر من أيام قليلة وسرعان ما تبخر الحديث عنه. أذكر وقتها أن زميلا من هذا البلد الشقيق أبلغني الخبر مزهوا بأن "على المصريين أن يكفوا عن تصديع أدمعتنا بحضارتهم ذات السبعة آلاف عام،" فقلت له أن ما وجدوه ليس سوى قطعة من العظم في الصحراء، لم تكن محفوظة في تابوت أو مقبرة مثلا، وأضفت ـ مازحة ـ أنها ربما تنتمي لمصري قديم، مات من العطش أثناء اجتيازه صحراء المنطفة في طريقه لشراء التوابل من الهند!.
الطريف هنا، هو ظهور بعض ممن يدعون انتماءهم لحقل البحث التاريخي ـ أبرزهم كمال الصليبي ـ يسعى منذ سنوات لإثبات أن "مصر" التاريخية، التي ورد ذكرها في الكتب السماوية الثلاثة، ليست هي الواقعة الآن في وادي النيل، وإنما في جنوب غرب الجزيرة العربية بالقرب من اليمن، حيث يرجع أصل الفراعنة! وبالطبع لا يعتمد هؤلاء على أدلة مادية أو علمية ملموسة، وإنما يستندون ـ فقط ـ على تفسيرات لغوية مفتعلة ومتعنتة تلوي عنق نصوص التوراة باعتبارها ـ في نظرهم ـ أقدم وثيقة تاريخية، يحاولون من خلالها إثبات أن جميع الأنبياء الذين تحدثت الديانات السماوية عن دخولهم مصر (إبراهيم ويوسف وعيسى عليهم السلام)، إنما جاءوا من وسط الجزيرة العربية ليهبطوا أرض مصر التي تقع وفق نظريتهم جنوب غرب الجزيرة العربية! وأن موسى عليه السلام تربى في مصرهم المزعومة بالقرب من اليمن ولم بكن عبوره اليم هاربا من جند فرعون من الغرب إلى الشرق، كما استقر في كتب التاريخ ووعي المؤمنين، وإنما كان هروبه من الشرق إلى الغرب!.
وإذا كان البعض معجبا بكتاب كمال الصليبي "التوراة جاءت من الجزيرة العربية" لما يحتويه من أفكار غريبة، يتلقفها بعض "الأشقاء" سعيا لإثبات تاريخ يضرب في عمق الزمان لبلدانهم الناشئة حديثا، ولما يمكن أن يستنبطه ـ هذا البعض ـ من أن هذه النظرية تنفي ما يدعيه الصهاينة من "حق تاريحي" لليهود في فلسطين، إلا أنهم يتغافلون عن أن منطق "الصليبي" ومن لف لفه إنما يؤدي في نهاية المطاف إلى إثبات هذا "الحق التاريخي" في جزيرة العرب كلها، وليس أدل على ذلك من صورة النخلتين على "الشيكل" الإسرائيلي والتي تترجم على أنها تذكير بحقوق لقبائل يهودية في الجزيرة العربية يحلم الصهاينة باستردادها.
ورغم تهافت ما يسوقه "الصليبي"، من أدلة لغوية لاتصمد أمام ما نملكه ـ حتى الآن ـ من أدلة مادية صمدت في وجه القرون وأثبتت التحاليل والأشعات العلمية أصالتها وعراقتها؛ إلا أن الأمر لا يجب أن يمر مرور الكرام. وفي الحقيقة، تدفعني نفسي الأمارة بالسوء إلى ملاحظة خيوط مؤامرة تحاك..ولايحمر وجهي خجلا عندما أعلن ذلك في وجه من يشيرون إلى أمثالي بأصبع الاتهام "أنت إذا ممن يؤمنون بنظرية المؤامرة!". فأي قراءة مبسطة لدروس التاريخ تؤكد أن هناك من يمتازون عنا بأنهم يضعون خططا لمئات السنوات القادمة.. وإذا وضعنا هذه الأكذوبة التي تحاول سرقة تاريخ مصر وادي النيل ونسبته إلى منطقة مجاورة، إلى جانب انتشار دعاوى التنكر للأجداد بين شبابنا ـ المتدين بالذات ـ باعتبار الفراعنة كفارا وعبدة أوثان ـ رغم أن نبينا عليه الصلاة والسلام كان أبوه شخصيا من عبدة الأوثان! ـ حتى انتشرت موضة أن يبحث كل منهم عن أصل قبلي لأسرته، تأكيدا على أنه من سلالة العرب الذين شاركوا ابن العاص في فتح مصر!؛ رغم أن الحقائق العلمية تؤكد وهم فكرة النقاء العرقي، وأن مصر بالتحديد بلد يتميز باختلاط دماء أبنائه بدماء أبناء الحضارات الأخرى، ولايقلل ذلك من حق من ينتمون إليه في الانتساب لحضارته ذات الجذور الضاربة في عمق التاريح الإنساني. وإذا أضفنا إلى هذين الخيطين، خيطا ثالثا مخيفا، وهو التراخي في العناية بآثارنا وإهمالها على نحو يهدد بطمسها، إلى حد صدور تقارير علمية تحذر من احتمالات اندثار الآثار المصرية خلال المائة عام المقبلة ـ لاقدر الله ـ لاكتملت أمام أعيننا ثلاثة خيوط لمؤامرة تستهدف طمس التاريخ المصري بمرور الزمان.
ونتذكر جميعنا تبجح بيجن أمام صديقه "السادات" بأن أجداده من اليهود هم بناة الأهرامات؛ وذكر لي صديق أفريقي قصة يرددها بعض اخوتنا الأفارقة ـ ويصدقونها ـ عن أن نابليون اطلق مدفعه على أنف "أبو الهول" غيرة منه، عندما وجد الأنف "افطسا" فاستكثر على الأفارقة أن يحققوا هذا المجد الحضاري الذي لم يصل إليه الأوروبيون!.. إلا أن هذه الأقاويل، ربما لم تكن تلقى الاهتمام الواجب قبل الآن.. لكن الأمر بالفعل جد خطير، ويستحق اهتماما من قبل علمائنا الوطنيين المخلصين للخفاظ على ما تبقى من إرث الأجداد، والذود عن تاريحهم قبل فوات الأوان، ولنفكر قليلا فيما سيكون عليه الحال ـ لا قدر الله ـ بعد قرن أو قرنين من الزمان إذاما استمر التجاهل والإهمال، بما يهدد بنذر اندثار آثارنا أو طمسها كما تنبأت تقارير علمية، إضافة لتنصل البعض من تراث الأجداد، في الوقت الذي يسعى آخرون بدأب لنسبة تاريخنا إلى منطقة أخرى.





#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحركة الطلابية المصرية.. أمس واليوم
- -الضنا- الغالي
- غزة قبل عشر سنوات
- مثلما النسمة من بردى!
- رحلة لأسوان
- شريفة!
- توأمي الضاحك
- فعلتها طهران!
- الوطن ليس أغنية !
- الوطن ليس أغنية!
- عبارات سيئة السمعة
- لم نكن مخطئين.. والتاريخ يشهد
- الديون.. وكوابيس التاريخ
- المصريون.. وأيديهم الناعمة
- عندما تفضل واشنطن الاقتصاد الموجه
- ثروتنا البشرية.. إلى أين؟
- إسكان الشباب وبيع العقارات للأجانب.. والأمن القومي
- موسم الهجوم على أوبك
- التحرير الاقتصادي الحقيقي الذي ننشده
- دروس الغزو الصيني للاقتصاد المصري


المزيد.....




- نعمت شفيق تعلن استقالتها من رئاسة جامعة كولومبيا بعد أشهر من ...
- استقالة نعمت شفيق من رئاسة جامعة كولومبيا على خلفية احتجاجات ...
- رئيسة جامعة كولومبيا تستقيل بعد أشهر من الاحتجاجات الطلابية ...
- بايدن مازحا خلال لقاء في البيت الأبيض: -أنا أبحث عن وظيفة-
- ثوران بركان إتنا في جزيرة صقلية الإيطالية (فيديو + صور)
- جي دي فانس: يجب على الولايات المتحدة أن تتوقف عن لعب دور شرط ...
- هيئة الأركان الأوكرانية تعترف بتوتر الوضع بالنسبة لقواتها عل ...
- جنرال بولندي يتوقع حربا وشيكة بين أعضاء الناتو
- والز يعلن استعداده للمناظرة مع فانس
- ديمقراطيو كاليفورنيا يدعون إدارة بايدن إلى تجنب -دوامة الموت ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - إنهم يسرقون التاريخ